177

Fataawa Qaadi Khan

فتاوى قاضيخان

<384>لها أن تمنع نفسها حتى يوفيها كل المهر إظهارا لخطر البضع وثبت على ذلك إذا تزوج امرأة وسمى لها شيئين أحدهما مالا والآخر ليس بمال لكن لها فيه منفعة كطلاق الضرة وأن لا يخرجها من البلدة ونحو ذلك ولم يف بالشرط كان لها مهر المثل ومهر المثل معتبر بنساء عشيرتها من قبل الأب كالأخوات لأب والعمات عمات الأب من كانت مثلها في المال والجمال والسن والحسب والنسب والعصر في هذا البلد وقال ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى مهر المثل يعتبر بقوم الأم من الخالات ونحوهما وإذا وجب مهر المثل بحكم النكاح ثم طلقها قبل الدخول بها كان لها المتعة (فصل في المتعة) المتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة على قدر حال الرجل فإن كانت متعتها أكثر من نصف مهر مثلها كان لها المتعة لا يزاد على نصف مهر المثل عندنا وكذا لو تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا ثم فرض لها الزوج أو القاضي مهرا ثم طلقها قبل الدخول بها كان لها المتعة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وأبي يوسف الآخر وقال أبو يوسف أولا والشافعي رحمهما الله تعالى لها نصف المفروض ولو تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا وكفل رجل بمهر المثل جازت الكفالة كما تجوز الكفالة بالمسمى فإن دخل بها الزوج يؤخذ الكفيل بمهر المثل وإن طلقها قبل الدخول بها ووجبت المتعة لا يؤخذ الكفيل بالمتعة ولو أخذت المرأة بالمسمى أو بمهر المثل رهنا جاز فإن أخذت رهنا بالمسمى وهلك الرهن ثم طلقها قبل الدخول إن هلك الرهن قبل الطلاق يلزمها رد نصف المهر لأنها تصير مستوية مهرها بهلاك الرهن إذا كان بالرهن وفاء بالمهر وإن هلك الرهن بعدما طلقها قبل الدخول عندنا تصير مستوفية نصف المهر ويهلك النصف الباقي أمانة كما لو وهب المرتهن الدين من الراهن ثم هلك بالمسمى وإن كان رهنا بمهر المثل وهلك ثم طلقها قبل الدخول بها كان على المرأة قيمة الرهن يسقط عنها قدر المتعة وإن هلك بعد الطلاق إن هلك قبل أن تحدث المرأة حدثا بالمتعة قال أبو يوسف رحمه الله تعالى آخرا يهلك أمانة ولها <385>الممتعة على الزوج وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى أولا وهو قول محمد رحمه الله تعالى يهلك بالمتعة ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء وأن أحدثت حبسا بالمتعة بعد الطلاق ثم هلك الرهن قال أبو يوسف رحمه الله تعالى آخر أهلك بمهر المثل فيلزمها رد مهر المثل وتنقص عنه المتعة وقال محمد وهو قول أبي يوسف رحمهما الله تعالى الأول يهلك بالمتعة ولا يرع أحدهما على صاحبه بشيء إذا وقعت الفرقة بين الزوجين قبل الدخول بها بفعل من قبل المرأة كالردة وتقبيل ابن الزوج وخيار البلوغ من قبل الغلام أو المرأة وخيار العتق إذا كانت المرأة أمة أو مكاتبة زوجها مولاها بإذنها وهي صغيرة أو كبيرة ثم عتقت واختارت نفسها يسقط كل المهر ولا يجب شيء وكذا لو كانت أمة فقتلها مولاها قبل الدخول بها عمدا أو خطأ يسقط كل المهر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه لا يسقط شيء ولها كل المهر ولو قتلت الأمة نفسها عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان والصحيح أنه لا يسقط ولو أبقت في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو قول أبي يوسف رحمه الله تعالىلا صداق لها ما لم تحضر * ولو قتلت الحرة نفسها لا يسقط شيء من المهر عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى والمجوسية إذا كانت في نكاح مجوسي فأسلم الزوج وأبت المرأة الإسلام يفرق بينهما ويسقط كل المهر *{فصل في حبس المرأة نفسها بالمهر}* إذا زوجت المرأة ولها مهر معلوم كان لها أن تحبس نفسها لاستيفاء المهر فإن كان في موضع يعجل البعض ويترك الباقي في الذمة إلى وقت الطلاق أو الموت كما هو عرف ديارنا كان لها أن تحبس نفسها لاستيفاء المعجل وهو الذي يقال بالفارسية دست بيمان وليس لها أن تطالبه بكل المهر فإن بينوا قدر المعجل يعجل ذلك وإن لم يبينوا شيئا ينظر إلى المرأة وإلى المهر المذكور في العقد أنه كم يكون المعجل لمثل هذه المرأة من مثل هذا المهر فيجعل ذلك معجلا ولا يقدر ذلك بالربع ولا بالخمس وإنما ينظر إلى المتعارف لأن الثابت عرفا كالثابت شرطا وإن شرطوا في العقد تعجل كل المهر تجعل الكل معجلا ويترك العرف وإن كان البعض معجلا وأداه كان له أن <386> يدخل بها لأن الدخول بعد أداء المعجل مشروط عرفا فيعتبر بما لو كان مشروطا نصا وإن كان كل المهر مؤجلا وشرط الدخول قبل أداء شيء كان له أن يدخل بها كما قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فإن لم يدخل بها حتى حل الأجل كان له أن يدخل بها قبل إعطاء المهر ولو تزوج امرأة بمهر معجل كان لها أن تخرج في حوائجها بغير إذن الزوج ما لم تقبض مهرها وكذا لو كان البعض معجلا كان لها أن تخرج قبل أداء المعجل وبعد أداء المعجل ليس لها أن تخرج إلا بإذن الزوج صغيرة تزوجت فذهبت إلى زوجها قبل قبض الصداق كان لمن له حق إمساكها قبل النكاح أن يردها إلى منزله ويمنعها من الزوج حتى يدفع الزوج مهرها إلى من له حق القبض لأن منع النفس بالصداق حق المرأة فلا يبطل ذلك بإبطال الصغيرة وكذا الرجل إذا زوج ابنة أخيه وهي صغيرة وسلمها إلى الزوج قبل قبض الصداق كان له أن يمنعها من الزوج لأن العم لا يملك تسليمها إلى الزوج قبل قبض الصداق فلم يصح تسليمها * إذا أراد الرجل أن ينقل المرأة من بلد غلى بلد بغير إذنها إن كان ذلك قبل إيفاء المهر لا يملك وله ذلك بعد إيفاء المهر في ظاهر الرواية وقال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى لا يملك نقلها من بلد إلى بلد وإن أوفاها مهرها وبه أخذ الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى لأن الزمان قد فسد يخاف عليها من الضرر في الغربة ما لا يخاف عليها في عشيرتها وله أن يخرجها من المصر إلى القرية ومن القرية غلى المصر ومن القرية إلى القرية لأن النقل إلى ما دون السفر لا يعد غربة ويكون ذلك بمنزلة النقل من محلة إلى محلة * رجل زوج ابنته الصغيرة كان له أن يطالب الزوج بالمهر وليس له أن يطالبه بالنفقة إذا كانت لا تطيق الرجال ولا تحتمل الجماع لأن النفقة جزاء الاحتباس لحق الزوج والصغيرة التي هذه حالها لم تكن محبوسة لحق الزوج أما المهر بدل البضع وقد ملك بضعها فيطالب به * امرأة زوجت ابنتها الصغيرة وقبضت مهرها ثم أدركت الصغيرة وطلبت المهر من الزوج فإن كانت الأم وصية لم يكن لها أن تطلب المهر من الزوج لأنه برئ بدفع المهر إلى الأم وإن لم تكن وصية كانت لها أن تأخذ المهر من زوجها ثم الزوج يرجع بذلك على الأم لأن الأم <387> إذا لم تكن وصية لم يكن لها حق القبض ولا التصرف في مالها فكان الدفع إليها كالدفع إلى أجنبي وكذا الجواب فيما سوى الأب والجد أبي الأب والقاضي لأن غير هؤلاء لا يملك التصرف في مال الصغيرة ولا يملك قبض صداقها وإن كان عاقدا بحكم الولاية والوكالة * رجل زوج ابنته وهي بكر أو صغيرة وطلب مهرها من الزوج كان له ذلك إذا كان الزوج مقرا بالنكاح والمهر ومقرا بأنه لم يدخل بها وكان للأب أن يخاصم الزوج في المهر والنفقة ولا يشترط إحضار المرأة عندنا ولو وهب الزوج لها هبة وبعث إليها هدية لم يكن قبض الأب قبضا لها وكان للزوج أن يأخذ ذلك من الأب وإن كانت المرأة بالغة ثيبا أو كانت بكرا وكان الزوج جاحدا لم يكن للأب أن يخاصم الزوج إلا بوكالتها فإن قال الزوج دخلت بها فليس لك أن تأخذ الصداق إلا بوكالتها وأنكر الوكالة وقال الأب لا بل هي بكر في منزلي ولا بينة للزوج وطلب من القاضي تحليف الأب على العلم بذلك عن أبي يوسف رحمه الله أنه يحلف لأن الأب لو أقر بذلك صح إقراره على نفسه وتبطل خصومته فيحلف وذكر الخصاف في أدب القاضي إنه لا يحلف لأنه لا يدعي على الأب شيئا فلا يحلف الأب كالوكيل بقبض الدين إذا قال له الغريم إن الموكل قد أبرأني عن الدين أو قد أوفيته وأراد أن يلف الوكيل ليسله ذلك فإن قال الزوج إنه يأخذ الصداق ولا يسلم البنت فإن تصادقا أن البنت صغيرة لا تحتمل الجماع أمر الزوج بدفع الصداق إلى الأب ولا يلتفت إلى كلام