المقالة الحادية عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bogga 5
[1] ان فى كل رأى ومذهب كريم ووضيع نوعين من امواع الحال وذلك بين ظاهر. ومن الصواب أن يسمى النوع الواحد منها علم الشىء الذى يطلب علمه والنوع اللآخر مثل ادب من اللآداب لانه عمل الاديب القضاء على قول القائل وكلام المتكلم ان كان مصيبا فى قوله وكلامه او مخطئا. وانا اظن أنه ينبغى ان يكون المؤدب المخرج على مثل هذه الحال والقوة على ما ذكرت من عمل الادب وكثرة الاحكام وربما كان أدب الاديب فى معرفة طباع شيء واحد وعلم مفرد من غيره وغيره يكون اديبا وعالما بطباع شىء آخر خاصة. ولكل علم حدود و معرفة وكل جزء من أجزاء العلوم أيضا. فهو بين انه ينبغى ان تكون حدود معروفة ااذى يريد وصف ما عرف وعاين من طباع الحيوان ليكون عرض رأى المتكلم فى ذلك النظر الى تلك الحدود لكى يوضح بها ان كان ما يقال على مثل ذلك بالحقيقة او بخاتف الحق اعنى أنه ينبغى للمتكلم فى الطبائع والجوهر ان يفرد كل شىء وحده من الطبائع والجواهر ويصف منها ما يهم بوصفه كالذى يريد وصف جوهر وطبيعة الانسان او طبيعة الاسد او الثور او صنف آخر من اصناف الحيوان. وان اراد الكلام فى الاعراض التى تعرض لجمبع الحيوان بفن مشترك صير قوله فى ذلك مشتركا عاما فإن الاعراض التى تعرض لكثير من الحيوان مشتركة وان كانت مختلفة الاجناس كقولى النوم والنفس والنشؤ والبلى والموت و ] مع هذه الاعراض اعراض أخر من الحواس والآفات الباقية. والقول حيننا هذا عن هذه الاشياء غير بين وغير محدود. وهو واضح انا ان اردنا ذكر كل واحد على حدته وتضيق اعراضه وآفاته سنذكر كثيرا منها مرارا شتى ونردد القول لان كل واحد من التى ذكرنا يكون فى الخيل والناس والكلاب فان اراد احد ذكر الاعراض التى تعرض لكل واحد من هذه الاجناس سيضطر الى ان يقول الاعراض التى هى فهى مرارا شتى. وربما عرض أن تكون أشياء أجرى منسوبة الى مقالة واحدة واختلافها بالصورة وبفضل الصورة مثل مسير الحيوان فان فى أصناف مسير الخيوان اختلافا عنى ان منه ما يطير ومنه ما يعوم ومنه ما يمشى ومنه ما يسير على بطنه ويدب. فليس ينبغى أن يخفى علينا كيف صواب النظر والفحص عن طبائع الحيوان هل ينبغى ان ننظر اولا فى الاشياء التى تعرض لجميع اجناس الحيوان ثم ننظر فى خواص كل واحد منها او نبدأ اولا فى تصنيف وتلخيص طبائع وحالات كل واحد من اجناس الحيوان وليس ذلك حيننا هذا بمحدود اعنى تصنيف ما نريد ان نبتدئ بصفة والكلام فيه ولا هو معروف ان كان يلزمنا ان نقول فى ذلك بقول عام مشترك كما يفعل اصحاب العلم التعليمى مثل اصحاب علم النجوم ويوضحون حججهم. وكذلك ينبغى ان يفعل صاحب العلم الطباعى أعنى ان ينظر الى الاشياء الظاهرة من اعمال وافعال اصناف الحيوان اولا والاجزاء التى فى كل واحد منها ثم يقول لماذا فيأتى بالعلل او ما يلزمه ان يفعل خلاف ذلك مع الاشياء التى وصفنا فيذكر عللا كثيرة ىعنى علل الولاد الطباعى مثل العلل التى من اجلها والتى منها ابتداء الحركة ثم يميز ويبين اى هذه العلل اولها وايها ثانيها. وهو يظهر ان العلة الاولى التى منها يقال ان الذى يكون من اجل هذا الشىء يكون [الكلمة] فالكلمة علة بادئة على كل حال واحدة فى الاشياء التى تكوينها وتقويمها بالطباع وبالمهنة. فان الحد يؤخذ من الرأى او من الحس كما يفعل المتطبب حيث يحد الطب والنجار [حيث] يحد مهنة النجارة ويؤدون الكلام والعلل التى من اجلها يفعل كل واحد مما يفعل [و] لماذا ومن اجل ماذا والذى من اجله يكون ما يكون من الامر الجيد فى اعمال الظباع وفى اعمال المهنة. والامر الذى يكون باضطرار موجود فى جميع الاشياء الطباعية بفن واحد وجميع المتكلمين يرومون الكلام اليه. ويبغى لنا ان نعلم بكم نوع يقال الشىء باضطرار فانه يقال بنوع مبسوط فى الاشياء الدائمة السرمدية ويقال بنوع الاستعارة فى جميع الاشياء المنسوبة الى الكينونة مثل ما يقال فى اصحاب المهن اذا ارادوا مؤدى حدود مهنتهم مثل مؤدى حد البيت وغير ذلك مما هو مثله. وباضطرار تكون هيولى فى بناء البيت وفى جميع الاشياء التى تعالج لحال التمام وليكون منها هذا الشىء اولا ثم هذا ثم ما يتلوه متصلا حتى ينتهى الى التمام الذى من اجله يكون كل واحد من الأشياء ويستأنف كينونته. وعلى مثل هذه الحال يكون كلما يكون على فن الطباع. لكن نوع الايضاح والاضطرار الذى يؤدى عن الاشياء الطباعية آخر اعنى الرأى الطباعى والعلوم التى تستعمل الرأى. وقد وصفنا هذه الاشياء فى كتابنا هذا. فان الكون هو الاول فى بعض الاشياء وفى بعضها الذى سبكون ولان الصحة فى الانسان باضطرار يكون هذا الشىء او يستأنف كينونته وليس لانه هذا الشىء او لانه كان من اجل ذلك انما هو من اضطرار او متى سيكون. وليس يمكن ان ينسب اضطرار هذا الايضاح الى شىء سرمدى ابدا بقدر ما نقول اذ هو هذا او متى سيكون هذا. وقد ميزنا هذا القول ايضا فى كتب أخر فى اى الاشياء يكون واى هذه الفنون تتنكس وترجع على ذاتها ولاى علة. ويبغى ان لا يخفى علينا ان القدماء ايضا كانوا يستعملون الرأى على ما لخصنا وكيف يكون كل واحد من الاشياء فان ذلك كان عندهم مطلوبا اكثر من طلبهم كيف هو. وليس الاختلاف الذى بين هذين الامرين بصغير وهو ظاهر بين انه ينبغى لنا ان نبتدئ بالقول من هاهنا كما قلنا فيما سلف اعنى انه ينبغى لنا ان نأخذ الاشياء البينة الظاهرة فى كل جنس من الاجناس اولا ثم نأخذ فى صفةعلل تلك الاشياء الظاهرة ولا سيما اذا اخذنا فى صفة الولادة. ومثل هذه الاعراض يعرض فى صفة البناء اعنى صورة البيت مثل هذا او البيت مثل هذا وان البيت يبنى ويكون على مثل هذا الحال لان الكينونة لحال الجوهر وليس الجوهر لحال الكينونة. ولذلك اخطأ فى قوله امبدوكليس حيث زعم ان اشياء كثيرة تكون لاصناف الحيوان لانه عرض ان تكون على هذه الحال فى الولاد مثل خلقة الفقار فانه عرض انه انكسر حيث القلب وقد جهل ايضا اولا انه ينبغى ان يكون للزرع المقوم قوة مثل هذه وان الذى فعل كان قبل ليس بالكلمة فقط ولكن بالزمان ايضا. فان الانسان يلد انسانا ولان الانسان مثل هذا عرض ولاد فلان مثل هذا. ومثل هذا النوع يعرض للاشياء التى تظن انها تكون من ذاتها مثل الاشياء التى تعمل من المهن <***> مثل الصحة. والصانع شبيه بالاشياء التى قد تقدمت كينونتها مثل المهنة الصانعة لاصنام النحاس فان ذلك الصنم لا يكون من ذاته لان المهنة هى كلمة العمل بغير هيولى. وربما كان الشىء من البخت على مثل هذه الحال وكما هو فى علم المهنة كذلك يكون ايضا. ومن اجل ذلك نقول خاصة انه من اجل ان هذا كان فى كينونة الانسان اعنى ان له هده الاشياء من اجل انه لا يستطاع ان يكون بغير هذه الاعضاء او يكون قريبا منها جدا وبقول عام انه ليس مما يستطاع ان يكون بنوع آخر وانه جيد الكينونة على مثل هذه الحال. وهذه الاشياء تتبع. ولان ولاد فلان مثل هذا باضطرار يعرض ان يكون العرض مثل هذا اعنى الذى من اجله يكون اولا هذا العضو ثم هذا ثم ما يتلوه. وبهذا النوع يكون تصنيف جميع الاشياء التى تقوم من الطباع فالقدماء والدين تكلموا بكلام حكمة وفلسفة فى الطباع انما نظروا فى الاول الذى يكون من الهيولى والعلة التى هى مثل هذه واى علة هى ومثل ماذا وكيف يكون الكل منها وماذا المحرك اعنى الصداقة او الخلاف او العقل او الذى يقال من ذاته فاذا كان طباع مثل هذا الذى يقال من ذاته للهيولى الموضوعة باضطرار يكون ما يكون على مثل ذلك الطباع اعنى مثل قولى ان النار حارة والارض باردة وطباع النار خفيف وطباع الارض ثقيل. وعلى مثل هذه الحال يصفون كينونة العالم ومثل هذا القول يقولون فى كينونة الحيوان والشجر مثل قول القائل انه اذا سال الماء فى الجسد يكون فيه بطن اعنى عمق ويكون الموضع الذى يقبل جميع الغذاء او الفضلة وان المنخر انما انشق وانفتح لحال قبول الهواء والنفس. ولذلك يزعمون ان الهواء والماء هيولى الاجساد كقولى انهم يقومون الطباع من مثل هذه الاجساد. وهذا قولهم جميعا. فان كان الانسان والحيوان من قبل الطباع وجميع اعضائه ينبغى ان يقال ويبين ماذا لح وماذا دم وماذا عظم وماذا جمع الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا <***> مثل الوجه واليد والرجل وان كان كل واحد منها مثل هذا وباى قوة لانه لا يكتفى بقول القائل من اى الاشياء هو امن نار ام من ارض ولو انا اردنا ان نصف حال السرير او شىء آخر مثله لزمنا ان نمير خاصة صورته اكثر من الهيولى التى هو منها اعنى النحاس والخشب. و<ان> لم نصفه على هذه الحال ينبغى لنا ان نصف كليته ونقول ان السرير هذا فى هذا وهذا مثل هذا. فان اردنا ان نصف شكله ايضا ينبغى لنا ان نلخص ذلك تلخيصا بينا ونبين صورته لان الطباع المعروف بالصورة اشرف واعظم شأنا من الطباع المعروف بالهيولى. فان كان كل واحد من الحيوان ومن الاعضاء المعروف بالشكل واللون فقد اصاب ديموقريطوس فى قوله فانه يظهر ان ظنه على مثل هذه الحال فهو يزعم انه بين واضح لكل ماذا شكل ومنظر الانسان. وانما يقول هذا القول لان شكله معروف ليس بمشكوك ولان الانسان الحديث على ذلك الشكل وتلك الصورة. اعنى بقولى "الانسان الحديث" المعمول بمهنة فأنه وان كان انسانا بالصورة والمنظر ليس هو انسانا بالحقيقة. وكذلك يقال باليد الحقيقية واليد المعمولة اعنى المصنوعة من نحاس او خشب او هيولى آخر وانما تشترك اليد الحقيقية والمعمولة بالاسم فقط مثل المتطبب المصور لان اليد المعمولة لا تقوى ان تعمل عملها كما لا يقوى المتطبب المصور على ان يعمل عمله. وبمثل هذا النوع يقال كل واحد من الاعضاء الحقيقية والمعمولة اقول مثل العين واليد وكذلك يفعل النجار اذا اراد ان يصف اليد المعمولة من الخشب وعلى مثل هذا الفن يفعل اصحاب العلم الطباعى اذا ارادوا صفة الولاد وذكر العلل والشكل ومن اى القوى عملت. ولكن خليق ان يذكر النجار الفأس والمثقب فاما صاحب العلم الطباعى فهو يذكر الارض والماء والنجار اجود صفة وابلغ قولا لانه يقول انه حيث وقعت الآلة التى بها يعمل الخشب صار بعض الخشب عميقا وبعضه مستويا شبيها بسطح وهو يؤدى العلة التى من اجلها تنقر الخشبة نقرا مثل هذا ولماذا فعل ويزعم انه انما فعل ليكون بصورته وشكله مثل هذا. وهو بين ان قولهم ليس بصواب لانه ينبغى أن يقال ويبين لنا لماذا الحيوان ومثل ماذا هو ونصف كل واحد من الاعضاء كما نصف صورة السرير ان كان ذلك نفسا او جزء نفس وان لم يكن بغير نفس فانه اذا ذهبت النفس عن الحيوان لا يبقى بعد ذلك حيوان ولا شىء من الاعضاء عضو بالحقيقة بل بالشكل والصورة فقط مثل الاصناف التى تقال فى الامثال انها تتحجر اعنى انها تصير من حجارة. فان كانت هذه الاشياء كما وصفنا فهو من عمل صاحب العلم الطباعى ان يقول ويعلم من حال النفس ما يمكن فى القول ويصف حال كل نفس عامة او صنفا من اصناف النفس بتلخيص مفرد ويحد ماذا النفس وان كانت النفس جزءا من اجزاء الحيوان ام لا ثم يصف الاعراض التى تعرض لجوهر النفس الذى هو مثل هذا. وبنوع آخر الطباع يقال بنوعين وكذلك هو. اما النوع الواحد فهو مثل الهيولى والنوع الآخر مثل الجوهر والطباع مثل المحرك ومثل تمام <و> كل نفس حيوان مثل هذا او جزء من اجزائها. فهو بين بمثل هذا المأخذ والتصنيف انه ينبغى ان ينسب النظر فى حال النفس الى صاحب الرأى الطباعى فان النظر فى حال النفس اعظم من النظر فى الهيولى لان الهيولى انما تقال طباعا لحال النفس وليس يقال النفس طباعا لحال الهيولى. فان الخشبة المعمولة تقال سريرا وآلة لها ثلاثة ارجل لان الخشبة بالقوة تقال هذه الاشياء. واذا نظر احد فيما ذكرنا لزمه العويص لانه يعتاص ان كان صاحب العلم الطباعى يريد القول فى النفس الطباعية الكلية او فى نفس واحدة فانه ان اراد القول فى كل نفس ليس بينه وبين صاحب العلم الطباعى اختلاف البتة لان عقل الفيلسوف يطلب علم الاشياء المعقولة. فهو بين ان العلم الطباعى يطلب معرفة جميع الاشياء لانه من عمله النظر فى العقل والمعقول لان رأى جميع الاشياء التى يضاف بعضها الى بعض واحد هو فهو كقولنا ان رأى الحس والاشياء المحسوسة واحد هو فهو. وليس كل نفس ابتداء حركة ولا جميع الاعضاء بل ابتداء النشوء الابتداء الذى فى الشجر وابتداء التغيير الذى فى الحس والصانع وابتداء المذهب شىء آخر وليس الذى فيه العقل لان المذهب فى اشياء أخر من اجناس الحيوان فاما العقل فليس هو ولا فى واحد منها. فقد وضح لنا انه <لا> ينبغى ان يكون القول فى كل النفس لانه ليس كل النفس طباعا بل جزء منها فان فى النفس اجزاء كثيرة وايضا لا يمكن ان يكون الرأى الطباعى من الاشياء المأخوذة من النفس لانه يظهر لنا ان الطباع انما يفعل جميع ما يفعل لحال شىء كمثل ما تفعل المهنة فى الاشياء المهنية. وكذلك نقول ان فى الاشياء ابتداء آخر وعلة اخرى مثل العلة التى فينا اعنى [ان] الحار والبارد الذى هو جزء من الكل. ومن اجل ذلك نقول انه خليق ان تكون كينونة السماء من علة مثل هذه ان كانت لها كينونة ونقول ان السماء كانت لعلة مثل هذه فان السماء اولى ان تنسب الى علة مثل هذه اكثر من الحيوان فالمحدود المنضود المرتب الشريف يظهر فى السماوية اكثر مما يظهر فينا وفيما بيننا. فاما الذى يكون فى زمان آخر وبنوع آخر وكما جاء فهو يظهر فى الاشياء التى تبلى وتموت اكثر. ومن الناس من يزعم ان كل واحد من الحيوان يكون من قبل الطباع وان كينونة السماء من ذاتها ومن البخت وكذلك كان تقويمها وليس يرى ان فى السماء شىء من البخت ولا عدم الترتيب والنضد. ونحن نقول فى كل موضع ان هذا يكون من اجل هذا اعنى فى كل موضع يظهر فيه تمام يكون منتهى <و> غاية الحركة اليه اذا لم يكن له شىء مانع البتة. فهو بين انه يكون شىء مثل هذا اعنى الذى يسمى طباعا لانه لا يكون من كل بذر <و> كل زرع ايما كان بالبخت بل يكون هذا من هذا الزرع وذلك محدود معروف فذلك الجسد الذى يخرج منه الزرع ابتداء ما يخرج منه وهو صانعه اعنى الزرع لان هذه الاشياء تثبت وتكون من طباع فنباتها وابتداؤها من الزرع ولكن ايضا علة اقدم من الزرع الذى منه يخرج الزرع من اجل ان الزرع ولاد والتمام جوهر. والعلة التى هى اقدم من هذين [و]ذلك الذى يخرج منه الزرع. وزرع الشىء يقال بنوعين اعنى الذى منه والذى من اجله. فان الزرع منسوب الى ذلك الذى منه خرج مثل زرع الفرس فهو منسوب الى الذى منه بدا مثل زرع الحية ولكن ليس بنوع واحد هو فهو بل بنوع واحد من النوعين اللذين وصفنا وايضا الزرع بالقوة. وانما اقول بالقوة التى مصيرها الى الفعال فهو بين ان لهذه الاشياء علتين اعنى الذى من اجله والذى من الاضطرار لان اشياء كثيرة تكون من الاضطرار. وخليق ان يعتاص احد ويقول اى معنى من معانى الاضطرار يقال هاهنا فانه لا يمكن ان يقال بنوع واحد من النوعين بل من الانواع المحدودة فى علم الفلسفة. فهو يقال بنوع ثالث فى الاشياء التى لها ابتداء كينونة. فليس يمكن ان يقال الاضطرار هنا بنوع واحد من الانواع التى وصفنا كقولنا ان الغذاء لا يقال باضطرار ولا بنوع واحد من هذه الانواع بل يقال انه لا يمكن ان يكون الحيوان بغير غذاء كقولنا انه ان ينبغ ان يشق الفأس الخشب او اشياء أخر باضطرار يلزم ان يكون جاسيا وان كان لازما ان يكون جاسيا فمن الواجب ان يكون معمولا من نحاس او حديد. وكذلك نقول فى الجسد ان كان كله آلة من اجل ان كل واحد من الاعضاء انما هو لحال شىء وكذلك الكل ايضا فباضطرار ان يكون مثل هذا ومن مثل هذا اعنى من اجل ان الشىء الذى يكون فى هذين النوعين من انواع العلة التى من اجلها تكون كينونة الاشياء خاصة. فان لم يكن ذلك كما ذكرنا فهو بين انه ينبغى لنا ان نروم ونوضح ان جميع الذين لا يقولون مثل هذا القول لا يقولون فى الطباع قولا صوابا لان هذا اجدر ان يكون طباع [من] الهيولى. والحق يضطر امبد وقليس فى مواضع الى ان يلجأ الى ذكر هذه العلة ولذلك لا يجد بدا من ان يقول ان الجوهر والطباع هما الكلمة اعنى الحد مثل ما يفعل اذا اراد مؤدى حد العظيم فانه اذا اراد ان يقول ماذا عظم لا يقول انه واحد من الاسطقسات ولا اثنان ولا ثلاثة ولا [من] كلها بل يقول انه خلط منها. وهو بين ان مؤدى حد اللحم على مثل هذه الحال ايضا ومؤدى حدود كل واحد من الاضاء. والعلة التى منعت القدماء من لطف النظر فيما ذكرنا من قبل انهم لم يحدوا الطباع ولا قالوا ماذا كينونة كل واحد من الاشياء. ولكن ديموقريطوس اول من قارب لطف الرأى ولم يفعل ذلك لانه لازم لاصحاب العلم الطباعى باضطرار بل لان الامر بعينه الجأه واضطره الى ذلك. فلما كان زمان سقراطيس فشا ونمى هذا الرأى وضعفت اصناف طلب معرفة الطباع ومال اهل الفلسفة الى طلب الفضيلة النافعة والى تدبير المدن ويبغى ان نقول بقول عام على مثل هذه الحال اعنى ان التنفس يكون لحال هذا الشىء وهو يكون لحال هذه الاشياء باضطرار. والاضطرار دليل على ان ذلك الذى يكون انما يكون لحال شىء وهو التمام الذى من اجله يكون. فباضطرار تكون هذه الاشياء كما هى وعلى طباعها الذى طبعت عليه وباضطرار تخرج الحرارة وتدخل ايضا لان الدخول يكون قبالة الخروج. فاما سبيل الهواء ودخوله الى الجوف فهو مما يحتاج اليه باضطرار لانه يسكن الحرارة التى فى الجوف فلذلك احتيج الى خروج الهواء الذى يدخل ودخول الهواء الذى خارج. فهذه جملة مأخذ معرفة الاشياء الطباعية وعلى مثل هذه الحال ينبغى ان تؤخذ العلل اذا طلب استقصاء شىء من الاشياء. [2] ومن الناس من يأخذ كل واحد من الاشياء مفردا بذاته ويجزئ الجنسر فى فصلين وذلك بنوع من الانواع صعب عسر وبنوع مما لا يمكن ولا يستطاع لان فصل بعض الاشياء واحد فقط وسائر الفصول من الفضول ومما لا يحتاج اليه كقول القائل ذو رجلين والذى له من الارجل اثنان فقط والمشقوق الرجلين والذى ليس له رجلان. فهذا الفصل مسود حقى فقط. وان كان خلاف ذلك فباضطرار يلزمنا ان نقول الشىء الواحد مرارا شتى ونردد القول وايضا ليس مما ينبغى ان نفرق ولا نجزئ على كل جنس كقولى انه لا ينبغى ان يجزأ جنس الطائر فيوضع بعضه فى تجزئ وبعضه فى تجزئ آخر مثل صنف الطائر المصور فانه يعرض ان يجزأ الطائر فى الصورة ويقال ان بعضه يوضع مع تجزىء الطائر الذى يأوى فى البر وبعضه يوضع مع الطائر المائى فالطائر المصور يقال طائر بشبه الصورة فقط والسمك المصور يقال سمكا بالشبه فقط. وتكون فصول أخر ليس لها اسماء خاصة مثل الدمى والذى لا دم له فانه ليس لواحد من هذين الصنفين اسم خاص موضوع عليه. فان كان لا ينبغى ان يفرق ويجزأ شىء من الاشياء المتفقة بالاجناس فهو بين ان الذى يفعل ذلك مخطئ مبطل. فانه اذا جزأ على مثل هذه الحال باضطرار يفرق ويجزئ وبعض الحيوان الكثير الارجل مرتب مع الحيوان المائى وبعضه مرتب مع الحيوان البرى. [3] فباضطرار يكون تجزيئها بالعدم والذين يفرقون يجزئون. وليس فيما بين عدم وعدم فصل لانه لا يمكن ان تكون فصول وصور للذى ليس له كون اعنى عدم الذى لا رجلين له وعدم الذى لا ريش له فليس لهذين العدمين فصول مثل فصول الذى له رجلان والذى له ريش. وباضطرار تكون صور للفصل الكلى ابدا فانه ان لم تكن له فصول لماذا ينسب الى الكل ولا ينسب الى المفرد الجزئى. فمن الفصول فصول كلية ولها صور كقولى ان للطائر الذى له جناح فصولا اعنى ان منه ما جناحه مشقوق ومنه ما ليس جناحه مشقوقا والذى له رجلان كمثل لان من الذى له رجلان ما هو مشقوق الرجلين بشقين مثل الحيوان الذى له ظلفان ومنه ما ليس هو مشقوق الرجلين مثل الدواب التى لها حوافر. فالتجزئ الذى فى مثل هذه الصور عسر. فهو بين انه ايما حيوان كان انما يكون فى هذه الفصول وليس يكون الذى هو فهو فى فصول كثيرة مثل المجنح والذى لا جناح له فقد يكون حيوان مثل هذا اعنى مثل النملة والدودة التى تضىء كما تضىء النار واصناف أخر والتجزئ للحيوان الذى ليس له دم اعسر من كل تجزىء جدا وهو اصوب ان نقول انه ليس مما يستطاع. وباضطرار يكون فى كل واحد من الاشياء المفردة فصل خاص له فهو بين ان ضد الفصل يكون فى ضده ايضا فان كان لا يكن ان تكون صورة من صور الجوهر واحدة لا تنقسم فى الاشياء التى لا فصل لها بل يكون له ابدا مثل الفصل الذى بين الطائر والانسان. فاما الذى ليس له رجلان فليس فيه فصول وان كان حيوان دمى ففى الدم فصول ايضا لان الدم شىء من الجوهر. فان كان ما ذكرنا على مثل هذه الحال فهو بين ان الفصل الواحد شىء يكون فى اثنين. فان كان ذلك كا ذكرنا فهو بين انه لا يمكن ان يكون العدم فصل وتكون الفصول بالعدم مساوية للاشخاص اعنى اشخاص الحيوان ان كانت هذه الاشخاص لا تقسم ولا تجزأ والفصول لا تجزأ وليس فصل عام مشترك. فاما ان كان يمكن ان يكون فصل واحد عاما مشتركا لا يقسم ولا يجزأ فهو بين انه انما يكون بالاول المشترك الذى للاشياء التى هى فهى لان من الحيوان ما هو بالصورة غير الآخر. فباضطرار نقول انه ليس صورة واحدة مشتركة واقعة على جميع الاشخاص التى لا تقسم ابدا والا فانها ستكون آخر وتنسب الى الفصل الذى هو فهو. وليس ينبغى ان يكون الشخص الواحد الذى هو فهو منسوب الى فصل آخر من الفصول المجزأة ولا تنسب الاشياء المختلفة الى فصل واحد هو فهو ولا جميع الاشياء تنسب الى هذه الفصول. فهو بين انه لا يمكن ان تؤخذ الصورة التى لا تجزأ مثل ما يجزئ الذين يجزئون الحيوان فى اثنين او جنسر آخر ايما كان. فانه بقدر قول اولائك باضطرار ان يكون جميع اجناس الحيوان التى لا تجزأ بالصورة <***> فى اواخر الفصول. فانه انا كان جنس من الاجناس التى فى اوائل فصوله اصناف البياض وكل واحد من تلك الاصناف تجزأ فى فصول أخر وتذهب مثل هذا المذهب الى ما بين يديه حتى تنتهى الى الاشخاص ستكون اواخر الفصول اربعة او كثرة اخرى من التى تضعف من الواحد وتكون الصور ايضا فى الكثرة على مثل هذه الحال [ايضا]. والصورة والفصل فى الهيولى لانه لا يمكن ان يكون ولا عضو واحد من اعضاء الحيوان بغير هيولى ولا يمكن ان يكون عضو من اعضاء الحيوان هيولى فقط ولا كلما كان له جسد يكون على كل حال حيوانا كما قلنا مرارا شتى. وايضا ينبغى ان يكون التجزئ بالتى فى الجوهر وليس بالاعراض بذاتها كقولى انه ان اراد احد ان يجزئ الاشكال سيقول ان زوايا بعض الاشكال مساوية لزاويتين قائمتين ولم يميز زوايا بعض الاشكال مساوية لزوايا كثيرة. فانه من العرض الذى يعرض للشكل المثلث ان تكون زواياه مساوية لقائمتين. وايضا ينبغى ان يكون التجزىء فى التى يضاد بعضها بعضا لان الاشياء التى يضاد بعضها بعضا مختلفة مثل البياض والسواد والاستقامة والاعوجاج. وكل واحد من هذه الفصول يجزأ فى الذى يضاده ويخالفه وليس شىء يجزأ بعضه باللون وبعضه بالسباحة. ومعما قلنا اجناس الحيوان تجزأ بالافعال المشتركة للنفس والجسد كما وصفنا ايضا حيث ذكرنا الحيوان السيار والطيار. فان للحيوان اجناسا توجد فيها هتان الخصلتان اعنى ان فيها ما له جناحان ومنها ما ليس له جناح مثل جنس النمل فان منه ما له جناح ويطير ومنه ما ليس له جناح ولا يطير. وينبغى ان يكون التجزئ ايضا فى الانيس والبرى فان هذين الصنفين من اصناف التجزئ. وبقول عام اذا كان حيوان انيس يكون حيوان برى وحشى ايضا مثل الانسان والبقر والكلاب وفى ارض الهند خنازير ومعزى وغنم وجميع الاصناف المشتركة بالاسم. فان كانت هذه الاصناف هى فهى واحدة بالصورة ليس يمكن ان تكون فصول للانيسة والوحشية بنوع آخر الا بالنوع الذى ذكرنا. فباضطرار يعرض هذا العرض للذى يريد التجزئ بفن صواب. وانما ينبغى ان تؤخذ معرفة الحيوان بقدر الاجناسر كما وصفنا فيما سلف. فاما كثير من الناس فانهم جزؤوا اصناف الطائر واجناس السمك بفصول شتى <و> كل واحد من تلك الفصول بفصول أخر ايضا ولم يجزئوا بنوع التجزى الذى يجزئ كل جنس بفصلين وليس يمكن ذلك البتة لان الواحد الذى هو فهو يقع فى اصناف تجزئ كثيرة والاضداد تقع فى تجزئ واحد هو فهو اما ان يكون واحدا مبسوطا واما ان يكون واحدا من تركيب ويكون من ذلل الصورة الآخرة. فان لم يؤخذ الفصل بنوع فصل باضطرار يهيأ التجزىء متصلا متتابعا مثل ما يهيأ رباط وعقد الكلام واحدا. اقول انه يعرض مثل العرض الذى يعرض للذين يجزئون ويزعمون ان من الحيوان ما له جناح ومنه ما ليس له جناح ومن المجنح <***> ما هو ابيض ومنه ما هو اسود وليس الانيس ولا الابيض فصل للمجنح بل هما فصول لاول آخر وذلك الاول بنوع عرض وفى ذلك تجزئ الواحد فى تجزئ كثير كما قلنا فيما سلف. وبهذا النوع يصيرون عدم المجنح فصلا فاما فى التجزئ الذى يجزئ باثنين فليس يفعلون ذلك. ومن هذه الحجج يستبين ايضا انه لا يستطاع ان يؤخذ شىء من الاشياء المفردة بذاتها بغير الواحد كما ظن بعض الناس انه لا يمكن ان يكون فصل واحد للاشياء المفردة بذاتها لا إن اخذ احد الفصل مبسوطا ولا ان اخذه مركبا وانما اعنى مبسوطا ان كان له فصل وان لم يكن له كقولنا الكثير الافتراق اذا قيس الى المشقوق الرجلين فاما المركب فهو مثل تشقيق الرجلين. وبهذا النوع يكون الاتصال الذى يكون من الجنس فى التجزئ حتى ينتهى الى الفصل لان الكل مثل شىء واحد ولكن يعرض من الكلمة ان يظن ان الفصل الاخير فصل فقط مثل الذى يشقق فى كثير او الذى له رجلان فقط فاما الذى له رجلان فقط والذى له ارجل كثيرة فمن فضول الفصول لانه بين انه لا يمكن ان تكون فصول مثل هذه كثيرة. ومن جزأ التجزئ بنوع الصواب ينتهى الى التجزىء الاخير والى الصورة وانما التجزىء الاخير الذى يجزئ فى المشقوق الرجلين فقط. فبهذا النوع يكون جميع تركيب التجزىء. فاما ان جزأ احد الانسان اعنى ان ركب الذى له رجلان والذى له ارجل كثيرة والمشقوق الرجلين سيعلم ان الانسان انما له رجلان فقط فهذا يكون فصلا واحدا. فاما حيننا هذا فقد اوضحنا انه لا ينبغى ان تكون فصول كثيرة منسوبة الى فصل واحد باضطرار وليس يمكن ان تكون فصول كثيرة للشىء الواحد الذى هو فهو منسوبة الى تجزىء واحد بل ينبغى ان يكون الفصل الاخير واحدا. فليس مما يمكن ان يؤخذ كل واحد من الحيوان المفرد بذاته ويجزأ بجزءين. [4] وخليق ان يعتاص احد ويقول لماذا لم يجنس الناسر الجنسين باسم واحد فى قديم التجزئ اعنى بقولى "جنسين" جنس الحيوان المائى وجنس الطائر فان لهذه الاصناف من اصناف الحيوان وللاصناف الأخر آفات واعراض مشتركة لجميعها. وعلى ذلك بنوع صواب جزئ على مثل هذه الحال لان الاجناس التى لها فصول بالفضلة التى فيها وبالاكثر والاقل مسماة باسم واحد منسوبة الى جنس واحد. فاما التى لها ملاءمة تلائم ما ذكرنا فهى موضوعة على حدتها اقول ان بين طائر وطائر فصل بالفضلة فان منه ما هو طويل الجناح ومنه ما هو قصير الجناح. فاما الفصل الذى بين السمك والطائر فبالملاءمة لان للطائر ريش وللسمك قشر مكان الريش. وليس هذا الفصل يسيرا فى جميع فصول الاجناس بل عسر شديد لان هذه الآفات والاعراض فى كثير من الحيوان واجناس الحيوان جواهر والاواخر صور وليس لها بنوع الصورة فصل كقولى مثل "سقراطيس" و "قورسقوس". ولذلك يلزمنا باضطرار ان نقول اولا الاشياء الكلية او نقول الشىء الواحد الذى هو فهو مرارا شتى. فانه كما قلنا فيما سلف الكلية مشتركة وكلما يكون فى كثير مما نسمى كل. وفى هذا الامر عويص اعنى ان كان ينبغى لاحد ان يقول قولا فى الاجناس اولا او فى الاشخاص لان الجنس محدق بالصور والاشخاص فاما الصورة فمحدقة بالاشخاص فقط والاشخاص مفردة بذاتها لا تحدق بغيرها. فكما يقال فى الانسان كذلك ينبغى ان يقال فى الطائر ايضا وليس ينبغى ان يذكر كل طائر لان فى هذا الجنس صور. وانما ينبغى ان تذكر اشخاص الطائر الذى لا تجزأ مثل العصفور او الغرنوق او شىء آخر مثل هذا. وإلا فانه سيعرض ان يقال فى الآفة الواحدة التى هى فهى مرارا شتى لان تلك الآفة فى كثرة بنوع مشترك وذلك من الخطأ وليس من الخطأ فقط بل من التطويل وترداد القول مرارا شتى ايضا اعنى القول فى كل واحد من الحيوان على حدته. وخليق ان تكون الاستقامة والصواب فى ذكر الاجناس التى حدها الناس بنوع الصواب لانها اجناس عامة مشتركة ولها طباع واحد مشترل وفى ذلك الطباع صور لا يبعد بعضها من بعض بعدا كثيرا مثل الطائر والسمك وكلما ليس له اسم خاص وهو مجنس فى ذلك الجنس الواحد الذى هو فهو. فاما ما لم يكن له جنس مشترل فهو بين انه ينبغى ان يكون القول فى كل واحد مفردا بذاته مثل الانسان وان كان شىء آخر مثله. وبقدر قول القائل ان كانت مشابهة فى اشكال الاعضاء وكل الجسد فلها اجناس محدودة مثل جنس الطائر وجنس السمك وجنس الحيوان التى تسمى باليونانية مالاقيا وجنس الحلزون. فان اعضاء هذه الاجناس مختلفة ليس بشبه الملاءمة مثل ما فى الانسان والسمك فان العظم الذى فى الانسان شبيه بالشوكة التى فى السمك بالملاءمة بل ينبغى ان يؤخذ ما ذكرنا من الآفات الجسدانية اعنى العظم والصغر واللين والجساوة والملوسة والخشونة وسائر الآفات التى تشبه هذه الصفة المصنفة وبقول عام ينبغى ان ننظر فى الاكثر والاقل. فقد بينا كيف ينبغى ان تقبل الحيلة الآخذة الى معرفة الطباع وبأى نوع ينبغى ان يكون الرأى الناظر فى طباع الحيوان واوضحنا المسلك والسبيل اللين اعنى الذى ليس بعسر وبينا ايضا كيف يمكن ان يكون نوع التجزىء وكيف ينبغى ان يعلمه الذى يريد ان يستعمله على الصواب وان التجزئ باثنين ربما كان ممكنا وربما كان مما لا يستطاع. فاذ قد بينا جميع هذه الاشياء ينبغى لنا ان نذكر ما يتلوها ويصير هذا الابتداء اول قولنا. [ه] ويعرض ان يكون بعض الجواهر التى تقوم طباعا غير مولود لا يبلى فى جميع العالم وبعضها مشترك فى الولاد والبلى. ورأينا وقولنا قليل فى الجوهر الواحد الالهى لان الاشياء البينة لنا من أثار ذلك الجوهر يسيرة جدا ونحن نقوى ان نقول قولا اكثر فى الحيوان والشجر التى تفسد وتبلى ان علمها ايسر علينا لقربها منا وتربيتنا معها. وقد يقوى من اراد علم كل واحد منهما ان يقول فيه اقاويل شتى مع تعب وكد وفى كلاهما عويص لانا انما ندرك علما يسيرا من علم الجواهر السماوية لكرمها وعظم شأنها فان العاشق اذا عشق شيئا رغب فى معرفة جزء من الاجزاء ايما كان وان كان جزءا صغيرا وذلك خاص للعاشق وعلم ذلك الجزء الصفير احب اليه من علم اجزاء اخر كثيرة لا رغبة له فيها وان عظمت تلك الاجزاء ولطفت معرفته لها. من علم غيرها ونعرفها يقينا من اجل انها اقرب الينا من غيرها وطباعها مدان لطباعنا. فان قد ذكرنا حال الحيوان فيما سلف من قولنا وبينا الاشياء الظاهرة لنا بقى ان نذكر طباع الحيوان ولا ندع شيئا مما نقوى على ذكره بقدر مبلغ رأينا ان كان اكرم وان كان دون الكريم. فان الطباع الذى خلق الحيوان يكون سبب لذة عظيمة للذين يقوون على معرفة العلل وهم فلاسفة من الطباع اذا نظروا الى الحيوان الحقير الذى ليس بحسن المنظر. وهو من الجهل والخطأ ان ننظر الى صورها ونفرح بالمهنة التى عملتها لان مهنة العامل تستبين فى المعمول كقولى فى مهنة الصورة تستبين احكام عمل الصور وفى عمل الاصنام وافراغها تستبين حكمة الصانع ولا نستحب رأى ومعرفة الاشياء المقومة ولا سيما اذ نقوى على معرفة العلل. ولذلك ينبغى لنا ان لا نكره النظر فى طباع الحيوان الحقير الذى ليس بكريم ولا يصعب ذلك علينا كما يصعب على الصبيان وفى جميع الاشياء الطباعية شئ عجيب. وكما يذكر ان اراقليطوس قال للفرباء الذين ارادوا كلامه حيث نظروا اليه داخل الهيكل فوقفوا ولم يقدروا على الدنو منه فانه أمرهم بالدخول الى الهيكل لان هناك آلهة ايضا. وكذلك ينبغى لنا ايضا ان نطلب معرفة طباع كل واحد من الحيوان ونعلم أن فى جميع الحيوان شيئا طباعيا كريما لانه لم يطبع شىء منها على وجه الباطل ولا كما جاء ولا بالبخت بل كلما يكون من اعمال الطباع انما يكون لشىء وكل ما كان ويكون من الطباع انما كان ويكون لحال شىء اعنى لحال التمام ولذلك صار له مكان ومرتبة فاضلة صالحة. فان ظن احد ان الرأى الذى يكون فى معرفة سائر الحيوان غير كريم فليعلم انه لا ينبغى ان يظن به ايضا مثل هذا الظن لانه لا يمكن أن يعرف ويعلم الاشياء التى منها ركب جنس الانسان بلا عسرة شديدة اعنى اللحم والدم والعظام والعروق والاعضاء التى هى مثل هذه. وكما ينبغى لنا ان نظن ان الذى يتكلم فى شىء من الآلة او من الآنية لا يذكر الهيولى التى هى منها فقط ولا يكون قوله من اجلها بل من اجل كل الصورة كما نفعل اذا ذكرنا بيتا فانا لا نكتفى بذكر اللبن والحجارة والطين والخشب حتى نذكر نوع التركيب وكل الجوهر وصورة البيت. وباضطرار يلزمنا ان نصف اولا الاعراض التى تعرض لكل واحد من اجناس الحيوان وبعد ذلك نذكر علل تلك الاعراض. وقد قلنا فيما سلف ان اشياء كثيرة مشتركة تكون فى كثير من الحيوان ومنها ما يكون بنوع مبسوط مثل الرجلين والقشور والريش وجميع ما يشبه هذا الفن ومنها ما هو فى الحيوان بنوع الملاءمة. وانما اقول بنوع الملاءمة لان لبعضها رئة وليس بعضها رئة بل عضو آخر ملائم للرئة وفى بعضها دم وليس فى بعضها دم بل شىء آخر ملائم للدم له قوة مثل قوته فى الحيوان الدمى. وقد قلنا فيما سلف ان ذكر كل واحد من الاعضاء الأخر التى فى كل واحد من اجناس الحيوان يكون علة ترداد القول الواحد مرارا شتى ولا سيما اذا اردنا تصنيف جميع هذه الاشياء التى فى كل واحد من الحيوان فان اشياء كثيرة تكون فى كثير من الحيوان هى فهى فلنميز هذه الاشياء على مثل هذه الحال. وقد علمنا ان كل آلة لحال شىء وكل واحد من اعضاء الجسد لحال شىء والذى يقال لحال شىء فعل من الافعال فهو بين ان كل الجسد ايضا صار مقوما لحال فعل من الافعال كثير الاجزاء. ولم يصر فعل المنشار لحال المنشار بل المنشار عمل لحال فعله وانما فعله النشر وكذلك نقول ان خلقة الجسد لحال النفس والاعضاء خلقت لحال الاعمال وطبع كل واحد منها طباع موافق للامر الذى يراد. وينبغى لنا ان نقول اولا الافعال اعنى المشتركة لجميع اجناس الحيوان ثم الافعال المنسوبة الى كل واحد من الصور. وانما أسمى افعالا مشتركة التى تكون فى جمبع الحيوان فاما الافعال المنسوبة الى كل واحد من اجناس الفصول التى تقارب بعضها بعضا وتظهر لنا كينونتها بالفضلة والزيادة والنقصان كقولى ان الطائر بالجنس فاما الانسان فبالصورة وكلما ليس له ولا فصل واحد بالكلمة الكلية. فان المشترك يكون فى بعض الحيوان بالملاءمة وبعضه يكون بالاجناس ومنه ما يكون بالصورة والافعال تخالف بعضها بعضا بقدر هذا النوع وتبعد بعضها من بعض. وانما تكون الافعال لحال شىء ومن الافعال افعال تتقدم غيرها ومنها افعال تكون تماما لغيرها وبمثل هذا الفن تكون حال كل واحد من الاعضاء بقدر الافعال التى وصفنا. وبنوع ثالث باضطرار تكون فى الحيوان آفات وافعال ايضا مثل الولاد والنشوء والسفاد والسهر والنوم والسير وجميع الآفات التى تكون فى الحيوان مثل هذه. وينبغى لنا ان نذكر اعضاء الحيوان اعنى الانف والعين وكل الوجه فان كل واحد مما ذكرنا يسمى جزءا ونذكر ايضا بقية الاعضاء. فقد اكتفينا بقولنا الذى قلنا فى مذهب الحيلة التى ينبغى لنا ان نستعمل فى معرفة طباع الحيوان. فاما حيننا هذا فهو لازم لنا ان نروم ذكر العلل المشتركة والخاصة ونبتدئ بذكر اوائلها كما حددنا وميزنا فيما سلف من قولنا. تمت المقالة الحادية عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bogga 22
