قال: (وهو تحقيق حَسَن) (^١). انتهى
قلتُ: ويَشهد لِحُسْنه (على تقدير صحة ما فرّع عليه) أنَّ مَن أُكْرِه على طلاق إحدى امرأتيه فَطَلَّق مُعَيَّنة، يَقَع. وإنْ طَلَّق مُبْهَمة، لا يَقَع؛ لأنَّ طلاقه المُعَيَّنة ليس محل الإكراه، فهو اختيار. ولَمَّا كان هنا يَتَعَذَّر قَتْل أحدهما لا بِعَيْنه، لَمْ يتأت فيه صورة يظهر أثَرُ منع التكليف فيها.
وإلى ذلك أشَرْتُ بِقَوْلي: (فَالْجَائِي فِي القَتْلِ) إلى آخِره، فنفيتُ أنْ يَكون ما ثَبتَ مِن الإثم والقصاص لِأَجْل الإيثار مع انتفاء التكليف، وأنَّ محل الإكراه غَيْر محل الإثم والقصاص، ثُمَّ ذَكَرْتُ مُسْتَنَد رَدِّ هذا كُله بأنه قد صَرَّح الأصحاب بأنَّ المُكْرَه مُكَلَّف؛ فلا يَرِد السؤالُ مِن أَصْله؛ فإنَّ القصاص والإثم حينئذ إنما هو لِكَونه مُكَلَّفًا، فيصح عَوْدُ الضمير في قولي: (يَعُمُّهُ الْخِطَابُ) على أَصْل المُكْرَه، وقد بَيَّنْتُ مَن قال [به] (^٢). ويصح أنْ يُعَاد إلى أَقْرَب مَذْكور وهو المُكْرَه على القتل بخصوصه، فَقَدْ سَبق عن [القاضي] (^٣) أنَّ عليه إجماع العلماء - على ما سبق مِن تفسيره وكلام إمام الحرمين وما فيه مِن النظَر.
وفي "تلخيص" إمام الحرمين ما نَصُّه: (أَجْمَع العلماء قاطبة على تَوَجُّه النهي على المُكْرَه على القتل).
قال: (وهذا عَيْن التكليف في حالِ الإكراه، وهو مما لا منجا منه) (^٤). انتهى
وقال الشيخ في "شرح اللمع": (انعقد الإجماع على أنَّ المُكْرَه على القتل مأمورٌ
(^١) المرجع السابق.
(^٢) في (ش): بهذا.
(^٣) في (ت، هامش ق): القاضي عياض.
(^٤) التلخيص في أصول الفقه (١/ ١٤٣).