الزوج وإن قال الأب هي كبيرة لا أعرف مكانها ولا أقدر على تسليمها ومع ذلك يريد أخذ الصداق من الزوج ليس له ذلك وإن قال الأب هي كبيرة في منزلي أنا آخذ صداقها وأجهزها به والزوج يطلب تسليم المرأة فإن القاضي يأمر الزوج بدفع الصداق إلى الأب لأن العادة جرت بتعجيل الصداق وتأخير تسليم المرأة والثابت عرفا كالثابت شرطا إلا أنه يأخذ من الأب كفيلا بالمهر حتى لو سلم البنت إليه برئ الفيل وإن عجز عن تسليم البنت يتوصل الزوج إلى حقه بأخذ المال من الكفيل لأن الأب إذا كان عاجزا عن تسليم البنت لا يكن له حق قبض الصداق إذا كانت كبيرة وإن كانت الخصومة بين <388> الأب والزوج في مصر والزوجة في مصر آخر كان عقد النكاح ثمة أو كان عقد النكاح في المصر الذي اختصما فيه ثم انتقلت المرأة إلى مصر آخر بأن كانت الخصومة بينهما بالكوفة والمرأة بالبصرة فقال الأب أنا آخذ الصداق ههنا وأسلمها إليه بالبصرة فإن القاضي يأمر الزوج حتى يدفع الصداق إلى الأب ثم يذهب إلى البصرة فيأخذها ثمة ولا يجب على الأب حمل المرأة إلى زوجها * رجل زوج بكرا بالغة برضاها بمهر مسم ثم أخذ بالمسمى ضيعة فأخبرت بذلك فردت أخذ الضيعة قالوا إن كان في موضع تعارفوا أخذ الضيعة بالمهر لم يصح ردها لأنه كان متعارفا كان ذلك قبض المهر والأب يملك قبض صداق البكر وإن لم يكن متعارفا لا يجوز اخذ الضيعة عليها لأنه اشترى الضيعة بمالها والأب لا يملك الشراء على البالغة وفي بلادنا أخذ الضيعة متعارف في الرساتيق لا في المصر وأخذ السود مكان البيض أو على العكس بمنزلة أخذ الضيعة لا يملك إذا لم يكن متعارفا وفي الأتراك أخذ الدواب بالمسمى متعارف كأخذ الضيعة في الرساتيق هذا إذا كانت بالغة فإن كانت صغيرة فأخذ الأب بالمسمى ضيعة بأضعاف قيمتها إن لم يكن متعارفا في ذلك الموضع لا يجوز فعل الأب عليها لأنه لا يملك الشراء عليها بأضعاف القيمة وإن كان ذلك متعارفا جاز ويكون ذلك بمنزلة قبض المسمى * رجل قبض صداق ابنته ثم ادعى أنه رده على الزوج وصدقه الزوج وكذبته الابنة قالوا إن كانت بكرا لا يصدق الأب إلا ببينة لأنه يملك قبض صداق البكر فإذا برئ الزوج بقبضه لا يملك الرد عليه وإن كانت ثيبا كان القول قول الأب لأنه لا يملك قبض صداق البكر فإذا برئ الزوج بقبضه لا يملك الرد عليه وإن كانت ثيبا كان القول قول الأب لأنه لا يملك قبض صداق الثيب فإذا دفع الزوج إليه كان أمانة في يده والمودع إذا ادعى رد الوديعة كان القول قوله * رجل زوج ابنته الصغيرة فأدركت وقد دخل بها الزوج وطلبت مهرها من زوجها فقال الزوج دفعت إلى أبيك حال صغرك وصدقه الأب لا يصح إقرار الأب عليها لأنه لا يملك قبض الصداق في هذه الحالة فلا يملك الإقرار به ولها أن تأخذ المهر من زوجها فلا يرجع الزوج بذلك على الأب لأن الزوج أقر بقبض الأب في وقت كان للأب ولاية القبض فلا يرجع <389> عليه كالوكيل بقبض الدين إذا أقر بقبض الدين وصدقه المديون وكذبه الطالب ولو كان الأب حين قبض المهر من زوجها قال أخذ منك على أن أبرئك من ابنتي والمسألة بحالها كان للمرأة أن تأخذ المهر من الزوج ويرجع الزوج بذلك على الأب كالوكيل يقبض الدين إذا قال للمديون آخذ منك على أن أبرئك من فلان صاحب الدين ثم أنكر الطالب الوكالة وأخذ المال من المديون كان للمديون أن يرجع بذلك على الوكيل * امرأة سلمت نفسها إلى زوجها قبل استيفاء المهر ثم منعت نفسها لاستيفاء المهر كان لها ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ليس لها أن تمنعه من الوعاء واشتبهت الروايات عنهما في الامتناع عن المسافرة وعلى قول أبي القاسم الصفار رحمه الله تعالى لها أن تمنع عن المسافرة وإن استوفت مهرها وقد ذكرنا * امرأة ماتت فقال الزوج وهبت مهرها مني في صحتها وقالت الورثة لا بل وهبت في مرضها الذي ماتت فيه قال بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى القول قول الزوج وذكر في وصايا الجامع الصغير ما يدل على أن يكون القول قول الورثة لأنهم أنكروا سقوط الدين ولأن الهبة حادث فيحال إلى اقرب الأوقات * امرأة طالبت زوجها بمهرها فقال الزوج مرة أوفيتها ومرة قال أديت إلى أبيها قالوا لا يكون متناقضا لأن الأداء إلى الأب وهو يقبض للبنت بمنزلة الأداء إليها * امرأة أقرت أنها مدركة ووهبت مهرها من زوجها قالوا ينظر إلى قدها فإن كان قدها قدر المدركات صح إقرارها حتى لو قالت بعد ذلك ما كنت مدركة لم يقبل قولها وإن لم يكن قدها قدر المدركات لا يصح إقرارها قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي للقاضي أن يحتاط في ذلك ويسألها عن سنها ويقول لها بماذا عرفت ذلك كما لو قال في غلام أقر بالبلوغ إن القاضي يسأله عنه وجهه ويحتاط في ذلك * رجل اشترى لامرأته متاعا ودفع إليها أيضا دراهم حتى اشترت متاعا ثم اختلفا فقال الزوج هو من المهر وقالت المرأة هدية ذكر في الكتاب إن القول قول الزوج إلا في الطعام الذي يؤكل وفسروا ذلك وقالوا إن كان تمرا أو دقيقا <390> أو عسلا أو شيئا يبقى كان القول فيه قول الزوج وإن كان مثل اللحم والخبز والشي الذي لا يبقى لا يقبل فيه قول الزوج وقال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى كل متاع لا يجب على الزوج شراؤه لها كان القول فيه فول الزوج إنه من المهر وما كان واجبا على الزوج مثل الدرع والخمار ومتاع البيت لا يقبل فيه قول الزوج فقيل له الزوج والملأة قال ليس على الزوج أن يهيئ لها أمر الخروج وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى قول أبي القاسم الصفار رحمه الله تعالى سن وبه نقول * رجل بعث إلى امرأته متاعا وبعث أبو المرأة إلى الزوج متاعا أيضا ثم قال الزوج الذي بعثته كان صداقا كان القول فيه قول الزوج مع يمينه فإن حلف إن كان المتاع قائما كان للمرأة أن ترد المتاع لأنها لم ترض بكونه مهرا ويرجع على الزوج بما بقي من المهر وإن كان المتاع هالكا إن كان شيئا مثليا ردت على الزوج مثل ذلك وإن لم يكن مثليا لا ترجع على الزوج بما بقي من المهر وأما الذي بعث أبو المرأة إن كان هالكا لا يرجع على الزوج بشيء وإن كان قائما وكان الأب بعث ذلك من مال نفسه يسترده من الزوج لأنه هبة لغير ذي رحم محرم فكان له أن يرجع وإن بعث الأب ذلك من مال الابنة البالغة برضاها فلا رجوع فيه لأنه هبة من المرأة وأحد الزوجين إذا وهب من الآخر لا يرجع * رجل تزوج امرأة وبعث إليها هدايا وعوضت المرأة لذلك عوضا وزفت إليه ثم فارقها فقال الزوج كنت بعثت ذلك عارية وأراد أن يسترد وأرادت المرأة استرداد العوض أيضا قالوا القول للزوج في متاعه لأنه أنكر التمليك وللمرأة أن تسترد ما بعثت لأنها تزعم أنها بعثت عوضا للهبة فإذا لم يكن ذلك هبة لم يكن ذلك عوضا فكان لكل واحد منهما أن يسترد متاعه وقال أبو بكر الإسكاف إن صرحت حين بعثت أنها عوض فكذلك وإن لم تصرح بذلك لكنها حبست ونوت أن يكون عوضا كان ذلك هبة منها وبطلت نيتها * رجل خطب ابنة رجل فقال أبو البنت بلي إن كنت تنقد المهر إلى ستة أشهر أو إلى سنة أزوجها منك ثم الرجل بعد ذلك بعث هدايا إلى بيت الأب ولم يقدر على أن ينقد المهر فلم يزوج <391> منه هل له أن يسترد ما بعث قالوا ما بعث للمهر وهو قائم أو هالك يسترد وكذا كل ما بعث هدية وهو قائم فأما الهالك والمستهلك فلا شيء له في ذلك امرأة لها مماليك قالت لزوجها أنفق عليهم من مهري ففعل فقالت لا أحسبه من مهري لأنك استخدمتهم قال أبو القاسم البلخي رحمه الله تعالى ما أنفق عليهم بالمعروف يكون من المهر رجل زوج ابنته وسلمها إلى زوجها بجهاز ثم قال كان الجهاز عارية اختلفوا فيه قال بعضهم القول قول الأب لأن التمليك يستفاد من جهته فإذا أنكر التمليك كان القول قوله وقال بعضهم لا يقبل قوله إنه عارية وإن كان الأب من جملة من لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله فإن أراد الأب أن يكون له ولاية الاسترداد يشهد عند بعث الجهاز إنه عارية أو يجعل للجهاز نسخة ويكتب في ذلك إقرار البنت أنها عارية في يدها ويشهد على ذلك قالوا وتمام الاحتياط في ذلك أن يشتري الأب جميع ما في نسخته من البنت بثمن معلوم ثم إنها تبرئ الأب عن الثمن إن كانت بالغة لاحتمال أن الأب كان اشترى لها بعض ذلك في صغرها فكان الأحوط