المقالة الثانية عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bogga 23
[1] قد بينا واوضحنا فيما سلف من قولنا الاعضاء التى منها تقويم وتركيب كل واحد من الحيوان وكم تلك الاعضاء فاما حيننا هذا فانا سنوضح العلل التى من اجلها خلق كل واحد من الاعضاء ونفرق كل واحد منها بذاته كما فعلنا فيما سلف. وينبغى ان نعلم ان انواع التركيب ثلاثة. فالنوع الاول من تلك الانواع التركيب الذى يكون من الذى يسميه بعض الناس اسطقسات مثل الارض والهواء والماء والنار. وخليق ان يكون امثل واوفق ان يكون القول فى القوى وليس من جميعها بل كما فعلنا فى مواضع أخر فيما سلف من الرطب واليابس والحار والبارد فان هذه القوى هيولى الاجساد المركبة. فاما الفصول الأخر فهى تابعة لهذه مثل الثقل والخفة والصفاقة والسخافة والخشونة والملوسة وسائر الآفات التى تشبه هذه وتتبع الاجساد. فاما التركيب الثانى فمن الاوائل اعنى من التى اجزاؤها من قبل الطباع تشبه بعضها بعضا وهى الاضاء التى فى تركيب الحيوان من الطباع مثل العظم واللحم وغير ذلك مما يشبه هذه. فاما التركيب الثالث وهو الاخير فمن الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا مثل الوجه واليد والاعضاء التى مثل هذه . وقد علمنا ان بين الولاد والجوهر خلاف من قبل ان الاواخر فى الولا اوائل فى الطباع. وانما الاول التى فى الولاد اخير من اجل انه لا يقال ان البيت انما هو لحال اللبن والحجارة بل يقال ان هذه لحال البيت. وعلى مثل هذه الحال الهيولى. وهو بين ليس من نوع الكلام الذى يتلو فقط ان هذه الاشياء على مثل هذه الحال لكن [و] من الكلمة والحد ايضا من اجل ان كلما يكون انما يكون من شىء وكينونته تكون فى شىء ومن اول الى اول اعنى من الاول المحرك الذى له طباع الى صورة من الصور فان الانسان يلد انسانا ومن الشجر تنبت الشجر وذلك يكون من الهيولى الموضوعة لكل واحد من هذه الاشياء. فباضطرار تكون الهيولى والولاد والكينونة اقدم من غيرها. فاما بالكلمة والحد فالجوهر وصورة كل واحد من الاشياء اقدم وذلك يستبين اذا قال احد كلمة الكينونة لان فى كلمة البناء كلمة البيت ايضا. فاما كلمة البيت فليس فيها كلمة البناء وهذا العرض يعرض على مثل هذه الحال فى الأخر ايضا فهو بين انه باضطرار تكون الاسطقسات هيولى موضوعة لحال الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا وتلك الاضاء الاواخر فى الولاد بعد هذه وفيها التمام والغاية ثم تأخذ التقويم الذى يكون من نوع التركيب الثالث كما يعرض تمام اصناف الولاد فى كثير من الاشياء. فتركيب الحيوان من كل هذه الاعضاء ولكن كل واحد من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا انما هى لحال الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا لان الاعمال والافعال انما هى للاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا مثل العين والانف وكل الوجه والاصبع واليد وكل العضد. وينبغى ان نعلم ان حركات وافعال الحيوان مختلفة كثيرة الصور وافعال الاعضاء التى مثل هذه كمثل. فباضطرار يكون تركيب الحيوان من قوى لا تشبه بعضها بعضا ولذلك صار اللين موافقا لبعض اصناف الفعال والجساوة موافقة لبعض الفعال ومنها ما يوافق الكف والانثناء ومنها ما يلائم المد والانبساط. ففى الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا مثل هذه القوى وفى كل واحد منها قوة على حدته من قبل ان منها ما هو لين ومنها ما هو جاس ومنها رطب ومنها يابس ومنها لزج ومنها قحل. فاما الاعضاء التى لا تشبه اجزاؤها بعضها بعضا ففيها قوى كثيرة لانها مركبة من كثرة ولذلك صارت قوة موافقة للاخذ باليد شيئا وقوة اخرى موافقة لضبط شىء باليد ولذلك صار تقويم هذه الاعضاء من عظام وعصب ولحم وسائر الاشياء التى مثل هذه. فبهذا النوع صار تركيب الاعضاء التى هى آلة لكل الجسد. فلهذه العلة صار تركيب اعضاء الحيوان كما ذكرنا وهو بين انه باضطرار تكون انواع التركيب كما وصفنا وبعض الانواع تتقدم غيره كما لخصنا. وتركيب الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا باضطرار يكون من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا ويكن ان يكون تفويم وتركيب بعض الاعضاء من كثرة تركيب بعضها من واحد مثل بعض اعضاء الجوف فان اشكالها من صور مختلفة ومنها ما هو جسد اجزاؤه تشبه بعضها بعضا بقدر قول القائل بقول مبسوط. وليس يمكن ان تكون الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا من هذه لان الذى لا تشبه اجزاؤه بعضها بعضا ليس بواحد بل كثير من التى تشبه اجزاؤها بعضها بعضا. فمن اجل هذه العلل صار بعض الاعضاء مبسوطة واجزاؤها تشبه بعضها بعضا وصارت بعضها مركبة واجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا. ومن الاعضاء التى فى الحيوان اعضاء هى آلة وكل واحد من تلك الاعضاء لا تشبه اجزاؤها بعضها بعضا كما تبينا فيما سلف. ويكون اولا حس فى جميع الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا لان كل واحد من الحواس منسوب الى جنس واحد وكل واحد من آلة الحس قبول للاشياء المحسوسة. وانما يلقى ذلك [الذى] بالقوة من الذى بالفعال فهو بالجنس واحد هو فهو ولذلك واحد وهذا واحد. [2] ولذلك لا يروم احد من الذين يكلمون كلاما طباعيا ان يقول ان المنظر والوجه او شىء آخر من الاعضاء التى مثل هذه من ارض فقط او من ماء او من نار. فاما جميع آلة الحس فهم ينسبونه الى كل واحد من الاسطقسات ويزعمون ان منها ما هو هواء ومنها ما هو ماء ومنها ما هو نار. ولان الحس المبسوط للاعضاء المبسوطة بحق نقول ان حس اللمس يكون فى التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا وذلك بنوع مبسوط دون غيره. واللمس يظن ان يكون يحس باصناف كثيرة مختلفة من الاشياء التى تقع تحت الحس وبضديات كثيرة توجد فى المحسوس الذى يدرك بحس اللمس مثل الحار والبارد واليابس والرطب وسائر الاشياء التى تشبه هذه. وآلة حس هذه الاشياء [اللحم] وما يلائمه وآلة هذا الحس من اللحم اكثر من غيره. ولانه لا يمكن ان يكون الحيوان بلا حس باضطرار صارت فى بعض الحيوان اعضاء من هذه الاعضاء. فاما الافعال فهى تكون بالاعضاء التى لا تشبه بعضها بعضا فقوة الحس والقوة المحركة للحيوان والقوة المهيجة للشهوة فى عضو واحد هو فهو كما قلنا فى اماكن أخر من قولنا الذى سلف. فباضطرار يكون فى الجسد عضو اول قبول لهذه الاوائل فلانه قبول لجميع الاشياء المحسوسة ينبغى ان يكون من الاعضاء المبسوطة ولانه يتحرل وبهيج للنشاط ينبغى ان يكون من التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا وهو فى الحيوان الدمى القلب وفى الحيوان الذى ليس بدمى العضو الذى يلائم ويشبه القلب. والقلب يجزأ فى اجزاء تشبه بعضها بعضا مثل كل واحد من سائر الاعضاء التى فى الجوف لان تقويمها من هيولى مثل هذه اعنى ان طبا ع جميع اعضاء الجوف دمى لان وضعها على سبل من عروق [اعنى ان طباع اعضاء الجوف دمى لان وضعها على سبل من عروق] وخلل فيما بينها كما تكون فى الاماكن التى يسيل فيها الماء ولذلك الماء ثقل فجميع اعضاء الجسد مركب من عروق فيها مسيل دم. فاما القلب ففيه ابتداء العروق وفيه القوة الاولى التى تخلق الدم وينبغى ان يكون من الغذاء الذى يقبل ولذلك الفذاء يكون على مثل هذه الحال. فقد بينا العلة التى من اجلها صار غذاء اعضاء الجوف دما والعلة التى من اجلها صارت بعض الاعضاء اجزاؤها تشبه بعضها بعضا وبعضها ركبت من احزاء لا تشبه بعضها بعضا. ومن الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا ما هو لين ومنها ما هو رطب ومنها ما هو جاس صلب ومنها ما هو رطب ما دام فى الطباع مثل الدم والمخ والشحم والثرب والمنى والمرة واللبن فى الحيوان الذى له لحم والحيوان الذى له شىء ملائم للحم. وانما اقول هذا القول لانه لا يكون جميع هذه الاuضاء فى كل الحيوان بل فى بعضها اعضاء ملائمة لهذه الاعضاء. وايضا اقول ان الاعضاء اليابسة الصلبة من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا مثل العظم والشوكة والعصب والعرق وسائر التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا. وفى هذا التجزىء فصل واختلاف من قبل ان مما ذكرنا ما يشارك الكل بالاسم كقولنا عرق وعروق وهذا ليس مثل المشترك بالاسم بل كما يقال ان الوجه يشارك الوجه بالاسم. وانواع علل الاضاء الرطبة واليابسة كثيرة لان بعضها مثل هيولى الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا فان كل واحد من الاعضاء التى هى آلة يقوم من هذه اعنى من العظام والعصب واللحم وسائر التى تشبه هذه فان بعضها موافق للجوهر وبعضها موافق للعمل وبعض الرطوبات غذاء لهذه لان جمبع الاعضاء ينشو وينمو من الرطوبة وهو من العرض ان يكون بعضها فضول من هذه اعنى ثفل الفذاء اليابس والرطب فى الحيوان الذى له مثانة. وفى هذه الاشياء التى وصفنا فصول لحال الامثل والاجود كقولى ان فى الدم فصول مختلفة اذا قيس دم الى دم آخر لان من الدم ما هو ارق والطف ومنه ما هو اغلط اثخن ومنه ما هو انقى ومنه ما هو اكدر وايضا من الدم ما هو ابرد ومنه ما هو اسخن وذلك فى اعضاء الحيوان الواحد الذى هو فهو لان الذى يكون فى الاعضاء العليا مخالف للذى فى الاعضاء الذى فى اسفل الجسد بالخلاف الذى ذكرنا وكل واحد مخالف لغيره وفصول سائر الرطوبات على مثل هذه الحال ايضا. وبقول عام ان من الحيوان ما هو دمى ومنه ما له مكان الدم شىء آخر ملائم للدم والدم الغليظ كثير الغذاء للجسد وهو اقل حسا. فاما الدم النقى فهو اسخن واكثر حسا واوفق لذى العقل وابرد. ومثل هذا الفصل يكون فى الجزء [الملائم] الذى فى الحيوان [الملائم]. ومن اجل هذه العلة النحل واصناف حيوان أخر فى طباعها اعقل من الحيوان الدمى ومن الحيوان الدمى ما له دم ابرد والطف احلم من الذى دمه على خلاف ذلك. واجود الحيوان ما له دم حار لطيف نقى لان الحيوان الذى يكون على مثل هذه الحال اوفق فى الجلادة والحلم. وبنوع آخر الاعضاء التى فى اعلى الجسد مخالفة للاعضاء التى فى اسفله بهذا الفصل والذكر اذا قيس الى الانثى واعضاء الناحية اليمنى اذا قيست الى اعضاء الناحية اليسرى. وينبغى لنا ان نظن ان فى سائر الاعضاء فصلا مثل هذا وفى الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا لان بعضها اوفق لجوهر واعمال الحيوان وبعضها اوفق للاجود او الاردأ مثل الفصول التى فى خلقة العين لان من الحيوان ما هو جاسى العين ومنه ما هو لين العين ومنه ما ليس لعينه اشفار ومنه ما لعينه اشفار ليكون البصر احد والطف. فباضطرار يكون فى كل حيوان اما دم اما شىء آخر ملائم للدم وطباع الدم مختلف كما قلنا آنفا. فينبغى لنا اولا ان نجزئ الحار والبارد ونفصل اصناف الدم ثم ننظر فى العلل لان طباع اشياء كثيرة تنسب الى اوائل باعيانها. وكثير من الناس يقاول ويشاجر غيره ويطلب اى الحيوان بارد وايها حار واى الاعضاء حار وايها بارد ومن الناس من يزعم ان الحيوان المائى اسخن من المشاء البرى ويحتج ويقول انه لا يحتمل برد الماء الا لحرارة طباعه والحيوان الدمى احر واسخن من الذى لا دم له والاناث احر من الذكور كما فعل برمنيدس حيث زعم ان النساء اسخن من الرجال. وقد قال هذا القول غيره ايضا واحتجوا وقالوا ان الطمث انما يعرض للنساء لكثرة حرارتهن. فاما امبدوقليس فهو يقول خلاف هذا القول. وايضا من القدماء من يقول ان الدم بارد والمرة كمثل ومنهم من يقول خلاف ذلك. فان كانوا شككوا واختلفوا فى طباع الحار والبارد ماذا ينبغى ان نظن نحن فى تشكيكهم واختلافهم فى الآخر فان الحار والبارد من الاشياء الظاهرة لنا اكثر من غيرها التى تعرف بالحس وهو سببه ان يكون عرض لهم هذا العرض لان الاسخن والابرد تقال بانواع شتى وكل واحد من المتكلمين يظن انه يقول شيئا وانما يقول خلاف الحق. فليس ينبغى ان يخفى علينا ان بعض الاشياء المقومة من الطباع حارة وبعضها باردة وبعضها يابسة وبعضها رطبة ولا سيما انه بين ان هذه الاشياء علل الحياة والموت وعلل السهر والنوم والشباب والكبر والسقم والصحة. وليس علل ما وصفنا الخشونة والملوسة ولا الخفة والثقل ولا شىء آخر من الاشياء التى مثل هذه بقدر قول القائل. وبحق عرض هذا العرض لانه كما قلنا فيما سلف ان اوائل الاسطقسات الطباعية الحار والبارد واليابس والرطب. فينبغى لنا ان نعلم اولا ان كان الحار يقال بنوع واحد مبسوط او بانواع كثيرة ونتفقد ماذا عمل الحار وهل اعماله قليلة بالعدد او كثيرة. فبنوع واحد يقال حار للذى يسخن ما يمسه ويدنو منه وبنوع آخر يقال حار للذى يكون فى الجسد منه حس بين اذا مسه وخالطه. وايضا يقال حار اذا كان منه حس مع اذى وربما ظننا ان هذا النوع من انواع الكذب لانه ربما كان البصر علة الوجع للذين يجدون الحس وايضا اذا كان الحار مذيبا وايضا اذا كان بعض ذلك الحار اكثر وبعضه اقل لان الاكثر فى الكمية احر من الاقل. وايضا يقال اكثر حرارة للذى لا يبرد عاجلا بل يكون بطىء البرودة والذى يسخن عاجلا اكثر من غيره يقال انه احر منه من قبل الطباع. فهو بين ان الضد يبعد والشبه يقرب فهو بين انه لا يقال شىء احر من شىء بعدة هذه الانواع التى وصفنا. وليس يمكن ان يكون كل هذه الانواع فى شىء واحد هو فهو ولا يستطاع ان يسخن شىء واحد بجميع هذه الانواع لان الماء الحار يسخن اكثر من النار فاما النار فهى تحرق وتذيب الجسد الذى يحترق ويذوب اكثر من الماء. ويقال ان الماء الذى يغلى اسخن ولا يقال النار اسخن من غيره والماء يسخن ويبرد وربما برد عاجلا اكثر من النار اليسيرة لانه لا يمكن ان تبرد النار فاما الماء فهو يبرد وايضا الماء الذى يغلى هو اشد حرارة اذا وقع حس المس وهو يبرد ويجمد عاجلا. والدم بحس المس اسخن من الزيت والماء الحار كمثل واذا برد الماء بردا شديدا جمد جمدا اكثر من الزيت. وايضا الحجارة والحديد وما يشبه هذه الاشياء يسخن سخونة ابطأ من سخونة الماء واذا سخنت احرقت اكثر من الماء. ومعما وصفنا من الاشياء المسخنة التى تسخن الجسد الذى يماسها ما حرارته غريبة ومنها ما حرارته اهلية له. فبين هذا الحار الذى يكون بهذا النوع والحار الذى يكون من النوع الآخر اختلاف كثير لانه قريب من الحار الذى يقال له حار بنوع عرض ولكن كل واحد منهما بذاته كما يقول قائل انه عرض من الاعراض ان يكون صاحب علم هو محموم او يكون اكثر دفاء وحرارة او يكون صاحب الصحة كثير الحرارة. فقد علمنا انه ربما كان الحار حارا من ذاته وربما كان حارا بنوع عرض فالحار بذاته بطىء البرودة ومرارا شتى يسخن الحس سخونة اكثر من الحار بنوع العرض وايضا الحار من ذاته يكون ابدا حارا اكثر من غيره كما نقول ان النار ابدا حارة اكثر من الماء الذى يغلى. فهو بين ان القضاء بين اثنين والمعرفة ايهما حار اكثر من غيره ليس بمبسوط فانه يكون هذا هاهنا اسخن وهاهنا آخر. وفى هذه الأشياء اشياء لا يمكن ان يقال انها حارة او انها ليست حارة وربما كان موضوع الشىء واحدا ليس بحار فاذا دنا من غيره او ركب معه صار حارا. وذلك مثل الذى يسمى الماء او الحديد حارا فان كل واحد من هدين ليس بحار فاذا دنا من النار صار حارا. فاما الدم فهو حار من ذاته وربما صار حارا من حرارة عرضية تعرض له ايضا. وهو بين فى مثل هذه ان البارد ليس هو بطبيعته بل عدم وذلك يقال فى جمبع الاشياء التى موضعها حار بنوع آفة وعرض. وخليق ان يكون طباع النار ايضا مثل هذا لان الموضع ربما كان اما دخانا واما جمرة فان احد هذين ابدا حار لان الدخان شبيه بالبخار فاما الجمرة فهى اذا طفئت باردة فاما الزيت وخشبة الصنوبر فهى تكون باردة فى كل ما يحمى من الاجساد حرارة بقدر قول القائل مثل الرماد وفضلة النار وجميع الفضول التى تبفى فى اجساد الحيوان وما يخرج من قذاها والمرة الصفراء ايضا حارة. وانما صارت الاجساد التى احترقت حارة لانه قد بقيت فيها بقية من حرارة النار. وبنوع آخر يقال خشب الصنوبر واشياء أخر حارة لانها تتغير عاجلا وتنتقل الى فعل النار. ويظن ان الحار يذيب ويجمد اعنى لجميع الاجساد فما كان من الاجساد كثير الماء فى تركيبه فهو يجمد من البرودة وما كان فى تركيبه كثير من الارض والماء فهو يجمد ويجتمع من الحرارة وما كان فى تركيبه من جزء الارض اكثر فهو اسرع جفافا واجتماعا. ولكن قد قلنا فى هذه الاشياء قولا اوضح وابين فى غير هذا الكتاب وميزناه واوضحنا الاجساد التى تذوب ولاى علة تجتمع. فاما طلب معرفة الشىء الحار والذى هو اكثر حرارة من غيره فهو يقال بانواع شتى ولذلك لا يكون فى جميع الاشياء بنوع واحد بل ينبغى ان نميز ونفول ان من الحار حار من ذاته وهو الذى يكون حارا ابدا. فاما الآخر فهو حار بنوع عرض وايضا يقال احدهما حار بالقوة والآخر بالفعال ويقال بعض الاشياء حار بنوع حرارته وبعضها حار لانه يسخن حس المس اكثر من غيره ويقال شديد الحرارة كما يكون من التهاب نار. واذ قد علمنا ان الحار يقال بانواع شتى باضطرار يلزمنا ان نقول ان البارد يقال بانواع شتى فهذا تميز قولنا فى حال الحار والبارد بقدر هذا التحديد. [3] والذى يتلو قولنا ذكر اليابس والرطب. فان كل واحد منهما يقال بانواع شتى اعنى ان من الاشياء اشياء تقال يابسة ورطبة بالقوة ومنها اشياء تقال يابسة ورطبة بالفعال. فان الجليد وكلما يجمد يقال رطب وهو بالفعال وبنوع العرض يابس فاما بذاته فهو رطب فاما الارض والرماد والاشياء التى مثل هذه فانها اذا خالطت الرطوبة تقال رطبة بالفعال وبنوع العرض تقال يابسة بالقوة وبذاتها. واذا افترقت هذه الاشياء تقال بالفعال والقوة رطبة التى فيها جزء كثير من الماء فاما التى فيها جزء كثير من الارض تقال يابسة. وبهذا النوع الحقى المسود يقال اليابس والرطب بمثل هذا الفن والحار والبارد كذلك يقال ايضا اعنى الاجساد الحارة والباردة بنوع الحق. فاذا ميزنا هذه الاشياء نستبين ان الدم ربما كان حارا من ذاته وربما اشتدت حرارته بنوع عرض وحرارته تكون فى حده كما يكون البياض فى حد الرجل الابيض. وربما كان الدم من قبل آفة وعرض واذا كان حارا على مثل تلك الحال لا يقال حار بذاته. فهذا قولنا فى اليابس والرطب ايضا ولذلك نقول ان الاشياء التى تكون فى الطباع حارة رطبة اذا فارقت الطباع اعنى الجسد تجمد وتظهر باردة مثل الدم. فاما الاشياء التى هى فى الطباع حارة غليظة فاذا فارقت الجسد تلقى خلاف ما هى عليه مثل المرة اعنى انها تبرد وتكون رطبة فالدم ييبس يبسا اكثر والمرة الصفراء تترطب. فشركة الاضداد وكينونتها فى الاشياء بنوع زيادة ونقص مثل الكينونة الطباعية. قد بينا كيف يقال الدم حار وكيف يقال رطب وكيف لطباعه شركة من الاضداد بقدر قول القائل. وباضطرار يفذى كلما ينشؤ وانما غذاء جميع الاشياء التى تغذى من اليابس والرطب وانما يكون طبخهما ونضوجهما بقوة الحرارة وبغيرها كمثل. وباضطرار ان يكون ابتداء حرارة طباعية فى جميع الحيوان والشجر لهذه العلة ان لم يكن لعلة اخرى ايضا . والآلة التى توافق استعمال الطعام والغذاء كثيرة اعنى الاعضاء التى تصلح لذلك كقولى ان اول ما يوافق استعمال وخدمة الطعام الفم وما فيه من الاجزاء اذا كان الحيوان الذى يغذى يحتاح الى قطع غذائه بقطع صغار. وهذا القطع لا يكون علة هضم ونضوج الطعام البتة بل يكون علة جودة نضوج لان قطع الطعام باجزاء صغار يكون علة سرعة وجودة الهضم والنضوج. فاما طباع البطن الاعلى والاسفل فانه يطبخ وينضج الطعام مع حرارة كيانية وكمثل ما نقول ان الفم سبيل ومدخل الطعام الذى لم ينضج بعد فذلك العضو الذى يتلوه يسمى مدخل الطعام وذلك فى الحيوان الذى له هذا العضو ومنه يذهب الطعام الى البطن. وينبغى ان تكون ايضا اوائل أخر كثيرة بمثل هذا النوع لكى يأخذ كل الجسد بها الغذاء كما يؤخذ من فاتنى اعنى من البطن ومن طباع المعاء. فالشجر يأخذ الغذاء معمولا مفروغا منه من الارض وانما يأخذه باصوله ولذلك لا تكون فى الشجر فضلة لانه يستعمل الارض والحرارة التى فيها مثل ما تفعل البطون. ولجميع الحيوان وخاصة ما كان منها مشاء بطن ومنه يأخذ جميع الجسد الغذاء كا يأخذ جميع اصول الشجر من الارض ومن تلك الاصول يؤدى الفذاء الى بقية الشجر حتى ينتهى النضوج الى التمام والغاية. فاما عمل الفم فهو يدفع الى البطن وباضطرار ان يكون عضو آخر يأخذ النذاء من البطن اعنى العروق التى تمتد الى وسط المعاء وتبدأ اسفل وتفترق فى جميع الجسد. وينبغى لمن اراد علم هذه الاشياء ان يعاينها من الشق والمباشرة الطباعية. ولكل غذاء عضو قبول له وعضو آخر قبول للفضلة. فاما العروق فهى مثل وعاء دم وذلك يستبين ان الدم الغذاء الاخير الذى به يغذى الحيوان الدمى. فاما الحيوان الذى ليس له دم فهو يغذى بما يلائم الدم. ومن اجل هذه العلة اذا لم يغذ الحيوان بهذا الغذاء هزل وساءت حاله واذا غذى نشأ وحسنت حاله. فان كان ذلك الغذاء صافيا جيدا يكون الجسد صحيحا واذا كان الغذاء رديئا يكون الجسم سقيما. وايضا الدم يكون فى الحيوان لحال الغذاء وذلك بين من الحجج التى احتججنا بها ولذلك لا يكون للدم حس اذا مسه احد كما لا يكون حس لشىء آخر من الفضول اذا مسه احد البتة. ولا يكون للغذاء حس مثل حس اللحم فان اللحم اذا مسه احد كان له حس بين من اجل ان الدم ليس بمتصل باللحم ولا هو عرض بل هو فى مثل وعاء موضوع فى القلب والعروق. فاما كيف تأخذ الاعضاء من القلب الحس وكيف يكون الغذاء فهو اوفق ان يكون يذكر فى الاقاويل التى وضعنا فى الولاد وفى كتب أخر. فاما حيننا هذا فانا نكتفى بقولنا ان الدم انما هو لحال غذاء الاعضاء وهذا القول الذى يحتاح اليه من ذكر الدم حيننا هذا. [4] ومن الدم ما فيه شىء دقيق مثل الشعر ومنه ما ليس فيه شىء مثل دم الايلة وغيرها من الحيوان ولذلك لا يجمد الدم الذى يكون على مثل هذه الحال اعنى الذى ليس فيه مثل الشعر الدقيق والدم الذى يكون مائيا ابرد من غيره ولذلك لا يجمد. فاما الدم الارضى فهو يجمد لذهاب الرطوبة عنه ويعرض ان يكون العقل اصفى واجود ليس لحال برد الدم بل لحال لطفه ونقاوته وليس يكون شىء من هذين من الارض. وكل حيوان تكون رطوبته ارق وانقى يكون حس حركته جيدة ولهذه الحال والعلة تكون انفس كثير من الحيوان الذى ليس له دم الب من انفس بعض الحيوان الذى له دم كما قلنا فيما سلف مثل النحل وجنس النمل وكلما يشبه هذه الاصناف. فاما ما كان من الحيوان كثير المائية من قبل الطباع فهو اكثر جزعا لان الجزع والفرغ تبرد الجسد والحيوان الذى يكون مزاج قلبه على مثل هذه الحال يلقى هذه الآفة والماء البارد يسرع الى الجمود. ومن اجل هذه العلة يكون الحيوان الذى لا دم له اكثر جزعا من الحيوان الدمى ولذلك لا يتحرك الا حركة يسيرة لفزعه وجزعه ويلقى فضولا. ومن الحيوان الذى لا دم له ما يغير لونه. وكلما فيه اجساد صغار تشبه الشعر او اغلظ منه فهو ارضى الطباع وشكل الحيوان الذى يكون دمه على مثل هذه الحال غضوب كثير الحرارة لحال الغضب والغضب مهيج للحرارة واذا سخنت الاجساد الصلبة فهى تسخن اكثر من الرطبة وهذه الاجزاء الصفار التى تكون فى الدم شبيهة بالشعر صلبة ارضية وتصير فى الدم مثل جمر وتتقد فى اوقات الغضب. ولهذه العلة نقول ان الثيران وذكورة الخنازير غضوبة جدا جاهلة عند غضبها لان فى دمها كثير من هذه الاجزاء التى تشبه الشعر. ودم الثور خاصة يجمد اسرع من جميع الدماء. واذا خرجت هذه الاجزاء التى تشبه الشعر من الدم لا يجمد البتة. وان اخرج احد الجزء الارضى من الطين لا يجتمع ولا يجف فاما الطين الرطب فهو يجمد من البرد من قبل ان الحرارة اذا انعصرت ودفعت من البرودة اخرجت معها الرطوبة كما قلنا فيما سلف ولذلك يجمد ليس لانه يجف من الحرارة بل من البرودة. فاما الرطوبة التى فى الاجساد فهى فيها لحال الحرارة التى فى الحيوان. والدم كثير فى اجساد الحيوان وذلك بحق لانه هيولى كل الجسد لان الغذاء هيولى والدم الغذاء الاخير. ففى الدم اختلاف كثير اذا كان حارا او باردا او لطيفا او غليظا او كدرا او نقيا. فاما مائية الدم فهى الدقيق منه لانه لم ينضج بعد او لانه قد فسد فمائية الدم تكون باضطرار لحال الدم. [ه] فاما الشحم والشرب فبينهما اختلاف بقدر فصل الدم لان كل واحد منهما دم مبطوخ لحال جودة الغذاء وما لا يفنى فى غذاء لحم الحيوان وهو اجود وابلع طبخا يصير شحما او ثربا. والدليل على ذلك ما كان من الحيوان مخصبا حسن الحال لان الجزء الدسم من الرطوبات مشترك للهواء والنار ومن اجل هذه العلة ولا يكون شحم ولا ثرب فى اجساد الحيوان الذى لا دم له. ومن الحيوان الدمى ما كان له دم مقارب للجسد يكون له ثرب ان الثرب ارضى ولذلك يجمد كما يجمد الدم الذى فيه الاجزاء الصغار التى تشبه الشعر والمرقة التى يطبخ بها لحم الحيوان الذى هذه حاله تجمد ايضا لان الجزء الارضى الذى فيها كثير والجزء المائى الذى فيها قليل. ومن اجل هذه العلة يكون الثرب فى اجساد الحيوان الذى ليس له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل وله قرون ف[فى اجساد هذا الحيوان و] طباع هذا الحيوان بين انه مملوء من هذا الاسطقس لان لهذا الحيوان قرونا واظلافا. فاما الحيوان الذى له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل وليس له قرون فكله يابس ارضى الطباع وله شحم مكان الثرب وذلك الشحم لا يجمد ولا يتفتت اذا يبس لان طباعه ليس بارضى. فاذا كان ما وصفنا يسيرا معتدلا فى اعضاء الحيوان نفع لانه لا يمنع جودة الحس وهو معين على الصحة والقوة واذا كثر ضر وافسد الحيوان. فانه ان كان كل الجسد شحما وثربا باضطرار ان يهلك ويبيد الحيوان لان الشحم والثرب انما يكونان فى عضو الجسد الذى فيه حس المس واللحم هو العضو الذى فيه حس المس [كما قلنا فيما سلف]. فاما الدم كما قلنا فيما سلف فيما يقدم من فولنا فليس له حس ولذلك ليس للشحم ولا للثرب ايضا حس لان الشحم والثرب انما هما دم جيد الطبخ والنضوج. فهو بين انه ان صار كل الجسد مثل هذا لا يكون له حس ولهذه العلة يكبر ويشيخ عاجلا الحيوان السمين جدا لان دمه قليل لانه يفنى فى الشحم وكلما كان قليل الدم يذهب الى مذهب البلى والفساد لان البلى والفساد قلة دم وكلما كان قليل الدم فهو كثير الآفات لانه يلقى من البارد ايا كان ومن الحار. وكل حيوان كثير الشحم يكون قليل الولاد او لا تلد البتة لحال العلة التى هى فهى لان الدم الذى يتغير ويصير منيا يفنى ويذهب فى الشحم والثرب لان الشحم والثرب من الدم الجيد الطبخ ولذلك لا تكون فضلة فى اجساد الحيوان التى هذه حالها البتة وان كان فضلة لا تكون الا قليلة يسيرة. فقد قلنا ماذا الدم وماذا مائيته وماذا الشحم وماذا الثرب وبينا طباع كل واحد منها ولم ندع ذكر عللها. [6] والمخ ايضا طباع من اصناف طباع الدم وليس هو كما يظن بعض الناس قوة زرعية المنى وذلك بين فى الاحداث جدا لان اعضاء الجسد مقومة من دم وغذاء الجنين دم والمخ الذى فى عظامه دمى. فاذا نشأ الاحداث جدا تغير لون اعضاء الجوف لان لونها دمى جدا فكل واحد منها يتغير اذا نشأ الحيوان وكذلك يتغير مخ الاحداث ايضا ويكون لونه غير اللون الاول ومع الحيوان الكثير الشحم يكون دسما شبيها بالشحم. فاما فى الحيوان الذى اذا جاد نضوج دمه لم يصر شحما بل ثربا فالمخ يكون شبيها بالثرب. ومن اجل هذه العلة يكون مخ الحيوان الذى له قرون وليس له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل شبيها بالثرب. فاما فى الحيوان الذى له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل فالمخ الذى يكون فيه شبيه بالشحم. ومثل هذا المخ يكون مخ الفقار لانه ينبغى ان يكون متصلا ويجوز بجميع الفقار ويتجزأ فى خرز الفقار ولو كان مخ الفقار شبيها بالثرب لم يكن متصلا على مثل هذه الحال بل كان متفتتا او رطبا. ومن الحيوان حيوان ليس له مخ كثير اعنى الحيوان الذى عظامه قوية صفيقة مثل عظام الاسد فان عظام الاسد قوية صفيقة وليس فيها مخ الا قليل جدا ولذلك يظن انه ليس فى عظام الاسد مخ البتة. وباضطرار يكون فى الحيوان طباع العظام او العضو الذى يلائم العظام مثل الشوكة التى فى الحيوان المائى وباضطرار يكون المخ فى العظام وفى تلك الشوكة لحال احتباس الغذاء الذى منه تكون العظام. وقد قلنا فيما سلف ان الدم غذاء جميع الاعضاء ومن اجل ذلك بحق يكون المخ شحميا وثربيا لانه ينضج من حرارة العظام المحدقة به ونضوج الدم الذى يكون من ذاته يصير شحما وثربا. وبحق نقول انه لا يكون مخ فى العظم القوى الصفيق وربما كان فيه مخ يسير لان الغذاء يفنى فى العظام. فاما فى الحيوان الذى ليس له عظام بل شوك يوجد مخ الفقار فقط لان الحيوان الذى له شوك مكان العظام قليل الدم من قبل الطباع وانما فيه شوكة الفقار مشتركة فقط وليس للمخ مكان غير الفقار وهو يحتاح الى الرباط لحال القوة والثبات. ومن اجل ذلك اقول ان المخ الذى يكون فى الفقار متغير اللون كما وصفنا اولا وهو لزج عصبى لانه فى الفقار بدل مسمار نافذ لكى يكون له امداد وقوة. فقد قلنا العلة التى من اجلها يكون المخ فى عظام الحيوان الذى له مخ وبينا ماذا المخ وانه فضلة غذاء الدم الذى منه تغذى عظام وشوك الحيوان ولذلك هو محتبس فى داخل العظام وانما هذا الغذاء من الدم الجيد الطبخ. [7] ويتلو قولنا ذكر الدماع لان كثيرا من الناس يظن ان الدماغ ابتداء مخ الفقار لانهم يعاينون المخ متصلا بالدماع والحق على خلاف ظنهم لان طباع الدماغ غير طباع المخ بقدر قول القائل من اجل ان الدماع بارد جدا اكثر من جميع الاعضاء الذى فى اجساد الحيوان واما طباع المخ فهو حار والدسم والشحم الذى فيه دليل على قولنا. ومن اجل ذلك صار مخ الفقار متصلا بالدماع لان الطباع ابدا يحتال ويصير قوة معينة دافعة لافراط مزاج كل عضو بضده المخالف الذى هو قريب منه لكى يبكون آخر مساوى لافراط الآخر. فهو بين ان المخ حار من حجج كثيرة ومن برد الدماع والدليل على ذلك من قبل ان مس الدماغ بارد جدا وهو عادم دم اكثر من جميع الرطوبات التى فى الجسد لانه لا يظهر فيه شىء من الدم وهو مع ذلك جاف. فليس الدماع فضلة من الفضول ولا هو من الاعضاء المتصلة بل طباعه طباع سرمدى وبحق صار طباع الدماع على مثل هذه الحال وليس للدماغ اتصال لشىء من الاعضاء الحاسة وذلك ظاهر للمعاينة. وايضا لا يكون للدماع حس البتة من المس كما لا يحس الدم ولا فضلة الحيوان وانما هو فى اجساد الحيوان لحال سلامة جميع الطباع. ومن الناس من يزعم ان النفس نار او قوة اخرى مثل هذه وقولهم فى ذلك خطأ. وخليق ان نقول ان امثل ان نقول ان النفس مقومة فى جسد مثل