Fathul Majiid
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
Tifaftire
محمد حامد الفقي
Daabacaha
مطبعة السنة المحمدية،القاهرة
Daabacaad
السابعة
Sanadka Daabacaadda
١٣٧٧هـ/١٩٥٧م
Goobta Daabacaadda
مصر
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
وهذا هو تفسير المكر في قول بعض السلف: " يستدرجهم الله بالنعم إذا عصوه، ويملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر".
وهذا هو معنى المكر والخديعة ونحو ذلك، ذكره ابن جرير بمعناه.
قال: "وقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ ". القنوط: استبعاد الفرج واليأس منه، وهو يقابل الأمن من مكر الله، وكلاهما ذنب عظيم، وتقدم ما فيه لمنافاته لكمال التوحيد.
وذكر المصنف -رحمه الله تعالى- هذه الآية مع التي قبلها تنبيها على أنه لا يجوز لمن خاف الله أن يقنط من رحمته، بل يكون خائفا راجيا، يخاف ذنوبه ويعمل بطاعته، ويرجو رحمته، كما قال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ ١. وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ٢. فالرجاء مع المعصية وترك الطاعة غرور من الشيطان، ليوقع العبد في المخاوف مع ترك الأسباب المنجية من المهالك، بخلاف حال أهل الإيمان الذين أخذوا بأسباب النجاة خوفا من الله تعالى وهربا من عقابه; وطمعا في المغفرة ورجاء لثوابه.
والمعنى: أن الله تعالى حكى قول خليله إبراهيم ﵇، لما بشرته الملائكة بابنه إسحاق ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ ٣؛ لأن العادة أن الرجل إذا كبر سنه وسن زوجته استبعد أن يولد له منها، والله على كل شيء قدير. فقالت الملائكة: " ﴿بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ ٤ الذي لا ريب فيه؛ فإن الله إذا أراد شيئا إنما يقول له: كن فيكون. ﴿فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ﴾ ٥ أي من الآيسين، فقال ﵇: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ﴾ فإنه يعلم من قدرة الله ورحمته ما هو أبلغ من ذلك وأعظم; لكنه- والله أعلم- قال ذلك على وجه التعجب.
قوله: ﴿إِلا الضَّالُّونَ﴾ قال بعضهم: إلا المخطئون طريق الصواب، أو إلا الكافرون.
وعن ابن عباس أن رسول الله ﷺ سئل عن الكبائر فقال: " الشرك بالله واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله ".
كقوله: ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ ٦.
١ سورة الزمر آية: ٩.
٢ سورة البقرة آية: ٢١٨.
٣ سورة الحجر آية: ٥٤.
٤ سورة الحجر آية: ٥٥.
٥ سورة الحجر آية: ٥٥.
٦ سورة يوسف آية: ٨٧.
1 / 359