ما قلنا رجل خطب امرأة وهي تسكن في بيت أختها وزوج أختها لا يرضى بنكاح هذا الرجل إلا أن يدفع إليه دراهم فدفع الخاطب إليه دراهم وتزوجها كان للزوج أن يسترد ما دفع إليه لأنه رشوة * امرأة في عدة الغير جاء إليها رجل فقال أنا أنفق عليك ما دمت في العدة بشرط أن تزوجي نفسك مني إذا نقضت عدتك فرضيت وأنفق عليها في العدة فإنه يرجع عليها بما أنفق لأنه أنفق عليها بشرط فاسد وإن أنفق عليها من غير شرط لكن علم أنه أنفق عليها ليتزوجها اختلفوا في ذلك قال بعضهم يرجع عليها بما أنفق لأنه إذا علم بذلك كان بمنزلة الشرط وقال بعضهم لا يرجع لأنه أنفق على قصد التزوج لا على شرط التزويج قال مولانا رضي الله عنه وينبغي أن يرجع لأنه إذا علم أنه لو لم يتزوجها لا ينفق عليها كان ذلك بمنزلة الشرط <392> كالمستقرض إذا أهدى إلى المقرض شيئا لم يكن أهدى إليه قبض الإقراض كان حراما وكذا القاضي لا يجيب الدعوة الخاصة ولا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدى إليه ويكون ذلك بمنزلة الشرط وإن لم يكن مشروطا لفظا امرأة ادعت بعد وفاة زوجها أن لها عليه ألف درهم من المهر قبل قولها إلى تمام مهر مثلها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن عنده يحكم مهر المثل امرأة ماتت فاتخذت أمها مأتما وبعث الزوج إلى أم المرأة بقرة فذبحت البقرة وأنفقتها في أيام المأتم ثم أراد الزوج أن يرجع بقيمة البقرة قالوا إن اتفقا أنه بعث إليها لتذبح وتطعم من اجتمع عندها في المأتم ولم يذكر القيمة لا يرجع لأنها استهلكت وأنفقت بإذنه من غير شرط الرجوع وإن اتفقا أنه بعث إليها وذكر القيمة كان له أن يرجع عليها لشأنهما اتفقا أنه شرط عليها الرجوع لأن القمة لا تذكر في الهدايا وإنما تذكر ليرجع فكان ذكر القيمة بمنزلة شرط الرجوع وإن اختلفا في ذكر القيمة كان القول قول أم المرأة مع يمينها لأن حاصل الاختلاف راجع إلى شرط الضمان لأن ذكر القيمة بمنزلة اشتراط الضمان قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يون القول قول الزوج لأن أم المرأة تدعي الإذن بالاستهلاك بغير عوض وهو ينكر ذلك فيكون القول قوله كمن دفع إلى غيره دراهم فأنفقها فقال صاحب الدراهم أقرضتكها وقال القابض لا بل وهبتني كان القول قول صاحب الدراهم *{فصل في تكرار المهر}* المهر يتكرر بالعقد مرة وبالوطء مرة أخرى ومرة يتكرر بهما أما الثالث رجل زنى بامرأة فتزوجها وهو على بطنها كان عليه مهران مثل المثل بالزنا لأن أول الفعل كان حراما إلا أن الفعل حق قضاء الشهوة كفعل واحد فإذا صارت حلالا في آخره لم يجب الحد بأوله فصار آخر الفعل شبهة في أوله والفعل الحرام لا يخلو عن غرامة أو عقوبة فإذا انتفت العقوبة بقيت الغرامة فيجب مهر المثل ويجب المسمى بالعقد لأن المسمى يتأكد بالخلوة فبإتمام الوطء أولى وأما الثاني رجل قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق فتزوجها في يوم واحد ثلاث مرات ودخل بها في كل مرة فإنه يقع عليها طلاقان فيلزمه مهران ونصف <393> في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأنه لما تزوجها أولا وقع عليها طلاق واحد ولزمه نصف مهر بالطلاق قبل الدخول فإذا دخل بها وهذا دخول عن شبهة لأن على قول الشافعي رحمه الله تعالى لا يقع الطلاق المعلق بالتزوج فتجب عليها العدة فإذا تزوجها ثانية وهي في العدة يقع عليها طلاق آخر وهذا طلاق يعقب الرجعة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن عندما إذا تزوج المعتدة ثم طلقها قبل الدخول كان ذلك طلاقا بعد الدخول حكما وإن كانت العدة بالدخول عن شبهة والطلاق بعد الدخول يعقب الرجعة ويوجب كمال المهر فيجب عليه المسمى في النكاح الثاني فيجتمع عليه مهران ونصف ولم يصح النكاح الثالث لأنها في عدته عن طلاق رجعي فلا يعتبر النكاح الثالث فلا يجب المهر الثالث قال مولانا رضي الله تعالى عنه وهذه المسألة نظير رواية فيما قلنا إذا جدد النكاح في المنكوحة لا يلزمه مهر الثاني ولا يجب عليه المهر بالدخول بعد النكاح الثالث لأنه وطئ المنكوحة ولو قال كلما تزوجتك فأنت طلاق بائن فتزوجها ثلاث مرات ودخل بها في كل مرة بانت منه بثلاث وعليه خمس مهور ونصف في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى نصف مهر بالنكاح الأول ومهر مثل بالدخول الأول ومثل ومهر بالنكاح الثاني ومهر مثل بالدخول الثاني لأنه وطئها عن شبهة ومهر بالنكاح الثالث لأن النكاح الثالث صادفها وهي مبانة فاعتبر النكاح الثالث ومهر مثل بالدخول الثالث لأنه دخول عن شبهة فيجتمع عليه خمس مهور ونصف وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يجب عليه أربع مهور ونصف مهر بالأنكحة الثلاث قبل الدخول وثلاث مهور بالوطء ثلاثا عن شبهة وعلى هذا الخلاف إذا تزوج امرأة ودخل بها ثم طلقها بائنا ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول بها في النكاح الثاني كان عليه مهر بالنكاح الأول ومهر كامل بالنكاح الثاني لأن النكاح الثاني اتصل به الدخول في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعليها استقبال العدة عندهما وعليه هذا الخلاف ولو لم يطلقها في النكاح الثاني حتى بانت من زوجها قبل <394> الدخول بفعل من قبلها كالردة ومطاوعة ابن الزوج عندهما يجب عليه مهر كامل وعلى هذا الخلاف إذا كانت أمة فأعتقت بعد النكاح الثاني واختارت نفسها قبل الدخول عندهما يجب عليه مهر كامل بالنكاح الثاني وعلى هذا الخلاف إذا تزوجت المرأة غير كفء ودخل بها فرفع الولي الأمر إلى القاضي وفرق بينهما فوجب المهر والعدة ثم تزوجها هذا الرجل بغير ولي وفرق القاضي بينهما قبل الدخول في النكاح الثاني يجب لها مهر كامل ويلزمها عدة مستقبلة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعلى هذا أيضا رجل تزوج صغيرة زوجها وليها ودخل بها فبلغت واختارت نفسها وفرق بينهما ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول بها عندهما عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة وعلى هذا أيضا رجل تزوج صغيرة ودخل بها ثم طلقها تطليقة بائنة ثم تزوجها في العدة فبلغت واختارت نفسها وفرق بينهما كان عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة وعلى هذا أيضا رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم ارتدت والعياذ بالله ثم أسلمت فتزوجها في العدة ثم ارتدت قبل الدخول بها وعلى هذا أيضا رجل تزوج أمة ودخل بها ثم عتقت اختارت نفسها ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول بها وعلى هذا أيضا رجل تزوج امرأة نكاحا فاسدا ودخل بها ففرق بينهما ثم تزوجها في العدة نكاحا جائزا ثم طلقها قبل الدخول بها كان عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وأما ما يتكرر بالوطء رجل تزوج امرأة نكاحا فاسدا ووطئها مرارا ثم فرق بينهما قال محمد رحمه الله تعالى عليه مهر واحد وإنما قال ذلك لأن الوطآت حصلت بشبهة واحدة وهي شبهة النكاح الفاسد ومنها إذا اشترى جارية ووطئها مرارا ثم استحقت كان عليه مهر واحد لأن الوطآت كانت بناء على سبب واحد وهو الملك من حيث الظاهر وإن استحق نصفها كان عليه نصف مهر للمستحق وفي الجارية بين رجلين إذا وطئ أحدهما مرارا كان عليه بكل وطء نصف مهر قال هشام رحمه الله تعالى لأنه حين وطئ كان يعلم أن نصفها ليس له رجل وطئ جارية ابنه مرارا كان عليه <395> مهر واحد لأن الكل كانت بشبهة واحدة وهي شبهة حق التملك ولو وطئ الابن جارية أبيه مرارا وادعى الشبهة كان عليه لكل وطء مهر لأنه يحتاج إلى دعوى الشبهة ولو وطئ الرجل مكاتبته مرارا كان عليه مهر واحد لأن سبب الكل واحد وهو قيام ملك اليمين ولو وطئ مكاتبة بينه وبين آخر مرارا كان عليه مهر واحد لأن سبب الكل واحد وهو قيام ملك اليمين ولو وطئ مكاتبة بينه وبين آخر مرارا كان عليه في النصف الذي لو بالوطآت نصف مهر واحد وفي النصف بكل وطء نصف مهر وذلك كله للمكاتبة * رجل وطئ امرأته مرارا ثم ظهر أنه كان حلف بطلاقها ووقع الطلاق كان عليه مهر واحد كما لو أتى جارية ووطئها مرارا ثم استحقت كان عليه مهر واحد غلام ابن أربع عشرة سنة جامع امرأة وهي نائمة لا تدري إن كانت ثيبا ليس عليه حد ولا عقر وإن كانت