هذا وعلة ذلك من قبل ان الحرارة التى فى الاجسام تخدم اعمال النفس لان الغذاء والحركة من اعمال النفس وانما تكون هذه الاعمال بقوة الحرارة. وهذا القول اعنى قول الذين يزعمون ان النفس نار شبيه بقول القائل ان المنشار او المنقب هو النجار او مهنة النجار لان العمل يتم بقرب هذه بعضها من بعض. فباضطرار يبين من هذه الحجج ان للحيوان شركة من الحرارة ولان جميع الاشياء تحتاج الى ضدية الغذاء لكى تعتدل وتكون حالها الاوسط ولا يكون فيها شىء من الافراط صارت خلقة الدماغ باردة وضديتها الحرارة التى فى القلب ولذلك لا يمكن ان يكون عضو من هذه الاعضاء مفردا بمزاج ذاته بغير ضدية غيره. فمن اجل هذه العلة احتال الطباع ووضع الدماغ فى موضعه قبالة مكان القلب والحرارة التى فيه ولهذه العلة صار هذا العضو فى الحيوان طباعه مشترك من ماء وارض ولذلك لكل حيوان دمى دماغ وليس دماع لشىء من سائر الحيوان الآخر ان لم يكن له عضو آخر ملائم للدماغ مثل الحيوان الكثير الارجل وما يشبهه. فاصناف هذا الحيوان حارة لحال عدم الدماغ فالدماغ يصير الحرارة والغليان الذى فى القلب جيد المزاج ولكى يصيب هذا العضو ايضا حرارة معتدلة من العرقين اعنى العرق العظيم والعرق الذى يسمى باليونانية اورطى ومنتهى هذه العروق فى الصفاق المحدق بالدماغ. ولكى لا يصيب الدماع ضرر من الحرارة صارت العروق التى تحدق به صفيقة رقاقا بدل العروق القليلة العظيمة وبدل الدم الكدر الغليظ صار الدم الذى يحدق به نقيا لطيفا. ومن اجل هذه العلة ينزل انواع النازلة من الدماغ الى الجسد اذا كان ما يلى الدماغ ابرد من المزاج المعتدل لان بخار الغذاء يرتفع الى فوق ومذهبه بالعروق. فاذا بردت فضلة الدماغ لحال قوة هذا المكان تكون نازلة بلغم ومائية دم. واذا قسنا الصغير الى الكبير يكون هذا العرض مثل كينونة الامطار من البخار فان بخار الارض يصعد الى المكان الاعلى بالحرارة فاذا صار فى الهواء المحدق بالارض اعنى الهواء البارد يكون له ايضا تقويم ويتغير ويصير ماء لحال البرودة ثم يسيل الى المكان الاسفل اعنى الارض. ولكن ينبغي لنا ان نذكر هذه الاشياء ونقول فيها ما يلزمنا 'فى ذكر اوائل الامراض بقدر ما نستطيع ان نقول وندرك الفلسفة الطباعية. والنوم ايضا يكون فى الحيوان الذى له هذا العضو اعنى الدماغ وانما يكون الدماغ فى الحيوان الدمى. فاما فى الحيوان الذى ليس بدمى فانه يكون عضو آخر ملائم للدماغ لانه يبرد جدا الغذاء الذى يصير اليه من مسيل الدم. وخليق ان يكون ذلك لعلل أخر شبيهة بهذه ويثقل المكان ولذلك يكون رأس النائم ثقيلا والحرارة تهرب الى اسفل مع الدم ولان الحرارة تجمع كثيرة فى المكان الاسفل يكون النوم. ولا يقوى الحيوان القائم الجثة على قدام جثته ولا سيما ما كان من الحيوان ثقيل الجثة وتثقل رؤوس الحيوان ذوات الاربعة الارجل عند وقت النوم. وقد قلنا فى النوم قولا لطيفا فى الاقاويل التى وضعنا فى الحس والنوم وميزنا ذلك تمييزا بليغا. والدماغ مشترل من ارض وماء وذلك بين من الارض الذى يعرض له فانه اذا طبخ يكون يابسا جاسيا ويبقى منه الجزء الارضى اذا يبس وفنى الجزء المائى الذى فيه الحرارة مثل ما يطبخ من سائر اصناف الحبوب والثمرات لان الجزء الارضى فيها كثير والجزء الرطب الذى يخالطه يفنى ويذهب ويبقى بقيتها ارضية جاسية جدا. وللانسان بقدر جثته دماغ كبير اكبر من ادمغة سائر الحيوان اذا قيس اليها ودماغ الرجال اكبر من دماغ النساء. والمكان الذى يلى القلب والرئة حار جدا وهو كثير الدم ومن اجل هذه العلة صار الانسان قائم الجثة من بين سائر الحيوان لان طباعه الحرارة يقوى ويصير النشوء من الاوسط الى المذهب الذى هو فهو. فالرطوبة والبرودة الكثيرة تضاد تلك الحرارة ولكثرة تلك البرودة والرطوبة لا يصلب العظم الذى يلى الدماغ الا بطيئا وبعد زمان كثير وهو العظم الذى يسمى يأفوخ لان بخار الحرارة يخرج من ذلك الموضع زمانا كثيرا. وليس يعرض هذا العرض لشىء آخر من الحيوان الدمى. وفيما يلى قحف عظم الرأس خياطات كثيرة وتلك الخياطات هى فى رؤوس الاناث اكثر لهذه العلة التى هى فهى لكى يكون المكان سهل التنفس وخاصة اذا كان الدماغ اكبر لانه اذا ييبس او يرطب اكثر مما ينبغى لا يعمل عمله بل يبرد الجسد او يذيبه. ومن ذلك تعرض امراض وذهاب عقل وموت لان الحرارة التى فى القلب والعضو الاول متوجع للآخر جدا وحسه سريع جدا اذا تغير او لقى شىء من الدم المحيط بالدماغ. فقد قلنا وبينا حال الرطوبات التى يولد مع الحيوان ولم نخف من حالاتها ولا عللها شيئا بقدر قول القائل. فاما الفضول التى تتولد فى اجساد الحيوان اخيرا فهى من فضول الغذاء مثل الفضلة التى تكون فى البطون وفضلة الرطوبة التى تكون فى المثانة وغير هذه الفضول من المنى واللبن فى طباع الحيوان الذى له لبن. فكل واحد مما ذكرنا يكون من فضلة الغذاء ما خلا المنى واللبن. وذكر حال فضول الغذاء وطبخ الغذاء اوفق ان يقال فى الاقاويل الموضوعة فى ولادها وكينونتها ولاى علة يكون. [19] فاما حيننا هذا فانا نريد النظر فى سائر الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا. واول نظرنا فى حال اللحم الذى فى الحيوان الذى له لحم وفى سائر الحيوان العضو الملائم للحم. فانه اول وهو بذاته جسد للحيوان وذلك بين من الكلمة اعنى الجسد فانا نجد الحيوان ونقول ان الحيوان الذى له حس فاولا الحس الاول وهو حس المس وآلة حس المس هذا العضو اعنى اللحم والعضو الذى يلائمه فى سائر الحيوان. فهذا العضو آلة حس المس وهو اول هذا الحس كما نقول ان حدقة العين اول حسر البصر لان صفاء وحدة البصر فيها. وباضطرار ان يكون حس المس فى الجسد وهو من الآلة جسدانى اكثر من سائر آلة الحواس. ومن الحس سيتبين لنا ان جميع سائر الاعضاء خلقت لحال هذا الحس اقول مثل العظام والعروق والعصب والجلد وايضا الشعر وجنس الاظفار وان كان شىء آخر مثل هذا فطباع العظام خلق لحال سلامة الجسد اللين لان طباعه جاس. فلهذا خلقت العظام فى اجساد الحيوان الذى له عظام فاما فى الحيوان الذى ليس له عظام فالعضو الذى يلائم العظام مثل الشوكة التى تكون فى السمك والغضروف الذى يكون فى بعض الحيوان بدل الشوكة. فهذه المعونة تكون فى بعض الحيوان فى داخل اجسادها وتكون فى بعض الحيوان الذى ليس بدمى خارجا من اجسادها مثل كل واحد من الحيوان اللين الخزف اعنى السراطين وجنس الحيوان الذى يسمى باليونانية قارابو وجنس الحيوان الخزفى الجلد كمثل اعنى اصناف الحيوان الذى يسمى حلزون لان الجزء المخلوق من لحم فى جميع هذا الحيوان من داخل والجزء الخزفى الذى يحفظه ويحيط به من خارج. وذلك لانه ليس فى طباع هذا الحيوان الا حرارة يسيرة لانه ليس له دم فالخزف يحيط بالجسد الذى هو داخل منه ويحفظ تلك الحرارة من الاعراض التى تعرض لها من خارج. والسلحفاة ايضا فيما يظن حارة الطباع وجنس الحيوان الذى يسمى باليونانية اميدون وجنس هذا الحيوان هو غير جنس السلحفاة. فاما الحيوان المحزز الجسد والحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا فطباعه وتقويم جسده على خلاف جسد الحيوان الذى وصفنا لانه ليس فى جسد هذا الحيوان عظم ولا شىء من الجزء الارضى مفترق بذاته ولا شىء يعنى به وانما يسمى ملاقيا جميع الحيوان اللين الجسد والمخلوق من لحم فقط. ولكى لا يكون جسد هذا الحيوان سريع البلى والفساد مثل ما جسده من لحم فقط صيرت الطبيعة خلقته فيما بين اللحم والعصب فهو لين مثل لحم وله امتداد مثل العصب وليس ينشق لحمه شقوقا مستوية بل ينشق بشقوق مستديرة واذا كانت هذه حاله كان اكثر [نافع] لقوته. وفيه عضو ملائم لشوك السمك وذلك العضو يسمى سبيون فى الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية سيبيا واما فى الحيوان الذى يسمى طوتيس فانه يكون العضو الذى يسمى بسيف. فاما جنس الحيوان الكثير الارجل فليس فيه عضو مثل هذا البتة لان جثته العضو الذى يسمى رأسا صغير جدا وسائر الاعضاء مستطيلة. وانما فعل الطباع ذلك لحال استقامة جثتها ولئلا ينثنى كما فعل فى خلقة الحيوان الدمى حيث صير فى بعضه عظم وفى بعضه شوكة. فاما خلقة الحيوان المحزز الجسد فعلى خلاف خلقة هذا الحيوان والحيوان الدمى كما قلنا لانه ليس فى جسده شىء مفرد على حدته بل له جساوة واذا قيست الى العظم كانت لحمية واذا قيست الى اللحم كانت ارضية اكثر منه وذلك لكى لا يكون جسد هذا الحيوان سريع القطع والتجزئ. [9] وطباع العظام شبيه بطباع العروق لان كل واحد منها متصل خارج من اول واحد فليس هو عظم ولا هو شىء واحد مفرد بذاته البتة بل هو متصل بعضه ببعض مثل شىء مربوط لكى يستعمله الطباع مثل واحد ومتصل ومثل اثنين ومفترقين لحال الكفء والانثناء. وليس فى هذا الحيوان عرق مفرد بذاته بل جميع العروق اجزاء عرق واحد. فليس فى جسد هذا الحيوان شىء مفترق ليكون العمل مشتركا ولو لم يكن على مثل هذه الحال لم يكن يعمل العمل الذى يعمل الطباع بالعظم ولم يكن يمكن ان يكون علة الانثناء ولا علة الاستقامة لو انه لم يكن متصلا بل كان فيما بين جسده خلل. وايضا كانت الضرورة تسرع الى جسده لو كان فيه شىء مثل شوكة او سهم. فان ذلك اذا كان بين اللحم اضر به وايضا لو كان عرق مفترق ليس بمتصل باوله وابتدائه لم يكن يسلم فيه دم لان الحرارة كانت تمنعه من الجمود والتقويم. ويظهر لنا ايضا ان كل دم مفترق يعفن وينبغى لنا ان نعلم ان ابتداء العروق القلب وابتداء العظام العضو الذى يسمى فقارا وذلك فى الحيوان الذى فى جسده عظام. فطباع سائر العظام متصل خارج من ذلك العضو لان الفقار يحفظ استقامة وطول اجساد الحيوان. ومن اجل انه يعرض باضطرار ان ينثنى جسد الحيوان اذا يحرك صار الفقار متصلا وصار كثير من الاجزاء بالخرز الذى فيه. وسائر العظام متصلة بالفقار فى الحيوان الذى له يدان ورجلان وفى اطراف عظام اليدين والرجلين مواضع موافقة لدخول بعضها فى بعض ولذلك اطراف بعضها عميقة واطراف بعضها ناتئة مستديرة. فدخول بعضها فى بعض لحال التبسط والانقباض وهى مربوطة بعصب فالناتئ المستدير يدخل فى العميق وربما كان الطرفان عميقين وفى الوسط شبيه بكعب ليكون الانبساط والانقباض يسيرا. ولم يكن يمكن ان يكون ذلك بنوع آخر البتة ولو كان بنوع آخر لم تكن الحركة سهلة على مثل هذه الحال. ومن العظام ما اول احدهما شبيه بغاية الآخر وهما مربوطان بعصب وبين انقباضهما اجزاء خلقتهما من غضروف شبيه بشىء مصفوف لكى لا تسحق العظام بعضها ببعض. وحول العظام لحم يمسك برباطات رقيقة شبيهة بالشعر عصبية ولحال اللحم صارت خلقة العخظام كما قلنا فيما سلف. وكمثل ما يفعل الذين يجبلون حيوانا من طين او تقويم هيولى اخرى رطبة يقيمون تحت ذلك الجبل جسد من الاجساد الصلبة ثم يركبون عليه الطين او غيره من الهيولى كذلك خلقت الطبيعة الحيوان من اللحم والعظام موضوعة تحت الاجزاء اللحمية. اما فى الاعضاء المتحركة فلحال الانقباض واما فى الاعضاء التى لا تتحرك فلحال الحفظ مثل الاضلاع المحيطة بالصدر فانها خلقت لحال سلامة اعضاء الجوف المحيطة بالقلب. فاما العظام التى تلى البطن فهى قصيرة لكى لا يمنع انتفاخ البطن وتورمه الذى يكون من غذاء الحيوان باضطرار ولما يعرض للاناث من حمل الجنين وتربيته ونشوءه. فعظام الحيوان الذى يلد حيوانا مثله داخلا وخارجا على حال واحدة بالصلابة والقوة. وعظام هذا الحيوان اكبر جدا من عظام الحيوان الذى لا يلد حيوانا بقدر قياس عظم الجثث وفى اماكن وبلدان كثيرة يكون حيوان عظيم الجثة اعنى الحيوان الذى يلد حيوانا مثله مثل ما يكون بارض لوبية وبالاماكن الحارة اليابسة. واذا كان حيوانا عظيم الجثة احتاج الى سند عظيم يسنده وينبغى ان يكون ذلك السند اقوى واجسى لحمل الثقل ولا سيما اذا كان الحيوان قويا يعيش من صيده بقهر وشدة. وعظام الذكورة اصلب واقوى من عظام الاناث ولا سيما اذا كان الحيوان من السباع التى تأكل اللحم مثل عظام الاسد فان طباع عظامه جاسية جدا ولحال كثرة جساوته ان دلك بعض عظامه ببعض حركت منه نار كما تخرج من الحجارة اذا ضرب بعضها ببعض. وفى جسد الدلفين عظام وليس فيه شوك لانه يلد حيوانا. فاما فى الحيوان الذى له دم ولا يلد حيوانا فالطباع يغير الخلقة رويدا رويدا كما يفعل فى الطائر فان عظام الطائر اضعف من غيرها. فاما فى السمك الدى يبيض بيضا فان الطباع خلق الشوكة. وعظام الحيات شبيهة بطباع الشوكة التى تكون فى السمك ان لم تكن حيات عظيمة جدا فانها اذا كانت عظيمة الجثث احتاجت الى سند قوى مثل السند الذى يكون فى الحيوان الذى يلد حيوانا. وبحق يكون دلك السند اقوى واصلب. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية صلاخى فطباعها مخلوق من شول وغضروف لانه باضطرار ان تكون حركتها ارطب ولذلك لا ينبغى ان يكون السند قحلا بل لينا. فاما الجزء الارضى الذى فى هذا الحيوان فقد افنته الطبيعة فى الجلد وليس يستطيع الطباع ان يحفظ الفضلة والزيادة فى اماكن كثيرة على حال واحدة. [و] فى الحيوان الذى يلد حيوانا عظام كثيرة شبيهة بخلقة الفضروف فى الاماكن التى لا تعرض ان يكون الجزء الصلب لينا مخاطيا لحال اللحم الذى يحيط به كما تعرض للاذنين والانف اعنى لاجزائها الناتئة. فاما طباع العظم والغضروف فواحد هو فهو وبينهما خلاف بالاكثر والاقل. واذا قطع غضروف او عظم لا ينشؤ فالغضروف الذى فى الحيوان المشاء يكون بغير مخ لانه لا يمكن ان يكون المخ مفترقا فانه اذا افترق صير تقويم الغضروف لينا مخاطيا اذا خالطه. فاما فى الحيوان الذى يسمى باليونانية صلاخى فطباع الفقار من غضروف وفى داخله مخ فعضو الفقار فى هذا الحيوان على مثل هذا الحال. فاما بحس المس فمس العظام مثل مس الاعضاء التى تشبهها اعنى الاظفار والحوافر والاظلاف والقرون ومناقير الطير. وانما خلقة جميع هذه الاصناف فى اجساد الحيوان للتقوية والمنفعة والمعونة وكلما كان مركبا منها فهو يشارك الكل بالاسم اعنى ان الحافر يشارك كلية الحافر بالاسم والقرن يشارك كليته بالاسم. وانما احتال الطباع بهذه الاشياء لحال سلامة كل واحد من الحيوان ومن هذا الجنس طباع الاسنان ايضا فالاسنان فى الحيوان لحال قطع وطحن واستعمال الطعام وفى بعض الحيوان لحال هذه العلة ولحال القوة مثل الاسنان المؤشرة التى تكون فى افواه السباع والانياب كمثل. فجميع هذه الاصناف يكون فى اجساد الحيوان باضطرار وطباعها ارضى صلب لانها خلقت لتكون قوتها مثل قوة السلاح. ولذلك جميع هذه الاشياء وامثالها اجدر ان يكون فى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا لان تقويم جميع هذا الحيوان ارضى اكثر من غيره ما خلا جنس الانسان. ولكن سنذكر حال هذه وما يتلوها مثل الجلد والمثانة والصفاق والشعر والريش وكلما يلائمها من الاعضاء اخيرا مع ذكر الاعضاء التى لا تشبه اجزاؤها بعضها بعضا ولاى علة كل واحد منها فى اجساد الحيوان. وانما تعلم حالاتها من افعالها واعمالها كما علمنا تلك الاجزاء واجزاء هذه الاعضاء ايضا تشارك كليتها بالاسم وجميع هذه الاشياء اوائل اعنى العظم واللحم وغير ذلك. فاما حال طباع المنى واللبن فقد تركنا ذكرها مع ذكر الاشياء الرطبة والتى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا لان ذكرها موافق للاقاويل الموضوعة على الولاد ومنها ما هو اول ومنها ما هو غذاء للتى تكون. [10] فاما حيننا هذا فانا نريد ان نبتدئ بقولنا ونذكر الاوائل من اجل ان لكل الحيوان التام عضوين تحتاج اليهما باضطرار اعنى العضو الذى به يقبل الغذاء والعضو الذى منه تخرج الفضلة لانه لا يمكن ان يكون ولا ينشؤ الحيوان بغير غذاء. فاما الشجر فانه مما يعيش بزعم بعض الناس وليس له مكان للفضلة التى لا يحتاج اليها لانه يقبل الغذاء من الارض مطبوخا مفروغا منه وبدل هذا العضو يخرج الزرع والثمرات. وفى جميع الحيوان عضو آخر ثالت وهو العضو الذى فيه ابتداء الحياة وهذا العضو بين العضوين اللذين ذكرنا آنفا انه واسط بينهما. فطباع الشجر قليل الآلة التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا لانه ثابت واذا كانت الافعال قليلة كانت حاجة الآلة ايضا قليلة ولذلك ينبغى ان ننظر فى حال الشجر نظرا مفردا بذاته. فاما الحيوان الذى له حس موافق للحياة فمنظره مختلف كثير الصور ولا سيما اذا قيس بعضه الى بعض ولا سيما الحيوان الذى له شرل ليس من الحياة فقط بل من جودة المعاش ايضا وجنس الانسان مثل هذا وليس لجنس آخر من اجناس الحيوان شركة فى جودة المعاش ما خلا الانسان فقط وانما اعنى الحيوان المعروف لنا. فمن اجل هذه العلة ومن اجل ان الاعضاء التى هى خارجة من جسد الانسان معروفة لنا ومناظرها ليست بمجهولة ينبغى لنا ان يكون ابتداء قولنا من تصنيفها اولا. فان اعضاء الانسان الطباعية على قدر الطباع فى الانسان ولا سيما العضو الاعلى فان له ملآءمة الى الكل الاعلى. وليس فى اجناس الحيوان جنس مستقيم قائم الجثة غير الانسان وباضطرار عرض له ان يكون رأسه بغير لحم لحال العلل التى ذكرنا فى صفة الدماع وليس هو كما يزعم بعض الناس انه لو كان لرأس الانسان لحم لكان اطول عمرا وانما خلق رأس الانسان بغير لحم لكى يكون اجود وابلغ واسرع حسا. فهذا قول بعض الناس فى العلة التى من اجلها صار الرأس بغير لحم والقولان كذب. لكن لو كان المكان المحيط بالرأس كثير اللحم لكان عمل الدماغ على خلاف العمل الطباعى الذى خلق له لانه لم يكن يقوى على ان يبرد اذ كان هو دفىء مسخن جدا ولم يكن يمكن ان تكون فيه الحواس بل كان يكون الدماغ مثل واحد من الفضول. فلانهم لا يجدون العلة الخفية يشككون فى قولهم ولا يعلمون لماذا صارت بعض الحواس فى الرأس. فاما نحن فانا نقول ان ابتداء حس الحيوان فى القلب وقد بينا وميزنا ذلك اولا فى الاقاويل التى وضعنا فى الحس وقلنا ان الحسين متصلان بالقلب اعنى حس الاشياء التى تحس بالمس وحسر مذاقة الرطوبات وذلك بين من قبل المعاينة. فاما الثلاثة الحواس الباقية فهى فى الرأس وحس المشمة فى الوسط وحس البصر فوق حس المشمة وفى جوانب الرأس حس السمع فهذه الثلاثة الحواس فى الرأس لحال طباع آلة الحر. وحس البصر فى جميع الحيوان فوق حس السمع وتحت حس البصر حس المشمة ايضا ولا سيما فى اصناف السمك لانه يسمع ويشم وليس فى رأسه آلة بينة لهذه الاشياء المحسوسة. وبحق صار حس البصر حول الدماغ فى جميع الحيوان الذى له بصر لان طباع حس البصر رطب بارد لانه ماء والماء من الرطوبات الصافية جدا وصفاوته باقية ثابتة. وايضا باضطرار يكون الطف الحواس للاعضاء التى دمها انقى واصفى ولذلك تكون الحواس الطف وابلغ لان حركة حرارة الدم تقمع وتمنع فعال الحس. فمن اجل هذه العلة صارت آلة هذه الحواس فى الرأس وليس مقدم الرأس عادم اللحم فقط بل مؤخره ايضا لانه ينبغى ان يكون هذا العضو فى جميع الحيوان الذى له رأس مستقيما جدا وليس يمكن ان يكون عضو من الاعضاء قائما مستقيما اذا كان عليه حمل وثقل. ولو كان الرأس لحيما لكان على مثل هذه الحال ومن هذه الحجج يستبين انه ليس فى الرأس لحم لحال حس الدماع. فاما مؤخر الرأس فليس فيه لحم ولا فيه دماغ وفى مؤخر الرأس آلة السمع وذلك بحق ولا سيما فى بعض الحيوان تكون آلة السمع فيما يلى الرأس لان الذى يسمى خلاء مملوء هواء ونقول ان آلة حس السمع من هواء فسبل البصر تنتهى الى العروق التى حول الدماغ وايضا يخرج سبيل من الاذنين ويلتئم بمؤخر الرأس. وليس شىء له حس بغير دم ولا دم آلة الحس بل الذى منه. ومن اجل هذه العلة لا يكون فى الحيوان الدمى شىء له حسر عادم الدم ولا الدم بعينه لانه لا يكون عضو له حس بغير دم. وجميع الحيوان الذى له دماغ يوجد دماغه فى مقدم الرأس لان آلة الحس الذى به يحس فى المقدم وينبغى ان يكون هذا الحس من القلب والقلب فى مقدم الجسد ايضا والحس يكون فى الاعضاء الدمية وجميع مؤخر الرأس خال من العروق. ونعم ما رتبت آلة الحواس بمثل هذا الفن من قبل الطباع ووضعت حس السمع فى وسط استدارة الرأس لان آلة السمع تسمع ليس بنوع مستفيم فقط بل من كل ناحية. فاما حس البصر فهو فى مقدم الرأس لانه ينبغى للحيوان ان يتقدم ويبصر ما بين يديه وحس البصر لطيف جدا. فاما حسر المشمة فهو فيما بين العينين وذلك بحق لان كل واحد من آلة الحواس مضعف لان الجسد مضعف اعنى ان منه ما هو فى الناحية اليسرى ومنه ما هو فى الناحية اليمنى وذلك بين فى حس المس. وعلة ذلك من قبل ان اللحم ليس هو آلة الحس الاولى ولا العضو الذى هو ملائم للحم بل هو داخل من اللحم. فاما اللسان فهو دون ولكن هو اكثر مما يكون فى حس المس لان حس اللسان شبيه ببعض حس المس والحس بعينه وهو بين فى هذا الحس ايضا لان اللسان يظهر مشقوقا فاما فى سائر آلة الحواس فالحس ابين انه فى ناحيتين. ولذلك صار حس البصر فى العين اليمنى والعين اليسرى قوة المشمة فى ناحيتين وهو موضوع مفترق بنوع أخر مثل حس السمع ولو لم يكن على مثل هذه الحال لم يعمل العمل الذى يعمل ولا الآلة التى هو فيها. وانما حس المشمة بالتنفس فى الحيوان الذى له منخر وهذا العضو فى الاوسط وفى مقدم الرأس. ولذلك وضع الطباع المنخر فى وسط الثلاثة الآلة من آلة الحواس كانه ميزان واحد موضوع لحال حركة التنفس. [11] ونعم ما وضعت آلة هذه الحواس فى سائر الحيوان بقدر خصوصية طباع كل واحد منها وان اذنى الحيوان الذى له اربعة ارجل فى الناحية العليا من الرأس وتظهر على مثل هذه الحال لان هذا الحيوان ليس بمستقيم ولا قائم الجثة بل هو مطأطىء الرأس الى الارض . وحركة اذنى هذا الحيوان كثيرة لحال ارتفاع مواضعها ولانها اذا تحركت ومالت من ناحية الى نواحى أخر قبلت اصناف الدوى قبولا اكثر. [12] فاما الطير فله سبيل سمع فقط وذلك لحال جساوة الجلد ولانه ليس للطائر شعر بل ريش فله هيولى مثل هذا ومنها جعلت اذنيه وللحيوان المفلس الجلد الذى يبيض بيضا سبل سمع ايضا. فان هذا القول ملائم لعلته ايضا. وللحيوان البحرى الذى يسمى فوقى سبل مثل هذه ايضا وليس لشئ من الحيوان الذى يبيض بيضا اذنان بل له سبيل سمع لانه ذو اربعة ارجل تمام. [13] لآلة حس بصر الناس والطائر والحيوان الذى يبيض بيضا والحيوان الذى له اربعة ارجل ويببيض بيضا سترة وحفظ لحس البصر. اما للحيوان الذى يلد حيوانا فله اشفار بها يغلق العين وللطائر الثقيل الطيران العظيم الجثة كمثل. وايضا الحيوان الذى له اربعة ارجل يغلق بالشفر الاعلى والطائر يغلق عينيه بصفاق لاصق باطراف الاشفار. ولان طباع العين مخلوق من رطوبة احتاج الى هذه السترة وهذا الحفظ وعلة ذلك لكى يكون بصر العين حادا جدا. ولهذه العلة صارت خلقة العين من قبل الطباع على مثل هذه الحال ولو لا سترة العين التى فى الحيوان الجاسى الجلد لكانت ضرورتها من الاشياء التى تقع فيها من خارج اكثر ولم تكن حادة البصر. ولحدة البصر صار الجلد الذى على حدقة العين رقيقا جدا. ولحال سلامة العين خلقت الاشفار ولذلك تغلق عينيه كل حيوان وخاصة الانسان فجميع الحيوان يغلق عينيه لكى يدفع ما لا يوافقها من خارج فهو يدفعه بغلق عينيه. وذلك ليس من قبل الارادة بل من قبل الطباع الذى فعله. والانسان يغلق عينيه مرارا شتى لانه رقيق الجلد اكثر من جميع الحيوان. وعلى الشفر جلد محدق به ولذلك لا يلتئم الشفر ولا طرف الكرة لانه جلد بغير لحم. فاما الطائر الذى يغلق عينيه انما يخلقها بالشفر الاسفل والحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا يغلق عينيه بالشفر السفلى لحال جساوة الجلد المحيط بالرأس. فلهذه العلة يغلق عينيها على مثل هذه الحال وما لم يكن من اصناف الطائر طيارا لثقل جثته فهو بقى بنشوء ريشه فى غلظ الجلد لان ميله الى الجلد. [14] فمن اجل هذه العلة يغلق عينيها بالشفر السفلى والحمام يشبه هذا الصنف والحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا مفلس الجلد وجلدها اجسى من جلد الحيوان الذى له شعر وما يلى رؤوسها جاس جدا. ولدلك ليس له شفر من الناحية العليا بل لها شفر له لحم من الناحية السفلى ولذلك فى شفره جساوة وامتداد موافق لخلق العين. والطائر الثقيل الجثة يغلق عينيه كما وصفنا اعنى بصفاق موافق لذلك لان حركة الشفر بطيئة. وينبغى ان يكون غلق العين عاجلا وانما يغلق الطائر عينيه بالشفر الذى هو قريب من المنخر لانه امثل الى ان يكون طباعها اعنى الاشفار من اول واحد وانما اولها من الناحية التى تلتئم بالانف والذى بعدها ابتداء الجانب. فاما الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا فليس يغلق عينيه على مثل هذه الحال لانه لا يحتاج باضطرار ان تكون آلة حس البصر فيه رطبة لطيفة لانه ارضى اعنى ان مأواه فى الارض. فاما الطائر فباضطرار يحتاج الى حدة البصر لانه يبصر من بعد ومن موضع عال ولذلك يكون الحيوان المعقف المخاليب حاد البصر جدا لانه ينظر الى صيده وغذ ائه من موضع بعيد عال ومن اجل هذه العلة يرتفع هذا الطائر فى الهواء خاصة اكثر من غيره. فاما الطائر الذى مأواه فى الارض وليس هو طيارا مثل الديوك والدجاح وما يشبهها فليس يحتاح الى حدة البصر لانه ليس شىء يضطرها الى دلك لحال معاشها. فاما السمك والحيوان المحزز الجسد والحيوان الجاسى الجلد فعيناه مختلفة لان لبعضها عينين وليس لشىء منها اشفار وما كان منها جاسى الجلد ليس له اشفار البتة. وينبغى ان يكون عمل الشفر سريعا وتكون خلقته من جلد وبدل هذه السترة والحفظ خلقت عيناها جاسية. ولحال جساوة عينيها يبصر بصرا ضعيفا ولذلك خلق الطباع عينى الحيوان المحزز الجسد متحركة ولا سيما عينى الحيوان الجاسى الجلد مثل بعض الحيوان الدى له اربعة ارجل لكى يكون بصره احد اذا انقلب الى الضوء وقبله من الهواء. فاما السمك فهو رطب العين من قبل انه باضطرار يكون الحاجة الى البصر كثيرة للحيوان الكثير الحركة والهواء للحيوان شىء صاف. فاما للسمك فالماء <***> وليس للحيوان الذى يأوى فى الماء مانع يمنعه من البصر كما للحيوان الذى يأوى فى الهواء فان الذى يمنع ويحجر بينه وبين البصر غير شىء واحد. ومن اجل هذه العلة ليس لعين السمك اشفار من اجل ان الطباع لا يضع شيئا باطلا. ولحال غلظ الماء صارت عينا السمك رطبة ولجميع الحيوان الذى له شعر اشفار تستر عينيه. فاما الطائر والحيوان المفلس الجلد فليس له اشفار تستر عينيه لانه ليس له شعر. وسنذكر اخيرا حال النعامة وعلة اشفار عينيها. فان لعينى هذا الحيوان اشفار ومن الحيوان الذى له شفر ليس يكون فى اشفار عينيه شعر الا فى الشفر الاعلى ما خلا الانسان. فان لعينى الانسان شعر فى الشفرين جميعا لانها خلقت لحال السترة والحفظ. والطباع ابدا يهيىء المعونة والمنفعة للحيوان الذى هو اكرم من غيره. وعلة الذى هو امثل وانفع تكون ابدا من الاشياء الممكنة. ومن اجل هذه العلة ليس لشىء من الحيوان الذى له اربعة ارجل شعر فى الشفر السفلى بل تحت هذا الشفر نبتت شعر لبعض الحيوان وليس نبتت الشعر فى ابطى هذا الحيوان ولا فى مواضع العانة كما نبتت فى الاماكن من الانسان بدل هذا الشعر يكون كل ظهر الحيوان الذى له اربعة ارجل ازب كثير الشعر مثل جنس الكلاب. ومن هذا الحيوان ما له عرف مثل الخيل وما يشبهه من الحيوان ومنه ما له ناصية مثل الاسد الذكر وايضا الطباع زين بالشعر ما كان من اذناب الحيوان طويلا مثل اذناب الخيل وصغر شعر الاذناب القصيرة قليلا وقدر ذلك بقدر طباع كل جسد. فاما الحيوان الذى جسده ازب كثير الشعر فذنبه قصير قليل الشعر من قبل العرض الذى يعرض لذئبة وليس فى الحيوان شىء كثير شعر الرأس ما خلا الانسان. وذلك باضطرار لحال رطوبة الدماغ ولحال الخياطات التى فى قحف الرأس. وحيث تكون رطوبة وحرارة كثيرة باضطرار يكون هناك نبات شعر كثير لحال المعونة ولكى يستر الشعر ويحفظ الدماغ من افراط الحر والبرد. ولان دماخ الانسان كبير احتاج الى حفظ كثير من اجل ان الرطب جدا يبرد ويغلى خاصة. فاما الدى يكون على خلاف هذه الحال فليس يلقى هذه الآفات التى تعرض من خارج الا بعسرة وفى الفرط. وانما ذكرنا حيننا هذا علة شعر الرأس لقربه من شعر الاشفار ومناسبته وسنذكر سائر الاعضاء فى المواضع التى تنبغى ونؤدى عللها. [15] فاما الحاجبان وشعر اشفار العين فانما خلقت لحال المعونة ودفع المكروه اما الحاجبان فلكى تمنع الرطوبات التى تنزل من الرأس الى الجبهة. فاما اشفار العين فلكى تمنع ما يقع على العين من خارج مثل شباح معمول بمنع الدخول الى بعض الزرع والثمرات والحاجبان على تركيب عظام ولذلك يكثر شعرهما عند الكبر وربما كثر جدا حتى يحتاج الى الحلق. فاما شعر اشفار العين فهو نابت على غاية وتمام العروق وحيث تمام الجلد هناك تمام طول العروق ايضا. فباضطرار خلق شعر اشفار العينين لحال الندى الجسدانى الذى يصير هناك لكى لا يمنع عملا من عمل الطباع موافق لحاجة اخرى. فمن اجل هذه العلة صار نبات الشعر فى هذه الاماكن باضطرار. [16] وآلة حس المشمة فى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا موضوع فى المكان الذى ينبغى من بل الطباع وهذه الآلة تكون فى العضو الذى يسمى خطما فى الحيوان الذى له لحيان مستطيلان منتهاهما الى الضيق وهو الموضع الذى يمكن ان يكون هذه الآلة. فاما فى سائر الحيوان فهى مفصلة قريبه من اللحيين. فاما الفيل من بين سائر الحيوان فله فى هذا الجزء خصوصية ليس هى لسائر الحيوان لان فى آلة مشمته قوة شديدة وعظم فاضل لان منخر الفيل هو العضو الذى به يقرب الطعام الى فيه ويستعمله كما يستعمل اليد وبه يؤدى الى فيه الطعام اليابس والرطب وهو يلف منخره اعنى خرطومه على الشجر ويجذب فيقلعه فهو يستعمل ذلك الخرطوم مثل استعمال اليد فى جميع ما يحتاح اليه. وطباع هذا الحيوان موافق لمأوى فى البر وفى قرب المياه فلانه عرض له ان تكون كثرة غذائه من الرطب باضطرار احتاج الى التنفس لانه حيوان مشاء دمى وليس بسريع الانتقال من اليبس الى المكان الرطب كما ينتقل بعض الحيوان الدمى الذى يلد حيوانا. فمن اجل هذه العلة احتاج الى تنفس كثير بقدر عظم جثته. وباضطرار احتاج الى استعمال الاسطقس الرطب كما يستعمل الارض وكما يحتال للفواصين ويهيأ لهم آلة موافقة للتنفس فى الماء حينا كثيرا ويصل اليهم الهواء بتلك الآلة وبوسط الرطب كذلك فعل الطباع واحتال وهيأ مثل عظم خراطيم الفيلة ولذلك ترفع خراطيمها الى فوق الماء وتجذب بها الهواء انا احتاجت الى السباحة فى الماء. ومن اجل هذه العلة صار منخر الفيل خرطوما موافقا للحاجة التى ذكرنا. ومن اجل انه لم يكن استطاع ان يكون الخرطوم مثل هذا ولا يكون لينا ولا ينثنى بقدر ما لا يكون طوله مانعا وحابسا للطعام الذى يأخذه من خارج صارت خلقته لينة قوية على الانثناء. وكذلك يزعمون عن قرون البقر الذى يرعى من خلف. فلما صير الطباع خلقة خرطوم الفيل على مثل هذه الحال صار يستعمله فى اشياء كثيرة مثل ما يستعمل الحيوان مقدم رجليه. ولهذه الحال صار بعض الحيوان الذى له اربعة ارجل كثير الاصابع لانه يستعمل مقاديم رجليه مكان اليدين والفيلة من الحيوان الكثيرة الاصابع وليس رجلاها مشقوقة باثنين ولا لها حوافر. ومن اجل ان عظم جثتها كثير وثقل اجسادها [و]لذلك هيأت الطبيعة رجليها قوية جدا لتكون سندا لحمل ذلك الثقل فقط. ولحال الثقل وعسر انثناء رجليها لا يستعملها فى شىء آخر اكثر من حمل الثقل. فلحال التنفس للفيلة منخر اعنى الخرطوم كما لكل واحد من الحيوان الذى له رئة. ولحال مأواه فى الماء وابطائه فى خروجه وتنقله من الماء صيرت الطبيعة الخرطوم طويلا قويا على ان يلتف وينثنى . ولان الطباع اعدمه حاجة استعمال الرجلين صار يستعمل الخرطوم مكان ذلك الاستعمال كما قلنا فيما سلف فهو يستعمل هذا العضو كما يستعمل الحيوان مفدم رجليه. فاما الطيور والحيات وسائر الحيوان الدمى الذى يبيض بيضا وله اربعة ارجل فله سبل مناخير قريبة من الفم لحال الحاجة الى التنفس. وليس تلك السبل بينة مفصلة ولذلك يمكن ان يقول قائل انه ليس لشىء منها منخر وانما يعرض لها هذا العرض من قبل انه ليس لمناقيرها لحيان. وعلة ذلك طباع الطائر المقوم على مثل هذه الحال لان الطائر مشاء مجنح فباضطرار صار ثقل العنق وثقل الرأس قليلا وصارت خلقة الصدر ضيقة. ولحال الحاجة الى الغذاء والقوة صارت مناقير الطير من طباع شبيه بالعظم وصارت ضيقة لحال صغر الرأس. وانما سبل المشمة فى المناقير ولم يكن يمكن ان تكون لها مناخير. فاما سائر الحيوان الذى يتنفس فقد بينا حاله فيما سلف وقلنا ان العلة التى من اجلها ليس له مناخير بل بعضه يتنفس بالنغانغ وبعضه بانبوب. فاما الحيوان المحزز الجسد فهو بتنفس بشقاق الحجاب ويحس باصناف الرائحة وكلها يتنفس بروح الجسد الطباعى كما يتحرك وذلك فى جميعها من قبل الطباع والهواء داخل عليها من خارج. فاما خلقة الشفتين فتحت المنخر فى الحيوان الدمى الذى له اسنان. فاما الطائر فله مكان الاسنان والفم المنقار والمنقار لحال الغذاء كا قلنا فيما سلف ولحال القوة. ولذلك صار المنقار صلبا مجتمعا كان