Fatawihii Imaam Shawkani
الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني
Baare
أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]
Daabacaha
مكتبة الجيل الجديد
Goobta Daabacaadda
صنعاء - اليمن
أقول هذا السؤال قد اشتمل على أبحاث:
الأول: السؤال عن مسألة خلق الأفعال وما تشعب عنها من الشعب التي أشار السائل عافاه الله إلى بعض منها في سؤاله. واعلم أن هذه المسألة قد طالت ذيولها وتنوعت مسالكها وتباينت طرائقها وتفرق الناس فيها فرقا وتحزبوا بسببها أحزابا وتكلموا فيها فأنفق كل متكلم مما عنده وأخذ من الأدلة ما قوي له ورجَّح ما ترجح له، وجملة الأقوال فيها (١) أربعة عشر قولا منها لأهل السنة والأشعرية أربعة أقوال وللمعتزلة ثمانية أقوال، وللجبرية الخلص قولان. ولا حاجة بنا إلى ذكر هذه الأقوال وتقرير أدلتها والكلام عليها ودفع ما يستحق الدفع منها، فذلك كله معروف في كتب هذا الشأن، وقد أفرد هذه المسألة جماعة من المحققين بالتصنيف، وراقم الأحرف غفر الله له قد أفردها بمؤلف جمعه [٢٧] في أيام شبابه عند الشغف بالنظر في كل مقال والوقوف على حقيقة كل ما ينسب إلى العلم ويدون في كتب أهله ولما كان سؤال السائل عافاه الله عن الراجع عند المجيب غفر الله في هذه المسألة فأقول:
الراجح عندي فيها السكوت وإمرار الأدلة الواردة فيها الدالة عليها بمطابقة أو تضمن أو التزام كما وردت، وعدم التعرض لشيء من مباحثها ولا التكلف لشيء منها بالتأويل وإخراجه عن معناه الحقيقي.
وهذا السكوت الذي رجحته وإن كان يعده بعض المتكلفين جهلا فأنا به راض، والجهل في كثير من المواطن خير من تكلف العلم بها والدخول في مضايق لم يتعبد الله بها أحدا من عباده. ومن لم يسعه ما وسع خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم في هذه المسألة ونظائرها فلا وسع الله عليه.
على أني لم أرجح هذا الترجيح وأقف في هذا الموقف إلا بعد أن قطعت في هذه المسألة وما شابهها من مسائل هذا العلم شطرا من عمري وأضعت فيه بعض أوقاتي، وأفردت
(١) انظر الرسالة السابقة رقم (١). وانظر: الأصول الخمسة (ص ٣٢٦)، التبصير في الدين (ص ٧٩)، المغني في أبواب العدل والتوحيد (٦/ ٤٣).
1 / 202