بكرا وافتضها يلزمه مهر مثلها وكذا لو كانت أمة إن كانت ثيبا لا شيء عليه وإن كانت بكرا وافتضها عليه مهرها وكذا المجنون رجل وقع على امرأته فلما خالطها طلقها وهو على تلك الحال ثم أتم جماعة بعد الطلاق وقضى حاجته ثم تنحى قال محمد رحمه الله تعالى وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ليس عليه حد ولا مهر لأن الكل فعل واحد فإذا كان أوله وآخره حلالا لا يجب عليه الحد ولا المهر إذا أخرج ثم دخل بعد الطلاق أما إذا لم يفعل ذلك ولكنه عالج بعد الكلاق حتى أنزل فلا مهر عليه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى وهو قول زفر رحمه الله تعالى يجب المهر وإن لم يخرج ثم يدخل بعد الطلاق وعلى هذا الخلاف لو كان الطلاق رجعيا على قول محمد وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يصير مراجعا وفي رواية أخرى وهو قول زفر رحمه الله تعالى يصير مراجعا وعلى هذا أيضا إذا قال لأمته بعد التقاء الختانين أنت حرة ثم أتم جماعة لا عقر عليه في قول محمد رحمه الله تعالى إلا إذا أخرج بعد العتق ثم أدخل أخوان <395> تزوج أحدهما امرأة والآخر أمها فأدخلت كل واحدة منهما على غير زوجها فوطئها قال أبو يوسف رحمه الله تعالى بانت عن كل واحد منهما امرأته وعلى كل واحد منهما لامرأته نصف مهرها وعليه للتي وطئها عقرها وليس لأحدهما لأن يتزوج امرأته بعد ذلك لأن امرأة كل واحد بنكاح البنت وكذا لو لم يكن بين الزوجين قرابة رجل وابنه تزوجا أختين فأدخلت كل واحدة منهما على زوج صاحبتها فوطئها كان على كل واحد منهما عقر للتي وطئها لأنه وطئ عن شبهة وليس على كل واحد منهما مهر امرأته لأنها بانت قبل الدخول بفعل من قبلها وهو مطاوعتها رجل تزوج امرأة وابنه ابنتها فادخل كل واحدة منهما على زوج الأخرى فوطئها كان على الواطئ الأول نصف مهر امرأته لأنها بانت من زوجها قبل الدول بفعل من قبل الزوج وعليه جميع مهر الموطوءة ولا شيء على الواطئ الآخر لامرأته لأن امرأته بانت منه قبل الدخول بوطئ الأول بمطاوعتها وإن كان الوطء منهما معا فلا شيء على واحد منهما لامرأته * رجل قال لامرأته قبل الدخول أنت طالق حين الخلو بك أو قال إذا خلوت بك فآنت طالق فخلا بها وجامعها كان عليه مهر ونصف مهر بالخلوة لأن المهر إنما يتأكد بالخلوة إذا وجد فيها مدة بقد على وطئها ولم توجد هنا وإن لم يدخل بها كان عليه نصف مهر *{فصل في الخلوة وتأكد المهر}* المهر يتأكد بثلاث بالوطء وموت احد الزوجين وبالخلوة الصحيحة والخلو الصحيحة أن يجتمعا في مكان ليس هناك مانع يمنعه من الوطء حسا أو شرعا أو طبعا إذا خلا بامرأته وأحدهما مريض لا يقدر على الجماع أو محرم بفرض أو نفل أو في صوم فرض أو صلاة فرض لا تصح الخلو وفي صوم القضاء والنذر والكفارة روايتان والأصح أنه لا يمنع الخلوة وصوم التطوع لا يمنع الخلوة في ظاهر الرواية وقيل بأنه يمنع بعد الزوال صلاة التطوع لا تمنع الخلوة والحيض والنفاس يمنع الخلوة لأنه يمنع شرعا وطبعا ولو كان معها نائم أو أعمى لا تصح الخلوة وقيل عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى <397> النائم لا يمنع الخلوة ولو كان معهما صغير لا يعقل أو مغمى عليه لا يمنع الخلوة وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى المغمى عليه والمجنون يمنع وإن كان معهما صغير يعقل بأن أمكنه أن يعبر ما يكون بينهما لا تصح الخلوة ولو كان معهما أصم أو أخرس لا تصح الخلوة ولو كان معهما جارية أحدهما أو امرأة له أخرى كان محمد رحمه الله تعالى يقول أولا جارية الرجل لا تمنع الخلوة لأن له أن يجامعها بحضرة جاريته أو امرأة له أخرى ثم رجل وقال جارية أحدهما تمنع الخلوة وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعلى هذا يكره الوطء بحضرة امرأة له أخرى ولو كان معهما كلب أحدهما حكي عن الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى أنه قال كلب المرأة يمنع فإنه لا يتحمل أن تكون سيدته مستفرشة وعسى يعقره بخلاف كلب الرجل ولا تصح الخلوة في المسجد والحمام وقيل في الليل تصح الخلوة في المسجد كما في الحمام ولا تصح الخلوة في الطريق الجادة فإن حملها إلى الرستاق إلى فرسخ أو فرسخين وعدل بها عن الطريق كان خلوة في الظاهر ولو دخلت على الرجل امرأته ولم يعرفها أو دخل الرجل على امرأته فمكث ساعة ثم خرج ولم يعرفها اختلفوا فيه قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى لا يكون خلوة ويصدق أنه لم يعرفها اختلفوا فيه قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى ل ايكون خلوة ويصدق أنه لم يعرفها ولا تصح الخلوة في صحراء ليس بقربهما أحد إذا لم يأمنا بمرور إنسان وكذا لو خلا على سطح ليس بجوانبه ستر أو كان الستر رقيقا أو قصيرا بحيث لو قام إنسان يقع بصره عليهما لا تصح الخلوة إذا خافا اطلاع الغير عليهما فإن أمنا عند ذلك صحت الخلوة ولو خلا بها في محمل عليهما ليلا أو نهارا إن أمكنه الوطء صحت الخلوة ولو خلا بها في بيت غير مسقف أو في كرم صحت الخلوة في الظاهر وكذا لو خلا بها وفي خيمة في مفازة صحت الخلوة كما في المحمل ولو نزل في طريق الحج في غيير خيمة وخلا بها لا تصح الخلوة وفي البيوتات الثالثة أو الأربعة واحد يعد واحد إذا خلا بامرأته في البيت القصوى إن كانت الأبواب مفتوحة من أراد أن يدخل عليهما يدخل من غير استئذان لا تصح الخلوة وكذا لو خلا بها في بيت من دار وللبيت باب مفتوح في الدار إذا أراد أن يدخل عليهما غيرهما من المحارم أو الأجانب يدخل لا تصح الخلوة ولو اجتمع مع امرأته في <398> الخان على رواق والناس قعود في سفل الخان لو نظروا إليهما يقع بصرهم عليهما لا تصح الخلوة مريض جيء بامرأته وأدخلت عليه في بيته وهو لا يشعر بها فخرجت بعد الصبح فأخبر الزوج بذلك فقال لم أشعر بها ثم طلقها وادعت المرأة أنه علم بذلك كان القول قول الزوج إنه لم يعلم وإن علم الزوج وهو يقدر على وطئها صحت الخلوة وكان عليه كل المهر خلوة العنين صحيحة وكذا خلوة المجبوب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى والرتق يمنع الخلوة لأنه يمنع الجماع وذكر في كتاب طلاق الأصل أن العدة تجب على الرتاق ولها نصف المهر ولا تصح خلوة الغلام الذي لا يجامع مثله ولا الخلوة بصغيرة لا تجامع مثلها وفي كل موضع صحت الخلوة لو طلقها لا يكون له حق الرجعة وبعد ما صحت الخلوة كان لها كل المهر وإن أقرت المرأة أنه لم يجامعها في ظاهر الرواية الكافر إذا خلا بامرأته مشركة فخلا بها لا تصح الخلوة وفي كل موضع فسدت الخلوة مع القدرة على الجماع حقيقة فطلقها كان عليها العدة استحسانا وإن كان عاجزا عن الجماع حقيقة لا تجب العدة إذا قال إن تزوجت فلانة فخلوت بها فهي طالق فتزوجها وخلا بها كان لها نصف المهر وقد ذكرنا والله أعلم بالصواب *{فصل في اختلاف الزوجين في المهر ومتاع البيت}* إذا اختلف الزوجان في قدر المهر حال قيام النكاح عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يحكم مهر المثل فإن شهد لأحدهما كان القول قوله مع اليمين على دعوى الآخر فإن قال الزوج المهر ألف وقالت هي ألفان ومهر مثلها ألف أو اقل كان القول قوله مع اليمين بالله ما تزوجها بألفي درهم فإن نكل تثبت الزيادة وإن حلف لا تثبت وأيهما أقام البينة قضي له وإن أقاما جميعا يقضى ببينتها وإن كان مهر مثلها ألفين أو أكثر كان القول قولهما مع اليمين بالله ما تزوجت بألف فإن نكلت ثبت الألف وإن حلفت فلها ألفان ألف بالتسمية لا خيار للزوج فيها وألف بحكم <399> وإن كان مهر مثلها ألفا وخمسمائة تحالفا فإن نكل الزوج لزمه ألفان بطريق التسمية وإن نكلت هي يقضى بألف وإن حلفا جميعا يقضى بألف وخمسمائة ألف بطريق التسمية وخمسمائة بحكم مهر المثل ويخير الزوج في الخمسمائة وأيهما أقام البينة قبلت بينته وإن أقاما البينة يقضى بألف وخمسمائة ألف بطريق التسمية وخمسمائة بطريق مهر المثل وإن اختلفا في المهر بعد الطلاق قبل الدخول عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يحكم بمتعة مثلها فأيهما شهدت له كان القول قوله مع يمينه على دعوى الآخر فإن كانت المتعة بينهما تحالا في جواب الجامع الكبير وفي جواب الجامع الصغير القول قول الزوج