الاسنان والشفتين كقول القائل انه لو رفع احدى شفتى الانسان وصير الناحية العليا من الاسنان ملتئمة على حدتها والناحية السفلى من الاسنان على حدتها ثم صير الناحيتين مستطيلة دقيقة تنتهى الى شىء ضيق لكان من هذه الخلقة منقار مثل مناقير الطيور. ففى سائر الحيوان خلق طباع الشفتين لحال سلامة الاسنان وحفظها. ولذلك صار هذا العضو مفصلا وخلقته موافقة لما يحتاج اليه. فاما شفتا الانسان فلينة لحيمة قوية على الفتح والافتراق لحال حفظ الاسنان وسلامتها كما وصفنا عن حال شفتى سائر الحيوان ولكى تكون موافقة لحال خروج الكلام . وكما لم يصنع الطباع خلقة اللسان شبيهة بخلقة السن سائر الحيوان بل هيأه موافقا لاستعمال امرين كا قلنا كذلك هيأ خلقة الشفتين والاسنان. فخلقة اللسان لحال مذاقة الرطوبات ولحال الكلام. واما خلقة الشفتين فلهذه العلل ولحفظ الاسنان لان اكلمة التى تخرج بالصوت مركبة من حروف الكتاب. ولو لم تكن خلقة اللسان على مثل هذه الحال ولا خلقة الشفتين رطبة لم يكن يمكن ان ينغم اللسان كثيرا من حروف الكتاب. فان منها ما يقال بقرع اللسان ومنها ما يقال بانضمام الشفتين. وينبغى ان نسل اصحاب وزن الشعر عن كمية وكيفية فصولها واخنلافها. فباضطرار صارت خلقة هذا العضو ايضا موافقة لحاجة الامرين التى ذكرنا لكى تكون اعمال حال الطباع على احسن واجود ما يمكن. ومن اجل هذه العلة صار لحم الانسان لينا جدا لان الانسان جيد الحس اكثر من جميع الحيوان اعنى الحس الذى يكون بالمس. [17] ولسان الحيوان موضوع فى الفم تحت الحنك وهو بقدر قول القائل فى جميع الحيوان المشاء على حال واحدة. فاما فى سائر الحيوان فهو على انواع مختلفة اذا قيس هو الى ذاته واذا قيس الى الحيوان المشاء. فلسان الانسان مرسل لين جدا عريض لكى يستعمل فى العملين اللذين وصفنا اعنى فى حس مذاقة الرطوبات لان الانسان جيد الحس جدا اكثر من سائر الحيوان وكل جسد لين موافق لجودة حس المس وانما تكون المذاقة بصنف من اصناف حس المس. وخلقة اللسان موافقة لتفصيل [ال]حروف [و] الكتاب واللسان اللين العريض موافق لجودة الكلم لانه ينقبض وينبسط ويصير فى كل ناحية من الفم بانواع شتى فاذا كان اللسان عريضا مرسلا قوى على جودة الكلام وحسه. وذلك بين من الذين ليس لسانهم مرسلا فان منهم من يكون الثغ ومنهم من يكون فى لسانه آفة اخرى مثل اللجلجة وغير ذلك. وانما يعرض هذا العرض لبعض نغمة الحروف اذا كان اللسان ضيقا ولم يكن عريضا لان الصغير يكون فى الكبير فاما الكبير ولا يكون فى الصغير. ومن اجل هذه العلة الطائر العريض اللسان ينغم ببعض حروف الكتاب اكثر من الطائر الضيق اللسان. فاما الحيوان الدمى الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا فليس لصوته تفصيل الا تفصيل يسير جدا لان لسانه جاس ليس بمرسل وان كان له عرض. فاما ما كان من الطائر صغيرا فهو كثير التصويت ويستعمل اللسان بتصويت يعرف بعضه معانى بعض وجميع الطائر يعلم ذلك وآخر يعرف الاصوات اكثر من آخر. ومن اجل هذه العلة يظن ان بعضها يتعلم الاصوات من بعض وقد قلنا فى ذلك ما يصلح فى صفة مناظر الحيوان واعمالها. فاما ألسن الحيوان الدمى المشاء الذى يبيض بيضا فليس تصلح لشىء من التصويت لان ألسن اكثرها جاسية مربوطة بل تصلح المذاقة الرطوبات. وألسن الحيات واصناف السام ابرص طوال لها شعبتان وألسن الحيات طوال جدا ولذلك ربما مدتها مدا كثيرا واخرجتها من افواهها وظهرت طوالا بعد ان كانت تظهر قصارا ولألسنتها شعبتان دقيقتا الاطراف مثل شعر لحال رغبة طباعها. ولذة الرطوبات فيها مضعفة لان حس المذاقة فيها مضعف وفى الحيوان الذى ليس بدمى العضو الذى يحس بالرطوبات وهو فى جميع الحيوان الذى له دم ايضا. وهذا العضو فى جميع الحيوان الذى يظهر لبعض الناس انه <***> له مثل السمك فان فى السمك ما له شىء آخر لزج يذوق به الرطوبات بنوع من الانواع مثل التماسيح النهرية. وليس يظهر هذا العضو فى بعضها لعلة واجبة اعنى لان مكان الفم شوكى اعنى فم جميع الحيوان الذى على مثل هذه الحال ولان حس الرطوبات بكون فى الحيوان المائى حينا يسيرا كما يكون فى الاستعمال يسيرا. فمن اجل هذه العلة صار تفصيل هذا العضو فى الحيوان الذى وصفنا يسيرا ويعبر الطعم الى البطن سريعا جدا لانه لا يمكن ان يلبث الطعم فى الفم حينا بقدر ما يمص ويستخرج رطوبته من اجل ان الماء يقع فيما بين ذلك. فان لم يمل احد الفم الى ناحية من النواحى لا يظهر هذا العضو ولا سيما لان مكان الفم شوكى وانما تركيبه من التئام النغانغ وطبع النغانغ شوكى. فاما التماسيح فانه مما يوافق قصر وصغر ألسنتها عدم حركة الفك الاسفل لان فكها الاسفل لا يتحرك البتة واللسان ملتئم بذلك الفك. فالتماسيح تحرك الفك الاعلى خلاف حركة سائر الحيوان فان الفك الاعلى فى سائر الحيوان لا يتحرك. فليس يلزم لسان التماسيح ناحية الفك الاعلى لان مدخل غذائه على خلاف مدخل غذاء غيره. وايضا من العرض الذى يعرض لهذا الحيوان انه مشاء ومعاشه وتدبير حياته مثل تدبير ومعاش السمك. فلهذه العلة ايضا صار هذا العضو اعنى لسان التمساح غير مفصل. فاما الحنك فهو لحم فى كثير من الحيوان البحرى وفى السمك النهري. وربما كان لحما لينا جدا مثل حنك السمك الذى يسمى باليونانية قوبرنى. ولذلك يظن كثير ممن يعاينه ان الحنك لسان مفصل. فاما السمك فله لسان ولكن ليس هو مفصل لحال العلة التى ذكرنا وله العضو الذى يشبه اللسان لحال استعماله حس الطعام ولكن ليس هو على كل حال شبيه بخلقة اللسان على حال بل بالطرف خاصة لحال العلة التى وصفنا ولان هذا مفرد للسمك فقط. ولجميع الحيوان شهوة الطعام لان لها حس اللذة التى تكون من الطعام وانما الشهوة شهوة اللذيذ ولكن ليس هذا العضو فى جميع الحيوان شبيها اعنى الذى به يحس بالطعام بل هذا العضو فى بعض الحيوان مرسل وفى بعضه لاصق بالفك الاسفل ولا سيما فى الحيوان الذى لا يحتاج الى استعمال الصوت. وهذا العضو يكون فى بعض الحيوان جاسيا وفى بعضه لينا لحيما. ومن اجل هذه العلة يكون عضو مثل هذا الحيوان اللين الخزف مثل هذا الذى يسمى باليونانية قارابو وما يشبه هذا الصنف. وفى فم الحيوان الذى يسمى مالاقيا مثل سيبيا والحيوان الكثير الارجل. فاما بعض الحيوان المحزز الجسد ففى داخل فيه عضو مثل هذا مثل جنس النمل وفى كثير من الحيوان الخزفى الجلد. ومن هذا الحيوان ما له هذا العضو خارج مثل حمة وهو فى طباعه رخو مجوف وبه يذوق ويحس ويجتر الطعم. وذلك بين من الذباب والنحل وجميع ما يشبه هذا الصنف. وايضا هذا العضو يكون فى بعض الحيوان الخزفى الجلد ولهذا العضو قوة فى الحيوان الذى يسمى باليونانية برفيرى بقدر ما يثقب خزف بعض أصناف الحلزون مثل الصنف الذى يسمى اسطرنبس. وايضا البق وذباب الدواب يثقب بهذا العضو جلود الناس وجلود سائر الحيوان فهذه حال طباع اللسان فى مثل هذا الحيوان وهو يستعمل هذا العضو كما يستعمل الفيلة الخراطيم. فان مناخير الفيلة خلقت لتعينها واللسان خلق فى هذا الحيوان ليعمل العمل الذى يشبه عمل الخراطيم ولذلك خلق مثل حمة. فاما لسان جميع سائر الحيوان فهو كما ذكرنا ووصفنا. تمت المقالة الثانية عشر من كتاب الحيوان. لارسطوطاليس
Bogga 57
المقالة الثالثة عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس الحكيم
Bogga 58
[1] والذى يتلو قولنا الذى سلف ذكر طباع اسنان الحيوان الذى يحدق به الفم فان الفم محدق بالاسنان ومفوم منها وطباع الاسنان مشترك للحيوان اعنى لاستعمال الطعام وهو فى بعض اجناس الحيوان للقوة ايضا ولان يفعل بالاسنان ولان لا يلقى أعنى يدفع به الاذى. فطباع الاسنان فى بعض اجناس الحيوان ليفعل ولكى لا يلقى مثل الحيوان الذى طباعه برى وهو يأكل اللحم وفى بعض الحيوان لحال المعونة والاستعمال كما يكون فى كثير من الحيوان الوحشى والانيس. فاما اسنان الانسان فخلقتها موافقة للاستعمال المشترك اعنى ان مقاديم اسنان الانسان [حادة] لحال قطع الطعام والاضراس عريضة لكى تطحن وتملس الطعام. وفيما ين مقاديم الاسنان والاضراس تفرق النابان بحد ما بينهما وطباع النابين واسط فيما بين المقاديم والاضراس لان فيه قوة مشتركة من كليهما اعنى انها بنوع حادة وبنوع عريضة. وهذه حال الاسنان فى جميع الحيوان الذى ليس كل اسنانها حادة. فكيفية وكمية اسنان الانسان موافقة لبعض الكلام والتصويت ولا سيما مقاديم الاسنان موافقة للتصويت بالهجاء ايضا. فاما بعض الحيوان فله اسنان لحال الطعم فقط كما قلنا فيما سلف ومن الحيوان ما له اسنان لحال المعونة والقوة ومنه ما له نابان ناتئان مثل ذكورة الخنازير ومنه ما له اسنان حادة بعضها يدخل فى بعض ولذلك يقال مؤشر الاسنان لان قوته فى اسنانه وذلك يكون لحال حدتها. وما كان من الاسنان موافقا للقوة يكون مداخلا اعنى يقع بعضه فى داخل بعض وذلك لكيما لا تفسد حدتها من سحق بعضها ببعض. وليس فى الحيوان شىء له اسنان حادة مداخلة ونابان ناتئان معا لان الطباع لا يصنع شيئا اطلا ولا فضلا وانما احد هذين النوعين لحال القوة والنو ع الآخر لحال القتال ودفع المكروه. ولذلك ليس لاناث الخنازير نابان ناتئان وانما تعض بحدة اسنانها. وبقول عام ينبغى لنا ان نعلم شيئا موافقا لما نذكر حيننا هذا ولما نهم باستئناف ذكره اعنى ان الطباع انما يصير الاعضاء الموافقة للمعونة والقوة فى الحيوان المحتمل لذلك اعنى مثل الحمة والمخلب الذى يكون فى ساق الطير والقرون والانياب الناتئة وكل عضو مثل هذه الاعضاء التى ذكرنا. ولان ذكورة الحيوان اقوى واشد غضبا وربما كانت هذه الآلة فى الذكورة فقط وربما كانت فى الذكورة اقوى منها فى الاناث. فالاعضاء التى تحتاج اليها باضطرار تكون فى الاناث ايضا ولكن دون ما تكون فى الذكورة فاما الاعضاء التى لا تحتاج اليها فى نوع من الانواع باضطرار فليس تكون فى الاناث. ولهذه العلة لذكورة الايلة قرون وليس لاناثها قرون وبين قرون ذكورة البقر واناثها اختلاف وفى قرون الغنم كمثل فهذه وجميع الآلة التى تشبهها تحتاج اليها لحال العون والقوة. فاما اسنان جميع السمك فحادة يدخل بعضها فى بعض ما خلا جنسا واحدا من السمك يسمى باليونانية سقاروس. وفى كثير من ألسن وحنك السمك اسنان وعلة ذلك ان السمك باضطرار يقبل الماء مع الطعم لمأواه فى الرطوبة ولانه يحتاج الى ان يصير ذلك الطعم فى بطنه عاجلا وليس يمكن ان يلبث الطعم فى افواه السمل ويطحن حينا طويلا لانه ان لبث الطعم فى افواهها سال الماء فدخل فى البطون وملأها. ومن اجل هذه العلة صارت اسنان جميع [اصناف] السمك حادة لتقطع الطعام عاجلا. وصار نبات الاسنان فى اماكن شتى لكى بكثرة الاسنان يكثر قطع الطعم اجزاء صفارا ويكون ذلك بدل الطحن . واسنان السمك معقفة لان قوتها فيها. وانما طباع الفم فى الحيوان لحال هذه الاعمال ولحال التنفس فى اجناس الحيوان الذى يتنفس ويبرد جوفه من الهواء الذى يدخل عليه من خارج. فان الطباع كما قلنا فيما سلف يستعمل كثيرا من الاعضاء فى الاعمال المشتركة العامة مثل ما يستعمل الفم. فان جميع الحيوان انما يأكل بالفم. فاما القوة فهو شىء خاص لبعض الحيوان ولبعض اجناسها. [ف] اما التنفس فليس بمشترك لجميع الحيوان بنوع واحد. فاما الطباع فانه يجمع جملة الحاجة فى عضو واحد وصير خلقة ذلك العضو مختلفة بقدر اختلاف الاعمال ولذلك صار بعض الحيوان صغير الفم وبعضه كبير الفم. فكل فم يحتاج اليه لحال طعم وتنفس وكلام فهو صغير وكل فم يحتاج اليه لحال معونة وقوة فهو مشقق كبير لان قوة ذلك الحيوان فى العض. ومن اجل ذلك صار فتح الفم كبيرا فى جميع الحيوان الحادة الاسنان الذى يأكل اللحم واذا كان فتح الفم كبيرا قوى على ان يكون عضه اشد واقوى. ومن اجل هذه العلة صارت افواه السباع اكبر فتحا من غيرها. وافواه السمك كبيرة الفتح ولا سيما السمك الذى يعض ويأكل اللحم. ففتح الفم موافق لمثل هذا الحيوان فاما صغر الفم وضيقه فعلى خلاف ذلك. واما الطائر فله المنقار وذلك المنقار للطير بدل الشفتين والاسنان. وفى مناقير الطير اختلاف بقدر صنف الحاجة والمعونة. ومن اجل ذلك صارت مناقير بعض الطير معقفة لانها تأكل اللحم ولا تغذى بشىء من اصناف الحبوب فاذا كان المنقار معقفا قوى على ضبط وامساك ما يمسل ولا سيما اذا اراد ان يضبط شيئا ضبطا شديدا. فقوة الطائر الذى يأكل اللحم فى منقاره ومخاليبه ولذلك صار المنقار جاسيا موافقا لتدبير الحياة مثل منقار الطائر النقار الشجر فان منقار هذا الطائر قوى جاس جدا ومنقار الغربان واصناف الطائر الذى يشبه ويلائم الغربان كمثل. فاما مناقير اجناس الطائر الصغير فهى دقيقة موافقة لجمع الحبوب واخذ ما صغر من الحيوان اعنى كل طائر يعيش من البق وما يشبهه والطائر الذى يأكل الدود. [فاما الطائر الذى يأكل اصول العشب] والطائر الذى فيما بين رجليه جلدة ومأواه فى الماء فمناقير اصناف هذه الطيور موافقة لما ذكرنا. ومن الطير اجناس تكون عريضة المناقير لان عرض المناقير موافق للحفر مثل العرض الذى يعرض للخنازير بين سائر الحيوان الذى له اربعة ارجل اعنى ان الخنزير عريض الخرطوم لانه يحفر الارض ويأكل الاصول. وكذلك مناقير الطير الذى يأكل الاصول وحياته شبيهة بحياة الخنزير اعنى ان منقاره عريض وهو موافق للحفر وأكل اصول العشب. فقد ذكرنا جميع اعضاء الرأس ووصفنا حالها وعلة خلقتها. فاما جزء الجسد الذى بين قحف الرأس والعنق فهو يسمى فى الانسان وجها وانما سمى وجها لانه ليس فى اصناف الحيوان شىء قائم الجثة ما خلا الانسان فقط. [2] ونحن نريد ان نأخذ فى ذكر علة القرون فان القرون تكون من قبل الطباع فى الحيوان الذى له رأس وليس يمكن ان يكون رأس بين الا فى الحيوان الذى يلد حيوانا ولغير هذا الحيوان رأس يسمى رأسا باستعارة الاسم وربما كان له ايضا قرون تقال قرونا باستعارة الاسم. وانما خلقت القرون لحال المعونة والقوة ومن الحيوان ما له قرون ضعيفة ليست بموافقة لمعونة ولا لقوة ولا لقتال ولا لقهر. فان هذه الاعمال انما هى اعمال القوة. وكل حيوان مشقوق الرجلين بشقوق كثيرة لا تكون له قرون وعلة ذلك لان القرون انما هى علة للمعونة والقوة [و] للحيوان الذى فى رجليه شقوق كثيرة [و] اصناف أخر من اصناف القوة. وقد وهب الطباع لبعض الحيوان مخاليب ولبعضها اسنانا خلقتها موافقة للقتال ودفع المكروه عنها ولكثير من الحيوان الذى له ظلفان قرون ولبعض الحيوان الذى له حوافر ايضا. وانما نبات القرون لحال القوة فاما الحيوان الذى لم يهب له الطباع صنفا من اصناف المعونة مثل السرعة التى وهبت للخيل او عظم جثة مثل عظم الجمال. فان عظم الجثة مما يمنع الضرورة التى تعرض من سائر الحيوان مثل عظم جثث الجمال وعظم جثث الفيلة فله اصناف أخر من اصناف المعونة. فاما الحيوان الذى له نابان ناتئان مثل جنس الخنازير فله ظلفان. فاما الحيوان الذى لم يمكن ان تكون له منفعة من طباع القرون فقد وهب له الطباع صنفا آخر من اصناف المعونة مثل ما وهب السرعة للايلة فان عظم جثتها وكثرة شعوب قرونها اقرب الى مضرتها اكثر من منفعتها وكذلك قرون الجواميس وقرون الغزلان ايضا. فان هذا الحيوان ربما قاتل بقرونه لما يضعف عنه ولا يقوى على قتاله ويهرب من السباع والخبيث القتال. فاما البقر البرى فلان قرونه معقفة بعضها مائل الى بعض وهب له الطباع صنف معونة اخرى اعنى له ذرق روثه والقاءه فى مكان بعيد فان هذا الحيوان اذا اتقى رمى بروثه الى موضع بعيد لكى يشتغل به من يطالبه فاذا فعل ذلك سلم. ولم يهب الطباع اصنافا كثيرة من اصناف المعونة للحيوان الواحد الذى هو فهو. ولكثير من الحيوان الذى له قرون اظلاف وربما كان حيوان له حوافر مثل الحيوان الذى يسمى حمارا هنديا. فاجساد الحيوان مجزأة بقدر حركاتها اعنى الحركة اليمنى والحركة اليسرى ولهذه العلة يكون لبعض الحيوان قرنان أعنى قرنا ايمن وقرنا ايسر ومن الحيوان حيوان له قرن واحد مثل الحمار الهندى والحيوان الذى يسمى باليونانية ارقس فاما الذى يسمى ارقس فله اظلاف فاما الحمار الهندى فله حوافر. واذا كان للحيوان قرن واحد فهو نابت فى وسط الرأس لان وسط الرأس فيما بين الاطراف والجوانب فهو حد مشترك. فبحق صار لهذا الحيوان قرن واحد وله حوافر وطباع الحوافر والاظلاف واحد بعضه فريب من بعض وكذلك يكون التشقيق فى الاظلاف والقرون فى الحيوان الذى هو فهو. وانما يكون التشقيق من نقص الطباع فبحق لا تكون قرون للحيوان الذى له حوافر لان الطباع صير القوة فى الحوافر واعدم الرأس من القرون فبحق صارت [حوافر] للحيوان الذى له [حوافر] قرن واحد. وبحق صار نبات القرون فى الرأس وليس هو كما قال ايسوبوس حيث لام الثور لان ليس له قرون على منكبيه ويزعم انه لو كانت قرونه على منكبيه لكان نطحه بتلك القرون قويا جدا اكثر من النطح الذى ينطح به من رأسه. فهو يلوم الثور لان قرونه صارت فى رأسه والرأس اضعف الاعضاء بزعمه وقد اخطأ وجهل فى قوله لانه لو كان نبات القرون فى عضو آخر سوى الرأس لكان عليه ثقل وكان مانعا للاعمال ولم يكن ينتفع به فى وجه من الوجوه. وليس ينبغى ان نتفقد المكان الذى منه يكون النطح اشد فقط بل ينبغى ان نتفقد ايضا المكان الذى منه يكون النطح امكن وابعد [ايضا] . ومن اجل هذه العلة لا تكون القرون على اليدين ولا يمكن ان تكون على الرجلين ايضا ولو كانت على الافواه لمنعت الطعم. فباضطرار صار نبات القرون فى الرأس. فان نباتها هناك مما لا يمنع من سائر الاعمال والحركات. وينبغى ان نعلم ان القرون صلبة صامتة فى الايلة فقط ومن اجل هذه العلة تلقى الايلة قرونها فقط. فهى تلقى قرونها لحال المنفعة وتلقيها باضطرار لحال طرح الثقل. فاما قرون سائر الحيوان فما قرب من اصل نباتها فهو مجوف والباقى منها صلب صامت لان ذلك اوفق واجود للنطح. ولكى لا يكون الجزء المجوف ضعيفا لنباته من الجلد صنف الطباع نباته من العظم وبهذا النوع تكون القرون اقوى واقل مضرة لسائر تدبير معاشها. فقد بينا لماذا صار طباع القرون فى الحيوان وادينا علته ولماذا لبعض الحيوان قرون وليس لبعض. وانما فعل الطباع ذلك لحال الاضطرار اعنى لان الجسد الارضى الجسدانى كثير فى الحيوان العظيم الجثث وليس يعلم حيوان صغير جدا له قرون ما خلا الغزال. وانما ينبغى ان نعرف عمل الطباع اذا كان غالبا مستوليا على كثرة وذلك اذا كان فى الكل او فى الاكثر. وجزء العظام التى فى اجساد الحيوان ارضى ولذلك يكون هذا الجزء كثيرا فى الحيوان العظيم الجثة وقولى معروف لمن تفقد ونظر فى الكثير. وانما يعمل الطباع ابدا بالذى هو اجود وامثل وخير من غيره. فباضطرار يميل هيولى الجزء الارضى فى بعض الحيوان الى الناحية العليا اعنى فى الاسنان والانياب الناتئة وفى بعضه فى قرون. ومن اجل هذه العلة لا يمكن ان تكون اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل للحيوان الذى له قرون فليس لمثل هذا الحيوان مقاديم الاسنان فى الناحية العليا فما نقص الطباع من هذه الاسنان زاد على القرون والغذاء الذى كان يؤدى الى مقاديم الاسنان التى فى الفك الاعلى يفنى فى تربية ونشوء القرون. فاما العلة التى من اجلها ليس لاناث الايلة قرون واسنانها مثل اسنان الذكورة [ف] من قبل ان طباع الاناث والذكورة واحد وان من طباعها ان تكون لها قرون ولكن الطباع اعدم أناث الايلة القرون لانها ليست بنافعة لها ولا للذكورة ولكن ضرورتها اقل لحال القوة. [فاما] سائر الحيوان الذى لا ينفد الجزء الارضى فى هذا العضو اعنى القرون فالطياع صير عظم جميع الاسنان كثيرا فى بعض الحيوان وصير لبعض انيابا ناتئة من الخدين مثل نبات القرون من الرأس. [3] فقد ميزنا وحددنا وادينا علل الاعضاء التى فى الرأس بمثل هذه الحال. فاما تحت الرأس فالعضو الذى يسمى عنقا وذلك فى الحيوان الذى له عنق. وانما اقول ذلك لانه لا يكون هذا العضو اعنى العنق فى جميع الحيوان. والعضو الذى يسمى حنجرة والذى يسمى مريئا اعنى الذى منه يدخل الطعام يكون فى العنق. فخلقة الحنجرة لحال التنفس لانه يكون مدخل ومخرج الهواء بالتنفس وانما اقول ذلك لان فى الحيوان ما ليس له رئة ولا عنق مثل جنس السمك. فاما المرىء فهو العضو الذى منه يدخل الطعام فى البطن وهو بين ان كل حيوان ليس له عنق لا تكون له رئة وليس يحتاج الى عضو المرىء باضطرار لحال مدخل الطعام. ويمكن ان يكون وضع البطن بعد وضع الرأس فى الجسد ولا يمكن ان يكون وضع الرئة بعد الرأس لانه ينبغى ان يكون عضو مشترك مثل انبوبة وانقسم الهواء من ذلك العضو فى تجويف الرئة والوريدات التى تنتهى اليها لان الرئة تجزأ بجزئين. وبهذا النوع يكون عمل الرئة تاما كاملا اعنى دخول الهواء فيها وخروجه منها . ومن اجل ان لآلة التنفس طولا باضطرار عرض ان يكون المرئ فيما بين الرأس والبطن باضطرار. وطباع المرىء لحمى وله امتداد مثل امتداد العصب لكى يمتد ويتسع عند مدخل الطعام وخلقته لحمية لكى يكون لينا وبحيث لا يصيبه من الطعام الذى يدخل فيه شىء وتكون من ذلك ضرور. فاما الحلقوم والوريد الخشن فتقويمها من جسد غضروفى لان خلقتها ليست لحال التنفس فقط بل لحال الصوت ايضا. وينبغى للصوت ان يكون صلبا املس والعرق الخشن موضوع بين يدى المرئ وان كان يمنعه من قبول الطعام لانه ان وقع شىء رطب او يابس من الطعام فى الوريد الخشن يكون داعية الى اوجاع وخنق وضرورة كثيرة. فاما قول الذين يزعمون ان العرق الخشن مجرى الماء والرطوبة فهو مما ينبغى ان يزدرى به لانه لا يمكن ان يقبل به الحيوان الرطوبة من اجل انه ليس فيه سبيل آخذ من الرئة الى البطن البتة. فاما السبيل الآخذ من الفم الى المرىء والبطن فهو بين لكل من عاينه. وايضا اذا عرض الغثيان والقىء يستبين من اى موضع تخرج الرطوبة. وهو بين ايضا ان الرطوبة لا تجتمع اولا فى المثانة بل فى البطن ثم تصير من البطن الى المثانة وفضول البطن تقبل اللون من ثفل الشراب الاسود. وهذا العرض يعرض ايضا من قبل القروح التى تكون فى البطن. ولكن خليق ان يلومنا احد لذكرنا قول اهل الجهل وقلة المعرفة. فاما العرق الخشن فلانه موضوع بين يدى المرىء يكون علة أذى وضرورة من الطعام ولذلك احتال الطباع وصير على فم العرق الخشن غطاء وهو العضو الذى على اصل اللسان. وليس هذا العضو فى جميع الحيوان الذى يلد حيوانا بل فى الحيوان الذى له رئة والذى ليس بمفلس الجلد ولا له اجنحة. فليس لمثل هذا الحيوان ذلك العضو بل ينفتح وينغلق فم العرق الخشن عند الحاجة الى التنفس كما ينغلق وينفتح عرق الحيوان الذى له العضو الذى فوق اصل اللسان. فهذا العرق ينفتح وينغلق عند حاجة التنفس لكى لا يقع شىء من الطعام فى ذلك العرق. فان غفل الحيوان وتنفس ساعة يطعم الطعام ووقع شىء منه فى العرق الخشن عرض له منه سعال وخنق [و]كما قلنا فيما سلف. [و] نعم ما احتال الطباع فى خلقة اللسان والعضو الذى فوق اصل اللسان وحركتها لكى يكون مضغ وطحن الطعام فى الفم وان بقى شىء منه عند الابتلاع يبقى فيما بين الاسنان ولا يخطىء مجراه ويصير الى فم العرق الخشن. وليس يكون هذا العضو اعنى الذى يكون فوق اصل اللسان فى الحيوان الذى وصفنا لحال يبس لحمه وجساوة جلده فانه لو كان له هذا العضو مع ما وصفنا من حاله لم يكن جيد الحركة لتقويمه من لحم يابس وجلد جاس ولذلك صار فم هذا العرق ينغلق وينفتح عند حاجة التنفس اسرع من حركة ذلك العضو المخلوق من اللحم والجلد الذى ذكرنا. فهذه حال العرق الخشن فى الحيوان الذى له شعر. فقد قلنا العلة التى من اجلها صار لبعض الحيوان هذا العضو ولم يصر لبعضه اعنى العضو الذى يكون على اصل اللسان. وقد اصاب الطباع حيث احتال بهذه الحيلة فدفع الضرورة عن العرق الخشن والعرق الخشن موضوع بين يدى المرىء باضطرار ولان القلب موضوع فى مقدم الصدر وفى الوسط ونقول ان ابتداء الحياة وكل حركة وكل حس فيه. وانما الحس والحركة فى مقدم جزء القلب وبهذا القول يميز الاوسط والمؤخر. فاما الرئة فهى موضوعة حيث القلب وفيما يلى القلب. وانما يكون التنفس بالرئة لحال الاول الذى فى القلب وانما يكون التنفس الذى يتنفس الحيوان بالرئة والعرق الخشن ويصير تنفس الهواء الى مقدم القلب اولا فباضطرار يتحرك الحنجرة والعرق الخشن فى اوان التنفس. فقد استبان أنه باضطرار صار موضع العرق الخشن فى مقدم المرئ لان ما يدخل فى العرق الخشن يصل الى الرئة والقلب واما ما يدخل فى المرىء فهو يصير الى البطن. وبقول كلى العضو الاكرم والاجود اذا لم يكن شىء آخر اعظم منه يمنعه يصير فى الناحية العليا لا يصير الى الناحية السفلى وهو احرى ان يصير فى المقدم ولا يصير فى المؤخر واحرى ان يصير فى الناحية اليمنى ولا يصير فى الناحية اليسرى. فقد قلنا ما صلح فى العنق والمرئ والعرق الخشن والذى يتلو قولنا ذكر اعضاء الجوف. [4] وهذه الاعضاء خاصة للحيوان الدمى وفى بعض الحيوان جميع اعضاء الجوف وهذه الاعضاء ليس جميعها فى بعض. ولا تكون اعضاء الجوف فى الحيوان الذى لا دم له وقد اخطأ ديموقريطوس فيما قال فى اعضاء الجوف حيث قال انها تكون فى الحيوان الذى لا دم له ولكن لا تظهر لحال صغره. وذلك بين من قبل ان فى الحيوان الدمى تظهر اعضاء الجوف فى اول خلقته وتقويمه وهو بعد صغير جدا فقلبه وكبده يظهر ظهورا بينا. وربما كان الحيوان ابن ثلاثة ايام وعظمه مثل نقطة فتظهر هذه الاعضاء فيه صارا جدا وتظهر ايضا صفارا فى سقط الجنين. وايضا كما قلنا انه ليس استعمال الاعضاء التى فى ظاهر اجساد الحيوان واحدا بل مختلف بقدر الحاجة الداعية اليه وكذلك استعمال الاعضاء التى فى الجوف مختلف بقدر اصناف تدبير المعاش. فاعضاء الجوف شىء خاص للحيوان الدمى وكل واحد منها مقوم من هيولى دمية وذلك بين فى الاطفال لان اعضاء الاطفال بقدر قياس جثتها كبيرة جدا دمية لان صنف الهيولى وكثرتها ظاهر جدا فى اول التقويم. فاما القلب ففى جميع الحيوان الدمى. وقد قلنا فيما سلف لاى علة يكون القلب فى كل حيوان دمى. ومن اجل انه باضطرار ينبغى ان يكون دم فى كل حيوان دمى ولان الدم رطب باضطرار يحتاج الى ان يكون له وعاء يجتمع فيه ولذلك احتال الطباع وصير خلقة العروق وباضطرار يكون للعروق اول واحد وحيث يمكن الاصل واحد فهو امثل واجود ان يكون واحدا ولا تكون الاوائل كثيرة. وانما القلب ابتداء واول العروق فانها تظهر خارجة من القلب وليس تظهر مارة به. وطباع خلقة القلب من عروق لانه من جنس العروق وموضع القلب مكان موافق لكينونته اول لانه موضوع فى الكان الاوسط بل هو موضوع فى المكان الاعلى وليس فى المكان الاسفل وفى المقدم وليس فى المؤخر لان الاكرم مرتب فى الاماكن الاكرم من قبل الطباع ان لم يكن شىء اعظم مانع له. وما قلت بين جدا فى الانسان خاصة وفى سائر الحيوان ايضا اعنى ان الطباع وضع القلب فى الموضع الاوسط من الجسد الذى يحتاج اليه باضطرار وتمام ذلك الجسد الموضع الذى منه تخرج الفضول. فاما سائر الاعضاء فهى فى الحيوان على حال مختلفة وليس هى من التى يحتاج اليها لحال الحياة باضطرار ولذلك يعيش الحيوان اذا قطعت تلك الاعضاء. فاما الذين يزعمون ان اول العروق فى الرأس فقد اخطؤوا وبئس ما ظنوا لانهم يصيروا اوائل كثيرة مفترقة وفى مكان بارد. وذلك بين من قبل ان البرد يسرع الى هذا العضو ويشتد عليه فاما مكان القلب فعلى خلاف ما ذكرنا. وكما قلنا فيما سلف ان العروق تمر بسائر اعضاء الجوف وليس تمر بالقلب. ومن هذه الحجة يستبين ان القلب جزء من اجزاء العروق. وذلك بحق لان جسد القلب فى الوسط وخلقته فى جسد صفيق مجوف من قبل الطباع وهو ايضا مملوء دما لان ابتداء العروق منه وانما هو مجوف لقبول الدم وهو صفيق لحفظ ابتداء الحركة. وليس يكون فى سائر الاعضاء دم بغير عروق الا فى القلب فقط فاما الدم الذى فى سائر الاعضاء فهو محتبس فى عروق. وذلك بحق من اجل ان الدم يخرج من القلب ويصير فى العرو وليس يأتى الدم الى القلب من مكان آخر لان القلب عين وابتداء الدم [و] العضو الذى يقبل الدم اولا. وذلك بين من شق الاجساد واصناف الولاد لان خلقة القلب تظهر اولا دمية وكينونتها قبل كينونة سائر الاعضاء. وايضا حركات الاشياء اللذيذة والكريهة وبقول عام حركة كل حس من هنا تبتدئ فى معرضها واليه تكون غايتها اعنى الى القلب. وكذلك ينبغى ان يكون الاول اعنى انه ينبغى ان يكون واحدا ويكون حيث الاوسط فان ذلك المكان اكثر ملامة له من غيره والاوسط واحد وقوته تنبسط فى جميع الاعضاء بنوع واحد او نوع مقارب. وايضا اذ قد علمنا انه ليس لشىء من الاعضاء الدمية حس ولا للدم حس ينبغى ان يكون الاول الذى فيه الدم مثل وعاء وباضطرار ان يكون الاصل والاول مثله. وليس يظهر ذلك بالكلمة فقط بل بالحس ايضا. فان القلب يظهر فى جسد الجنين عند اول خلقته ويظهر متحركا من بين سائر الاعضاء مثل حيوان وذلك لانه اول طباع الحيوان الدمى. والشاهد لنا على ما ذكرنا كينونة القلب فى جميع الحيوان الدمى لانه باضطرار يحتاج الى اول الدم. والكبد ايضا فى جميع الحيوان الدمى ولا يمكن ان يقول قائل ان الكبد اول الجسد كله ولا انه اول الدم لانه ليس بموضوع فى موضع ملائم للاول وله عضو آخر موضوع قبالته فى الحيوان اللطيف الخلقة اعنى الطحال. وايضا ليس للكبد مكان قبول للدم مثل ما للقلب بل الدم الذى فى الكبد محتبس فى العروق مثل الدم الذى فى سائر الاعضاء وايضا تمر بهذا العضو عروق ولا تمر بالقلب عروق من اجل ان اوائل جميع العروق من القلب. وايضا باضطرار ان يبكون احد هذين العضوين اولا فاذ قد علمنا ان الكبد ليس هو اول فباضطرار ان يكون القلب اول جميع الجسد واول الدم لانه محدود بالحس وللعضو الاول من اعضاء الحيوان الذى له حس دم مثل القلب لانه ابتداء الدم وهو دمى قبل سائر الاعضاء. وطرف القلب حاد وهو اصلب من سائر جسده وهو موضوع فى الصدر وبقول عام موضعه فى مقدم الجسد لكى لا يبرد عاجلا ولذلك صارت خلقة الصدر قليلة اللحم ومؤخر الجسد اكثر لحما من المقدم ومن اجل ذلك للحرارة بشرة كثيرة فى ناحية الظهر. والقلب فى سائر الحيوان موضوع فى وسط الصدر فاما فى الانسان فهو مائل الى الناحية اليسرى لكى يكون تبريد الناحية اليسر مساوى تبريد الناحية اليمنى لان الناحية اليسرى من جسد الانسان باردة خاصة اكثر من سائر الحيوان. وايضا القلب موضوع فى اجساد السمك بنوع واحد كما قلنا فيما سلف وقد بينا العلة التى من اجلها يظهر وضع القلب مختلفا. والناحية الحادة من القلب قبالة الرأس وفيه الحركة. وفى القلب ايضا كثرة العروق وذلك بحق لان الحركات منه وهو يجذب ويمد الى ذاته. فلحال هذا العمل يحتاج القلب الى قوة ايضا كما قلنا فيما سلف وهو من الطباع مثل حيوان فى الاجساد التى يكون فيها. وليس فى شئ من خلقة القلوب عظم بقدر ما عاينا ما خلا الخيل وجنس من اجناس البقر فان فى قلوب هذا الحيوان عظما لحال كبر الجثة فالعظم موضوع فى القلب من قبل الطباع مثل سند كما لكل الاجساد سند ايضا. وفى قلوب الحيوان العظيم الجثة ثلاثة بطون فاما فى قلب كل الحيوان الصغير الجثة فبطنان ولا بد من ان يكون فى قلب كل حيوان بطن كما قلنا فيما سلف لانه ينبغى ان يكون مكان وموضع قبول للدم الاول فى القلب. وقد قلنا مرارا شتى انه ينبغى ان يكون الدم اولا فى القلب. وينبغى ان نعلم ان اوائل العروق عرقين اعنى العرق الذى يسمى عظيما والعرق الذى يسمى باليونانية اورطى. وكل واحد من هذين العرقين اول وابتداء عروق مختلفة بفصولها. وسنذكر حالها فى آخره. ولهذه العلة ينبغى ان تكون اوائل العروق مختلفة لان طباع الدم مفترق على صنفين ولذلك صارت المواضع التى تقبل الدم فى الحيوان الذى يكن اثنين وهو ممكن فى الحيوان العظيم الجثة لان لقلوب هذا الحيوان عظم ايضا. وهو امثل واجود ان تكون البطون ثلاثة لكى يكون الاول الواحد مشتركا وهو الاوسط الفرد. وينبغى ان يكون لهذه البطون عظم ومن اجل هذه العلة يكون فى كبار القلوب ثلاثة بطون. وفى بطون القلوب التى تكون فى الناحية اليمنى دم كثير حار جدا ولذلك صارت الناحية اليمنى اكثر حرارة من الناحية اليسرى والدم الذى يكون فى البطن الايسر اقل وابرد. وما كان من البطون متوسطا فالدم الذى فيه معتدل الكثرة والحرارة وهو نقى جدا. ولذلك كان ينبغى ان يكون يهدأ العضو الذى فيه القوة الاولى خاصة اعنى من دم نقى معتدل الكثرة والحرارة. وفى القلوب تجزىء شبيه بالخياطة. وليس ذلك التجزئ بملتئم بعضه ببعض مثل التئام شىء مركب من كثرة بل كما قلنا شبيه بتفصيل المفاصل. وقلوب الحيوان الذى له حس اكثر شبيهة بتفصيل المفاصل وقلوب الحيوان الابله الكسل اقل تفصيل المفاصل مثل قلوب الخنازير. وفى القلوب اختلاف من قبل العظم والصغر واللين والجساوة. فان قلوب الحيوان الذى لا حس له جاسية صفيقة الجسد وقلوب الحيوان الذى له حس الين. وايضا الحيوان الذى له قلوب كبار جزوع والحيوان الذى له قلوب اوساط العظم اقدم واجرأ وانما الآفة التى تصيب هذا الحيوان من الفزع والجزع <***> لان حرارة القلب فيه قليلة وليس تلائمها القلوب فلان الحرارة