مع يمينه وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى القول قول الزوج في الوجوه كلها إلا أن يأتي بشيء مستنكر واختلف الناس في المستنكر قال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى المستنكر أن يكون مهر مثلها عشرة ألاف درهم والرجل يدعي النكاح بعشرة وقال سعيد بن معاذ المروزي المستنكر أن يقول الرجل تزوجتها بخمر أو خنزير وقال بعضهم المستنكر أن يدعي الزوج النكاح بما لا يتزوج مثلها به عادة وعليه الاعتماد وإن اختلفا في أصل التسمية أحدهما يدعي تسمية المهر والآخر ينكر كان القول قول المنكر ويقضى لا بمهر المثل وهذا وما لو اختلف الزوجان قيل الطلاق في الوجوه سواء وإن مات أحدهما واختلف الحي وورثة الميت فهذا وما لو اختلف الزوجان في حياتهما سواء وإن ماتا جميعا واختلفت ورثتهما في قدر المسمى قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى القول قول ورثة الزوج قل أو كثر وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى القول قول ورثة الزوج غلا أن يأتوا بشيء مستنكر وقال محمد رحمهم الله تعالى يحكم مهر المثل وإن وقع الاختلاف بين ورثتهما في اصل التسمية كان القول قول منكر التسمية ولا يقضى لها بشيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا رحمهما الله تعالى يقضى بمهر المثل وقالوا والفتوى على قولهما ولو تزوجها على عبد بعينه وهلك العبد قبل التسليم إليها واختلفا في قيمته كان القول للزوج وكذا لو تزوجها على ثوب بعينه فهلك الثوب قبل التسليم واختلفا في قيمة <400> الثوب كان القول قول الزوج وكذا لو تزوجها على إبريق فضة أو ذهب فهلك قبل التسليم واختلفا في وزنه كان القول قول الزوج في هذه المسائل وإن تزوجها على ثوب بعينه وقيمته عشرة فتغير السعر إلى ثمانية كان لها ثوب لا غير ولو كانت قيمة الثوب يوم العقد ثمانية وازداد السعر وصارت قيمته عشرة فلها ثوب ودرهمان ولو كانت قيمة الثوب مائة فانتقصت قيمته قبل التسليم صارت خمسة خيرت المرأة إن شاءت أخذت الثوب ناقصا وإن شاءت أخذت قيمته يوم العقد ولو قالت المرأة تزوجتني على عبدك هذا وقال الرجل تزوجتك على أمتي هذه وهي أم المرأة وأقاما البينة فالبينة بينة المرأة لأن بينتها قامت على حق نفسها وبينة الزوج على حق الغير وتعتق الأمة على الزوج بإقراره ولو أقام الزوج البينة أنه تزوجها بمائة دينار وأقام أبو المرأة وهو عبد الزوج بينة أنه تزوجها على رقبته فالبينة بينة الأب فإن أقامت أمها وهي أمة الزوج مع ذلك بينة مع ذلك بينة أنه تزوج ابنتها على رقبتها فالبينة بينة الأب والأم ونصفهما جميعا مهر لها ويسعى الولدان للزوج في نصف قيمتهما ولو لم يكن كذلك ولكن أقامت المرأة البينة أنه تزوجها بمائة دينار وأقام الزوج البينة أنه تزوجها بألف دينار فقضى القاضي ببينة المرأة فالنكاح بمائة دينار ثم إن أبا المرأة وهو عبد الزوج أقام البينة أنه تزوج المرأة على رقبته فإن القاضي يبطل القضاء الأول ويقضي بأن الأب هو المهر ولو كان الزوج يدعي أنه تزوجها على أبيها وصدقه الأب في ذلك وأقاما البينة وادعت المرأة أنه تزوجها على مائة دينار ولم تقم البينة فقضى القاضي ببينة الأب والزوج وجعل الأب صداقا وأعتقه من مالها وجعل ولاءه لها ثم أقامت المرأة البينة إن كان تزوجها بمائة دينار كانت البينة بينة المرأة ويقضي القاضي لها على الزوج بمائة دينار ويجعل أباها حرا من مال الزوج وبطل الولاء الذي كان قضى به للمرأة لأن الأب كان حرا بإقرار الزوج قبل أن يقضي القاضي بعتقه وإنما قضى القاضي بالولاء دون العتق فكذلك بطل الولاء ببينة المرأة بعد ذلك والله أعلم بالصواب <401> {فصل في اختلاف الزوجين في متاع البيت} اختلف المشايخ في هذه المسألة على تسعة أقوال قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إذا اختلف الزوجان في متاع موضوع في البيت الذي كانا يسكنان فيه حال قيام النكاح أو بعد ما وقعت الفرقة بفعل من الزوج أو من المرأة فما يكون للنساء عادة كالدرع والخمار والمغازل والصندوق وما أشبهه فهو للمرأة إلا أن يقيم الزوج البينة على ذلك وما يكون للرجال كالسلاح والقباء والقلنسوة والمنطقة والفرس ونحو ذلك فهو للرجل إلا أن تقيم المرأة البينة على ذلك وما يكون للرجال والنساء كالعبد والخادم والفراش الشاة السنور فهو للرجل إلا أن تقيم المرأة البينة على ذلك وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى للمرأة جهاز مثلها والباقي للرجل ولو مات الرجل وبقيت المرأة ووقع الاختلاف بين المرأة ووارث الرجل فما يكون للرجال عادة كان القول فيه قول الوارث والباقي للمرأة وإن ماتت المرأة وبقي الرجل فما يكون للنساء فالقول في ذلك قول وارث المرأة والباقي وهو المشكل للحي منهما وهو الرجل قال أبو يوسف رحمه الله تعالى الحكم بعد موت أحدهما هو الحكم في حياتهما وإن كان أحدهما حرا والآخر مملوكا محجورا كان أو مأذونا أو مكاتبا كان المتاع كله للحر منهما أيهما كان وقال صاحباه رحمهما الله تعالى إن كان المملوك محجورا فكذلك وإن كان مأذونا أو مكاتبا فالجواب فيه كالجواب في الحرين ولو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فهذا وما لو كانا مسلمين سواء ولو كان أحدهما صغيرا والآخر كبيرا أو كانا صغيرين ذكر في بعض الروايات أنهما سواء وذكر في البعض وقيد فقال لو كان الزوج بالغا والمرأة غير بالغة إلا أنها بلغت مبلغ الجماع فهو وما لو كانا كبيرين سواء ولا فرق في هذه الوجوه بينهما إذا كان البيت الذي يسكنان فيه ملك الزوج أو ملك المرأة ولو كان غير الزوجة في عيال أحد بأن كان الابن في عيال الأب أو الأب في عيال الولد ونحو ذلك كان المتاع عند الاشتباه للذي يقول في قولهم كذا ذكره في الكيسانيات ونوادر ابن رستم ولو كان للرجل أربع نسوة فوقع الاختلاف في المتاع بينه وبينهن فإن كن في بيت واحد فما يصلح للنساء يكون بينهن وإن كانت <402> كل واحدة في بيت على حدة فما كان في بيت كل واحدة منهن يكون بينها وبين زوجها على الوجه الذي ذكرنا في الزوجين لا يشارك بعضهن بعضا في ذلك لأنه لا يد لواحدة منهن على ما في بيت الأخرى فلا تستحق شيئا من ذلك غلا ببينة ولو ادعت المرأة بمتاع إنها اشترته من زوجها كان المتاع للزوج وعليها البينة ولو مات الزوج فقال وارثه للمرأة قد كان والدي طلقك ثلاثا في الصحة وأراد أن يأخذ المتاع من المرأة لا يقبل قوله إلا بالبينة ويكون المتاع لها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن عنده المشكل للحي منهما فيكون القول قولها مع يمينها بالله ما تعلم أنه طلقها فإن نكلت أو أقرت أن المشكل للوارث كما لو وقعت الخصومة بين الزوجين بعد الطلاق وإن كان طلقها في المرض ومات الزوج بعد انقضاء العدة كان المشكل لوارث الزوج لأنها صارت أجنبية ولم يبق لها يد وإن مات قبل انقضاء العدة كان المشكل للمرأة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنها ترث فلم تكن أجنبية وكان هذا بمنزلة ما لو مات الزوج قبل الطلاق وإن اختلف الزوجان في البيت الذي يسكنان فيه كل واحد يدعى أنه له كان القول في ذلك قول الزوج وإن أقامت المرأة البينة أو أقاما جميعا يقضى ببينة المرأة لأنها خارجة معنى ولو كانت الدار في يد رجل أو امرأة وأقامت المرأة البينة أن الدار لها وأن الرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن الدار له والمرأة مرأته تزوجها بألف درهم ودفع إليها ولم يقم بينة أنه حر فإنما يقضي بالدار والرجل للمرأة ولا نكاح بينهما لأن المرأة أقامت البينة على رق الرجل والرجل لم يقم البينة على الحرية فيقضي بالرق وإذا قضى بالرق بطلت بينة الرجل في الدار والنكاح ضرورة وإن كان الرجل أقام البينة أنه حر الأصل والمسألة بحالها يقضى بحرية الرجل وبنكاح المرأة ويقضى بالدار للمرأة لأنا لما قضينا بالنكاح صارح الرجل في الدار صاحب يد والمرأة خارجة فيقضى الدار لها كما لو اختلف الزوجان في دار في أيديهما كانت الدار للزج في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وإن أقاما البينة يقضى ببنية المرأة ولو اختلفا في متاع من متاع النساء وأقاما البينة يقضى به للزوج ولو اختلفا في هذا المتاع في النكاح