يسيرة فى القلوب العظيمة تضعف ويكون الدم ابرد. وانما القلوب الكبار فى الارانب والايلة والفأر والضبع والحمير وابن عرس وسائر الحيوان الذى جزعه بين والذى يمكن [ان يؤذى] لحال الفزع. وحال العروق والبطون قريبة من الحال التى وصفنا وكمثل ما تسخن النار القليلة سخونة دون فى البيت الكبير من الصغير كذلك تكون الحرارة فى هذه ايضا لان العروق والبطن اوعية. وايضا اصناف الحركات التى فى كل واحد من الاجساد الحارة تبرد والروح يكون اكثر واقوى فى الاماكن الواسعة. ولذلك انه لا يكون سمينا شىء من الحيوان العظيم البطون ولا الحيوان العظيم العروق اعنى ان الجثة لا تكون سمينة جدا بل جميع الحيوان الصير البطون والصغير العروق يكون سمين اللحم او يكون الاكثر على مثل هذه الحال. والقلب فقط من بين جميع اعضاء الجوف لا يحتمل وجعا وا سقما صعبا شديدا. وذلك بحق لانه اذا فسد الاول لا يمكن شىء آخر معين لسائر الاعضاء دافعا عنها وسائر الاعضاء تأخذ القوة من القلب وليس يأخذ القلب منها. والعلامة الدليلة على ان القلب لا يحتمل سقما ولا مرضا شديدا من قبل انه لم يذ بح ذبيحة يظهر فى قلبها وجع ولا آفة كما يظهر فى سائر اعضاء الجوف فان الكلى تظهر مرارا شتى مملوءة حجارة وقروحا ودماميل والكبد والرئة كمثل وتظهر اوجاع أخر كثيرة فيما يلى اعضاء الجوف وخاصة فيما يلى الرئة والوريد الخشن واوجاع الكبد تظهر فى موضع التئام العرق العظيم وذلك بحق من اجل انه يشارك القلب بهذا الموضع. فجميع الآفات التى تعرض للحيوان لحال سقم تظهر فيما يلى القلب انا ذبح وشق. فقد ذكرنا حال القلب وقلنا لاى علة يكون القلب فى الحيوان الذى له قلب ولاى علة لا يكون فى بعض الحيوان. [ه] والذى يتلو قولنا ذكر العرو اعنى العرق العظيم والعرق الذى يسمى اورطى فان هذين العرقين الكبيرين تقبلان الدم من القلب قبل غيرهما فاما سائر العروق فهى تنشؤ من هذه وهى شعب منها. وقد قلنا فيما سلف ان خلقة العروق صارت لحال الدم وكل رطب يحتاج الى وعاء يكون فيه وانما يكون الدم فى هذين العرقين [والعرق الذى ينشؤ منهما]. ونحن نريد ان نقول لماذا صارت هذه العروق اثنين ومن اول واحد ولاى علة تنقسم العروف فى كل الجسد. فخليق انه [ صار الاول واحدا ملائما من اول واحد] من اجل ان النفس التى تحس واحدة بالفعال فمن اجل ذلك صار العضو الذى فيه هذه القوة واحدا هو فهو اولا فهو فى الحيوان الدمى بالقوة والفعال وفى بعض الحيوان الذى ليس بدمى بالفعال فقط. ولذلك اول الحرارة باضطرار يكون فى العضو الواحد الذى هو فهو وتلك الحرارة علة كينونة الدم حارا رطبا. فمن اجل ان اول الحس فى عضو واحد وفيه اول الحرارة صارت حرارة الدم من اول واحد ولحال التمام الدم صارت العروق من اول واحد. ومن اجل هذه العلة صارت ناحيتان اعنى الناحية اليمنى والناحية اليسرى للحيوان الدمى السيار وفى اجساد جميع هذا الحيوان صار محدودا المقدم والمؤخر والايمن والايسر والاعلى والاسفل. وبقدر ما يقال ان المقدم اكرم واروس من المؤخر كذلك العرق العظيم اكرم من العرق الذى يسمى اورطى فان العرق العظيم موضوع فى مقدم الجسد فاما الذى يسمى اورطى فهو موضوع فى مؤخر الجسد. والعرق العظيم بين فى جميع الحيوان الدمى فاما العرق الآخر فهو يظهر فى بعض الحيوان الدمى ظهورا ضعيفا ولا يظهر فى بعضه البتة. فاما العلة التى من اجلها تنقسم العروق فى كل الجسد من قبل ان الدم هيولى جميع الجسد فى الحيوان الذى له دم وفى الحيوان الذى لا دم له الجزء الملائم للدم والدم وما يلائمه موضوع فى عروق. فاما كيف يغذى الحيوان ومماذا وباى نوع يأخذ الغذاء من البطن فذكره اوفق للاقاويل الموضوعة على الولاد. ولان تقويم الاعضاء من الدم كما قلنا فيما سلف بحق صار مسيل الدم من العروق فى كل الجسد من قبل الطباع لانه يجب ان يجوز الدم بكل الجسد ويكون فى كله ان كان تقويم كل واحد من الاعضاء من الدم. وذلك شبيه بقنى ومجارى الماء التى تهيأ فى البساتين فانها تخرج من اول واحد وعين واحد وتتجزأ فى سواق ومجار كثيرة حتى تؤدى الماء الى كل موضع يحتاج اليه. وفى البناء توضع الحجارة فى جميع حدود الاساس. فنبات البساتين يكون من الماء والاساس يكون من الحجارة ثم يوضع البناء عليها. وبمثل هذا النوع احتال الطباع وصير مسيل ومجرى الدم بكل الجسد لان الدم من قبل الطباع هيولى كل الجسد. وذلك يكون بينا فى الاجساد التى تهزل هزالا كثيرا خاصة لانه لا يظهر فيها شىء ما خلا العروق كما يعرض لورق الكرم ولورق شجر التين وجميع الورق الذى هو مثله فانه اذا يبس لا يظهر فيه شىء غير العروق. وعلة ذلك من قبل ان الدم وما يلائمه بالقوة جسد فهو اما جسد واما الذى يلائمه. وكما يعرض فى السواقى فان ما عظم من الخنادق التى تمر بها يبقى زمانا كثيرا وما صغر منها يفسد اجلا وينطم من الطين وثفل الماء ثم يستبين ايضا اذا حفرت ونقيت كذلك يعرض للعروق اعنى ان ما عظم منها يبقى وما صغر منها يكون لحما بالفعال. فاما بالقوة فهو عروق وليس بدون ما كان اولا. ولذلك ما كان اللحم سليما فى ايما عضو من الاعضاء وشق يسيل منه دم وليس يمكن ان يكون دم بغير عروق وليس هناك عرق صغير بين البتة كما لا تستبين الخنادق الصفار التى تهيأ لمسيل الماء اذا انطمت قبل ان تنقى وتخرج عنها الهيولى التى انطم بها. والعروق تصير من عظم الى صغر كلما امتدت فى الجسد حتى تصير السبل اصغر واضيق لحال غلظ الدم اعنى السبل لا موافقة لمجازر الدم. ومن فضلة الرطوبة يخرج ندى وهو الذى يسمى عرقا وانما يكون العرق اذا حمى ودفى الجسد وانفتحت افواه العروق. وقد عرض لبعض الناس عرق دمى لحال رداءة مزاج الجسد اعنى لان الجسد صار موافقا للمسيل وصار سخيفا ويرطب الدم جدا وصار مائيا لقلة نضوج وضعف الحرارة التى فى العروق الصغار ولا سيما لحال قلة الدم. وقد قلنا فيما سلف ان كلما فيه شركة من الدم اذا نضج يغلظ ويثخن والغذاء والدم مخلوط من كليهما. وليس تقوى الحرارة على الطبخ والنضوج لحال قلتها وذلك يكون ايضا لحال كثرة وافراط الفذاء الذى يصير الى الجسد فالحرارة تكون يسيرة اذا قيست الى كثرة الغذاء. والافراط يكون بنوعين اعنى بالكمية والكيفية لان ليس جميع الدم جيد النضج بنوع واحد. وانما يسيل الدم من السبيل الواسعة جدا ولذلك يسيل من سبل المناخير وسبل اللثات والدبر وربما سال دم كثير من الفم بغير وجع ولا يكون مسيل هذا الدم عسرا مؤذيا بل مثل مسيل الدم ااذى يسيل من الوريد فانه يسيل بعسرة وشدة واذى. والعرق العظيم والعرق الذى يسمى اورطى تبدل اماكنها وتتشبك بعضها ببعض لتمسك وتضبط الجسد. واذا امتدت العروق وصارت الى ناحية اليدين والرجلين انشقت وتشعبت ويأخذ الشق الواحد من مؤخر الجسد الى مقدمه والشق الآخر من المقدم ال المؤخر ثم تلتقى فى موضع واحد كما يعرض للاجساد التى تضفر وتشتبك بعضها ببعض حتى تلتئم وتركب بعضها على بعض كذلك يعرض للعروق اذا صار بعضها مركبا على بعض اعنى ما كان منها خلف يركب على ما فى مقدم الجسد منها. وكذلك يعرض للعروق التى تخرج من القلب وتأخذ الى الناحية العليا. فاما لطف معرفة حال العروق وتركيبها وافتراقها فهو يدرل من شق الاجساد ومما وصفنا عن حال الحيوان وطباعه. فقد اكتفينا بما ذكرنا عن حال العروق والقلب والذى يتلو قولنا النظر فى طباع سائر اعضاء الجوف فنحن نفعل ذلك ايضا بقدر المأخذ الذى اخذنا فيما سلف من قولنا. [6] فللحيوان المشاء رئة وذلك باضطرار لانه يحتاج الى التبريد والحيوان الدمى يحتاح خاصة الى هذا التبريد لانها اكثر حرارة من غيرها. فاما الحيوان الذى ليس بدمى فهو قوى على التبريد بالروح الطباعى الذى فيه. فاما الحيوان الذى يتنفس فهو يبرد بالهواء الدخيل فى جوفه. ومن اجل ذلك نقول ان لجميع الحيوان الذى يتنفس رئة وكل حيوان مشاء يتنفس وبعض الحيوان المائى يتنفس ايضا مثل الدلفين والحيوان العظيم الذى يسمى باليونانية فالاينا وجميع السباع البحرية العظيمة الجثث التى تنفخ وتجذب الهواء. وكتير من الحيوان مشترك الطباع اعنى انه مائى وبرى لحال مزاج جسده الطباعى وذلك الحيوان يأوى فى الماء اكثر الزمان. فكثير من الحيوان البرى يأوى فى الماء لحال العلة التى ذكرنا ولانه برى يتنفس وذلك التنفس غاية وتمام حياته. والرئة آلة وابتداء حركة الرئة من القلب وهى تهىء سعة لمدخل الهواء لحال رخاوة وتجويف وعظم جسدها فاذا انتفخت وتورمت الرئة دخل الهواء واذا انقبضت واجتمعت الى ذاتها خرج الهواء. ولين الرئة موافق لاختلاع القلب لانه ينتفخ ولا يرتفع كثيرا وانما يعرض اختلاج القلب فى الانسان خاصة لان الانسان يرجو ويتقى الامر الآتى فالرئة موافقة لاختلاج القلب وللتنفس كما قلنا. وفى الرئة التى تكون فى جوف الحيوان اختلاف كثير لان لبعض الحيوان رئة دمية كبيرة ولبعض الحيوان رئة صغيرة رخوة الجسد مجوفة. فللحيوان الذى يلد حيوانا رئة كبيرة كثيرة الدم لحال حرارة الطبا ع. فاما رئة الحيوان الذى يبيض بيضا فصغيرة يابسة قوية على ان ترم وترتفع اذا نفخ فيها مثل الحيوان المشاء الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا مثل السلحفاة والسام ابرص وكل جنس مثل هذا وايضا مع هذا جنس الطير. فان رئة جميع الطير مجوفة شبيهة بزبد فان الزبد يكون قليلا من كثير اذا ذاب وصار ماء. فرئة هذا الحيوان صغيرة صفاقية ولذلك جميع هذه الاصناف لا تعطش وهى قليلة الشرب ولذلك تصبر عن الماء زمانا كثيرا لقلة حرارة اجوافها فهى تبرد زمانا كثيرا من حركة الرئة فان حركتها خالية هوائية. ويعرض ان يكون اعظام هذه الاجناس من دون اعظام سائر جثث الحيوان لان الحرارة الطباعية تكون علة نشؤ. فاما كثرة الدم فعلامة دليلة على حرارة وهى تصير جثث الحيوان قائمة. ومن اجل هذه العلة صار الانسان قائما مستقيم الجثة اكثر من جميع الحيوان والحيوان الذى يلد حيوانا قائم الجثة اكثر من سائر الحيوان الذى له اربعة ارجل. وليس يأوى فى الثقب والشقوق شىء من الحيوان الذى يلد حيوانا ولا يكون عادم الرجلين. وبقول كلى انما خلقة الرئة لحال التنفس. [7] ومن اعضاء الجوف ما هو مقسوم بجزئين مثل الكليتين ومنها ما ليس بمقسوم مثل الرئة والقلب ومنها ما يشك فى حاله ان كان مقسوما بجزئين ام لا مثل الكبد فان له جزئين وان كانا ملتئمين كل واحد بالآخر ولذلك يظن مثل واحد. وبقول عام جميع اعضاء الجوف مضعفة الطباع. وعلة ذلك افتراق الجسد فان لكل جسد ناحيتين وهو موافق لاول واحد اعنى الناحية العليا والناحية السفلى ومقدم الجسد ومؤخره والناحية اليمنى والناحية اليسرى. ومن اجل هذه العلة يظن ان دماغ كل حيوان مقسوم بجزئين وكل واحد من آلة الحواس كمثل وبهذا النوع ينقسم القلب فى البطون. فاما الرئة فهى فى اجساد الحيوان الذى يلد حيوانا مقسومة باثنين ولذلك يظن كثير من الناس ان له رئتين. فاما الكليتان فهى مفترقة وافتراقها بين لكل واحد. فاما حال الكبد والطحال فمشكوكة وعلة ذلك من قبل ان الحيوان الذى له طحال باضطرار يظن ان الطحال كبد ليس بخالص فاما فى الحيوان الذى ليس له طحال باضطرار بل طحال صغير جدا مثل نقطة اوعلامة فالكبد موجود مقسوم باثنين والجزء الواحد الاعظم فى الناحية اليمنى والجزء الاصغر فى الناحية اليسرى. ووضعهما ظاهر للمعاينة [فوضعهما على حال ما ذكرنا] وليس ذلك بين فى الحيوان الذى يبيض بيضا الا فى بعضه فانه ربما وجد الكبد مفترقا فى بعض هذا الحيوان وفى بعض الاماكن والبلدان مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية داسوبوس فانه يظن ان له كبدين مثل بعض السمك والحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية صلاخى. ولان وضع الكبد فى الناحية اليمنى صار وضع الطحال من قبل الطباع فى الناحية اليسرى فباضطرار صار الكبد عضو من اعضاء جوف الحيوان. وكما قلنا فيما سلف الناحيتان اعنى الناحية اليمنى والناحية اليسرى علة تجزئ اعضاء الجوف. وانما سمى اعضاء الجوف الاعضاء التى تحت الحجاب خاصة وخلقة اعضاء الجوف لحال العروق التى تبقى عالية لتبقى فى الجسد برباط هذه الاعضاء. وانما العروق موضوعة فى الجسد مثل الحبال الفلاظ التى تربط بها السفن فى البر اذا ارست. فلذلك [تمر] بالاجزاء الممدودة من العرق العظيم الى الكبد والطحال فان طباع هذين العضوين مثل مسامير تضبط وتشد الجسد. فالعرق العظيم يأخذ الى الكبد والطحال والناحية الواحدة من نواحى الجسد وانما تأخذ العروق التى تخرج من العرق العظيم الى هذين العضوين فقط وفى مؤخر الجسد الكلى وتأخذ اليها عروق ليس من العرق العظيم فقط بل من الذى يسمى باليونانية اورطى ايضا. فان من ذلك العرق تخرج عرقان وينتهى الواحد الى الكلية الواحدة والآخر الى الكلية الاخرى وذلك موافق لتقويم الحيوان. وللكبد والطحال معونة على طبخ الطعام لانهما من دم ولذلك صار طباع الحرارة فيهما كثير فاما الكليتان فخلقتهما لحال تصفية فضلة الرطوبة التى تجر الى المثانة. فباضطرار صارت هذه الاعضاء فى اجساد الحيوان اعنى القلب والكبد. [ف] اما القلب فلحال اول الحرارة لانه ينبغى ان يكون شىء مثل مستوقد لحال وضع الحرارة الطباعية فيه وان تكون تلك محفوظة حفظا جيدا لانها ترؤس الجسد كما يكون رئيس فى بعض المدن. فاما الكبد فخلقته لحال الطبخ والنضوج وجميع الحيوان الدمى يحتاج الى هذين العضوين ولذلك يكون فى جسد كل حيوان دمى قلب وكبد. فاما الحيوان الذى يتنفس فله عضو ثالث على كل حال اعنى الرئة. فاما الطحال فهو فى اجساد الحيوان بنوع عرضى وليس باضطرار لانه شبيه بفضلة اعنى الفضلة التى تكون من البطن والفضلة التى تكون من المثانة. ومن اجل هذه العلة يكون الطحال صغيرا ناقص الجثة فى بعض الحيوان ولا سيما الطائر السخن البطن مثل الحمامة والباز والحدأة. وهذا العرض يعرض للحيوان الذى يبيض بيضا وله اربعة ارجل على مثل هذا الفن فان طحال هذا الحيوان صغير جدا وكثير من الحيوان الذى له قشور اعنى الحيوان الذى ليس له مثانة ايضا لان الفضلة التى تكون فى اجسادها تميل الى ناحية اللحم ومن اللحم تأخذ الى ناحية الريش والقشور. فاما الطحال فهو يجذب من البطن فضل الرطوبة والندى ويقوى على طبخها لان خلقته خلقة دمية. وربما جذب من البطن فضلة رطوبة كثيرة ويكون ذلك علة جفاف ويبس البطن وجساوة الطحال لحال اجتماع الرطوبة فيه. وكذلك يعرض للذين يبولون بولا كثيرا لحال جذب الرطوبة الى غير مواضعها. فاما اذا كانت فضلة اجساد الحيوان قليلة فليس يكون الطحال كبيرا مثل العرض الذى يعرض لاجناس الطير والسمك فان منها ما ليس له طحال كبير ومنها ما له طحال صغير جدا ليكون مثل علامة. وهذا العرض يعرض للحيوان الذى يبيض بيضا وله اربعة ارجل مثل ما يعرض لاجناس الطائر فان الطحال يوجد فى الحيوان الذى وصفنا صغيرا صلبا وخلقته شبيهة بخلقة الكل لان خلقة الرئة رخوة مجوفة قليلة النضوج والفضلة التى تكون تميل الى الجسد والى التفليس وكما تميل فى الطائر الى الريش والجناحين. فاما فى الحيوان الذى له مثانة ورئة دمية فالطحال يوجد رطبا لحال العلة التى ذكرنا ولان طباع الناحية اليسرى بقول كلى ارطب وابرد. وكل واحد من الاضداد مجزأ بقدر جنس الاسطقس الملائم المتفق اعنى ان الايمن ضد الايسر وان الرطب ضد اليابس والحار ضد البارد وهى اسطقسات متفقة بقدر النوع الذى ذكرنا. فاما الكليتان فخلقتهما فى اجواف الحيوان الذى له كليتان ليس باضطرار بل لحسن وجودة الحال. وانما خلقة طباعها لحال الفضلة التى تجتمع فى المثانة وتلك الفضلة تكون كثيرة فى بعض الحيوان فالكليتان خلقتا لكى يكون عمل المثانة ابلع واجود. ولان العرض الذى يعرض للحيوان ان يكون عمل الكليتين والمثانة واحدا ينبغى لنا ان نأخذ فى ذكر طباع المثانة حيننا هذا وندع ذكر سائر الاعضاء. وانما نقول ذلك لانا لم نذكر بعد حال طباع الحجاب ولم نميز من ذكره بعد شيئا وانما الحجاب من الاعضاء التى تحيط باعضاء الجوف. [8] وليس لكل حيوان مثانة ويشبه ان يكون الطباع صير المثانة فى الحيوان الذى له رئة دمية فقط. وذلك بحق فله هذا العضو لفضلة زيادة الطبيعة فكل حيوان له رئة يعطش عطشا شديدا ولذلك يحتاج الى غذاء وليس يحتاح الى الغذاء اليابس فقط بل الى الغذاء الرطب ايضا اكثر من حاجته الى الغذاء اليابس. فباضطرار تكون الفضلة اكثر ولا تكون فى كميتها بقدر ما يطبخ من البطن ويدفع ويخرج مع فضلتها فقط. فباضطرار صار عضو قبول لهذه الفضلة ايضا ومن اجل هذه العلة تكون مثانة فى اجساد جميع الحيوان الذى له رئة دمية كما قلنا فيما سلف. فاما الحيوان الذى ليس له رئة مثل هذه وهو يشرج من الماء شربا يسيرا فليس له مثانة وليس يشرب هذا الحيوان الماء لحال الشرب بل لحال الغذاء مثل الحيوان المحزز الجسد والسمك. فما كان من الحيوان ذا ريش او له قشور او تفليس فى جسده فليس له مثانة لحال قلة الشرب ولان فضلة الماء الذى يشرب تميل الى الريش وغير ذلك مما وصفنا ما خلا السلحفاة من الحيوان الذى له قشور. فان الطباع صار ناقصا فى السلحفاة فقط وعلة ذلك من قبل ان رئة السلحفاة البحرية لحمية دمية شبيهة برئة البقر فاما رئة السلحفاة البرية فهى اعظم مما ينبغى. وذلك لان المحيط بجسدها خزفى صفيق ولذلك لا تتفشش الرطوبة الا باللحم فقط مثل العرض الذى يعرض لاصناف الطيور والحيوان المفلس الجلد. فمن اجل هذه العلة صارت مثانة فى هذا الحيوان اعنى فى السلحفاة لتكون قبولا للفضلة مثل وعاء فلهذه العلة توجد المثانة فى هذا الحيوان فقط. ولذلك توجد مثانة السلحفاة البحرية كبيرة ومثانة السلحفاة البرية صغيرة جدا. [9] والكليتان ايضا على مثل هذه الحال اعنى انه ليس لشئ من الحيوان الذى له ريش او قشور او تفليس فى جلده كلا البتة ما خلا السلحفاة البحرية والبرية فقط. وذلك لان اللحم الممتد الى الكلى مفترق فى اجزاء كثيرة عريضة خلقتها شبيهة بخلقة الكليتين فى بعض اجناس الطائر. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية اموس فليس له كليتان ولا مثانة وذلك لحال لين خزفه فان ذلك اللين يكون علة جودة تفشش الرطوبة. فلهذه العلة ليس للحيوان الذى يسمى اموس ولا عضو واحد من هذه الاعضاء. فاما سائر الحيوان الذى له رئة دمية فله كليتان كما قلنا وانما يستعمل الطباع الكليتين لحال العروق ولخروج فضلة الرطوبة ولذلك تجىء سبيل من العرق العظيم الى الكليتين وفى جمع الكلى عمق لكثرة الغذاء. فخلقة الكلى شبيهة بخلقة كلى البقر وهى صلبة جدا اكثر من سائر الاعضاء وكليتا الانسان شبيهة بكليتى البقر لانهما مركبة من كلى صغار كثيرة وليس من لحم املس مستو مثل كلى الغنم وسائر الحيوان الذى له اربعة ارجل. فمن اجل هذه العلة يكون وجع الكليتين للانسان عسر البروء جدا اذا اصابهما سقم مرة واحدة فالبروء يكون عسرا لحال السقم الذى كأنه سقم كلى كثيرة. فاما السبيل الآخذ من العرق الكبير الى الكلى فليس ينتهى الى عمق الكلى ولذلك لا يوجد دم فى عمق الكليتين ولا يجمد هناك. ومن عمق الكلى تخرج سبيلان ليس فيهما دم وتنتهى الى المثانة وهما سبيلان صلبان قويان. وسبل أخر تخرج ايضا من العرق الذى يسمى اورطى وهى ايضا قوية متتابعة وانما خلقة هذه السبل على مثل هذه الحال لكى تسلك فضلة الرطوبة من العرق العظيم الى الكلى ومن الكلى يكون الثفل الذى يكون لحال تصفية الرطوبة التى تصفى بجسد الكليتين ولذلك يكون عمق الكلى فى بعض الحيوان كثيرا. فمن اجل هذه العلة يكون جسد الكلى منتن الرائحة اكثر من جميع اعضاء الجوف. ومن الوسط يخرج مثل فضلة ويسلك فى هذه السبيل حتى ينتهى الى المثانة وانما مادة الرطوبة التى تجىء الى المثانة من الكليتين لحال السبيل التى تمتد وتنتهى الى الكليتى كما قلنا فيما سلف وتلك السبيل صلبة قوية جدا. فلهذه العلة صارت خلقة الكلى فى اجساد الحيوان وفيهما اعنى الكليتين قوى موافقة للذات. فالكلية التى تكون الكلية اليمنى اعلى من الكلية اليسرى فى جميع الحيوان الذى له كليتان لان الحركة التى تكون من الناحية اليمنى اقوى وينبغى ان يطرق للحركة الطباعية ويصير جميع الاعضاء التى فى الناحية اليمنى من الجسد الى ما يلى الناحية العليا اكثر من غيرها ولهذه العلة يرفع الحيوان الحاجب الايمن الى فوق ويطأ من الحاجب الايسر الى اسفل. ولان الكلية اليمنى قد جذبت الى الناحية العليا فان الكبد يماس الكلية اليمنى فى جميع الحيوان الذى له كلى. وفى الكلى شحم كثير خاصة اكثر من سائر اعضاء الجوف باضطرار لحال تصفية الفضلة التى تصفى بجسد الكليتين من اجل ان الدم الذى يبقى هنالك جيد الطبخ والنضوج وانما تمام وغاية جودة نضج الدم الشحم والثرب. وكمثل ما يعرض للاجساد المتقدة التى تحترق بالنار اذا كانت يابسة ان تكون كالرماد فضلتها كذلك يعرض للرطوبات المطبوخة النضيجة ان تكون فضلتها الشحم والثرب لانه لا يبقى منها الا جزء الحرارة المشتعلة. ومن اجل هذه العلة يكون الدسم سمينا خفيفا ويطفو على الرطوبات. فليس يكون الشحم فى اجساد الكلى لان جسدها صفيق جدا اكثر من جميع اعضاء الجوف وانما يكون تقويم الشحم خارجا من اجساد الكلى محيطا بها اذا كان الحيوان مما يحمل الشحم. فاما اذا كان الحيوان مما يحمل الثرب فحول الكليتين يوجد ثرب. وقد وصفنا الاختلاف الذى بين الشحم والثرب فيما سلف من قولنا. فباضطرار تكون الكليتان كثيرة الشحم لحال هذه العلة فى جميع الحيوان الذى له كليتان. ولحال السلامة صارت خلقة الكليتين سخنة لانها اواخر اعضاء الجوف ولذلك احتاجت الى سخونة كثيرة. وناحية الظهر كثير اللحم لتكون سترة للاعضاء التى حول القلب فاما الصلب فليس فيه لحم وكذلك اصلاب جميع الحيوان فمكان اللحم يكون الشحم سترة الكلى. واذا كانت الكلى كثيرة الشحم ميزت وانضجت الرطوبة نضوجا اكثر لان الشحم وجميع الدسم اوفق للنضوج من غيره والحرارة هى التى تنضج. فمن اجل هذه العلل صارت الكلى كثيرة الشحم. وفى جميع الحيوان الكلية اليمنى اقل شحما من الكلية اليسرى وعلة ذلك من قبل ان طباع الاعضاء التى فى الناحية اليمنى ايبس واكثر حركة والحركة تضاد تقوم وتعقد الشحم لان الحركة تذيب الشحم. فهو امثل وانفع لسائر الحيوان ان تكون الكلى كثيرة الشحم وربما كانت الكلى مملوءة شحما من كل ناحية. فاما الغنم فانه اذا القى ذلك هلك اعنى اذا كثر شحم كليه جدا. وعلة ذلك اعنى العرض الذى يعرض للغنم من قبل ان الشحم فى الحيوان السمين رطب فليس تكون الاوجاع التى تتولد من الرياح بنوع واحد وعلة تولد الوجع من الريح التى تهيج لحال السدة ولذلك يكون وجع الكليتين فى الناس مؤديا جدا واذا اشتدت وكثرت اوجاع الكليتين صارت داعية الى الموت. والشحم الذى يكون فى كلى سائر الحيوان ليس بكثير الصفافة مثل صفاقة شحم الغنم وشحم الغنم اكثر من شحم غيره جدا وكلى الغنم تمتلىء شحما عاجلا اكثر من كلى جميع الحيوان. فلان الرطوبة التى فى الكلى تحترق وتهيج رياحا من ضربان ووجع تلك الرياح يهلك عاجلا من اجل ان الوجع يمر بالعرق العظيم والعرق الذى يسمى باليونانية اورطى وينتهى من ساعته الى القلب والسبيل الآخذ من هذا العرق الى الكليتين متصلة متتابعة. فقد وصفت حال القلب والرئة وحال الكبد والطحال والكليتين وادينا عللها. [10] وهذه الاعضاء مفترقة بعضها من بعض ومن الناس من يسمى الحجاب عقلا وهو الصفاق الذى يحد ويميز القلب والرئة من سائر اعضاء الجوف التى تحته وفى كل حيوان حجاب كما فيه قلب وكبد وعلة ذلك ان خلقته لحال تمييز وفرق ما بين القلب والبطن وما يليه لكيما يبقى اول النفس الحسية بغير آفة وضرورة ولا تصل اليها الضرورةعاجلا لحال البخار الذى يصعد الى فوق من الغذاء ولحال الحرارة الداخلة العرضية. فمن اجل هذه العلة احتال الطباع وهيأ العضو الذى يسمى حجابا مثل سياج وبناء حائط يمنع الدخول الى داخل وفرق ما بين العضو الاكرم بما كان يمكن ان يفرقه من سائر الاعضاء اعنى ما بين العضو الاعلى والاعضاء التى فى الناحية السفلى. فاما العضو الاعلى [فهو] الذى من اجله يكون [و] الاجود والامثل فاما العضو الاسفل فلحال العضو الاعلى وهو القبول للطعام. والحجاب فيما يلى الاضلاع اقوى واكثر لحما واوسطه ارق واقرب الى طباع الصفاق وبقدر هذا النوع يكون اوفق للامتداد وانفع للاول. وفى الحجاب سبل آخذة اليه من اسفل والدليل على ذلك الاعراض التى تعرض فانه اذا جذب الحجاب رطوبة حارة من الناحية السفلى لقربه منها وكانت تلك الرطوبة من فضلة من ساعته يتغير العقل والحس. ولذلك يسمى الحجاب عقلا لان له شركة منه. وليس للحجاب شركة عقل ولكن لانه قريب الى التى لها شركة عقل يغير العقل تغييرا بينا. ولذلك وسطه رقيق وذلك باضطرار ليس لان نواحى الحجاب التى تلى الاضلاع اكثر لحما فقط بل لانه لا يصل الى الوسط غير ندى قليل جدا ولو كان الاوسط لحما لجذب ندى ورطوبة اكثر. واذا دفى الحجاب غير الحس من ساعته تغييرا بينا والدليل على ذلك العرض الذى يعرض من الدغدغة فان الضحك يتلوها [من ساعته] اذا دغدغ احد ناحية الجلد الذى يلى الحجاب من خارج لان الحركة تصل الى هذا المكان عاجلا ومن الحركة يدفى الموضع فيتغير العقل من غير ارادة ويضحك الانسان. وانما علة تدغدغ الانسان فقط رقة الجلد ولانه لا يضحك شىء من الحيوان ما خلا الانسان والتدغدغ يكون داعية الى الضحك بحركة مثل هذه ولا سيما حركة الجلد الذى يلى الابطين. وقد زعم بعض الناس انه اذا ضرب احد فى القتال ضربة على المكان الذى يلى الحجاب يعرض للمضروب ضحك لحال الحرارة التى تكون من الضربة. وينبغى لنا ان نحقق هذا القول اكثر من قول الذين يزعمون ان رأس الانسان يتكلم بعد ان يقطع ويرمى به عن الجثة. وقد ذكروا ان اوميروس الشاعر قال فى شعره قولا مثل هذا. فاما فى ناحية البلدة الذى يسمى باليونانية ارقاديا فقد صدق الناس هذا القول حتى خاصم بعضهم بعضا فى رجل من اهل الكورة مضروب الرقبة وزعموا انه كاهن المشترى لما مات سمع كثير من الناس كلامه بعد موته وكان مضروب الرقبة. وهذا القول عندى كذب وزور لانه لا يمكن ان يخرج كلام من رأس مقطوع مفترق من العرق الخشن ولا يمكن ان يكون كلام بغير حركة الرئة. وذلك معروف عند الامم والبرابرة الذين يضربون الرقاب مرارا شتى ولم يعرض لبشر مثل هذا فى ناحيتهم قط. فاما سائر الحيوان فليس يضحك انا اصاب الحجاب ضربة لحال غلظ الجلد الذى يليه لانه ليس يضحك من قبل الطباع حيوان غير الانسان. فاما حركة الجسد وتنقله من مكانه بعد قطع الرأس فمما يمكن والحيوان الذى لا دم له يعيش حينا طويلا بعد قطع رأسه. وقد بينا علة ذلك فى اماكن أخر. وقد ذكرنا العلل التى من اجلها خلق كل واحد من اعضاء الجوف وباضطرار صارت خلقة الاعضاء على غايات العروق لانه باضطرار يخرج منها ندى وذلك الندى دمى فاذا تقوم وجمد ذلك الندى الدمى صار منه حينئذ اعضاء الجوف. ومن اجل هذه العلة طباع اعضاء الجوف دمى يشبه بعضها بعضا وليس يشبه طباعها سائر طباع اعضاء الجسد. [11] وجميع اعضاء الجوف فى صفاق محيط بها لانها تحتاج الى سترة وان كانت تلك السترة خفيفة وطباع الصفاق مثل هذا لانه صفيق لحال الاحتمال وهو عادم اللحم لكى لا يجذب الى ذاته فضولا ولا يكون فيه ندى وهو رقيق لكى يكون خفيفا ولا يثقل على العضو الذى يحيط به. واكبر واقوى الصفاقات الصفاق الذى يلى الدماع والقلب وذلك بحق لان هذين العضوين تحتاج الى سترة وحفظ كثير وانما الحفظ للاعضاء المسودة وهذين العضوين مسودين وفيهما خاصة قوة الحياة. [12] وفى اجساد بعض الحيوان جميع عدة اعضاء الجوف وليس تلك العدة فى اجساد بعضها. وقد قلنا فيما سلف اى الاعضاء ولاى علة. والاعضاء التى تتفق بالعدة فى بعض الحيوان تختلف بكينونتها اعنى انه لا تكون القلوب بنوع واحد فى جميع الحيوان التى تكون فيه ولا شىء آخر من سائر الاعضاء بقدر القول. فالكبد فى بعض اجساد الحيوان متشقق بشقوق كثيرة وفى الحيوان ما لا يكون مشقوقا البتة ولا سيما اكباد السمك والحيوان الذى لها اربعة ارجل ويبيض بيضا فاما اكباد الطائر فشبيهة باكباد الحيوان الذى يبيض بيضا لان اللون الغالب عليها انقى دما مثل لون اكباد السمك وما وصفنا. وعلة ذلك من قبل ان اجسادها جيدة التنفس والانفشاش وليس فيها فضلة كثيرة رديئة. ومن اجل هذه العلة ليس فى اجساد بعض الحيوان مرة وللكبد موافقة عظيمة لجودة مزاج الجسد وللصحة لان تمام الامرين فى الدم خاصة والكبد كثير الدم جدا بعد القلب وهو اكثر دما من جميع اعضاء الجوف. فاما اكباد الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا واكباد السمك فلون اكثرها واحد واكباد بعضها رديئة جدا لان اجسادها رديئة المزاج جدا مثل السلحفاة والحيوان الذى يسمى باليونانية فرونى وجميع الحيوان الذى مثل هذا. فاما اطحلة الحيوان الذى له قرون واظلاف فمستديرة مثل طحال الشاة والمعزى وكل واحد من الأخر ان لم يعرض عرض ويكون للطحال طول لحال كثرة النشوء والجثة مثل العرض الذى عرض لطحال البقر. فاما طحال جميع الحيوان الذى فى رجليه شقوق كثيرة فطويل مثل طحال الخنزير والانسان والكلب. فاما طحال الحيوان الذى له حوافر فمخلوط اعنى فيما بين الصنفين الذين ذكرنا اعنى ان فيه خلط وربما كان ضيقا مثل طحال الانسان والبغل والحمار. [13] وليس بين اعضاء الجسد اختلاف بالعظم فقط بل [بالوضع ايضا] لان وضع بعضها داخل ووضع بعضها خارج من الجسد وعلة ذلك لان طباعها مشارك للعروق وبعضها لحال العروق وبعضها ليست بغير عروق. [14] وبعد الحجاب وضع البطن فى اجساد الحيوان وفى الحيوان الذى له العضو الذى يسمى مريئا يكون وضع البطن عند آخر هذا العضو وفى الحيوان الذى ليس له مرئ يكون البطن بعد الفم لاصقا به والذى يتلو البطن المعاء وهو بين لكل لاى علة كل واحد من هذه الاعضاء فى اجساد الحيوان اعنى ليقبض الطعام الذى يدخل فيها ولانه باضطرار ينبغى ان يطبخ وينضج الطعام الذى استخرجت رطوبته. ولان ليس الطعام الذى لم ينضج والفضلة على حال واحدة فبعض هذه الاعضاء تقبل الطعام الدخيل فى الجسد وتغيره وبعضها تقبل الفضلة التى لا تنتفح بها. ولكل واحد زمان مفرد على حدته ولذلك باضطرار ينبغى ان يكون كل واحد مما ذكرنا محتسبا فى مكانه. ولكن القول فيها اوفق فى الاقاويل التى وضعنا على الولاد والغذاء. فاما حيننا هذا فنحن ننظر فى اختلاف البطن والاعضاء التى توافقه على نضوج الطعام لانه ليس عظم ولا مناظر البطون على حال واحدة فى اصناف الحيوان بل للحيوان الذى له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل وهو دمى ويلد حيوانا بطن واحد مثل الانسان والاسد والكلب وسائر الحيوان الكثير الاصابع والحيوان الذى له حوافر مثل الفرس والبغل والحمار والحيوان الذى له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل وله ظلفان مثل الخنزير. فاما الحيوان الذى غذاؤه من الهيولى الحطبية الشوكية فان لذلك الحيوان بطون شتى مثل الجمل والحيوان الذى له قرون وليس له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل. ومن اجل هذه العلة ليس الجمل من الحيوان الذى له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل وان لم تكن له قرون فباضطرار صار بطن الجمل على مثل هذه الحال ولم تصر له مقاديم الاسنان. فبطن الجمل شبيه ببطون الحيوان الذى ليس له اسنان فى الفك الاعلى والفك الاسفل وصارت خلقة اسنانه مثل خلقة اسنان ذلك الحيوان الذى له قرون. ومن اجل ان غذاء وطعم الجمل شوكى باضطرار صار لسان الجمل لحميا لحال جساوة الحنك فالطباع يستعمل الحنك مثل جزء الاسنان الارضى. فلذلك يجتر الجمل مثل ما يجتر الحيوان الذى له قرون لان بطون الجمل مثل بطون الحيوان الذى له قرون ولكل واحد من هذا الحيوان بطون كثيرة مثل البقر والشاء والعنز والايل وسائر الحيوان الذى مثل هذا لكى يكون استعمال الطعام تاما وما نقص منه لحال نقص طعامه قبله بطن بعد بطن ولتمم طبخه ونضجه. فالبطن الاول يقبل الطعام غير مطحون والبطن الثانى يقبله مطحونا والبطن الثالث يقبله وطبخه اجود والرابع يقبله وطبخه بليغ محكم. ومن اجل هذه العلة تكون فى مثل هذا الحيوان بطون واماكن طحن الطعام كثيرة. وهذه الاعضاء اعنى البطون تسمى باليونانية باسماء مختلفة. ومن اراد معرفة وضع ومناظر هذه البطون فليعلم ذلك من كتبنا فى صفة الاعضاء ومن شق اجساد الحيوان. ومن اجل هذه العلة بعينها يوجد اختلاف فى العضو القبول للطعام فى اجناس الطير. ولانه ليس للطائر عمل موافق لطحن الطعام بالاسنان واللسان وليس له ما يلمس الطعام به ولذلك يكون فى بعضه العضو الذى يسمى حوصلة مكان العمل الذى يكون بالفم ولبعضه العضو الذى يسمى مريئا. ومنه ما له فى مقدم بطنه شئ وأرم ناتىء يكنز فيه الطعام الذى ليس بمطبوخ ولا معمول ومنه ما له بطن لحمى قوى ليقوى على امساك كثرة الطعام المطحون المطبوخ زمانا كثيرا. فالطباع يتم بعض عمل الفم بقوة وحرارة البطن. ومن الطائر ما ليس له شىء من هذه التى وصفنا وانما له حوصلة طويلة وبطن اعنى