فأقامت المرأة البينة أن المتاع لها وأن <403> الرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن المتاع له وأنه تزوج المرأة بألف ونقدها فإنه يقضى بالرجل أنه عبد المرأة ويقضى لها بالمتاع أيضا كما قلنا في الدار وإن أقام الرجل البينة أنه حر الأصل يقضى له بالحرية والمرأة والمتاع أيضا لأنه في متاع النساء يحتاج إلى البينة وإن كان المتاع مشكلا يكون للرجال والنساء يقضى بحريته ويقضى له بالمرأة أيضا ويقضى بالمتاع للمرأة لأن بينة المرأة في المشكل أولى لأنها خارجة إذا غزلت المرأة قطن زوجها ثم اختلفا في الغل قبل الفرقة أو بعدها فالمسألة على وجوه أما إن أذن لها بالغزل أو نهى عن الغزل أو لم يأذن لها ولم ينه فإن أذن لها بالغزل إن قال اغزليه لي كان الغزل للزوج ولا أجر لها عليه لأنه لما أمر بالغزل ولم يذكر لها أجرا كان ذلك استعانة منها وإن ذكر لها أجرا إن سمى لها أجرا معلوما أن لها ذكل لأنه استأجرها لعمل غير مستحق عليها بأجر معلوم وإن ذكر أجرا مجهولا أو شرط أن يكون الغزل أو الكرباس لهما كان الغزل للزوج ولها أجر مثلها لأنه استأجرها ببعض ما يخرج م العمل فيكون في معنى قفيز الطحان وهو كما لو دفع غزلا إلى حائك لينسجه بالنصف وإن اختلفا في الأجر فقالت المرأة غزلت بأجر وقال الزوج بغير أجر كان القول قول الزوج مع يمينه لأنه أنكر الإجارة والأجر ولو قال اغزليه لنفسك كان الغزل لها ولا شيء عليها لأنه تبرع عليها بالقطن وإن اختلفا فقال الزوج إنما أذنت لك لتغزليه لي وقال لا بل قلت اغزليه لنفسك كان القول قول الزوج لأن الإذن يستفاد من جهته فيكون القول قوله مع اليمين ولو قال لها غزليه ليكون الغزل لهما كان الغزل للزوج ولها أر المثل وقد ذكرنا ولو قال لها غزليه ولم يزد عليه كان الغزل للزوج لأن الظاهر من حاله أنه يرضى بالغزل له وإن نهاها عن الغزل فغزلت كان الغزل لها وعليها مثل ذلك القطن لزوجها لأنها غزلته غصبا فتضمن مثل ذلك القطن كمن غصب حنطة فطحنها كان الدقيق للغاصب وعليه مثل تلك الحنطة وإن اختلفا فقال صاحب القطن غزلتيه بإذني وقالت غزلته بغي إذنك كان القول قول صاحب القطن لأن المرأة تدعي تملك القطن وهو ينكر وإن حمل قطنا إلى بيته ولم يقل شيئا <404> فغزلته إن كان الزوج يبيع القطن كان الغزل لها وعليها مثل ذلك القطن لأن الظاهر من حاله أنه كان يشتري القطن لأجل البيع وإن لم يكن يبيع القطن إن كان الزوج يدعي الإذن كان القول قوله لأن الظاهر من حال9ه أنه يحمل القطن إلى بيته لتغزل المرأة فكان الإذن ثابتا دلالة كما لو طبخت طعاما من اللحم الذي جاء به فإن الطعام يكون للزوج ولأن الزوج إذا كان يدعي الإذن والمرأة تدعي عليه تملك القطن وهو منكر وكذا لو اختلفا في الكرباس فقال الزوج للمرأة دفعت غلى الحائك بإذني لينسجه وقال دفعت بغير إذنك كان القول قول الزوج إذا غزلت المرأة قطن زوجها بإذنه وكانا يبيعان من ذلك الكرباس ويشتريان بالثمن أمتعة لحاجتهما واتخذا ببعض الكرباس ثياب البيت فجميع ما اتخذ من ذلك الكرباس وما اشترى من ثمنه للرجل لأن المرأة تعمل للرجل فيكون ذلك للرجل الأشياء اشترى لها وسمى عند الشراء أو علم عادة أنه اشترى لها ودفع إليها فيكون لها رجل كان يدفع إلى امرأته ما يحتاج إليه وكان يدفع إلى امرأته أنه ما يحتاج إليه وكان يدفع إليها أحيانا من الدراهم ويقول اشترى بها قطنا واغزلي فكانت تشتري وتغزل ثم تبيع وتشتري بها أمتعة للبيت كانت الأمتعة للمرأة لأنها اشترت من غير توكيل الزوج إياها بالشراء فكانت مشترية لنفسها والله أعلم {فصل في دعوى النكاح} امرأة ادعت على رجل أنه تزوجها فجحد فإنه يستحلف بالله ما هي بزوجة لي وإن كانت زوجة لي فهي طالق بائن أما الاستحلاف فلأن على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يستحلف على النكاح والفتوى على قولهما واجمعوا على أنه يستحلف على النكاح بعد الطلاق البائن والموت لأجل المال وإنما يستحلف على هذا الوجه لأنها لو كانت صادقة لا يبطل النكاح بجحوده فإذا حلف تبقى معطلة وقال بعضهم يستحلف على النكاح فإذا حلف يقول القاضي فرقت بينكما * رجل تزوج امرأة بشهادة شاهدين فأنكرت المرأة وتزوجت غيره ومات الشهود ليس للزوج أن يستحلف المرأة في قولهم لأن الاستحلاف شرع لرجاء <405> النكول ولو أقرت المرأة بنكاح الأول لا يصح إقرارها على الزوج الثاني فلا يستحلف لكن يستحلف الزوج الثاني فإن حلف انقطعت الخصومة وإن نكل الزوج الثاني صار مقرا بنكاح الأول فحينئذ تستحلف المرأة فإن حلفت لا يثبت ونكاح الأول وإن نكلت يقضى بها للأول رجلان ادعيا نكاح امرأة وجحدت لهما فأيهما أقام البينة يقضى له فإن أقاما البينة وليست هي في يد أحدهما تبطل البينتان لأن النكاح حالة الحياة لا يحتمل الشركة وليس أحدهما أولى من الآخر وإن أقام كل واحد منهما البينة أنها له وكانت المرأة في يد أحدهما يقضى بها لصاحب اليد وكذا لو اقاما البينة وادعى أحدهما الدخول في شهد شهوده بالنكاح والدخول يقضى له وإن أقام كل واحد مهما البينة على النكاح والدخول لا يقضى لأحدهما وإن ادعيا النكاح ووقت أحدهما وشهد شهوده على النكاح والوقت فهو ألوى وإن وقت أحدهما ولم يؤقت الآخر غلا أن المرأة في يد الذي لم يؤقت يقضى لذي اليد وكذا لو وقت أحدهما ولم يؤقت الآخر إلا أن الذي لم يؤقت أقام البينة على النكاح والدخول كان هو أولى وإن وقتا وأحدهما أسبق فالأسبق أولى على كل حال وإن أقاما البينة على النكاح ولم يؤقتا فأقرت هي لأحدهما يقضى للمقر له وإن أقاما البينة على النكاح والمرأة تقر لأحدهما اختلفوا فيه قال بعضهم لا يقضى للمقر له لأن إقرار المرأة لأحدهما بمنزلة اليد ولو أقاما البينة وهي في يد أحدهما يقضى لصاحب اليد ولو كانت المرأة في يد أحدهما فشهد شهوده أنها امرأته أو شهدوا أنها منكوحته وحلاله وشهود الآخر شهدوا أنه تزوجها اختلفوا فيه قال بعضهم لا تقبل بينة ذي اليد لأن بينة ذي اليد إنما تترجح على بينة الخارج إذا شهدوا على السبب أما إذا شهدوا على هذا الوجه كان هذا بمنزلة مطلق الشهادة على مطلق الملك فلا تقبل بينة ذي اليد وقال بعضهم تقبل لأن شهادة الشهود إنها امرأته أو منكوحته وحلاله بمنزلة الشهادة على السبب لأن المرأة لا تصير منكوحته وحلاله إلا بسبب <406> معين وهو النكاح والحكم إذا تعلق بسبب معين كان ذكر الحكم وذكر السبب سواء بخلاف الملك لأن الملك يثبت بأسباب كثيرة وليس بعضها بأولى من البعض فلا يتعين السبب رجل ادعى نكاح امرأة وهي تجحد فشهد الشهود أنها امرأته وقى القاضي بها ثم جاء آخر وأقام البينة على مثل ذلك لا يلتفت إلى الثاني لأن القضاء صح ظاهرا فلا يبطل ما لم يظهر خطؤه بيقين وذلك بأن يؤقت الثاني وقتا يكون قبل الأول ولو أن رجلين ادعيا نكاح امرأة وقد كان دخل بها أحدهما وهي في بيت الآخر قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى صاحب البيت أولى ولو ادعى زيد وعمرو نكاح امرأة فقالت تزوجت زيدا بعدما تزوجت عمرا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقضى لزيد وعليه الفتوى ثم قال أبو يوسف رحمه الله تعالى فإن سألها القاضي وقال من زوجك فقالت تزوجت زيدا بعدما تزوجت عمرا فإن القاضي يقضي بها لعمرو قال أستحسن ذلك في جواب المنطق وكذا في البيع وكذا لو قال رجل لأختين فاطمة وخديجة تزوجت فاطمة بعد خديجة قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقضى بنكاح فاطمة ولو قالت امرأة تزوجت هذا الرجل أمس ثم قالت تزوجت هذا الرجل الآخر منذ سنة فهي للذي أقرت بنكاحه أمس ولو شهد الشهود على إقرارها لهما جميعا وهي تجحد قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أسأل الشهود بأيهما بدأت أقضي به ولو قالت تزوجتهما جميعا هذا أمس وهذا منذ سنة كانت امرأة صاحب الأمس ولو أن رجلين أقاما جميعا البينة على نكاح امرأة بعد موتها يقضى لهما بميراث زوج واحد لأن حكم النكاح بعد الموت الميراث وهو يحتمل الشركة ولو مات احد المدعيين فأقرت المرأة أن نكاح الميت كان أولا صح تصديقها رجل ادعى على امرأة أنها امرأته وأقام البينة على ذلك وادعت المرأة أنها امرأة هذا الرجل الآخر وذلك الرجل يجحد وأقامت البينة على ذلك قال محمد رحمه الله تعالى