الطائر الطويل جدا وذلك لحال رطوبة الطعام اعنى ان طعام جميع هذا الصنف سريع الطحن والملوسة [للطعام]. فمن اجل هذه العلة يعرض ان تكون بطون هذه الاصناف من اجناس الطير رطبة لحال الطعام الذى لم ينطبخ ولم ينضج. فاما جنس السمك فله اسنان وليس منه ما ليس له اسنان ما خلا اصناف يسيرة مثل الذى يسمى باليونانية اسقاروس ولذلك يظن انه يجتر وحده لحال هذه العلل فان الحيوان الذى ليس له اسنان فى الفكين جميعا يجتر. وجميع اسنان السمك حادة بقدر ما يقوى على قطع وتجزىء الطعام وان كان ذلك القطع رديئا ليس بمحكم لانه لا يمكن ان يلبث الطعام فى افواهها زمانا كثيرا. ولذلك ليس للسمك اسنان عريضة فليس يمكن ان يطحن الطعام ولو كانت للسمك اسنان عريضة لكانت باطلا. وليس لبعض السمك معدة البتة ومنه ما له معدة قصيرة لحال معونة طبخ الطعام لبعض السمك بطون لحمية مثل بطون الطير مثل صنف السمك الذى يسمى باليونانية قسطروس. ومن السمك ما لبطونه اجزاء ناتئة لكى يكنز فيها الطعام مثل ما يكنز الشىء فى الحفر الذى يكون بين يدى الآبار فالطعام يعفن وينطبخ هناك. وفى هذه الاجزاء الناتئة من البطون اختلاف فى اجناس الطير والسمك لان [فى] هذه الاعضاء الناتئة توجد فى السمك فى الناحية العليا من البطن وتوجد فى الطير فى الناحية السفلى عند تمام غاية المعاء. ولبعض الحيوان الذى يلد حيوانا اجزاء ناتئة من المعاء فى الناحية السفلى لحال هذه العلة التى وصفنا. فاما جميع حنس السمك فلحال نقص استعمال الطعام يلقى فضلة البطن غير نضيجة ولذلك هو رغيب فى طلب الطعم. وكذلك جميع سائر الحيوان المستقيم المعاء لان خروج الطعم يكون عاجلا. ولذلك يشتاق اليه ايضا من ساعته. وقد قلنا فيما سلف ان للحيوان الذى له اسنان فى الفكين بطن صغير وفى بطون جميع هذا الحيوان نوعان من انواع الاختلاف لان بطون بعضها شبيهة ببطن الخنزير وبطون بعضها شبيهة ببطن الكلب وبطن لخنزير اكبر وفيه بعض التشبيك لكى يكون طبخ الطعام فى زمان اكثر. فاما بطن الكلب فصغير وليس هو اوسع من البطن كثيرا وذلك لحال الجوف اعنى لان طباع المعاء موضوع بعد البطن فى جميع الحيوان. وفى المعاء اختلاف كثير مثل الاختلاف الذى فى البطن لان المعاء يكون فى بعض الحيوان مبسوطا واذا انحل كان بعضه شبيه ببعض وفى بعض الحيوان اذا انحل المعاء يكون غير شبيه بعضه ببعض وربما كان ما يلى البطن من المعاء اوسع وما يلى التمام اضيق. ومن اجل هذه العلة تخرج فضلة بطون الكلاب مع وجع وفى كثير من الحيوان يكون ما يلى البطن من المعاء اضيق وما يلى التمام اوسع وله انثناء كثير مثل معاء الحيوان الذى له قرون. وعظم بطون هذا الحيوان اكثر وعظم المعاء كمثل لحال عظم جثث الاجساد. وبقدر قول القائل جميع اجساد الحيوان الذى له قرون كبار لحال جودة استعمال الطعام. فاما الحيوان الذى ليس بمستقيم المعاء فكلما بعد معائه من البطن صار اوسع وله العضو الذى يسمى قولون وله جزء المعاء الذى يسمى اعمى وهو متورم ثم بعد هذا يكون المعاء اضيق ملتويا وما بعده مستقيم حتى ينتهى الى موضع مخرج الفضلة وهناك العضو الذى يسمى مبعر وهو سمين فى بعض الحيوان وليس له شحم البتة فى بعض. [اعضائه] وانما احتال الطباع بخلقة جميع هذه الاعضاء لحال الاعمال الموافقة اعنى قبول وطبخ الطعام وخروج الفضلة. واذا نزل الطعام اولا صار فى موضع واسع ثم يقف هناك ولا سيما اذا كان الحيوان جيد الشفة محتاجا الى طعام كثير لحال العظم ولحال حرارة الاماكن. فمن هناك ايضا يقبل الطعام الى معاء اضيق اعنى انه يقبله من البطن الاعلى وكذلك ايضا من العضو الذى يسمى قولون ومن سعة الموضع يصير فى البطن الاسفل ومنه يصير الى معاء اضيق وتنتهى الفضلة جافة جدا قد نشف نداها الى التواء المعاء لكى تلبث هنالك تلك الفضلة ولا يكون خروجه بغتة. فالحيوان الذى لم يخلق رغيبا مشتاقا الى كثرة الطعام لا يكون فى معائه سعة كثيرة فيما يلى البطن الاسفل وفى معائه التواء وليس هو مستقيما من اجل ان سعة المعاء تكون علة كثرة رغبته فى الطعام واستقامة المعاء تكون علة سرعة شهوة الطعام. ومن اجل هذه العلة يكون الحيوان الذى اوعية طعامه واسعة ومعاءه مستقيم كثير الرغبة فى الطعام وشهوته سريعة اليه. ولان الطعام يكون طريا فى البطن الاعلى فاذا صار الى البطن الاسفل صار زبلا منتنا قد جف ونشفت رطوبته باضطرار صار شىء آخر فيما بين البطنين لكى يتغير الطعام هنالك ولا يخرج حديثا طريا لانه لم يصر بعد زبلا. ولذلك صار فى جميع الحيوان العضو الذى يسمى صائما وهو المعاء الدقيق الذى بعد البطن فهذا العضو فيما بين البطن الاعلى والبطن الاسفل وفيه الطعام الذى لم ينضج بعد وبعده البطن الاسفل الذى فيه الطعام الفاسد اعنى الفضلة. وبكون فى جميع الحيوان العظيم الجثة الصائم الذى لم يتناول من الطعام بعد شيئا فهو يكون مثل شىء له شركة من المكانين فاما اذا طعم الحيوان فزمان التغيير يكون فى زمان يسير. فالعضو الذى قلنا انه يسمى صائما يكون فى الاناث فوق المعاء فاما فى الذكورة فانه يكون قبل المعاء الذى يسمى اعمى وقبل البطن الاسفل. [15] وفى بطون الحيوان ايضا مسوة وخاصة جميع الحيوان الذى له بطون كثيرة. فاما الحيوان الذى له بطن واحد فليس توجد فى بطنه مسوة ما خلا الحيوان الذى يسمى الازب الرجلين. واذا وجدت المسوة فى الحيوان الكثير البطون لا توجد فى البطنين الاولين بل فى البطن الثالث الذى قبل البطن الاخير. فلجميع هذا الحيوان مسوة لحال غلظ اللبن ولا توجد مسوة فى الحيوان الذى له بطن واحد لان فى الحيوان الذى له بطن واحد لبن دفيق. فمن اجل هذه العلة يجمد لبن الحيوان الذى له قرون ولا يجمد اللبن للحيوان الذى ليس له قرون. فاما الحيوان الازب الرجلين فليس يكون له مسوة لانه يرعى حشيشا كثير الرطوبة والندى واذا كانت الرطوبة مثل هذه لا يجمد اللبن فى جوف المحمول. فمن اجل هذه العلة تكون المسوة فى البطن الذى يسمى باليونانية اخينوس وذلك فى الحيوان الذى له بطون كثيرة كما قلنا فى الكتاب الذى وصفنا فى المسائل فاعرفه ان شاء الله. تمت المقالة الثالثة عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bogga 99
المقالة الرابعة عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bogga 100
[1] فبقدر هذا الفن الذى وصفنا حال اعضاء اجواف اجناس الحيوان وحال البطن وكل واحد من الاعضاء اعنى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا. وللحيوان ايضا الذى ليس له رجلان مثل الحيات فان طباع الحيات مناسب لهذا الحيوان الذى ذكرنا لان الحيات شبيهة بسام ابرص مستطيلة الجثة ليس لها رجلان. ولبعض هذا الحيوان رئة لانه مشاء وليس لبعضه رئة بل نغانغ بدل الرئة. وليس لشئ من هذا الصنف من اصناف الحيوان مثانة ولا للسمك ما خلا السلحفاة وذلك لان الرطوبة تفنى فى التفليس. ورطوبة هذا الحيوان قليلة جدا ليس لان الرئة عادمة دم كما يعرض للطائر فان رطوبة جسد الطائر تميل الى الريش فرطوبة اجساد هذا الحيوان قليلة شبيهة بقلة رطوبة اجساد الطائر. ومن اجل هذه العلة اذا خرجت فضلة الرطوبة من الحيوان الذى له مثانة ووضعت فى آنية تجتمع فى اسفلها فضلة مالحة لان ما كان فى تلك الرطوبة من الماء العذب الذى يشرب قد فنى وصار الى اللحم للطفه وخفته. وبين الحيات والافاعى اختلاف مثل الاختلاف الذى بين السمك فان بين الحيوان الذى يسمى صلاخى وبين الحيوان البحرى اختلاف من اجل ان الذى يسمى صلاخى يلد حيوانا فى البر والافاعى يلد حيوانا بعد ان يبيض بيضا فى اجوافها اولا. ولجميع هذا الحيوان بطن واحد مثل ما لسائر الحيوان الذى له اسنان فى الفكين وله اعضاء جوف صار جدا مثل الحيوان الآخر الذى لا مثانة له. فاما الحيات فاعضاء اجوافها ضيقة مستطيلة لحال خلقة اجسادها اعنى لانها مستطيلة ضيقة فليس تشبه اعضاء اجواف سائر الحيوان لان تلك الاعضاء جيدة الخلقة حسنة الشكل لسعة الاماكن التى هى فيها ولهذا الحيوان المعاء الذى يسمى الاوسط وسائر المعاء وله ايضا حجاب بعد القلب اعنى ان لجميع الحيوان الدمى هذه الاعضاء وليس لكله رئة ووريد خشن ما خلا السمك. ووضع العرق الخشن والمرىء فى جميع الحيوان الذى له هذه الاعضاء على حال واحدة لحال العلل التى ذكرنا فيما سلف. [2] ولكثير من الحيوان الدمى مرة والمرة توجد فى بعض الحيوان على الكبد وتوجد فى بعضها متعلقة بالمعاء من اجل ان طباع المرة من طباع البطن الاسفل ليس بدون غيرها. وذلك خاصة بين فى السمك فان لجميع السمك مرة. فاما فى سائر الحيوان فالمرة توجد قريبا من المعاء وربما كانت المرة منسوجة مع كل المعاء مثل ما توجد فى الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية اميا وكثير من الحيات على مثل هذه الحال. فمن هذا يستبين ان الذين يزعمون ان طباع المرة خلق لحال الحس مخطئون. فانهم يقولون ان المرة جعلت لكى تلدغ الكبد وتصيره جيد الحس. وينبغى ان نعلم انه ليس لبعض الحيوان مرة البتة مثل الفرس والبغل والحمار والفيل والحيوان الذى يسمى باليونانية برقس وليس للجمل ايضا مرة مفردة منفردة بل عروق صغار فيها مرة. وليس للحيوان الذى يسمى باليونانية فوقى مرة ولا للدلفين وفى اجناس الحيوان التى هى فهى ربما وجدت مرة فى بعضها وربما لم توجد فى بعضها مثل ما يصاب فى جنس الفار. ومرة الانسان على مثل هذه الحال اعنى ان من الناس من له مرة ظاهرة على كبده ومنهم من ليس له مرة ظاهرة ولذلك يعرض الشك فى حال هذا الجنس. ولذلك يظن ان لجميع الناس مرة ومثل هذا العرض يعرض للمعزى والغنم اعنى ان لكثرتها مرة وربما كانت تلك المرة كثيرة بقدر ما يظن ان كثرتها عجب من العجائب كما عرض فى الدهر السالف فى البلدة التى تسمى باليونانية ناقسوس. وليس لبعض هذا الحيوان مرة مثل ما عرض فى البلدة التى تسمى باليونانية خلقس من كورة اوبوا. وكما قلنا فى المرة توجد فى اجواف السمك بعيدة من الكبد. وانا اظن ان اصحاب انقسغوراس مخطئون فى فولهم فى المرة حيت زعموا انها تكون علة الامراض الحادة لانها اذا كثرت سالت الى الرئة والاضلاع واسفل الحجاب. فانه بقدر قول القائل ليس مرة للذين تعرض هذه الامراض لهم ولو كان ذلك لعرف واستبان بالشق. وايضا الكثرة التى تكون فى الامراض والتى تنضج منها غير موافق لما قالوا. ولكن يشبه ان تكون المرة مثل سائر الجسد وليس لحال شىء آخر مثل الثفل الذى يجتمع فى البطن والمعاء. وربما استعمل الطباع بعض الفضول فى نوع من انواع المنفعة. وليس ينبغى لنا ان نوجب هذه العلة ونقول ان جميع هذه الحال لشىء بل لان بعضها مثل هذه باضطرار تعرض أخر لحالها باضطرار. ففى الذين يكون طباع الكبد صحيحا وطباع الدم حلوا اعنى طباع الدم الذى يصير الى الكبد اما لا تكون مرة البتة واما توجد فى عروق دقيقة جدا واما توجد فى بعض وفى بعض لا توجد. ولذلك تكون اكباد الذين ليس لهم مرة جيدة الالوان وهى فى الكل احلى من غيرها بقدر قول القائل. واذا كانت لشئ من الحيوان مرة يوجد جزء الكبد الذى تحت المرة حلوا جدا فاما انا كان تقويم المرة من تنقية قليلة فالفضلة تكون على خلاف ذلك الغذاء لانه ينبغى ان يكون مزاج الفضلة مخالفة لمزاح الغذاء. ولذلك صار المر ضدا للحلو والدم الصحيح حلو. فهو بين من الحجج التى احتججنا ان خلقة المرة ليست لحال شئ بل هى فضلة تنقية. ولذلك ينبغى لنا ان نعجب من قول القدماء الذين يزعمون ان عدم المرة يكون علة طول العمر وكثرة الحياة ولانهم نظروا فى الحيوان الذى له حوافر والايلة اعنى انه ليس لها مرة وانها تبقى زمانا كثيرا وايضا من الحيوان ما لم يعاينوه ولم يعلموا انه ليس له مرة مثل الدلفين والجمل فان هذين الصنفين من الحيوان طويلا العمر. وقد كان مما ينبغى ان يكون طباع الكبد علة قلة [ال] عمر لانه عضو مسود محتاح اليه باضطرار فى جميع الحيوان الدمى لان للكبد فضلة مثل هذه وليس لسائر الاعضاء فضلة اخرى مثلها. وليس يمكن ان تدنو من القلب رطوبة مثل هذه البتة لان القلب لا يحتمل شيئا من الاوجاع القوية البتة. والكبد من الاعضاء التى يحتاح اليها الحيوان باضطرار ولذلك يعرض هذا العرض للكبد فقط. ومن الخطأ ان يظن ان [البلعم] الخام الذى يعاين حيثما كان وثفل البطن فضلة ومرة وليس فى ذلك اختلاف من قبل الاماكن. فقد بينا العلة التى من اجلها فى اجساد بعض الحيوان مرة وليس فى بعضها مرة. [3] وقد بقى ذكر حال المعاء الاوسط والمراق فى هذا المكان وهى مع هذه الاعضاء. وانما المراق صفاق فيه ثرب فى الحيوان الذى له ثرب وفيه شحم فى الحيوان الذى له شحم. وقد قلنا وبينا فيما سلف حال الشحم والثرب ولاى علة تكون. وانما المراق موضوع بنوع واحد فى الحيوان الذى له بطن واحد والحيوان الذى له بطون كثيرة من وسط البطن حيت يكون عكر البطن وينتهى الى سائر البطن. وكثرة المعاء على حال واحدة فى الحيوان الدمى البرى والمائى فكينونة هذا العضو تعرض باضطرار لان آخر ما يكون من سخونة خلط اليابس والرطب يصير ابدا جلديا او صفاقيا وهذا المكان مملوء من غذاء مثل هذا وايضا لحال صفاقة الصفاق فباضطرار يكون دسما كلما صفى من الغذاء الدمى. فهذا اذا انطبخ بالحرارة التى تلى المكان لحال لطفه ورقته يكون ثربا بدل التقويم اللحمى والدمى وربما كان شحما. فبهذا النوع يعرض تقويم وولاد المراق. وانما تستعمله الطبيعة لحال جودة نضوج وطبخ الطعام لكى يكون طبخ ونضوج طعام الحيوان يسيرا سريعا لان الحار منضج والسمين حار والمراق دسم. ولذلك ابتدأ وضعه من وسط البطن لان نضوج الطعام يكون من ناحية الكبد فى ذلك المكان. فقد ذكرنا حال المراق وعلته فاما الذى يسمى المعاء الاوسط فهو صفاق وهو يمتد متصلا من امتداد المعاء حتى يصير الى العرق العظيم والعرق الذى يسمى اورطى وهو مملوء عروقا كثيرة صفيقة وتلك العروق تمتد من المعاء الى العرق العظيم والى العرق الذى يسمى اورطى. فكينونة المعاء الاوسط فى اجواف الحيوان باضطرار مثل سائر الاعضاء. وهو بين لاى علة صار هذا العضو فى جوف اجساد الحيوان الدمى لمن نظر فيه نظرا شافيا اعنى انه باضطرار ان يحتاح الحيوان الى ان يأخذ طعما من خارج ومن ذلك الطعم يكون الغذاء الآخر الذى منه يؤدى الى جميع الاعضاء وهو فى الحيوان الدمى دم وفى غيره شىء آخر ملائم لذلك الدم. وانما يؤدى الدم بالعروق التى تخرج من البطن ويسير الى جميع الاعضاء فى الغذاء ويؤدى الى الاعضاء كما يودى غذاء الشجر من الاصول اعنى ان للشجر اصولا فى الارض ومن هناك يأخذ الغذاء فاما في الحيوان فقوة البطن والمعاء مثل قوة الارض ومنها يؤخذ غذاء الطعام. فلهذه العلة صار طباع المعاء الاوسط لان العروق التى تمر به مثل اصول. فلهذه العلة صارت خلقة المعاء الاوسط. [و]فى الاقاويل التى سنضع فى حال ولاد الحيوان والغذاء [و]سنذكر باى نوع يأخذ الغذاء وكيف يدخل فى العروق بالطعام الذى يصل الى هذه الاعضاء ويؤدى الى العروق. وقد ذكرنا حال الحيوان الدمى وبينا حال جميع اعضائه حتى انتهينا الى ذكر الاعضاء المميزة المحدودة وقلنا العلل التى من اجلها صارت. وقد بقى ان نذكر حال الاعضاء الموافقة للولاد اعنى التى بها تختلف الذكورة والاناث. فان هذا الذى بقى وهو يتلو ما ذكرنا من امر الولاد. [ه] فينبغى لنا ان نذكر هذا ايضا فى اول ذكر تلك فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا والحيوان اللين الخزف ففيه اختلاف كثير اذا قيس الى هذا الحيوان الذى ذكرنا لانه ليس فيه شىء من طباع اعضاء الجوف ولا شئ من سائر اعضاء الحيوان الدمى. وقد بقى جنسان من الحيوان الذى لا دم له اعنى جنس الحيوان الخزفى الجلد وجنس الحيوان المحزز الجسد فليس لشىء من هذين الجنسين اعضاء جوف لانه ليس لها دم يكون طباع تقويم اعضائها منه لان تقويم طباعها مخالف لتقويم طباع الحيوان الدمى. وقد بينا فيما سلف ان بعض الحيوان دمى وبعضه عادم الدم وذلك بين فى القول الذى يحد ويميز ما بين اصناف الحيوان وجواهرها. وايضا ليس لهذه الاصناف شىء من العلل التى من اجلها يكون معاء الجوف فى الحيوان الذى لا دم له من اجل انه ليس لها عروق ولا مثانة ولا يتنفس وانما يكون لها العضو الذى يلائم القلب باضطرار من اجل ان العضو الذى فيه حس النفس والذى هو علة الحياة باضطرار يكون فى اول من اوائل الاعضاء والجسد فى جميع الحيوان. ولهذه الاصناف جميع الاعضاء الموافقة للطعم وذلك باضطرار. فاما الاماكن ففيها اختلاف من فبل ان الاماكن التى تقبل الطعم مختلفة. وفى افواه الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية مالاقيا سنان وفى افواهها ايضا عضو لحمى بدل اللسان وبه يحس بلذة اصناف الطعام. وكذلك للحيوان اللين الخزف السنان الاولان والعضو الذى يلائم اللسان لحمى وايضا لجميع الحيوان البحرى الخزفى الجلد هذا العضو لحال العلة التى هى فهى اعنى العلة التى ذكرنا انها فى الحيوان الدمى لحال اخذ الطعام. وكذلك الحيوان الذى لا دم له يقبل الطعام بالخرطوم الذى يخرج من فيه وانما يفعل ذلك صنف من اصناف الحيوان الذى ليس له دم مثل جنس النحل والذباب كما قلنا فيما سلف. فاما الذى ليس له خرطوم فى مقدم جثته يشبه حمة فله فى فمه عضو مثل هذا مثل جنس النحل وما كان مثله وشبيهه. فان لبعض هذا الصنف اسنان لا تشبه اسنان غيرها مثل جنس الذباب والنحل ومنه ما ليس له وهو الذى يطعم الطعام الرطب ولكثير من الحيوان المحزز الجسد ة اسنان ليس لحال الطعم بل لحال القوة. فاما بعض الحيوان البحرى الخزفى الجلد فله العضو الذى يسمى لسانا وهو قوى كما قلنا فى اول اقاويلنا. وللحيوان الذى يسمى باليونانية قوخلى سنان ايضا مع اللسان القوى مثل الحيوان اللين الخزف وللحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا معدة طويلة بعد الفم وبعد المعدة الطويلة حوصلة لاصقة بها مثل حوصلة الطير ثم بطن متصل بذلك وبعد البطن معاء مبسوط ينتهى الى مكان مخرج الفضلة. فما يلى البطن من الاعضاء فى الحيوان الذى يسمى باليونانية سيبيا والحيوان الكثير الارجل شبيه بعضه ببعض بالاشكال وحس المس. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية طاوتيس فله عضوان تشبهان البطون يقبل بهما الطعام غير ان احد العضوين اقل شبها بالحوصلة. وبين هذين العضوين اختلاف بالاشكال لان كل الجسد ايضا مقوم من اللحم اللين فاعضاء هذا الحيوان على مثل هذه الحال للعلة التى هى فهى اعنى العلة التى من اجلها تكون على مثل هذه الحال فى الطير لانه لا يمكن ان يطحن ولا يلين الطعم شئ من هذا الحيوان البتة. ومن اجل ذلك صار خلقة الحوصلة قبل البطن. ولهذا الحيوان رطوبة المنى فى وعاء صفاقى لحال السلامة والمعونة وذلك الوعاء لاصق بالمكان الذى منه مخرج الفضلة التى تخرج من المعاء الذى يلى البطن حيث العضو الذى يسمى انبوبا وهو مما يلى ناحية الظهر. وهذا العضو فى جميع الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا وخاصة فى الذى يسمى سيبيا فانه فيه كبير واذا فزع هذا الحيوان اخرج الرطوبة السوداء ويرها مثل سياج وحائط حول جثته لانه يكدر بها الماء. فللحيوان الكثير الارجل والحيوان الذى يسمى باليونانية طاوتيداس منى فى الناحية العليا على العضو الذى يسمى باليونانية ميطيس. فاما الحيوان الذى يسمى سيبيا فله هذه الفضلة اسفل قريب من البطن لان هذه الرطوبة فيه اكثر لانه يستعملها فيما ذكرنا آنفا وانما يعرض له ذلك لان اكثر مأواه وتدبير حياته فى قرب البر وليس له معونة اخرى مثل المعونة التى للحيوان الكثير الارجل اعنى التفليس الذى فى رجليه فانه يلزم ويتشبك بذلك التفليس بجميع ما يدنو منه. فللحيوان الكثير الارجل موافقة هذه الاعضاء التي يتشبك بها وتغيير اللون الذى يعرض له لحال الجزع كما يعرض له خروج المنى من الجزع ايضا. فاما الحيوان الذى يسمى طاوتيس فهو بحرى من هذه الاصناف فقط وفى الحيوان الذى يسمى سيبيا كثير من هذه الفضلة الرطبة وهى فى الناحية السفلى لكثرتها. واذا كانت الفضلة كثيرة كانت ايسر لخروجها وبلوغها الى مكان بعيد وانما تكون هذه الفضلة مثل الثفل الابيض الارضى الذى يكون على الفضلة فى اجساد الطائر. فبهذا النوع يكون المنى فى هذا الحيوان ايضا لانه ليس له مثانة وانما يخرج فيه الجزء الارضى جدا وهو فى الحيوان الذى يسمى سيبيا كثير لان الجزء الارضى فيه كثير. والدليل على ذلك جلده الذى هو على مثل هذه الحال وليس للحيوان الكثير الارجل مثله. فاما فى الحيوان الذى يسمى طاوتيداس فهو غضزوفى دقيق وقد قلنا فيما سلف لاى علة يكون هذا الجزء فى بعض الحيوان ولا يكون فى بعض وفى اى الاجناس يكون. ويعرض هذا العرض للحيوان الذى ذكرنا لانه ليس له دم وكذلك يعرض لغيره من الحيوان اعنى انه اذا جزع سهل بطنه والقى الفضلة ومن الحيوان ما اذا جزع سالت الفضلة التى فى مثانته وذلك يعرض له باضطرار لحال الجزع كما يعرض للحيوان الذى يخرج الفضلة من مثانته اذا فزع. والطباع يستعمل هذه الفضلة لحال السلامة والمعونة. ومن اجل هذه العلة للسراطين والحيوان اللين الخزف وللحيوان الذى يشبه الحيوان الذى يسمى قارابو سنان فى اول مقاديم الاسنان فبينهما العضو الذى يشبه اللسان كما قلنا فيما سلف ثم الفم وبعد الفم معدة صغيرة بقدر عظم الاجساد وقياس صغيرها الى كبيرها وبعد المعدة بطن وفيه اسنان أخر موجودة فى بعض السراطين والحيوان الذى يسمى قارابو لان الاسنان التى فى الناحية العليا لا تقطع الطعام قطعا فيه كفاية وبعد البطن معاء مبسوط ينتهى الى موضع خروج الفضلة. وفى كل واحد من الحيوان الخزفى الجلد هذه الاعضاء وهى فى بعض الحيوان مفصلة تفصيلا اكثر وفى بعض مفصلة تفصيلا دون. فاما فى الحيوان الاعظم الجثة فهذه الاعضاء ابين وللحيوان الذى يسمى قوخلى اسنان جاسية حادة كما قلنا فيما سلف والعضو الذى بين الاسنان لحمى مثل عضو الحيوان الذى يسمى مالاقيا والحيوان اللين الخزف وله خرطوم كما قلنا اولا وخلقة ذلك الخرطوم فيما بين خلقة الحمة واللسان. وبعد الفم عضو شبيه بحوصلة الطير وبعد ذلك العضو المعدة وبعد المعدة البطن وفيه الفضلة التى تسمى باليونانية مقيون وبعد البطن معاء مبسوط اوله من الذى يسمى مفيون وهذه الفضلة فى جميع الحيوان الخزفى الجلد خاصة وهو يظن ان يكون مأكولا. وحال سائر الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى باليونانية اسطرنبوس مثل حال الصنف الذى يسمى فوخلوس اعنى مثل الذى يسمى بورفيرى وقيرقاس. وفى اجناس الحيوان الخزفى الجلد اجناس واصناف كثيبرة لان بعضها يشبه الحيوان الذى يسمى اسطرنبوس مثل الذى ذكرنا آنفا ومنها ما له بابان ومنها ما له باب واحد. وبنوع من الانواع الحيوان الذى يشبه الحيوان ااذى يسمى اسطرنبوس يشبه الصنف الذى له بابان لان له اعطية على ما ظهر من لحمه وذلك يوجد فى جميع هذا الصنف من وقت الولاد مثل الذى يسمى بورفيرى وقيرقاس ونيريطى وكل جنس يكون على مثل هذه الحال. وانما ذلك ليكون شبيه معونة وقوة ولو لم يكن الخزف يسقف اجسادها لكانت الضرورة اسرع اليها من جميع الاشياء التى توافقها وتلقاها من خارج. فاما الحيوان الذى له باب واحد [ف] يسلم لان خزفه قوى فى ناحية مؤخر جسده وتكون له تلك الخزفة مثل بابين لحال الغطاء القريب مثل الحيوان الذى يسمى لوباداس. فاما الذى له بابان فانه يسلم لانه يجمع البابين ويغلقها مثل الذى يسمى اقطانيس ومواس. فاما الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس فو يسلم بالعضو الذى يشبه غطاء لانه يكون له مثل بابان بعد ان كان له باب واحد. فاما القنفذ خاصة [فله] وقى اكثر من جميع هذه الاصناف لان الخزف يحيط به ملتئما محرزا بالشوك فله هذه الخصوصية من بين الحيوان الخزفى الجلد كما قيل اولا لان طباعه مقوم من تقويم بين طباع الحيوان اللين الخزف والحيوان الخزفى الجلد على خلاف الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا لان فى بعضه الجزء الارضى من خارج وفى بعضه الجزء اللحمى من خارج. فاما القنفذ فليس فيه شىء لحمى فجميع اعضاءه كما وصفنا. ولجميع الحيوان الخزفى الجلد افواه والعضو الذى يشبه اللسان وبطن والعضو الذى منه تخرج الفضلة وفيها اختلاف من قبل الوضع والاعظام. ومن اراد معرفة ما وصفنا يقينا فليعلم ذلك من الاقاويل التى وضعنا فى صفة الحيوان ومن شق الاجساد فانه سيعلم ذلك من الكلام ومن المعاينة. وللحيوان الذى يسمى قنفذ والذى يسمى باليونانية طيتواس شىء خاص من بين الحيوان الخزفى الجلد وللقنافذ خمسة اسنان وفيما بين ذلك العضو اللحمى الذى فى جميع الاصناف التى وصفنا. وبعد ذلك العضو معدة تتلوه وبعد المعدة بطن مجزأ باجزاء كثيرة وتلك الاجزاء مثل حيوان له بطون كثيرة وتلك البطون مفترقة مملوؤة من فضلة الطعام وتلك البطون تخرج من المعدة وهى متعلقة بها ومنتهاها الى موضع خروج الفضلة. ولي فى بطونها شىء لحمى البتة كما قلنا اولا وفى تلك البطون بيض كثير العدة كل واحد منها فى صفاق على حدته وهى مبددة حول المعدة سود اللون. وليس لها اسم خاص لان اجناس القنافذ كثيرة وليس لها جنس واحد مفرد ففى جميع اجناس القنافذ بيض ولكن ليس بمأكول ما خلا البيض الذى يطفو. وبيض القنافذ صغير وبقول كلى هذا العرض يعرض لجميع اجناس الحيوان الخزفى الجلد لان لحوم جميعها ليست بمأكولة بنوع واحد والفضلة التى يسمى بعض الناس باليونانية ميقون تكون فى بعضها مأكولة وفى بعضها على خلاف ذلك وهى تكون فى الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس فى التواء المعاء. فاما فى الصنف الذى له باب واحد ففى آخر المعاء مثل ما يوجد فى الصنف الذى يسمى لوباس. فاما فى الصنف الذى له بابان فعند الالتئام. فاما البيض فهو يكون فى الناحية اليمنى وفى الناحية اليسرى مخرج الفضلة وليس يسمى ذلك بيضا بنوع صواب لانه يكون فى هذا الحيوان مثل ما يكون الشحم فى الحيوان الدمى اذا اخصب ولذلك يكون فى ازمان السنة التى فيها يخصب اعنى الخريف والربيع. فانه اذا كان زمان شدة البرد وزمان شدة الحر تسوء حال جميع الحيوان الخزفى الجلد ولا يحتمل افراط الحر والبرد. وعلامة ذلك العرض الذى يعرض للقنافذ فان هذا الجزء يكون فى هذا الحيوان من ساعته ولا سيما اذا كان امتلاء القمر ليس لانه يرعى رعيا اكثر كما يظن بعض الناس بل لان ليالى امتلاء القمر اسخن لحال ضوء القمر ومن اجل ان الحيوان غير دمى ولذلك يجد البرد جدا ويحتاج الى الدفاء. ولحال هذه العلة يخصب هذا الحيوان فى كل موضع ما خلا ما يكون منه فى ناحية البحر الذى يسمى باليونانية بوريوس اوريبوس فان حاله تكون مثل حاله فى الشتاء وليس بدون ذلك. وانما يعرض هذا العرض لان جميع هذه الاصناف يجد رعيا كثيرا ولا سيما لان السمك فى ذلك الزمان ينتقل من اماكنه. وفى جميع اجواف القنافذ بيض فرد العدد اعنى ان فى جميع اجوافها خمس بيضات وعدة اسنانها مثل هذه وعدة بطونها. وعلة ذلك من قبل ان ذلك الذى يسمى بيضة ليس هو بيضة كما قلنا اولا بل شئ شبيه بشحم الحيوان الذى يكون تقويمه من الخصب وحسن الحال. وانما يكون هذا الذى يسمى بيضة من الناحية اليمنى والقنفذ مستدير الجثة من كل ناحية وليس هو مثل اجساد سائر اصناف الحلزون لانه ليس فى جسد القنفذ اختلاف ولا هو مستدير فى ناحية وعلى خلاف ذلك فى باقيه بل هو مستوى الاستدارة من كل ناحية. فمن اجل هذه العلة تكون البيضة على مثل هذه الحال. ورأس جميع الصنف الذى وصفنا فى وسط الجثة فاما رأس القنفذ ففى الناحية العليا من جثته. وليس يمكن ان يكون البيض متصلا ولا فى سائر الاصناف وانما خصوصية القنفذ استدارة جسده وعدة البيض اعنى ان عدته فرد ولو كانت ازواجا لكان كل بيضة قبالة الاخرى فى كل النواحى وليس وضع بيضة على مثل هذه الحال اعنى ان كل بيضة قبالة الاخرى. وليس يكون ذلك فى سائر الحلزون ايضا لان بيض جميع اصناف الحلزون والاصناف الذى يسمى امشاط فى ناحية واحدة من نواحى استدارة اجسادها. ولذلك تكون عدة بيضها اما خمسة واما ثلاثة وعلى كل حال تكون عدة البيض فردا. فلو كان البيض ثلاثة لكان بعضه بعيدا من بعض ولو كان اكثر من خمسة لكان متصلا متتابعا. فاما الامر الاول فليس بامثل ولا اجود فاما الامر الثانى فليس يمكن ولا مما يستطاع. فباضطرار صارت عدة بيض القنافذ خمسة. ومن اجل هذه العلة التى هى فهى تكون حال البطن بقدر هذا النوع ايضا وعدة كثرة الاسنان كمثل. وكل واحد من البيض مثل جسده موافق لصنف الحياة فذلك فيه باضطرار لان النشوء والتربية من هذا تكون فلو كانت البيضة واحدة لكانت على بعد او كانت تملأ جميع البطن وباضطرار كان يعرض للقنفذ ان يصير عسر الحركة ولا يمتلئ الوعاء من الغذاء. فاذا صارت عدة الاسنان خمسة وبينها خلل باضطرار عرض ان يكون البيض ايضا خمسة. فالطباع يؤدى شبه الاعضاء التى ذكرنا على مثل هذا النوع. فقد بينا العلة التى من اجلها صارت عدة بيض القنفذ خمسة وانما الخمسة من العدد الفرد. ولان بعض القنافذ اكبر واحر من بعض صار بيض بعضها كبارا وبيض بعضها صخارا. فان الحرارة قوية على الطبخ والنضج الاكثر. ومن اجل هذه العلة تكون التى ليس بمأكولة مملوءة فضلة. وحرارة الطباع تصيرها اكثر حركة ولذلك لا ثبتت فى مكان واحد بل تتحرل وتنتقل وترعى رعيا اجود. والدليل على ذلك الوسخ الذى يوجد على شوكها لكثرة حركتها فان القنافذ تستعمل الشوك مثل ما يستعمل سائر الحيوان اليدين والرجلين. فاما الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية طيتوا فليس بينه وبين طباع الشجر الا اختلاف يسير وعلى ذلك هو اقرب الى الحياة من الاسفنج اعنى الغيم. فلهذا الحيوان قوة شبيهة بقوة الشجر جدا والطباع ابدا ينتقل من الاجساد التى ليس لها انفس الى الحيوان وانما اولا ينتقل الطباع بالذى يقال حيوان وليس هو حيوان بحق ولذلك يتنقل الاختلاف الذى بين هذه الاشياء قليل جدا لحال قرب بعضها من بعض. والغيم لانه انا كان لاصقا بالمكان الذى يأوى فيه يعيش واذا فارقه يهلك يظن ان حاله مثل حال الشجر بكل نو ع. فاما الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية هولوتوريا والحيوان الذى يسمى رئه واصناف أخر فهى فى البحر مرسلة وليس فيها حس واحد وهو يعيش مثل شجر مرسل وفى الشحر الارضى مثل بعض هذه الاصناف. ومنها ما يكون فى شجر آخر ومنها ما يكون مرسلا مثل الحيوان الذى يخرج من الشجر الذى يسمى برناسوس وهو يسمى باليونانية ابيبطرون. وربما كان الصنف الذى يسمى طيتوا شىء مثل هذا وكل جنس يشبه ما ذكرنا ولان جميع هذه الاصناف لاصقة بالاماكن التى تأوى فيها تشبه الشجر ولان فيها جزء لحمى يقال انه يعيش ولها حياة. فجميع ما كان من الحيوان البحرى على مثل هذه الحال اقرب الى جنس الشجر من غيره وبحق يسمى باسمه. وليس لهذا الحيوان فضلة كما ليس للشجر وانما فى وسطه حجاب رقيق وفى ذلك الحجاب ينبغى ان تكون قوة الحياة. فاما الحيوان البحرى الذى يسميه بعض الناس باليونانية اقنيداس ومنهم من يسميه اقاليفاس فليس هو خزفى الجلد وهوخارج من طباع الاجناس التى ذكرنا لانه مشترك الطباع فيما بين طباع الحيوان وطباع الشجر. ولانه مرسل ويغذى ويحس بالاشياء التى توافقه ولانه يستعمل خشونة جسده لحال السلامة يشارك طباع الحيوان ولانه ليس بتام ولانه ملصق بالصخور عاجلا ينسب الى جنس الشجر. وليس لهذا الحيوان فضلة بينة وله فم. وكمثل هذا الحيوان ايضا الجنس الذى يسمى نجم فانه اذا وقع على شىء من اصناف الحلزون مص رطوبته وهو يشبه اجناس الحيوان البحرى الذى ذكرنا مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا والحيوان اللين الجلد. وهذا قولنا فى الحيوان الخزفى الجلد فان له اعضاء موضوعة بقدر النوع الذى ذكرنا فيما سلف. وينبغى ان بكون فيها عضو ملائم لعضو الحواس اعنى العضو المسود الذى يكون فى الحيوان الدمى لانه ينبغى ان يكون هذا العضو فى جميع الحيوان وهو يوجد فى الحيوان الذى يسمى مالاقيا موضوع فى صفاق وهو رطب ولذلك تكون المعدة ممتدة الى البطن وهى لاصقة فى ناحية الظهر وبعض الناس يسميها باليونانية ميطيس. ومثل هذا العضو يكون عضو آخر فى الحيوان الخزفى الجلد وهو يسمى ايضا باليونانية ميطيس وهو جسدانى رطب ويمتد الى ناحية البطن. وفيما بين ذلك المعدة ولو كان فيما بين هذا وما يلى الظهر لم يكن يستطيع ان يناله الطعام لحال جساوة الظهر. وعلى العضو الذى يسمى ميطيس يوجد المعاء من خارج والمنى قريب من الماء لكن يكون بعيدا من مدخل الطعام وتكون العسرة بعيدة من موضع القوة الاولى والامر الذى هو احق وامثل. وايضا لهذا الحيوان عضو ملائم للقلب وذلك يستبين من المكان اعنى أنه فى الموضع الذى يكون فيه القلب. والدليل على ذلك ايضا حلاوة الرطوبة لانها دمية مطبوخة. والعضو المسود الذى فيه قوة الحس يوجد فى الحيوان الخزفى الجلد على مثل هذا النوع غير انه ليس بين جدا. وينبغى ان نطلب ابدا هنا العضو الذى فيه قوة الحس فى وسط الجسد اعنى فيما بين العضو الذى يقبل الطعام والعضو الذى منه تخرج الفضلة والمنى. وذلك فى الحيوان الثابت. فاما الحيوان السيار فهو ابدا فى وسط الناحية اليمنى واليسرى. فاما فى الحيوان المحزز الجسد فالعضو الذى فيه هذه القوة الاولى يوجد فيما بين الرأس وسائر الجسد المحيط بالرأس كما ذكرنا فى الاقاويل الاوائل. وهذا العضو يوجد فى كثير من الحيوان الذى وصفنا واحدا وفى بعضها يوجد بكثرة مثل ما يصاب فى الحيوان الطويل الجثة الذى يسى باليونانية هيولوديس. ولذلك يعيش هذا الحيوان بعد ان يقطع لان الطباع يريد ان يصير فى جميع الحيوان هذا العضو خاصة فاذا لم يقو ان يصنعه بالفعل صنعه بالقوة بكثرة. والدليل على ذلك من قبل ان هذا العضو يوجد فى بعضها اميز وفى بعضها اخفى. فاما الاعضاء التى توافق الطعام فهى فى جميع هذا الحيوان ولكن بينها اختلافا كثيرا لان لبعضها العضو الذى يسمى حمة وهو مركب لان له قوة لسان وشفتين وفى بعض هذا الحيوان توجد هذه الحمة داخل من الاسنان وهو يحس بما ذكرنا. وبعد هذا العضو معاء مبسوط مستقيم الى موضع خروج الفضلة اعنى العضو الذى منه يخرج الزبل والمنى وهذا المعاء يوجد ملتويا فى بعض هذا الحيوان. ومن هذا الصنف ما له بطن بعد الفم والمعاء ملتو لكى يكون موضعا موافقا للطعام الاكثر واذا كان الحيوان اعظم جثة واكثر اكلا. فاما جنس الحيوان الصرار فله طباع خاص لان له هذا العضو وهو فم ولسان معا وهو ملتئم به يقبل الطعام كما يقبل الشجر من الاصل وطعمه من الرطوبات. فجميع الحيوان الذى ليس له دم قليل الغذاء لحال صغره وقلة حرارته. فاذ قد ذكرنا حال جميع الاعضاء التى تكون فى هذه الاصناف من اصناف الحيوان ينبغى لنا ان نعطف ايضا ونعود الى ذكر الاعضاء التى فى خارج الجسد. ولا نبدأ بذكر التى تركنا صفتها لكى لا نزيد فى تصنيفها لانها اقل جثثا واضعف من الحيوان التام الدمى. [6] فليس اعضاء الحيوان المحزز الجسد كثير العدد ولكن ان كانت اعضاؤه قليلة العدد فيها اختلاف كثير فان لبعضها ارجل كثيرة لحال ابطائها وبرد طباعها لكى تكون حركتها اسرع. ومن اجل هذه العلة صار الحيوان البارد الطباع الكثير الارجل خاصة لطول الجثة مثل جنس الحيوان الذى يسمى باليونانية يولوس. فانه لحال كثرة اللحم صارت اجساد هذا الحيوان محززة وكثرت ارجلها. فاما ما كان منها صغير الجثة قليل اللحم فله ارجل اقل من الأخر ولا سيما الطير المنفرد. فاما الطير الذى يكون مع سائر صنفه فله اربعة اجنحة وهو خفيف الجثة مثل النحل وسائر الحيوان الذى يشبهه وله رجلان فى الناحية اليمنى والناحية اليسرى. وليس له اكثر من اربعة ارجل لكى لا يكون ذلك ممتنعا لطعمه. فما صغر من هذا الحيوان جدا فله جناحان فقط مثل جنس الذباب وما كان من هذا الحيوان صغيرا وتدبير معاشه ثابت فله اجنحة كثيبرة مثل اجنحة النحل ولاجنحته غلف مثل الدبر وما اشبهه من الحيوان المحزز الجسد لكى تسلم قوة الاجنحة. ولان هذا الحيوان ثابت قليل الحركة تسرع اليه الضرورة اكثر من الحيوان الجيد الحركة ومن اجل هذه العلة لاجنحة غلف مثل سياج يسترها. وجناح هذا الحيوان مشفوق باثنين وليس له جدر يشبه انبوبة وليس جناحه من ريش بل هو صفاق من جلد. وباضطرار يفارق اجسادها ذلك الصفاق اذا برد الجزء اللحمى الذى فيها وانما هذا الحيوان محزز الجسد لحال العلل التى ذكرنا ولكى يسلم بعدم الآفات. ومن هذا التحزيز تجتمع اجسادها وتكون قصيرة بعد ان كانت طويلة ولم يكن يمكن ذلك الا بتحزيز اجسادها. وما كان منها غير ملتو فهو يجسو جساوة اكثر اذا اجتمع وانضم تحزيزها بعضه الى بعض. وذلك يستبين فى الجعل خاصة فانه انا فز ع لا يتحرل ويكون جسده جاسيا. وباضطرار صار هذا الحيوان محزز الجسد لانه فى طباعه ان تكون له اوائل كثيرة. وبهذا الفن يشبه الشجر. فهذا الحيوان يقوى على العيش بعد ان يقطع مثل الشجر ولكن هذا الحيوان انما يلبث حينا يسيرا بعد القطع فاما ما يقطع من الشجر فهو يكون ايضا تاما كامل الطباع ولذلك يكون من شجرة واحدة شجر كثير العدد. ولبعض الحيوان المحزز الجسد حمة ايضا لحال المعونة والقوة ودفع ما يضربه. وربما كانت الحمة لبعضها عند اللسان وربما كانت لبعضها خلف عند الذنب. وكما تكون آلة حس المشمة للفيلة موافقة للقوة واستعمال الطعام كذلك يكون لبعض الحيوان المحزز الجسد العضو المركب مع اللسان وبذلك العضو يحس هذا الحيوان بالطعم ويأخذه ويصيره الى جوفه. وما كان من صنف هذا الحيوان عادم الحمة فى مقدم جسده فله اسنان بعضها لحال الطعم وبعضها لاخذ الطعام وتسيره الى الجوف مثل النمل وجنس النحل. واما ما كانت حمته فى مؤخر الجسد فذلك يكون لان الغضب يهيج تلك الحمة ويصيرها مثل سلاح. ومن هذا الحيوان ما حمته فى داخل جسده وما حمته خارج ناتئ عن جسده مثل النحل والدبر لانه طير. ولو كانت حمة النحل والدبر خارج لهلكت وفسدت عاجلا لدقتها وضعفها ولو كانت الحمة من خارج وعلى مثل حمة العقارب لكانت علة ثقل. فاما العقارب فلانها تدب ولها حمة باضطرار صارت الحمة خارجا من الجسد وهى موافقة للقوة ايضا. وليس يمكن ان يكون حيوان له جناحان فقط ذو حمة من خلف لانه ضعيف ليس له دم. وهذا الصنف اعنى صنف الحيوان الصغير الجثة كثير العدد وكلما كان من هذا الصنف يحمل [على] الحيوان الذى اصغر منه. ولحال هذه العلة صارت حمة هذا الحيوان فى مقدم الجسد وليس يقوى على ان يلدغ بحمته من مقدم الجثة الا بعسر لحال ضعفه. فاما الصنف الكثير الاجنحة فلحال عظم جثته وقوة طباعه صارت له اجنحة كثيرة ولذلك يقوى بالاعضاء التى فى مؤخر الجسد. وهو امكن واشبه ان يكون العضو الواحد موافقا لعمل واحد ولذلك صارت الحمة دافعة للمكروه يجد بها. والحمة التى تشبه اللسان مجوفة جاذبة للطعام وحيث يمكن ان يستعمل الطباع عضوين فى عملين ولا يكون احدهما مانعا لعمل الآخر فهو يفعل لان الطباع لا يفعل شيئا باطلا. وربما استعمل الطباع العضو الواحد فى عملين مثل ما يفعل الحداد اذا هيأ منارة تكون منارة وسراجا واذا امكن الطباع ان يستعمل العضو الواحد الذى هو فهو فى اعمال كثيرة فعل. والرجلان التى فى مقدم بعض هذا الحيوان اكبر لانه جاسى العينين ولا يبصر بصرا حادا ولا يقوى على اخذ ما يريد الا بقوة مقاديم رجليه. وهو يظهر بالمعاينة ان هذا الحيوان يفعل مثل هذا الفعل الذى ذكرنا اعنى صنف الذباب والاصناف التى تشبه النحل فهى تأخذ ما تأخذ بمقاديم رجليها. فاما مؤخر رجليها فهى اكبر من الاوساط لحال المشى ولترتفع عاجلا عن الارض اذا ارادت ان ترتفع عنها وتطير. فاما ما كان ينزو منها فهو يفعل مثل هذا الفعل ابين من غيره مثل جنس الجراد وجنس البراغيث فانها تثنى رجليها ثم تبسطها وترتفع عن الارض من اجل انه باضطرار ينبغى ان يكون انثناء فى الرجلين مائلا الى داخل وليس يمكن ان يكون شىء من مقاديم الرجلين على مثل هذه الحال. ولجميع هذه الاصناف ستة ارجل مع الرجلين التى بها ينزو. [7] فاما جسد الحيوان الخزفى الجلد فليس هو كثير التجزئ وعلة ذلك من قبل ان طباعه ثابت. وينبغى ان تكون اجساد الحيوان الكثير الحركة كثيرة الاجزاء لحال كثرة اعمالها وافعالها. فهى تحتاج الى آلة كثيرة لان لها شركة حركات كثيرة. ومن اصناف هذا الحيوان الذى نصف ما لا يتحرك البتة ومنه ما له شركة حركة يسيرة. ولذلك وضع الطباع حول جسده جساوة وخشونة الخزف لحال السلامة. ومن هذا الحيوان ما له باب ومنه ما له بابان ومنه ما يشبه الحيوان الذى يسى باليونانية اسطرنبوس كما قلنا اولا. ومنه ما لجسده التواء مثل الذى يسمى باليونانية قرقاس وهو صنف من اصناف الحلزون ومنها ما هو مستدير الجسد مثل جنس القنافذ. وايضا من هذا الحيوان الذى له بابان ما يفتحهما ثم يغلقها مثل الذى يسمى مشط والذى يسمى باليونانية مواس ومنه ما يوجد ابوابه بعضها لاصقا ببعض مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية سوليناس وتفسيره بالعربية القنى وجميع الحيوان الخزفى الجلد مثل الشجر لان رأسه فى الناحية السفلى. وعلة ذلك من قبل انه انما يقبل الطعم من اسفل كما يغذى الشجر من ناحية الاصول. ولذلك يعرض لهذا الصنف ان تكون اعضاؤه السفلية فى الناحية العليا والاعضاء التى فوق فى الناحية السفلى وهو فى صفاق وبه يصفى الماء العذب ويقبل الطعم. ولجميع هذه الاصناف رؤوس فاما اعضاء اجسادها فليس هى مسماة ما خلا العضو القبول للطعام. [8] وجميع الحيوان السيار اللين الخزفى كثير الارجل واكثر اجناس هذا الصنف اربعة اعنى الصنف الذى يسمى باليونانية قارابو والذى يسمى استاقى والذى يسمى عقوسين والذى يسمى السرطان. ولكل صنف من هذه الاصناف اجناس كثيرة مختلفة ليست بالصورة فقط بل بعظم الجثة ايضا لان منها ما هو عظيم الجثة ومنها ما هو صغير الجثة جدا. فصنف السراطين وصنف الذى يسمى باليونانية قارابو يقارب بعضه بعضا بالمنظر لان لهذين الصنفين شفتين. وليس تكون الشفتان أعنى زبانتان فى هذا الحيوان لحال المسير والمشى بل لحال الأخذ والامساك بدل امساك اليدين. ولذلك ينثنى هتان الزبانتان على خلاف الاماكن التى ذكرنا ويذهب بعضها الى ناحية عمق اجسادها وبعضها الى ناحية اجسادها المستدير فهى تلويها بقدر الحاجة الداعية الى ذلك. فبهذا النوع تكون موافقة للاستعمال لكى تأخذ بها الطعام وتذهب به الى افواهها. وبين السراطين والصنف الذى يسمى باليونانية قارابو اختلاف من قبل ان للقارابو اذناب وليس للسراطين اذناب. وانما للقارابو اذناب لحال السباحة فهى تتوكأ على تلك الاذناب وتعوم مثل الصنف الذى يسمى باليونانية فلاطاس. وليس للسراطين حاجة الى مثل هذا العضو لان مأواها فى الاماكن التى تقرب من البر وانها تأوى فى شقوق وثقب الصخور. فاما ما كان منها بحريا فرجلاه اضعف كثيرا لقلة السير مثل السراطين التى تسمى باليونانية مايا والتى تسمى اراقليوتيقس من اجل انها لا تستعمل من السير الا القليل. ولحال سلامتها ضارت اجسادها مثل اجساد الحلزون ولذلك صار الصنف الذى يسمى باليونانية مايا دقيق الرجلين والصنف الذى يسمى اراقليوتيقس قصير الساقين. فاما صنف السراطين الصغار التى تصاد مع السمك الصخير فلها ارجل كبيرة عريضة موافقة للحاجة التى تراد لانها مثل اجنحة اعنى الارجل العريضة. فاما العقوسين فبينها وبين الاصناف التى تشبه السراطين اختلاف لان لها اذنابا. وبينها وبين التى تشبه قارابو اختلاف لانه ليس لها زربانتان فانها عدمت الزبانتين لكثرة ارجلها فصار نشوء الطبيعة فى الرجلين. وللعقوسين ارجل كثيرة لانها تعوم وليس تسير على رجليها. فاما الاعضاء التى فى ناحية رؤوسها وظهورها فبعضها موافقة لقبول الماء واخراجه. وتلك الاعضاء النغانغ كثيرة التشبيك وهذه الاعضاء فى الاناث اكثر منها فى الذكورة اعنى ذكورة الحيوان الذى يسمى قارابو [فاما] اناث السراطين فلها اعضاء اصفق واقوى فى ناحية الابواب التى بها تغلق وتفتح. ولذلك تبيض البيض فى ذلك الموضع وليس فى بعد منه كما يبيض السمل و سائر الاصناف التى تبيض لحال سعة المواضع وان جثثها اعظم. فالزبانة اليمنى التى تكون فى جميع السراطين وفى الاصناف التى تشبه قارابو اعظم واقوى من اجل ان الناحية اليمنى فى جميع الحيوان اقوى واعظم من الناحية اليسرى لان الطباع ابدا يصير القوة فى الاعناء التى يستعمل الحيوان مثل ما يعمل فى الاسنان [للحاجة] التى ينطبق بعضها على بعض والانياب النائية والقرون والمخاليب وجميع ما يشبه ما وصفنا من الاعضاء التى فى الحيوان لحال المعونة والقوة. اما الحيوان الذى يسمى باليونانية استاقو فله زبانتان والزبانة الكبرى تكون بالبخت فى الذكورة والاناث. والعلة التى من اجلها صارت له زبانتان لانه من جنس الحيوان الذى له زبانتان والاكبر يكون بالبخت لان طباع هذا الحيوان مضرور وليس يستعمل الزبانتين فى العمل الذى خلق له من قبل الطباع لكن يستعمله فى السير فقط. ومن الاقاويل التى وضعنا فى معرفة مناظر الحيوان ومن الشق يعرفه هذه الاعضاء والاختلاف الذى بينها اذا قيس بعضها الى بعض ويعرف الاناث والذكورة ايضا. [9] وقد ذكرنا فيما سلف حال اعضاء جوف الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا حيث وصفنا اعضاء جوف سائر الحيوان. فاما الاعضاء التى فى ظاهر الجسد من هذا الصنف فليس بمفصلة ولا محدودة ورجلاها فى مقدم الجسد اعنى حول الرأس قريبا من العينين وحول الفم والاسنان. ومن الحيوان الذى له رجلان ما رجلاه من خلف ومن قدام ومنه ما له رجلان فى الجوانب مثل الحيوان الدمى الكثير الارجل. ولهذا الجنس من الحيوان شىء خاص له اعنى ان رجليه فى مقدم جسده وعلة ذلك من قبل ان ناحية المؤخر والمقدم مجتمعة فى مكان واحد مثل العرض الذى يعرض للحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى باليونانية اسطرنبوس فان له شيئا خاصا ليس هو لشىء آخر من الصنف الخزفى الجلد. وبقول عام الحيوان الخزفى الجلد بنوع يشبه الحيوان الذى يسمى مالاقيا [و]بنوع يشبه الحيوان الخزفى الجلد لان جلده ايضا جاسى جدا مثل الخزف والجزء اللحمى الذى فى داخل جسده يشبه الخزف الذى فى جسد الحيوان اللين الخزف. فاما شكل تقويم الجسد فمثل تقويم شكل جسد الذى يسمى مالاقيا وخاصة ما كان من الصنف الصنف الذى يشبه اسطرنبوس وله التواء. فطباع هذين الصنفين بقدر النوع الذى ذكرنا ولذلك سيرها سير مستقيم مثل العرض الذى يعرض للحيوان الذى له اربعة ارجل وللناس ايضا. فاما الانسان فله فم فى رأسه اعنى فى الناحية العليا من جسده ثم له معدة وبعد المعدة بطن وبعد البطن معاء ينتهى الى موضع خروج الفضلة. فهذه الاعضاء فى الحيوان الدمى على مثل هذه الحال. وبعد الرأس التنور اعنى الصدر وما يليه. فاما سائر الاعضاء فلحال هذه الحركة مثل الاعضاء التى فى مؤخر ومقدم الجسد واليدين والرجلين. وفى الحيوان اللين الخزف والحيوان المحزز الجسد استقامة اعضاء الجوف بقدر النوع الذى ذكرنا. وبينه وبين الحيوان الدمى اختلاف من قبل الاستعمال الذى يكون من خارج من الاعضاء المحركة. وفى الحيوان الذى يسمى مالاقيا والذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس خلاف اذا قيس الى الحيوان الخزفى الجلد وفيه موافقة ومشابهة بالخلقة من قبل ان اواخر جسدها مثنية الى ما يلى اوائلها كما يفعل الذى يثنى الخط المستقيم اعنى الذى عليه الف وبآ يثنيه الى الموضع الذى عليه دال فوضع اعضاء مقدم اجسادها على مثل هذه الحال فجميع جثة الحيوان الذى يسمى مالاقيا بقدر هذه الخلقة. فاما فى الحيوان الكثير الارجل فالرأس فقط. فاما فى الحيوان الخزفى الجلد فالعضو الذى يسمى اسطرنبوس وليس بينهما اختلاف آخر اكثر من ان الطباع [الذى] وضع الجساوة فى الحيوان الذى يسمى مالاقيا حول الجسد ووضع الجساوة محيطة بكل جسد الحيوان الخزفى الجلد لكى يسلم لحال ابطاء الحركة. ومن اجل هذه العلة تخرج الفضلة من فم الحيوان الذى يسمى مالاقيا وتخرج الفضلة من جنب الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس. فمن اجل هذه العلة صارت خلفة رجلى الحيوان الذى يسمى مالاقيا على خلاف خلقة ارجل سائر الاصناف. وبين الحيوان الذى يسمى سيبيا وطاوتيدس خلاف اذا قيس الى الحيوان الكثير الارجل لان هذين الصنفين تعوم وهذا الصنف يسير ولذينك الصنفين ستة ارجل فى مقدم الابدان واواخر الستة الارجل اكبر وزوج من الستة الارجل فى الناحية السفلى وذلك الزوج كبير جدا. وكما تكون ارجل الحيوان التى فى مؤخر الجسد اعظم واقوى كذلك يكون هذا الزوج فى هذا الصنف اقوى لحال حمل الثقل اعنى لان ثقل الجسد عليه وبه يتحرك. وزوج اواخر الرجلين اقوى من الاوسط لانه مما يستعمل. فاما الحيوان الكثير الارجل فله اربعة ارجل كبار جدا وهى اوساط الارجل وجميع ارجل هذا الحيوان ثمانية وهى فى الحيوان الذى يسمى سيبيا وطاوتيداس قصار فاما فى الحيوان الكثير الارجل فكبار. وذلك من قبل ان جثث ذينك الصنفين كبار وجثة هذا الصنف صغيرة فحيث نقص الطبا ع من عظم الجثة زاد على طول الرجلين وحيث نقص من طول الرجلين زاد على عظم الجسد. ومن اجل هذه العلة صارت ارجل بعضها موافقة ليس لثبات فقط بل للمشى ايضا وصارت ارجل الأخر لا ينتفع بها لانها صغار والجثة عظيمة. ولان رجليها قصار لا ينتفع بها فى شىء من الاخذ ولا الخروج من الصخور اذا هاجت امواج البحر واشتد الشتاء هيا لها الطباع خراطيم اعنى لكل واحد منها خرطومين طويلين بهما يرسى وبهما تتحرك كما تتحرك السفينة اذا كان شتاء وبهما تصيد كلما بعد عنها وتذهب بها الى افواهها. وليس توجد هذه الخراطيم الا فى الاصناف التى تسمى سيبيا وطاوتيداس والكثيرة الارجل لان رجليها موافقة لهذه الاعمال. فاما الاصناف التى فى ارجلها افواه عروق وتفليس خشن به تتشبك بجميع ما يماسها فله ذلك لحال القوة. وذلك التشبك يشبه التشبك الذى كان يعمل القدماء. فيتشبك هذا الحيوان من الاجزاء الصفار اعنى اجزاء العصب وبهذه الاجزاء يجذب كلما يماسه. ويكون التشبك رخوا اذا اراد الحيوان ان يأخذ به شيئا فاذا اخذ اشتد وصار ذلك التشبك قويا صفيقا. فليس ما وصفنا فى غير هذا الحيوان ولا يأخذ ما يريد من طعمه الا برجليه. ومن هذه الاصناف ما يأخذ الطعم بالخراطيم لانه يستعين بها مكان اليدين. ومن هذا الحيوان ما له عضو واحد ومنه ما له عضوان وعلة ذلك طول الجثة ودقتها من قبل الطبا ع فلحال الطول والدقة صارت الجثة من عضو واحد ملتئم. فالطباع يفعل ذلك ليس لانه اجود وامثل بل يفعله باضطرار لحال الكلمة الخاصة للجوهر. ولجميع هذه الاصناف من اصناف الحيوان جناح حول الجثة وهذا الجناح فى سائر الاصناف ملتئم متصل بالجسد وفى الحيوان الكبير الذى يسمى طاوتس. فاما ما كان من هذا الصنف صغير الجثة مثل طاوتيداس فله جناح اعرض ليس بضيق مثل جناح الذى يسمى باليونانية سيبيا والحيوان الكثير الارجل. فان ابتداء جناح هذه الاصناف من وسط الجثة وليس هو محيط بكل الجسد وانما يكون لها هذا الجناح لتعوم به وتقوم اجسادها مثل ما صار الصدر فى الطائر والذنب فى الحيوان الذى له ذنب. وهذا الجناح صغير جدا فى الحيوان الكثير الارجل [و] لذلك لا يستبين حسنا لحال صغر الجثة ولانه يقوم جثته برجليه تقويما فيه كفاية. فقد وصفنا حال الحيوان المحزز الجسد والحيوان اللين الخزف والخزفى الجلد والحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا ووصفنا الاعضاء التى فى باطن وظاهر اجسادها. [10] وانما ينبغى لنا ان نعود فى قولنا وننظر فى حال الحيوان الدمى الذى يلد حيوانا ونبدأ بصفة الاعضاء التى بقيت بعد تصنيف الاعضاء التى وصفنا. فاذا ميزنا ذلك اخذنا فى صفة الحيوان الدمى الذى يبيض بيضا بقدر النوع الذى فعلنا فيما سلف. وقد وصفنا فيما سلف من قولنا حال الاعضاء التى تلى الرأس من الحيوان وما يلى العنق والحلق. ولكل حيوان دمى رأس والرأس فى بعض هذا الحيوان مميز محدود وفى بعضه على خلاف ذلك اعنى انه ليس بمميز ولا محدود مثل رؤوس السراطين. ولجميع الحيوان الذى يلد حيوانا اعناق. فاما الحيوان الذى يبيض بيضا فمنه ما له عنق ومنه ما لا عنق له وكل حيوان له رئة له عنق ايضا. فاما الحيوان الذى لا يتنفس من الجو الخارج فليس له عنق. وانما خلقة الرأس خاصة لحال الدماع لانه ينبغى ان يكون هذا العضو فى الحيوان باضطرار اعنى فى الحيوان الدمى ويكون هذا العضو فى موضع قبالة موضع القلب لحال العلل التى ذكرنا اولا. وقد وضع الطباع فى الرأس بعض الحواس لان مزاج الدم معتدل موافق لدفء الدماغ لحال العلل التى وصفنا ولحال سكون ولطف الحواس. وتحت العنق وضعت الطبيعة العضو الثالث الموافق لمدخل الطعام وكذلك كان ينبغى ان يوضع خاصة لانه فى موضع معتدل اعنى انه لم يكن يمكن ان يكون البطن موضوعا فوق القلب الذى فيه القوة الاولى ولا كان يمكن ان يكون فوق العضو الالهى العظيم الشأن. وانما عمل العضو الالهى العقل والحس فلم يكن يمكن ان يكون عليه عضو آخر لحال ثقله لان الثقل يصير العقل عسر الحركة ويغير الحس المشترك ولا سيما انا كثر ثقل الجسد. وباضطرار كان ميل الاجساد الى الأرض لحال الاحتراز. وبدل العضوين واليدين صير الطباع مقاديم الرجلين فى الحيوان الذى له اربعة ارجل. فاما الرجلان المؤخرتان. فباضطرار صارت فى جميع الحيوان السيار فلهذه العلة صارت الاربعة الارجل فى اصناف هذا الحيوان ليقوى على حمل الثقل. ومقاديم جثث جميع هذا الحيوان اكبر من الجزء الذى فى المؤخر ما خلا الانسان. فاما الانسان فالناحية العليا من جسده معتدلة اذا قيست الى الناحية السفلى واقل منها كثيرا فى الذين تمت شبيبتهم. فاما فى الاحداث فعلى خلاف ذلك اعنى ان الناحية العليا اكبر والناحية السفلى اصغر. ولذلك يحبون الاطفال ولا يقوون على اقامة جثثهم بل يبقوا بغير حركة لان الناحية العليا من اجسادهم اكبر من الناحية السفلى كما قلنا آنفا فاما اذا شب الانسان فما يلى الناحية السفلى من جسده يزداد عظما وحال الحيوان الذى له اربعة ارجل على خلاف ذلك اعنى ان الناحية السفلى تكون عظيمة جدا اولا فاذا شب الانسان عظم ما يلى الناحية العليا. وانما سمى الناحية العليا جزء الجثة الذى بين موضع مخرج الفضلة وبين الرأس ولذلك يكون ارتفاع مقدم اجساد كثير من الخيل اكبر من المؤخر واذا كان الفرس حدثا يمس رأسه بالرجل التى فى المؤخر واذا صار مسنا لا يقوى على ذلك. فهذه حال الحيوان الذى له اربعة ارجل وحال الحيوان الذى له ظلفان. فاما الحيوان الذى له اصابع كثيرة والذى لا قرون له فمقدم جسده اكبر من المؤخر ولذلك يكون نشوء الناحية العليا بقدر نقص الناحية السفلى. وجنس الطائر وجنس السمك كما قلنا اكثر لحما فى الناحية العليا اعنى مقدم الجثة ولهذه العلة صار جميع هذا الحيوان اقل عقلا من الناس وكذلك قياس الصبيان الى كهولة الرجال ولا سيما انا كانت سائر القوة موافقة لما ذكرنا . فانه اذا عظم ثقل الناحية العليا قل العقل كما قلنا فيما سلف وعلة ذلك من قبل اول النفس الذى يخالط كثيرا وانه يصير جسدانيا عسر الحركة. وايضا اذا صارت الحرارة التى فى الحيوان اقل والجزء الارضى اكثر باضطرار تكون اجساد ذلك الحيوان اصغر وتكون لها ارجل كثيرة. واذا تم ذلك تكون بلا رجلين تماس الارض وتدب عليها ويكون العضو الذى فيه القوة الاولى مما يلى الارض اعنى الرأس ولا يكون له حس بل تكون قوته اسفل مثل قوة الشجر فان الناحية السفلى من جذور الشجر اكبر من الناحية العليا وفى اطراف الاغصان <***>. وقد قلنا العلة التى من اجلها صار لبعض الحيوان رجلان ولبعض ارجل كثيرة وليس لبعضه ارجل البتة وبينا العلة التى من اجلها صار الشجر والحيوان والعلة التى من اجلها صارت جثة الانسان مستقيمة قائمة من بين سائر الحيوان. ولم يحتج الانسان الى مقاديم الرجلين بل هيأ له الطباع بدل الرجلين المقدمين عضوين ويدين. ولهذه العلة اعنى ان للانسان يدين صار اعقل واحكم من جميع الحيوان بل هو امثل ان نقول لان الانسان اعقل واحكم من جميع الحيوان صارت له يدان لان اليدين آلة من الآلات. فاما الطباع فهو يبقى ابدا على حاله فلهذه العلل صار الانسان احكم من جميع الحيوان فله آلة موافقة لكثرة حركاته واعماله. وبحق ينبغى ان ندفع انابيب الزمارة الى الزامر والزامر موافق لاستعمال تلك الآلة لان الطباع يزيد الشىء الاصغر على الاعظم والمسود اكثر منه ولا يزيد الاكرم والاعظم على الاصغر. وكذلك هو امثل ان يكون. وانما يصنع الطباع الامثل الاجود من الاشياء التى تمكن فليس الانسان حكيما جدا لحال ان له يدين بل لانه حكيم جدا صارت له يدان ومن اجل ان الحكيم جدا يحتاج الى آلة كثيرة يستعملها بنوع الصواب والاستقامة. وليس اليد آلة واحدة بل آلة كثيرة لانها مثل آلة قبل آلات. والطباع وهب اليد للانسان لانه قوى على استعمالها فى اعمال شتى ومهن مختلفة. فاما الذين يزرعمون ان جسد الانسان ليس بجيد ولا محكم بل هو اردأ من تقويم سائر الحيوان واقل احكاما لانه عريان ليس له سترة ولا لرجليه غطاء ولا له صنف من اصناف السلاح موافق للقوة [ف] يقولون الخطأ من اجل ان لسائر الحيوان نوعا واحدا من انواع القوة ولا يمكن ان يغير ذلك النوع ويتخذ كانه غيره. بل باضطرار ان يكون مثل النائم [و] اللابس خفا ويعمل اعماله ولا ينتقص ذلك الدفاع ولا لو كان له سلاح [آخر]. فاما الانسان فله انواع كثيرة من انواع القوة والمعونة ويمكن ان يغير تلك الانواع الى غيرها وايضا له سلاح يتخذه بكمية وكيفية كما شاء. ويد الانسان مثل ظلف وظفر وقرن ورمح وسيف وآلة اخرى وصنف سلاح ايما كان. فاليد تكون جميع هذه الاشياء لانها تقوى على اخذ جميع ما وصفنا. وخلقة اليد التى وهب لها الطباع موافقة لها فى جميع اعمالها لانها مفترقة مجزأة باجزاء كثيرة فهى تقوى على استعمال جزء واحد وجزءين واجزاء كثيرة وعلى اصناف مختلفة. وايضا انثناء الاصابع موافق للاخذ وضبط ومسك الاشياء. والابهام قصيرة غليظة لحال الاعمال القوية ولذلك تسمى الاصبع الكبيرة وان كانت صغيرة لحال قصرها. وليس ينتفع بسائر الاصابع بقدر قول القائل بغير الابهام وكمثل ما نقول انه لو لم تكن اليد لم يكن اخذ البتة كذلك نقول انه لو لم تكن الابهام فى ناحية واحدة من نواحى اليد لم تكن تقوى على ضبط شىء. والابهام تمسك ما تمسك من الناحية السفلى الى الناحية العليا فاما سائر الاصابع فهى تمسك من اسفل. وينبغى ان يعرض ذلك لضبط اليد ما تمسك ضبطا شديدا بابهام. فالابهام قوية لكى تكون بشدتها مساوية لسائر قوة الاصابع ولذلك صارت قصيرة غليظة لحال القوة ولو كانت طويلة لم ينتفع بها. وبحق صارت فى اليد الاصبع الصغيرة قصيرة. فاما الاصبع الوسطى [ف]طويلة مثل مجذاف السفينة وكل ما يمسك باضطرار يضبط ضبطا شديدا اذا كان سائر الاصابع حول الاصبع الوسطى وذلك اوفق للاعال ايضا. [21] ونعم ما احتال الطباع لخلقة الاظفار ايضا. وانما اظفار سائر الحيوان مخاليب فاما الانسان فله اظفار لكى تستر الاطراف. فاما انثناء العضدين فهو اوفق لنقل الطعام ولسائر انواع الاستعمال وخلقتهما على خلاف خلقة عضدى الحيوان المشاء الذى له اربعة ارجل وباضطرار ينثنى ذلك الحيوان مقاديم يديه. فاما الرجلان فموافقة للسير اعنى سير الحيوان الذى له اربعة ارجل. فاما الحيوان الذى له اصابع كثيرة فهو يستعمل مقاديم رجليه ليس للمسير فقط بل يستعملها كما يستعمل الانسان يديه. وذلك بين ظاهر لنا لانا نعاين هذا الصنف من الحيوان يستعمل مقاديم رجليه [كما يستعمل الانسان يديها] وهو يقاتل بهما ويدفع الاذى عن نفسه. فاما الحيوان الذى له حوافر فهو يفعل ذلك اعنى يحامى عن نفسه ويدفع الاذى برجليه التى فى المؤخر لان مقاديم رجليه ليست بملائمة للمرفقين ولا لليدين. ومن اجل هذه العلة صار للحيوان الكثير الاصابع خمسة اصابع فى الرجلين التى فى المقدم وصارت اربعة اصابع فى الرجلين التى فى المؤخر مثل رجل الاسد والذئاب والكلاب والفهود. ولو كانت الاصبع الخامسة فى الرجلين التى فى المؤخر لكانت كبيرة مثل ما هى فى الرجلين التى فى المقدم. ومن الحيوان الكثير الاصابع ما يوجد فى رجليه التى فى المؤخر خمسة اصابع لانه يدب فلحال ذلك الدبيب يتوكأ على كثرة الاظفار لكى يكون دبيبه وحركته اسرع وايسر ولكى ترتفع جثته عن الارض ويرتفع الرأس. وبين مرفقى الانسان وبين الرجلين التى فى مقاديم سائر الحيوان جزء الجسد الذى يسمى صدر. ولصدر الانسان عرض وذلك بحق لان المرفقين موضوعان فى الجوانب وليس يمنعان الصدر من ان يكون عريضا وعلى هذه الخلقة التى هو عليها. فاما فى الحيوان الذى له اربعة ارجل فلم يكن يمكن ذلك اعنى عرض الصدر لبسط الرجلين التى فى المقدم ولحال الانتقال والسير من مكان الى مكان. ولذلك صار هذا العضو ضيق الخلقة. ومن اجل هذه العلة ليس للحيوان الذى له اربعة ارجل ثديان فى الصدر. فاما النساء فلهن فى صدورهن ثديان لحال سعة المكان ولان يستر ما يلى القلب. ولان ذلك المكان لحمى صارت الثديان لحميين مفصلين وهى فى الذكورة لحال العلة التى ذكرنا اعنى السترة. فاما فى النساء فالضباع يستعمل الثديين فى عمل آخر وهو العمل الذى ذكرنا مرارا شتى اعنى الغذاء الذى يغذى المولود. وانما الثديان اثنان لان جوانب الجسد اثنان اعنى الجانب الايمن والجانب الايسر وهما مفترقان مفصلان كل واحد على حدته وبينهما الموضع الذى فيه تلتقى وتلتئم الاضلاع. ولم يكن يكن ان تكون لسائر الحيوان ثديان فى الصدر فيما بين الرجلين التى فى المقدم لحال العسرة ولان الثديين كانا باضطرار يصيران مانعين للمسير والحركة. فما كان من الحيوان قليل الولد له حوافر وما كان من الحيوان الذى له قرون فله ثديان قريبة من الفخذين وليس له الا ثديين فقط. فاما الحيوان الذى يكثر الولد والحيوان المشقوق اليدين والرجلين فمنه ما له ثدى كثيرة فيما بين ناحيتى البطن مثل الخنزير والكلب ومنه ما له اثنان فقط مما يلى وسط البطن مثل اللبوة. وعلة ذلك ليس من قبل ان هذا الصنف قليل الولد فانه ربما ولد اثنين ولا يلد اكثر بل لانه ليس كثير اللبن من اجل ان الغذاء الذى يأخذ من طعمه يبيد ويفنى فى سائر الجسد وانما يأكل فى الفرط ويأكل اللحم. فاما الفيل الانثى فلها ثديان فقط تحت الابطين لانه موضع اوائل الثديين. والعلة التى من اجلها صارت لها ثديان فقط من فبل انها لا تلد الا واحدا فقط. والعلة التى من اجلها لم تصر ثدياها فيما يلى ناحية الفخذين لانها مشقوقة الرجلين. فليس يمكن ان يكون حيوان مشقوق الرجلين تكون له ثديان فيما يلى ناحية الفخذين. والعلة التى من اجلها صارت فى ناحية الابطين لانه مكان الثدين الاول. ومن الحيوان ما له ثدى كثيرة جراؤه ترضع لبنا كثيرا. والدليل على ذلك العرض الذى يعرض فى الخنازير ولها شىء خاص اعنى انها تمكن من اوائل ثدييها اوائل جرائها. فباضطرار يمكن من اوائل ثدييها اول ما يضع من جرائها. وانما اوائل الثديين التى تحت الابطين فمن اجل هذه العلة للفيل الانثى ثديان اثنان فقط فى ذلك المكان الذى وصفنا. وثدى الحيوان الكثير الولد فيما يلى البطن وعلة ذلك من قبل ان الحيوان الذى يربى جراء كثيرة محتاج الى كثرة الثدى لحال الرضاع. فلانه م يكن يمكن ان يكون فى العرض اكثر من ثديين فقط لان الجوانب اثنان اعنى الايسر والايمن صار وضع الثديين فى طول البطن اعنى فى المكان الذى بين الرجلين التى فى المؤخر وبين الرجلين التى فى مقدم الجسد. فاما الحيوان الذى ليس بكثير الشقوق فى اليدين والرجلين بل هو قليل الولد او له قرون فثدياه فيما يلى الابطى مثل الفرس الانثى والاتان والجمل. فان هذا الحيوان لا يضع غير واحد. وكذلك حال الحيوان الذى له ظلفان وايضا الايل والبقر والعنز وجميع الاجناس التى تشبه هذه وعلة ذلك من قبل ان نشوء اجسادها يكون فيما يلى الناحية العليا فلذلك يحتاج الى فضلة غذاء. فاما المكان الذى يلى الناحية السفلى فعلى خلاف ما ذكرنا. ولذلك صير الطباع الثديين فى تلك الناحية وحيث تكون حركة الغذاء من هناك يكون اخذه امكن وايسر. ولذكورة واناث الناس ثديان وليس لذكورة بعض الحيوان ثديان. فاما ذكورة الخيل فلبعضها ثديان وهى التى تشبه الامهات وليس لبعضها ثديان وهى التى تشبه الآباء. فقد ذكرنا حال الثدى. ووسط الصدر معلق ملتئم باطراف الاضلاع لحال العلة التى ذكرنا فيما سلف ولكى لا يمنع تورم غذاء الطعام. وعند تمام العضو الذى يسمى صدرا تكون الاعضاء الموافقة لخروح الفضلة اليابسة والرطبة. والطباع يستعمل العضو الواحد الذى هو فهو لخروج الفضلة الرطبة ولحال النكاح والسفاد وذلك بنوع واحد فى الاناث والذكورة، ما خلا اصناف يسيرة، من الحيوان الدمى ولجميع سائر اصناف الحيوان. وعلة ذلك من فبل ان المنى رطوبة من الرطوبات وهو فضلة. ونحن ندع ذكر صفته حيننا هذا وسنذكره فى آخره. وبنوع واحد بكون خروج المنى من الاناث وخروج الطمث. ونستبين ذلك ايضا فى آخره. فاما حيننا هذا فانا نكتفى بقولنا ان الطمث الذى يعرض للنساء فضلة من الفضول والمنى ايضا فضلة ولذلك يكون مسيلهما وخروجهما من مكان واحد هو فهو ومعرفة ذلك تكون يقينا. وكيف حالهما وبماذا يختلفان وما يعرض للمنى والحمل من الاقاويل التى وضعنا فى صفة الحيوان ومن شق اجساد الحيوان وسنذكر ذلك ايضا فى آخره فى الاقاويل التى نضع فى الولاد. وهو بين ان اشكال هذه الاعضاء موافقة لاعمالها باضطرار ولعضو الذكورة الموافق للجماع والسفاد فصول كثيرة من قبل ان ليس كل عضو ذكر عصبى الطباع. وهذا العضو من بين سائر الاعضاء يتغير ويزداد ويتنفص بغير مرض يعرض له. فاما زيادته فموافقة للجماع واما نقصه فموافق لاشياء كثيرة. ولو لا نقصه لكان ممتنعا لاعمال كثيرة. وتقويم طباعه بقدر ما يمكن ان تعرض له هذان الامران اعنى الزيادة والنقص ولذلك خلقته من عصب وغضروف ولذلك ينبسط ويتقبض من قبل الريح التى تعرض له فهو قبول لهذين الامرين. فما كان من اناث الحيوان الذى له اربعة ارجل تبول الى خلف لان ذلك الشكل موافق لسفادها فخلقة تركيبها على مثل هذه الحال. فاما من ذكورة الحيوان