تقبل بينة الزوج المدعي لأن الشهود لما شهدوا عليها بالنكاح فقد شهدوا على إقرارها أنها امرأته وإقرارها على نفسها أصدق من بينتها ألا ترى أن رجلا <407> لو أقام البينة على رجل أنه اشترى منه ثوبه هذا وأقام صاحب الثوب البينة على رجل آخر أنه باعه منه وهو يجحد فإن البينة بينة المدعي على صاحب الثوب لما قلنا ولو قالت المرأة حين أقامت البينة على رجل أنها امرأته ادعاها ذلك الرجل كانت البينة بينة المرأة وذلك كامرأة أقام البينة عليها رجلان بالنكاح ولم يؤقتا فأيهما صدقته المرأة فهو زوجها امرأة قالت لرجل أنا امرأتك فقال مجيبا لها أنت طالق كان إقرارا بالنكاح وهي كالق ولو قالت لرجل ألا امرأتك فقال ما أنت لي بزوجة وأنت طالق فليس هذا بإقرار عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى امرأة قالت لرجل زوجتك نفسي فقال لها فأنت طالع يقع الطلاق وإن قال أنت طالق لا يقع شيء ولا يكون إقرارا بالنكاح ولو ادعى على امرأة نكاحا وأقام البينة وأقامت أخت المرأة البينة أنها امرأته وأن أبهاها زوجها منه كانت البينة بينة الزوج صدقته المرأة المدعى عليها أم كذبته ولو ادعى على امرأة نكاحا وأقام البينة وأقامت المرأة البينة أن أختها امرأة المدعي والرجل المدعي ينكر ذلك ويقول ما هي بزوجتي فإن القاضي يقي بنكاح الشاهدة أها امرأة المدعي ولا يقضي بنكاح الغائبة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا لو أقامات الشاهدة البينة على إقرار المدعي بنكاح الغائبة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يتوقف القاضي ولا يقضي بنكاح الشاهدة فإن حضرت الغائبة وأقامت البينة على ما ادعت أختها يقضي بنكاحها إذا أقامت هي البينة ولا يقضي بنكاحها بتلك البينة التي أقامت الشاهدة ويفرق بين الزوج والشاهدة فإن أنكرت الغائبة نكاحها يقضي بنكاح الشاهدة ولو اقر الرجل بنكاح الغائبة يسأله القاضي هل كان بينك وبين الغائبة فرقة فإن قال لا يبطل نكاح الحاضرة ولو قال كنت طلقت الغائبة وأخبرتني بانقضاء عدتها وكذبته الشاهدة في طلاق الغائبة يقضي بنكاح الشاهدة فإن حضرت الغائبة وصدقته في النكاح وكذبته في الطلاق يقع الطلاق عليها من حين إقرار الزوج بطلاقها ولو ادعى نكاح امرأة وأقام البينة وادعت المرأة أنه تزوج بأمها أو ابنتها فهذا وما <408> لو ادعت نكاح الأخت سواء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو أقامت الشاهدة البينة أنه تزوج بأمها ودخل بها أو قبلها أو مسها عن شهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة فرق القاضي بين الشاهدة وبين المدعي ولا يقضى بنكاح الغائبة * رجل تزوج امرأة ثم أقر أن فلانا كان زوجها طلقها وانقضت عدتها ثم تزوجتها فقالت المرأة هو زوجي على حاله لا يقبل قول المرأة ولا يفرق بينها وبين الزوج فإن حضر الغائب وأنكر الطلاق يقضى له بالمرأة ويفرق بين المرأة وزوجها الثاني وإن أقر الأول بالنكاح والطلاق وانقضاء العدة كما قال الزوج الثاني وكذبته المرأة في الطلاق وقع الطلاق عليها من الزوج الأول حين أقر الزوج الأول بالطلاق وعليها العدة من ذلك الوقت ويفرق بينها وبين الثاني وإن صدقته في جميع ما قال كانت امرأة الثاني ولو قال الزوج كان لها زوج قبلي فطلقها وانقضت عدتها ثم تزوجتها وقالت المرأة لم يطلقني ذلك الزوج كان القول قول الزوج ولا يقبل قول المرأة فإن حضر رجل وادعى أنه الزوج الذي أقر به الثاني وصدقته المرأة في ذلك وكذبه الزوج الثاني كان القول قول الزوج الثاني لأنه ما أقر بالنكاح المعلوم ههنا والله أعلم *{فصل في الشهادة على النكاح}* يجوز الاعتماد على الشهرة والتسامع لتحمل الشهادة في خمس مسائل أربع منها معروفة النسب والنكاح والموت والقضاء وواحدة منها ذكرها الخصاف رحمه الله تعالى وهو الدخلو من الزوج وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي أن الشهادة على أصل الوقف تجوز بالشهرة والتسامع ولا تجوز على شرائط الوقف وكما تجوز الشهادة على النكاح بالتسامع تجوز بالمهر أيضا بالشهرة والتسامع ذكر الحاكم الشهيد رحمه الله تعالى في المنتقى والإشهاد على نوعين عرفي وهو أن يسمع من قوم لا يتصور اجتماعهم على الكذب وشرعي وهو أن يشهد عند رجلان عدلان أو رجل وامرأتان بلفظ الشهادة من غير استشهاد ويقع في قلبه أن الأمر كذلك ولا يكتفى بشهادة الواحد عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا شهد واحد عدل بموت رجل وقال أنا عاينت موته <409> حل له أن يشهد على موته والصحيح أن الموت بمنزلة النكاح وغيره ولا يكتفى فيه بشهادة الواحد ولو رأى رجلا وامرأة يسكنان في منزل وينبسط كل واحد منهما على صاحبه كما يكون بين الأزواج حله له أن يشهد على نكاحهما ولو قدم عليه رجل من بلدة وانتسب له وأقام عنده دهرا لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يلقي من أهل تلك البلدة رجلين عدلين ممن يعرفه ويشهد له على نسبه وإذا تحمل الشهادة والشهرة والتسامع فشهد عند القاضي وأيهم جازت شهادته وإن فسر وقال أشهد على النكاح أو على النسب لأني سمعت ذلك من قوم لا يصور اجتماعهم على الكذب لا تقبل شهادته كمن رأى دارا أو عينا في يد رجل يتصرف فيه تصرف الملاك ووقع في قلبه أنه ملكه حل له أن يشهد على أنه ملكه فإن شهد وفسر فقال أشهد أنه له لأني رأيته في يده يتصرف فيه تصرف الملاك لا تقبل شهادته كذا ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى ولم يفصل بين الموت وغيره وفي بعض الروايات في الموت تقبل شهادته وإن فسر وإذا سمع الرجل نكاحا أو موتا أو نسبا ووقع في قلبه أنه حق ثم شهد عنده عدلان بخلاف ما وقع في قلبه أولا لم يسعه أن يشهد بما وقع في قلبه أولا وسعه أن يشهد بما وقع في قلبه أولا إلا أن يقع في قلبه أن هذا الواحد صادق فيما يشهد وإن عاين رجل نكاح امرأة أو بيع جارية أو قتل عمد أو إقرار رجل على نفسه بمال ثم شهد عند الشاهد رجلان عدلان أن فلانا طلق امرأته ثلاثا بحضرتهما أو أن مشتري الجارية أعتق الجارة أو أقر بائع الجارية قبل البيع أنه أعتقها أو أن امرأة واحدة أرضعت الزوجين في صغرهما في الحولين ثم أن المرأة أنكرت النكاح وأنكرت الجارية ملك المشتري لا يسع الشاهد أن يشهد على نكاح المرأة ولا على بيع الجارية لأن الشاهدين لو شهدا عند المرأة بالطلقات الثلاث وعند الجارية يعتقها لا يجوز للمرأة ولا للجارية أن تدعه يجامعها فكذا لايحل للشاهدين أن يشهدا على النكاح والبيع وإن شهد عند الشاهد الذي عاين النكاح وبيع الجارية عدل واحد <410> بالطلقات الثلاث وعتق الجارية لا يحل للشاهد أن يمتنع عن الشهادة على البيع والنكاح *{فصل في العنين}* نكاح العنين جائز فإن علمت المرأة وقت النكاح أنه عنين لا يصل إلى النساء لا يكون لها حق الخصومة كما لو علم المشتري بالعيب وقت البيع وإن لم تعلم وقت النكاح وعلمت بعد ذلك كان لها حق الخصومة ولا يبطل حقها بترك الخصومة وإن طال الزمان ما لم ترض بذلك وكذا لو كان الرجل يصل إلى غيرها من النساء والجواري ولا يصل إليها كان لها حق الزوجية والخصومة وإذا خاصمته إلى القاضي فإن القاضي يسأل الزوج فإن قال قد وصلت إليها في هذا النكاح وأنكرت المرأة إن كانت ثيبا كان القول قوله وإن قالت أنا بكر فالقاضي يريها النساء والمرأة الواحدة تكفي والثنتان أحوطفإن قلن هي ثيب كان القول قول الزوج وإن قلن هي بكر كان القول قولهما في عدم الوصول إليها وإن شهد البعض بالبكارة والبعض بالثيابة يريها غيرهن فإذا ثبت عدم الوصول إليها أجله القاضي سنة طلب الرجل التأجيل أو لم يطلب ويشهد على التأجيل ويكتب لذلك تاريخاص وكذا لو أقر الزوج أنه لم يصل إليها أجله سنة وتكلموا أنه يؤله سنة قمرية أو شمسية قال الشيخ الإماما المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى ملم يذكر محمد رحمه الله تعالى هذا في الكتاب وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله تعالى في النوادر أنه يؤجله سنة شمسية بالأيام وهكذا قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي والناطفي رحمهما الله تعالى رجاء أن يوافقه العلاج في الأيام التي يقع التفاوت فيها بين الشمسية والقمرية ولا يكون هذا التأجيل إلا