الذى له اربعة ارجل فالفيل يبول الى خلف مثل الاسد والجمل والحيوان الازب الرجلين. وليس يمكن ان يكون حيوان له حوافر يبول الى خلف. فاما ما يلى مؤخر الجسد وما يلى الفخذين والساقين فهو فى الانسان على خلاف خلقة ما هو فى سائر الحيوان الذى له اربعة ارجل. ولجميع ذلك الحيوان ذنب ليس للحيوان الذى يلد حيوانا فقط بل الذى يبيض بيضا ايضا. وان لم يكن هذا العضو فى بعض الحيوان فله على كل حال صغير. ولبعض الاذناب شعر كثير وليس لبعض. فاما الانسان فليس له ذنب وليس لشىء من الحيوان الذى له اربعة ارجل وركان ولان فخذى وساقى الانسان كثيرة اللحم. فاما سائر الحيوان ففخذاه وساقاه عديمة اللحم. وللحيوان الذى يلد حيوانا فخذان وساقان وخلقتهما من عظام وعصب وشوك وعلة ذلك كله واحدة بقدر قول القائل اعنى لان الانسان فقط قائم الجثة من بين سائر الحيوان. فلكى يكون ميل ومذهب الجسد الى الناحية العليا لحال الخفة رفع الطباع اللحم من تلك الناحية وزاده على الناحية السفلى. ولذلك صير الوركين كثيرى اللحم وما يلى الفخذين وبطون الساقين. وحق فعل ذلك الطباع لحال حمل ثقل الجسد ولان تكون الجثة قائمة. فاما فخذا وساقا الحيوان الذى له اربعة ارجل فمن عصب وعظم لحال كثرة الثقل والحمل. والاربعة ارجل مثل اربعة اسناد تسند الثقل ولذلك يثبت الحيوان الذى له اربعة ارجل قائما بلا تعب وبغير عناء. فاما الانسان فليس يقوى على ان يكون قائما حينا كثيرا بل يحتاج جسده الى راحة. ففخذا وبطون ساقى الانسان كثيرة اللحم لحال العلة التى ذكرنا ولذلك ليس له ذنب لان الغذاء يفنى فى كثرة لحم الفخذين وبطون الساقين. ولان له وركين اعدمته الطبيعة حاجة الذنب الذى يحتاج اليه باضطرار. فاما الحيوان الذى له اربعة ارجل وسائر الاجناس فعلى خلاف ذلك لان كثرة اللحم والثقل فى الناحية العليا وليس فى الناحية السفلى منه شىء الا القليل اليسير. ومن اجل هذه العلة ليس لهذا الحيوان وركان وفخذاه وساقاه جاسية جدا. ولكى يكون العضو الذى منه مخرج الفضلة فى حفظ وسترة صير الطباع الذنب على ذلك العضو. فما نقص من الفخذين والساقين صيره فى الذنب اعنى الغذاء الذى كان يصير الى الفخذين مال الى الذنب. فاما القرد فلان صورته مشتركة اعنى ان فيها شركة من صورة الانسان والحيوان الذى له اربعة ارجل ليس له ذنب ولا وركان. ولان له رجلين اثنين فقط اذا قام قائما ليس له ذنب ولان له اربعة ارجل ليس له وركان. وفى الاعضاء التى تسمى اذناب فصول كثيرة والطباع يستعملها ليس لحفظ وسترة القعدة فقط بل للمنفعة ايضا. وفى ارجل الحيوان الذى له اربعة ارجل اختلاف لان منها ما له حوافر فقط ومنها ما له ظلفان ومنها ما هو مشقوق بشقوق. والحوافر تكون فى الحيوان الذى له عظم الجثة والجزء الارضى الذى فيه صار الى طباع الحوافر مكان القرون والاسنان. وانما الحوافر بدل اظفار كثيرة فهو مثل ظفر واحد. ومن اجل هذه العلة لا يكون كعب فى ارجل هذا الحيوان اكثر ذلك. ومن اجل هذه العلة صارت حركة انثناء الارجل التى فى المؤخر عسرة لانه ليس فيها كعاب وكل ما له زاوية واحدة يتفتح ويتغلق عاجلا اكثر مما له زوايا كثيرة. والكعب مثل عضو غريب فيما بين عضوين ويكون منه ثقل ولكن ثبات الرجلين يكون بها اوثق واسلم. ومن اجل هذه العلة لا تكون الكعاب فى الرجلين التى فى المقدم بل تكون فى الرجلين اللتين فى المؤخر لانه ينبغى ان تكون الرجلان اللتان فى المقدم سريعتى الانثناء. فاما الرجلان اللتان فى المؤخر فانه ينبغى ان تكون اشد واوثق لتدفع الامر المؤذى للحيوان ولذلك يرمح الحيوان بتلك الرجلين. ناما الحيوان الذى له ظلفان ففى رجليه كعاب ولذلك تكون رجلاه ايسر حركة ولا تكون لرجليه حوافر. فاما الحيوان الذى له اصابع كثيرة فليس فى رجليه كعاب. ولو كانت فيها كعاب لم تكن كثيرة الاصابع بل انشق العرض بقدر ما كان يمسك الكعب. ولو كان هناك كعب لم تكن اصابع كثيرة والاصابع تستولى على المكان الذى كان للكعب. ومن اجل هذه العلة تكون ظلفان فى كثير من ارجل الحيوان التى فيها كعاب. وبحق صارت للانسان ارجل عظيمة جدا بقدر قياس عظمه الى عظم سائر الحيوان ولذلك كان ينبغى للرجلين التى تحمل ثقل الجسد ان يكون لها طول وعرض واصابع. وعظم اصابع الرجلين على خلاف عظم اصابع اليدين وذلك بحق لان عمل اليدين الاخذ والضبط ولذلك صارت اصابع اليدين اطول ولولا طولها وانثناؤها لم تكن اليد تأخذ شيئا وتضبط ضبطا جيدا. فاما عمل الرجلين فهو اجود لثبات وحمل الثقل فمن اجل هذه العلة صارت الرجلان قوية الخلقة. فاما تشقيق اواخر الرجلين فهو انفع وامثل لانه لو لم تكن مشقوقة الاصابع لكانت الضرورة تسرع الى كل العضو اعنى الرجل اذا اصابت جزء منها افة. فاما على مثل هذه الخلقة فليس تعرض لها الضرورة. ومن اجل هذه العلة صارت اصابع رجلى الانسان قصيرة لان قصرها مما يدفع عنها كثيرا من الأذى. ولهذه العلة صارت الاظفار فى اطراف اصابع اليدين والرجلين لانها تحتاج الى حفظ وسترة ولا سيما لحال ضعفها. فقد وصفنا حال الحيوان الدمى وحال الحيوان المشاء الذى يبيض بيضا وحال الحيوان الذى يلد حيوانا. [11] ومن الحيوان ما له اربعة ارجل ومنه ما ليس له رجلين مثل جنس الحيات وقد وصفنا العلة التى من اجلها عدمت الحيات الرجلين فى الاقاويل التى وضعنا فى مسير الحيوان وفصلنا ذلك كله. فاما سائر الحيات فصورته مثل صورة الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا ولهذا الحيوان رأس والاعضاء التى فيه لحال العلل التى هى فهى. فاما لسائر الحيوان الدمى فانه يوجد لسان فى فيه ما خلا التمساح فانه يظن انه ليس له لسان وانما له مكان اللسان فقط. وعلة ذلك من قبل انه يقال حيوان برى فلذلك له مكان لسان ولانه حيوان مائى ليس له لسان كما قلنا فيما سلف. فاما السمك فليس يظهر له لسان ان لم يمل الانسان رأسه جدا. وعلة ذلك لان رغبته فى الطعام كثيرة. وليس لسانه بمفصل بارز وعلة ذلك لانه لا يحتاج الى اللسان لحال المذاقة والمضغ وذلك العضو الذى مثل اللسان يحس بالرطوبات فاما لذة حس الاشياء المأكولة فانها تكون عند نزول الطعام الى الجوف لان هذا الصنف من الحيوان عند الابتلاع يحس بالاشياء الدسمة الحارة التى تشبه هذه الاصناف. فللحيوان الذى يلد حيوانا هذا الحس وبقدر قول القائل يحس بجميع اصناف الاطعمة وانواع الاشياء المأكولة عند الابتلاع اعنى انه يجد لذة الطعام عند انتفاخ المرىء ولذلك تكثر رغبتها الى الطعام وشهوتها اليه ومنها ما لا يضبط نفسه اذا حس بالطعم الذى يلذه. فاما سائر الحيوان فانه يحس بجميع الاطعمة المذاقة. فاما السمك وما يشبهه فهو يحس بالنوع الذى ذكرنا ومن الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا مثل السام ابرص [ما له] لسان له شعبتان فى الطرف مثل الحيات واطراف تلك الشعبتين دقاق جدا مثل شعر كما قلنا فيما سلف. وللحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية فوقى لسان مشقوق بشعبتين فلذلك يكون جميع هذا الصنف من الحيوان اعجف وهو حاد الاسنان اعنى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا فان اسنانه مثل اسنان السمك. فاما جميع آلة الحواس فهى توجد فى هذه الاصناف كما تصاب فى سائر الحيوان فله منخر وهو آلة المشمة وله عينان وهى آلة البصر وله اذنان وهى آلة السمع ولكن اذنيه ليست بناتئة مثل اذان الطير وانما لها سبيل فقط وعلة ذلك فى كليهما جساوة الجلد لان للطير اجنحة وريش وللصنف الآخر اما قشور واما فلوس. والقشور والفلوس من قبل الطباع جاسية وذلك بين فى السلحقاة وكبار الحيات والتماسيح النهرية. وذلك التفليس يكون اقوى من العظام كثيرا لان طباعه مثل طباع العظام. وليس لهذا الصنف من الحيوان الشفر الاعلى كما ليس للطير وانما يغلق عينيه بالشفر الاسفل لحال العلة التى ذكرنا. ومن الطير ما يغلق عينيه بالشفر الاسفل فاما هذا الحيوان فليس يغلق عينيه لان جلدة عينيه اجسى من جلد الطير. وعلة ذلك من قبل ان الطير يحتاج الى حدة البصر والى بعد النظر لحال تدبير معاشه فاما هذا الصنف فليس يحتاج الى حدة البصر لان مأواه فى الحجارة والثقب والشقوق. ورأس هذا الحيوان مجزأ باثنين اعنى الجزء الاعلى من الرأس والفك الاسفل. فاما الانسان وجميع الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا فهو يحرك الفكين فوق واسفل والى الجوانب. واما السمك والطير وما كان من الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا فهو يحرك الفك الاسفل فوق واسفل فقط وعلة ذلك من قبل ان مثل هذه الحركة موافقة للعض والقطع. فاما الحركة التى تكون فى الجانبين فهى موافقة لمضغ وتمليس الطعام ولم يكن ذلك موافقا للسمك اعنى الحركة التى تكون فى الجانين. ولذلك اعدم الطباع جميع هذه الاصناف الحركة الجنبية لان الطباع لا يفعل شيئا بنوع باطل. فجميع سائر الحيوان يحرك الفك الاسفل ما خلا التمساح النهرى. فانه يحرك الفك الاعلى وعلة ذلك من قبل ان رجليه ليست بموافقة للاخذ والامساك لشىء من الاشياء لانها صغار جدا فهيأ الطباع فم هذا الحيوان موافقا لهذه الاعمال بدل الرجلين. واذا كانت الضربة من فوق فهى اوفق للاخذ والضبط لان الضربة اذا كانت من ناحية العليا صارت اقوى وهو بين ان الضربة التى تكون من فوق اقوى من التى تكون من اسفل. ولان الفم موافق لهاتين الحاجتين اعنى الاخذ والعض والحاجة للامساك مضطرة وليس لهذا الحيوان يدان ولا رجلان موافقة للامساك هيأ الطباع حركة الفك الاعلى فى هذا الحيوان فقط لانها اوفق له من حركة الفك الاسفل. ولهذه العلة تحرك السراطين الجزء الذى يعلو الزبانتين ولا تحرك الجزء الاسفل لان الزبانتين خلقت فى السراطين بدل اليدين فهى موافقة للاخذ وليس للقطع. فاما القطع والعض فهو عمل خاص للاسنان فهو يمكن للسراطين وجميع الحيوان الذى يشهه ان تأخذ ما تأخذ باناة وإبطاء لان مأواها ليس فى الماء ولذلك صارت افواهها مشقوقة وهى تأخذ اما باليدين واما بالرجلين وتقطع وتعض بافواهها. فاما افواه التماسيح فهى موافقة للعملين وذلك من قبل الطباع فلهذه العلة صارت حركة الفك الاعلى. ولجميع هذه الاصناف من اصناف الحيوان اعناق لحال حاجة الرئة وهى تقبل الروح لطول الوريد الخشن. وانما يسمى عنقا العضو الذى بين الرأس والكتفين فاما الحية فانها مما يظن انه ليس لها عنق بل عضو آخر ملائم للعنق وذلك لانه ليس هذا العضو محدودا باطراف معروفة. وللحيات شىئ خاص ليس هو لسائر الحيوان الذى يناسبه بشبه الخلقة اعنى حركة رؤوسها الى ما خلف مع سكون سائر اجسادها. وعلة ذلك مثل علة الحيوان المحزز الجسد اعنى ان خرز فقار الحيات مخلوقة من غضروف ولذلك هو جيد الانثناء. فباضطرار عرض هذا العرض للحيات لحال العلة التى ذكرنا وصار ذلك فى خلقة الحيات ايضا لحال الامثل ولحفظ ما خلفها اعنى انها تحول رؤوسها خلف وتنظر الى جثتها الطويلة الضيقة. ولانه ليس للحيات رجلان وليس لها آلة موافقة لاخذ الطعم وحفظ ما خلف ولم تكن الحيات تنتفع برفع رؤوسها لو لم تكن قوية على ان تحركها الى خلف. وفى هذا الحيوان عضو يلائم الصدر وليس لشىء من هذا الصنف ثديان لا فى هذا العضو الملائم للصدر ولا فى سائر الجسد. وليس توجد ثديان فى شئ من الطير ولا فى شئ من اصناف السمك ايضا. وعلة ذلك من قبل انه ليس لها لبن ايضا وانما الثدى مثل وعاء قبول اللبن فليس لشئ من هذا الحيوان ولا لصنف الحيوان الذى يبيض بيضا لبن البتة لانه يبيض. وانما تكون الرطوبة اللبنية فى البيض فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فله لبن ولذلك ليس له بيض وسنوضح قولنا فى ذلك ونلطفه فى الاقاويل التى وضعنا فى ولاد وكينونة الحيوان. فاما حال ثنى اجسادها فقد وصفناها فى الاقاويل التى وضعنا على مسير الحيوان بقول عام. ولجميع هذه الاصناف من الحيوان ذنب ومنها ما له ذنب اكبر ومنها ما له ذنب اصغر. وفد وصفنا علة ذلك فيما سلف بقول عام. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية خاماليون وتفسيره اسد الارض فهو مهزول جدا اكثر من جميع الحيوان الذى يبيض بيضا. وذلك لانه قليل الدم جدا وعلة ذلك من قبل شكل نفسه اعنى انه جزوع جدا فلحال جزعه تغير لونه الى الوان كثيرة لان الجزع تبريد لحال قلة الدم ونقص الحرارة. فقد ذكرنا حال الحيوان الدمى الذى له اربعة ارجل والذى لا رجلين له ووصفنا جميع الاعضاء التى فى باطن الجسد وفى الظاهر منه واكتفينا بما قلنا من ذلك. [12] فاما فى الطائر فان اختلاف بعضه الى بعض يكون من قبل زيادة ونقص الاعضاء ومن فبل الاكثر والاقل من اجل ان من الطائر ما هو طويل الساقين ومنه ما هو قصير الساقين ومنه ما له لسان عريض ومنه ما ليس له لسان عريض ومنه ما له لسان ضيق. وكذلك يكون الاختلاف من قبل سائر الاعضاء والاختلاف ايضا يكون بين الطائر الذى يشبه بعضه بعضا من قبل الاعضاء وذلك الاختلاف يسير. وبين الطائر وسائر الحيوان اختلاف ايضا من قبل صورة الاعضاء فلجميع الطائر ريش وهذا الاختلاف خاص له من قبل ان لبعض سائر الحيوان تفليس ولبعضه قشور. فاما الطائر فله ريش وجناحان. واجنحة بعض الطير مشقوقة وليس منظرها شبيه بمنظر الاجنحة المتصلة الملتئمة فربما كان الجناح مشقوقا وربما كا غير مشقوق ومنه ما له جذر مثل انابيب ومنه ما ليس له جذر. وللطائر شىء خاص ايضا فى الرأس اعنى طباع المنقار فهو خاص للطائر لانه لا يوجد فى سائر الحيوان. فاما الفيل فله منخر بدل اليدين. فاما الحيوان المحزز الجسد فلبعضه لسان مكان الفم. فاما الطائر فله بدل الاسنان واليدين منقار مخلوق من عظم. وقد ذكرنا حال آلة الحواس فيما سلف. وللطائر عنق ممدود من قبل الطباع لحال العلة التى ذكرنا اعنى العلة التى من اجلها صارت خلقة العنق فى سائر الحيوان ومن الطائر ما له عنق طويل ومنه ما له عنق قصير. واكثر ذلك العنق يكون تبعا للساقين لان ما كان من الطائر طويل الساقين فله عنق طويل وما كان منه قصير الساقين له عنق قصير ما خلا صنف الطائر الذى فيما بين اصابع رجليه جلد فان منه ما له عنق قصير وساقان طوال. ولو كان ذلك فى الطائر الذى يأوى فى البر لم يكن ممكنا لانه لم يكن مما يستطاع ان تكون الساقان طوالا والعنق قصير. فاما فى الطائر الذى بين اصابعه جلد فانه يمكن ان يكون خلاف ذلك لان مأواه فى الماء من الصيد والامساك. ومن اجل هذه العلة لا يكون عنق طويل للطائر المعقف المخاليب. ومن الطائر الذى يأوى فى الماء وبين اصابع رجليه جلدة ما له عنق طويل موافق لعمله. فانه انا كان على مثل هذه الحال كان اوفق لاخذ الطعم من الماء وساقا هذا الطائر قصار لحال السباحة. وفى المناقير ايضا اختلاف بقدر اصناف الحياة وتدبير المعاش فمن الطائر ما له منقار مستقيم ومنه ما له منقار معقف والمنقار المستقيم يكون فى الطائر الذى يحتاح الى اخذ الطعم فقط فاما المنقار المعقف فانه يكون فى الطائر الذى يأكل اللحم النىء لان ذلك الشكل موافق لضبط ذلك اللحم وباضطرار صارت خلقة منقاره على مثل هذه الحال لكسبه وطعمه من الحيوان. فاما الطائر الذى تدبير معاشه هين لذيذ لانه يرعى الخضرة والحشيش فله منقار عريض موافق للحفر والقطع والجز. ومن الطائر الذى من هذا الجنس ما له منقار طويل لحال طول العنق ولانه يكسب طعمه وغذاءه من العمق. وكثير من الجنس اعنى من جنس الطائر الذى على مثل هذه الحال والطائر الذى فيما بين اصابع رجليه جلد بقول مبسوط او بعضو من الاعضاء يصيد الحيوان الصغير الذى يأوى فى الماء. ويكون عنق هذا الصنف مثل ما يكون القصبة للصيادين ويكون المنقار مثل الخيط والصنارة. فاما مقدم الجسد ومؤخره والعضو الذى يسمى صدرا فى الحيوان الذى له اربعة ارجل وهو ملتئم متصل فى جميع الطائر وهو معلق على العضدين والساقين. وللطائر عضو خاص اعنى الجناحين ولذلك يكون ما بين الكتفين عند آخر الظهر على الجناحين. وللطائر رجلان اثنان مثل الانسان ورجلاه الى خا كما تنثنى رجلا الحيوان الذى له اربعة ارجل وليس كما تنثنى رجلا الانسان الى داخل وباضطرار صار الطائر ذا رجلين لان جوهره من جوهر الحيوان الدمى وهو ايضا مجنح. فاما الحيوان الذى ليس بدمى فليس يتحرك باكثر من اربع علامات وله من الاعضاء مثل الاعضاء التى تكون لسائر الحيوان المشاء. وللطائر بدل الرجلين اللتين فى المقدم وبدل العضدين جناح مشترك وبه تكون قوته. وفى جوهر الطائر قوة الطيران فمن اجل هذه العلة ينبغى ان تكون للطائر رجلان اثنتان فقط فانه اذا كان على مثل هذه الحال يحرك باربع علامات اعنى الرجلين والجناحين. ولجميع الطائر صدر حاد لحيم وهو حاد لحال جودة الطيران لان كل ما كان عريضا يدفع هواء كثيرا ويكون عسر الحركة. وهو لحيم لان الحاد ضعيف ان لم يكن عليه غطاء وسترة من لحم كثير. وتحت صدر الطائر بطن ينتهى الى مكان خروج الفضلة والى انثناء الرجلين كما يكون فى الحيوان الذى له اربعة ارجل وفى الناس. فهذه الاعضاء فيما بين الجناحين والساقين. ولجميع الحيوان الذى يلد حيوانا او يبيض بيضا سرة فى وقت الولاد. واذا نشأ الطائر تخفى السرة ولا تظهر البتة لانها تلتئم بالمعاء بجزء من اجزاء العروق كما يعرض للحيوان الذى يلد حيوانا. وايضا من الطائر ما هو جيد الطيران وله اجنحة كبار قوية ولا سيما الطائر المعقف المخاليب الذى يأكل اللحم. فباضطرار يكون على مثل هذه الحال لجودة طيرانه. ومن اجل هذه العلة له كثرة ريش واجنحة كبار قوية. وليس الطير المعقف المخاليب جيد الطيران فقط بل اجناس أخر ايضا من اجناس الطير ولا سيما الطير الذى وهب له الطباع جودة الطيران لحال السلامة ولانه منتقل من بلد الى بلد. ومن الطير ما ليس هو جيد الطيران لثقل جثته ولان مأواه على الارض ومعاشه منها وطعمه الحبوب وما يأوى فى الماء على مثل تلك الحال. واجساد الطائر المعقف المخاليب صفار لطاف ما خلا الاجنحة لان الغذاء يصير اليها وفيها يفنى والاجنحة سلاحه وقوته. فاما جثث واجساد الطائر الذى ليس بجيد الطيران فعلى خلاف ذلك اعنى ان جثثها ثقال كبار. ولبعض الطائر الثقيل الجثة معونة اخرى بدل الجناحين اعنى المخاليب التى تكون فى ساقيها. وليس يمكن ان يكون طير له مخاليب فى رجليه ومخاليب فى ساقيه. وعلة ذلك من قبل ان الطباع لا يضع شيئا فضلا والمخاليب التى تكون فى الرجلين مما لا يحتاح اليه الطير المعقف المخاليب لان المخاليب التى تكون فى الساقين موافقة فى القتال للذى يقاتل ويهارش بعضه بعضا وهو ثابت على الارض. ولذلك تكون هذه المخاليب فى ساقى الطير الثقيل الجثة. ومن اجل هذه العلة لا تكون مخاليبه معقفة فى الطائر الثقيل الجثة فانه مما لا يحتاج اليه بل كان يضره لانه كان يربو فى الارض ويتشبك بجميع ما يمشى عليه. ومن اجل هذه العلة لا يمشى كل طائر له مخاليب معقفة على كل حال ولا يجلس على الحجر لان طباع مخاليبه مخالف لهذين. وباضطرار عرض هذا العرض لهذا الصنف من الطائر فى وقت الولادات لان الجزء الارضى موافق لكينونة الاعضاء القوية منه ولان الجزء الارضى مال الى الناحية العليا صارت منه جساوة المنقار وعظمه ولان الجزء الارضى يميل الى الناحية السفلى تصير منه المخاليب التى فى الساقين. ومن ذلك الجزء يكون عظم وقوة مخاليب الرجلين. ولو لم يكن هذا الجزء الارضى فى الطير وهذه الفضلة لكان الطباع ضعيفا. ومن اجل هذه العلة صار بعض الطير الذى يعوم بجلد فيما بين الاصابع بقول مبسوط ومنه ما ليس بين اصابعه جلد بل لاصابعه عرض متصل. فباضطرار صارت للطير هذه الاعضاء لهذه العلل. وخلقة ارجل هذا الصنف على مثل هذه الحال لما فيه الخيرة لانه يأوى فى الماء ومنه معاشه. فاما ريش هذا الطير الذى يستر جميع جثته وينتهى الى رجليه فهو موافق للسباحة لانه يكون له مثل المجاذيف. وكذلك تكون الاجنحة للسمك. واجنحة الطائر تكون قريبة من رؤوسها ولا تكون فيما بين رجليها. ومن الطائر ما هو طويل الساقين وعلة ذلك صنف معاشها لان الطباع يعمل الآلة بقدر العمل الذى يحتاج اليه وليس يهيىء العمل بقدر الآلة. فمن اجل ان صنفا من اصناف الطير لا يعوم ولا يأوى فى الماء لم يصر فيما بين اصابع رجليه جلد. ولان مأواه فى البر صار طويل الساقين طويل الاصابع وانثناء اصابعه اكثر. فلانه ليس بجيد الطيران وهو من هيولى واحدة والغذاء الذى كان يصير الى مؤخر الصدر مال الى الساقين ولذلك نشأت وطالت. ولذلك اذا طار هذا الصنف يستعمل رجليه بدل مؤخر الصدر والذنب ويطير ورجلاه مبسوطتان الى خلف وبهذا النوع صارت خلقة ساقيه موافقة له. ومن الطائر ما له رجلان وساقان قصار فاذا طار ضمها الى بطنه لكى لا يمنعه من الطيران شىء وليس يمنع قصر الرجلين من الطيران شىء. فاما رجلا الطير المعقف المخاليب فهى موافقة للصيد والخطف. وما كان من الطير طويل العنق وكان عنقه غليظا فهو يطير مبسوط العنق. وان كان عنقه طويلا ضعيفا فهو يثنيه عند الطيران. ولجميع الطير وركان وان كان كثير من الناس لا يظن ان له وركين بل فخذين فقط. وقد علمنا ان له وركين تمتد الى وسط البطن وعلة ذلك ان له رجلين اثنتين فلذلك له وركان مثل الانسان. وليس هو عادم الوركين مثل الحيوان الذى له اربعة ارجل وانما وركاه فى ناحية المقعدة ورجلاه لاصقة بوركيه لكى يقوى على قيام جثته. ولذلك يقيم الانسان جثته ايضا. فاما الحيوان الذى له اربعة ارجل فهو مائل الى الارض لحال ثقل رأسه. والطير ايضا لا يكون فى كل حين قائم الجثة لحاجته الى طلب طعمه من الارض. وليس للطائر الا رجلان اثنتان فقط لان له جناحين بدل الرجلين التى فى المقدم. ولذلك صير الطباع ورك الطير طويلا وفى وسط الورك وضع الساقين مثل سند لكى يكون الثقل مساويا من كلا الجانبين ويقوى على الطيران والمسير ويكون جيد الثبات. وقد ذكرنا العلة التى من اجلها صار للطير رجلان اثنتان فقط والعلة التى من اجلها لا يكون قائم الجثة فى كل حين. وليس فى ساقى الطير لحم لحال العلة التى ذكرنا اعنى العلة التى من اجلها ليس لارجل الدواب التى لها اربعة ارجل لحم. ولكل طير فى كل رجل اربعة اصابع بنوع واحد. فاما الطير الذى من ارض لوبية الذى يسمى نعام فسنذكر حاله فى آخره فانه قد يظن ان لا يكون من اجناس الطير لحال اختلاف خلقته. ولهذا الطير ثلاثة اصابع فى كل رجل لحال الثقة ولحال الاجنحة والعرض الذى عرض له يشبه بالعرض الذى يعرض للطير الطويل الساقين وخاصة العرض الذى عرض للطير الذى يسمى باليونانية قرقس. فان ذلك الطير ليس بكثير الاصابع. وهذه حال اصابع اجناس الطير ووضعه. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية اوقس فليس له الا فى المقدم رجلان وفى المؤخر رجلان فقط وعلة ذلك من قبل ان جسده لا يميل وينقل الى المقدم مثل ميل الآخر. ولجميع الطير انثيان وهما فى داخل الجسد. وسنذكر علة ذلك فى الاقاويل التى نضع فى ولاد الحيوان. فهذه حال اعضاء اجناس الطير. [13] فاما جنس السمك فهو ناقص الاعضاء التى تكون فى ظاهر الجسد لانه ليس له اجنحة ولا رجلان ولا يدان. وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف. وانما جثته متصلة بالرأس والذنب وليس رؤوس جميع السمك متشابهة بل منها رؤوس تقارب بعضها بعضا بالشبه. ومن السمك العريض ما له ذنب مستطيل مشوك ومن هنال يكون النشوء والزيادة فى عرض الجثة مثل جثث السمك الذى يسمى خدر وفواخت. وكل ما كان من هذا الصنف قريبا مما ذكرنا مشوك مستطيل ومنه ما يكون كثير اللحم ويكون قصيرا للعلة التى ذكرنا من اجلها صار ذنب الخدر قصيرا كثير اللحم. فاما الضفادع فالذى يعرض لها على خلاف مما ذكرنا لان عرض مقاديمها اكثر لحما من المواخير وما نقص من المواخير والذنب زاد الطباع على المقدم. وليس للسمك اعضاء تامة لان طباعه وجوهره توافق السباحة فليس له اعضاء تامة لان الطباع لا يصنع شيئا بنوع الفضلة والباطل. وايضا جوهر السمك دمى لانه يعوم وله جناحان لانه ليس بمشاء من اجل انه ليس له رجلان. وانما زيادة الرجلين موافقة لاستعمالها بالحركة. وليس يمكن ان يكون للسمك اربعة اجنحة ورجلان ولا يمكن ان يكون له عضو آخر مثل هذا البتة. ولو كان له عضو آخر لم يكن له دم. فاما صنف السمك الذى يسمى قردولو فله نغانغ ورجلان وليس له اجنحة بل له ذنب عريض ليس بصفيق. وللسمك العريض الجثة مثل الذى يسمى باليونانية باطوس والذى يسمى فاختة اربعة اجنحة فمنها جناحان فى البطن وجناحان فى الظهر. ومن السمك الطويل ما ليس له جناحان ولا رجلان مثل الانكليس والذى يسمى باليونانية غنغروس وجنس من اجناس السمك الذى يسمى باليونانية قسطروس وهو يكون فى البقعة التى فى البلد المسمى باليونانية سيفاس. وهذا الصنف مستطيل الجثة وخلقه شبيهة بخلقة الحيات مثل الذى يسمى باليونانية اسمورينى وليس لهذا الصنف اجنحة وانما يعوم بانثناء جسده اذا يحرك فى رطوبة الماء كما تفعل الحيات اذا سارت على وجه الارض. فان الحيات تعوم فى الماء كما تسير وتدب على وجه الارض. والعلة التى من اجلها ليس للاصناف التى تشبه الحيات اجنحة مثل العلة التى من اجلها ليس للحيات رجلان. وقد ذكرنا هذه العلة فى الاقاويل التى وضعنا فى مسير وحركة الحيوان. ولو كانت لها ارجل لكانت حركتها رديئة لانها كان تكون على اربعة علامات. ولو كانت الاجنحة بعضها قريبا من بعض لكانت حركتها عسرة جدا. ولو كانت تبعد الاجنحة بعضها من بعض لصارت الحركة ايضا رديئة لان الجزء االذى بين الاجنحة كبير. ولو كانت لها علامات كثيرة تتحرك بها لم يكن يمكن ان يكون لها دم. ومن اجل هذه العلة صارت لبعض السمك جناحان فقط لان خلقته مستطيلة شبيهة بخلقة الحيات فهو يستعمل انثناء جثته مكان الجناحين الباقيين ولذلك يدب فى اليبس ويعيش حينا كثيرا. وربما كان لبعض اصناف السمك جناحان فقط وذانك الجناحان يكونان فيما يلى الظهر فقط. وذلك يوجد فى السمك الذى لا يمتنع من ان يعوم لحال عرض جثته. ومن السمك ما تكون له جناحان قريبان من رأسه اذا لم يكن له طول جثة يتحرل به. فليس يمكن ان يكون جسد السمك الذى مثل هذا الصنف مستطيلا. فاما الصنف الذى يسمى باليونانية باطوس وكلما كان مثله فله عرض بدل الجناحين التى تكون فى المؤخر فهى تعوم بذلك العرض مثل الصنف الذى يسمى خدرا وضفدعا فانه يعوم بعرض اسفل جثته وخاصة لحال عرض الناحية العليا. فاما الاجنحة التى فريبة من الرأس فليس تمنعه من الحركة لحال العرض بل بدل ما يكون فوق صارت هذه الاجنحة اصغر من التى فى المؤخر. وللصنف الذى يسمى خدرا قريبا من الذنب جناحان وهو يستعمل العرض مكان الجناحين الباقيين. وقد وصفنا حال الاعضاء وآلة الحواس التى فى الرأس فيما سلف من قولنا. وللسمك شىء خاص ليس لسائر الحيوان الدمى اعنى طباع النغانع. وقد ذكرنا علة ذلك فيما وصفنا من التنفس. ومن السمك الذى له نغانع ما لنغانغه اغطية. فاما الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية صلاخى فليس لنغانغه غطاء البتة. وعلة ذلك من قبل ان نغانغه شوكية وانما الغطاء شوكى. فاما جميع اصناف الحيوان الذى يسمى صلاخى فخلقته من غضروف وشوك وايضا حركات بعض النغانغ بطيئة لان خلقتها ليست من شوك ولا من غضروف. واما خلقة التى تكون من شوك فهى موافقة للحركة وينبغى ان تكون حركة الغطاء سريعة لان ذلك اوفق لطباع النغانغ. ومن اجل هذه العلة يكون اجتماع النغانغ على موضع السبيل فى جميع اصناف الحيوان الذى يشبه صلاخى ولا يحتاج الى غطاء لكى تكون الحركة سريعة. ومن السمك ما له نغانغ قليلة ومنه ما له نغانغ كثيرة. وربما كانت تلك النغانغ فى بعض السمك اضعافا وربما كانت دقاقا مبسوطة وآخرها ايضا مبسوطا. ومعرفة ذلك تكون يقينا من معاينة الشق ومن الاقاويل التى وضعنا فى حال طباع الحيوان. وعلة ذلك اعنى علة الكثرة والقلة ان الحرارة التى فى القلب صيرت الحركة اسرع واقوى فحركة الاصناف التى لها حرارة اسرع. فاما ما كان له نغانغ اكثر مضعفة فطباعه على مثل هذه الحال لان له قوة اكثر من قوة الاصغر المبسوطة. ومن اجل هذه العلة يقوى بعض هذه الاصناف على المعاش فى البر حينا كثيرا اعنى التى لها نغانغ كثيرة فانها تبقى اكثر من التى لها نغانغ اصغر واقل مثل الانكليس وجميع الاصناف التى خلقتها شبيهة بخلقة الحيات لانها لا تحتاج الى تبريد كثير. وفى هذه الاصناف ايضا [اختلاف] من قبل خلقة الفم لان منها ما يكون فمه قبالته ومنها ما يكون فمه فى المقدم ومنها ما يكون فمه فى ناحية الظهر مثل الدلفين وجميع اصناف الحيوان الذى يسمى صلاخى. فانما يتناول الطعام انا انقلب وصار على ظهره. وهو بين ان الطباع فعل ذلك ليس لحال السلامة فقط فانه اذا انقلب سلم بل لانه يبطئ فى اخذ الطعام وعضه من اجل ان جميع هذا الصنف يأكل الحيوان فلم يكن له حيدة فى الرغبة فى كثرة الطعام. ومعما وصفنا من خرطوم هذا الصنف مستدير دقيق الطباع ولذلك لا يمكن ان يكون جيد القطع والتجزئ. فانه لو سهل اخذ الطعم هذا الصنف لهلك عاجلا لحال الامتلاء. وايضا من الاصناف التى افواهها فى الناحية العليا ما له فم كثير الانفتاح وما له فم قليل الانفتاح. فما كان منها اكول اللحم فله فم جيد الانفتاح لان قوة هذا الصنف فى الفم. فاما ما كان منه لا يأكل اللحم فله فم صغير قليل الفتح. ومن هذا الحيوان ما جلده مملوئ قشورا وانما تنتثر القشور من الجسد لحال رقته وصفاوته ومنها ما هو خشن الجلد مثل الذى يسمى باليونانية رينا وباطوس وما يشبه هذا الصنف. فاما ما له جلد املس فهو قليل فاما الصنف الذى يسمى صلاخى فله قشور غير انه خشن لان خلقته من غضروف وشوك من اجل ان الجزء الارضى مال الى الجلد من قبل الطباع وفنى فيه. وليس لشىء من هذه الاصناف خصى لا فى ظاهر الجسد ولا فى باطنه ولا لشىء آخر من الحيوان الذى ليس له رجلان. فاما الحيات فلها سبيل تخرج منها الفضلة كما لسائر الحيوان الذى يلد حيوانا وله اربعة ارجل. فاما الحيات فليس لها سبيل خروج فضلة البول لانه ليس لها مثانة ولا تكون فيها فضلة رطوبة فهذا الاختلاف الذى بين جنس السمك واجناس سائر الحيوان وهذه الفصول التى تعرف بها. فاما الدلفين والحيوان الذى يسمى باليونانية فالاينا وجميع الصنف الذى يشبه ما وصفنا وهو عظيم الجثة فليس له نغانغ بل له انبوبة لان له رئة واذا قبل بالفم كثيرا من الطعام اخرج من الانبوبة اقل لانه باضطرار ان يقبل الرطوبة لاخذ الطعم فى الماء فاذا قبل الطعم باضطرار يخرج الماء. فالنغانغ موافقة للاصناف التى لا تتنفس. وقد وصفنا العلة التى من اجلها يعرض ذلك فى القول الذى قلنا فى التنفس لانه لا يمكن ان تكون لشىء منها نغانغ ويتنفس معا بل لهذا الصنف انبوبة لحال خروج ودفع الماء. وانما موضع الانبوبة فى مقدم الدماغ وهو يأخذ فى ناحية الدماغ الى ان ينتهى الى آخر الفقار. والعلة التى من اجلها صارت لهذا الصنف رئة ويتنفس من قبل ان ما عظم من الحيوان يحتاج الى حرارة كثيرة لتجود حركته فلذلك خلقت فيه رئة مملوءة من دم وحرارة طباعية. وبنوع من الانواع هذا الحيوان برى ومائى لانه يقبل الهواء مثل برى وليس له رجلان ويأخذ طعمه من الرطوبات مثل مائى. والصنف الذى يسمى باليونانية فوقى والخطاف يقال انه مشترك اعنى هو برى ومائى والذى يسمى فوقى يشارك الحيوان المائى والبرى. فاما الخطاف فهو يشارك الطير [و] البرى ومن اجل هذه العلة صارت لهما شركة. والذى يسمى فوقى له رجلان مثل مائى وله اجنحة مثل برى والرجلان اللتان فى مقدم جثته شبيهتان بارجل السمك جدا. وايضا جميع اسنان هذا الصنف حادة وهى ناتئة الى خارج. فاما الخطاف فله رجلان مثل طير وليس له ذنب لانه مثل برى. فمن اجل هذه العلل عرض ما ذكرنا اضطرارا لان جناحى الخطاف من جلد وليس يكون ذنب لشىء من الطير ان لم يكن مشقوق الاجنحة ولو كان للخطاف ذنب لكان مانعا لحركة جناحه. [14] والنعامة ايضا على مثل هذه الحال لان بعض خلقتها شبيه بخلقة طير وبعض خلقتها شبيه بخلقة حيوان له اربعة ارجل. فلانه ليس بحيوان ذى اربعة ارجل له جناحان ولانه ليس بطير و]لا يطير ولا يرتفع فى الهواء لان جناحيه ليست بموافقة للطيران بل خلقتها دقيقة مثل الشعر وايضا لانه مثل حيوان ذى اربعة ارجل له اشفار [التى] تكون فى الناحية العليا. وناحية رأسه مشقوقة وما يلى عنقه ولذلك شعر اشفاره دقيق مثل الشعر. ولانه مثل الطير صار اسفل جسده كثير الريش وله رجلان اثنتان مثل طير وله ظلفان مثل الحيوان الذى له اربعة ارجل لان ليس له اصابع بل اظلاف. وعلة ذلك من قبل ان عظم جسده لا يشبه عظم طير بل يشبه عظم حيوان له اربعة ارجل. وباضطرار يكون عظم جثة الطير قليل بقول عام لانه لم يكن يمكن ان تكون له جثة عظيمة وتكون له حركة سريعة فى الهواء ولا يرتفع فيه. فقد وصفنا حال الاعضاء وبينا العلة التى من اجلها صار كل واحد منها فى اجساد الحيوان وميزنا كل جنس وصنف على حدته. ونحن نهم أن نأخذ فى ذكر ولاد الحيوان فيما نستأنف من قولنا. تمت المقالة الرابعة عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
Bog aan la aqoon