عند قاضي مصر أو مدينة فإن أجلته المرأة أو اجله غير القاضي لا يعتبر ذلك التأجيل ويحتسب على الرجل شهر رمضان وأيام حيضها وإن مرض أحدهما مرضا شديدا لا يستطاع معه الجماع عن أبي يوسف رحمه الله تعالى فيه روايتان في رواية يحتسب عليه ما دون السنة وإن كان يوما وفي رواية ما يزاد على نصف الشهر لا يحتسب عليه ويعوض له لذلك عوضا وما دون ذلك يحتسب وعن محمد رحمه الله تعالى لا يحتسب الشهر وما دونه يحتسب وهو أصح الأقاويل ولو هربت المرأة من <411> زوجها لا تحتسب تلك الأيام على الزوج وإن غاب الزوج بحج أو عمرة يحتسب عليه ولو حبس الزوج فلم تأته المرأة لا يحتسب على الزوج وكذا لو حبسته المرأة بمهرها ولم تأته وإن أتته إلى السجن وثمة مكان يمكنه الخلوة والجماع يحتسب عليه وكذا لو حبست المرأة بحق وكان الزوج يصل إليها ويمكنه الخلوة والمبيعع معها يحتسب تلك المدة وإلا فلا وإن كانت المرأة محرمة بحجة الإسلام لا يحتسب على الرج حتى تفرغ وإن أحرمت بعد التأجيل لا يحتسب على الرجل ويعوض له عن تلك الأيام وإن كان الزوج مظاهرا منها أن كان قادراص على الإعتاق أجله القاضي سنة وإن كان عاجزا عن الإعتاق أمهله القاضي شهرين للكفارة ثم يؤجل وإن ظاهر بعد التأجيل لا يلتفت إليه ويحتسب ذلك عليه وإذا مضت السنة فمات القاضي أو عزل قبل تخير المرأة وولي غيره فقدمته إلى القاضي الثاني وأقامت البينة أن فلانا القاضي كان أجله في أمرها سنة وإن السنة قد مضت فإن القاضي الثاني يبني على الأول وإن مضت السنة من وقت التأجيل ولم تخاصمه زمانا لا يبطل حقها وإن طاوعته في المضاجعة في تلك الأيام فإن خاصمته إلى القاضي إن كانت ثيبا كان القول قوله وإن أقر الزوج أنه لم يصل إليها أو قالت أنا بكر فنظر إليها النساء وقلن إنها بكر خيرها القاضي فإن اختارت زوجها أو قامت عن مجلسها قبل الاختيار أو أقامها أعوان القاضي أو أقام القاضي عن مجلسه بطل حقها كما في خيار المخيرة فإن اختارت الفرقة في مجلسها يأمره القاضي بالتفريق ولاتقع الفرقة باختيارها فإن أبى الزوج أن يفرق يقول القاضي فرقت بينكما فيلزمه المهر وعليها العدة وإن طلب من القاضي أن يؤجله سنة أخرى لا يجيبه فإن أجلته المرأة سنة أخلى كان لها أن ترجع عن الأجل وكما يؤجل العينين ويؤجل الخصي سنة وكذا الشيخ الكبير وإن قال لا أرجو أن أصل إليها والغلام الذي هو ابن أربع عشرة سنة إذا لم يصل إلى امرأته وله امرأة أخرى يجامعها أو يجامع الجراية كان للمرأة أن تخاصمه ويؤجل سنة وكذا الخنثى إذا كان يبول من مبال الرجل يؤجل سنة ولو وجدت المرأة زوجها مريضا لا يقدر على الجماع لا يؤجل <412> ما لم يصح وإن طال المرض والمعتوه إذا زوجه وليه امرأة فلم يصل إليها أجله القاضي سنة بحضرة الخصم عنه وتأجيل العنين لا يكون إلا عن قاضي مصر أو مدينة فلا يعتبر تأجيل المرأة ولا تأجيل غيرها * رجل تزوج امرأة ولم يصل ليها وفرق القاضي بينهما بعد مضي الأجل ثم تزوجها مرة أخلى لا خيرا لها ولو تزوج ووصل إليها ثم عجز عن الوطء بعد ذلك وصار عنيناص لم يكن لها حق الخصومة ولو تزوج امرأة ووصها إليها ثم وقعت الفرقة بينهما ثم تزوجها ثم عجز عن الوطء بعد ذلك لها حق الخصومة ويؤجل كما يؤجل العنين ولو تزوج امرأة ولم يصل إليها وفرق القاضي بينهما بسبب العنة ثم تزوج هذا الرجل امرأة أخرى تعلم بحاله مع المرأة الأولى اختلفت الروايات فيه والصحيح أن للثانية حق الخصومة لأن الإنسان قد يعجز عن امرأة ولا يعجز عن غيرها ولو وجدت المرأة زوجها مجبوبا خيرها القاضي في الحال ولا يؤجل لأن الآلة المقطوعة لا تثبت فلا يقيد التأجيل فإن كان خلا بها فلها كل المهر وإن كان ذلك قبل الخلوة كان لها نصف المهر ولا عدة عليها وإن فرق القاضي بينهما بعد الخلوة ثم جاءت بالولد إلى سنتين يثبت النسب منه ولا يبطل تفريق القاضي وفي فصل العنين إذا فرق وهو يدعي الوصول إليها فجاءت بولد لأقل من سنتين يثبت النسب ويبطل تفريق القاضي وكذا لو شهد شاهدان بعد تفريق القاضي على إقرار المرأة قبل التفريق أنه وصل إليها يبطل تفريق القاضي ولو أقرت بعد التفريق أنه كان وصل إليها لم تصدق على إبطال تفريق القاضي ولو وجدت المرأة زوجها مجبوبا وهي رتقاء لا خيار لها ولو وجدت زوجها مجبوبا فأقامت معه زمانا وهو يضاجعها كانت على خيارها ولو قالت المرأة هو مجبوب والزوج ينكر فإن كان يعرف حقيقة حاله باللمس من غير نظر وراء الثوب ولا تكشف عورته وإن كان لا يعرف إلا بالنظر أمر القاضي أمينا لينظر إلى عورته فيخبره بحاله لأن النظر إلى العورة مباح عند الضرورة * رجل تزوج امرأة وكان يأتيها فيما دون الفرج حتى ينزل وتنزل المرأة ولا يصل إليها في فرجها وأقامت معه كذلك زمانا وهي بكر أو ثيب ثم خاصمته <413> إلى القاضي اجله القاضي سنة ويفعل ما قلنا زوج الأمة إذا كان مجبوبا أو عنينا كان الخيار غلى المولى في ذلك في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى فإن رضي المولى لاحق للأمة وإن لم يرض كانت الخصومة إليه كما في العزل وقال أبو يوسف رحمه الله تعلى الخيار إلى الأمة لا إلى المولى كما قال هو في العزل واختلفوا في قول محمد رحمه الله تعالى ذكر بعضهم قوله مع أبي يوسف كما في العزل عنده وبعضهم ذكروا قوله ههنا مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإذا فرق لقاضي في الجب والعنة كان طلاقا بائنا *{فصل في الخيارات التي تتعلق بالنكاح}* الخيارات أنواع منها ما يثبت في جميع التصرفات وهو خيار إجازة عقد الفضولي وعند الشافعي رحمه الله تعالى خيار عقد الإجارة لا يتصور لأن عنده عقد الفضولي لا يتوقف فلا يتصور الإجازة منه ومنها ما يثبت في التصرفات التي تحتمل الفسخ ولا يثبت فيما لا يحتمل الفسخ كالنكاح والطلاق والعتاق وهو خيار الرط إذا شرط الخيار في النكاح عندنا يصح النكاح ويبطل الشرط وعند الشافعي رحمه الله تعالى شرط الخيار يبطل النكاح ونمنها خيار الرؤية لا يثبت في النكاح لا في المرأة ولا في المهر ومنها خيار العيب وهو حق الفسخ بسبب العيب عندنا لا يثبت في النكاح فلا ترد المرأة بعيب ما وقال الشافعي له أن يرد المرأة بعيوب خمسة بالجنون والجذام والبرص والقرن والرتق له أن يفسخ النكاح ويرد المرأة إن رد قبل الدخول يسقط كل المهر وإن كان بعد الدخول لكان لها مهر المثل كما هو حكم الفسخ وإن وجدت المرأة بزوجها جنونا أو جذاما أو برصا قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمه الله تعالى ليس لها حق الفرقة وقال محمد رحمه الله تعالى لها حق الفرقة وإن وجدت المرأة في مهرها عيبا لا ترد في اليسير وترد في الفاحش غلا أن يكون المهر مكيلا أو موزونا فترد في اليسير والفاحش وإن وجدت زوجها مجبوبا أو عنينا لم يكن لها حق الفسخ وكان لها حق المطالبة بالإمساك بالمعروف أو التفريق بناء عليه ولهذا كانت الفرقة بسبب الجب والعنة طلاقا () وأما الخيارات التي تتعلق بالنكاح أربعة خيار المخيرة وخيار <414> العتق وخيار الفسخ لعدم الكفاءة وخيار البلوغ أما الأول إذا قالا لامرأته اختاري أو اختاري نفسك ينوي به الطلاق فقالت اخترت نفسي يقع تطليقة بائنة وهذا الخيار يختص بجانب المرأة ولا يبطل بسكوتها بكرا كانت أو ثيبا بل يمتد إلى آخر المجلس غلا إذا ردت وقامت أو أعرضت والفرقة بهذا الخيار لا تحتاج إلى قضاء القاضي وأما خيار العتق للمنكوحة إذا كانت أمة أو مدبرة أو أم ولد فعتقت قبل الدخول وبعده كان لها حق الفسخ حراص كان الزوج أو عبدا عندنا وكذا المكاتبة الصغيرةأو الكبيرة إذا زوجها المولى برضاها فعتقت بالأداء أو أعتقها المولى كان لها خيار العتق عندنا وهذا الخيار بمنزلة خيار المخيرة عندنا من حيث أنه يختص بالمرأة ووقوع الفرقة منها لا يتوقف على القضاء ولا يبطل بالسكوت بل يمتد إلى آخر المجلس إلا إذا أبطلت الخيار بلسانها أو دلالة وإنما يفارق هذا الخيار خيار المخيرة من وجه واحد وهو إن الفرقة في خيار العتق لا تكون طلاقا وفي خيرا المخيرة تكون طلاقا وأما الخيار لعدم الكفاءة إذا زوجت المرأة نفسها غير كفء كان للأولياء من العصبة حق الفسخ وهذا التفريق لا يتم إلا بقضاء القاضي وقبل القضاء النكاح قائم بجميع أحكامه من الطلاق والظهار والتوارث وخيار المولى لا يبطل بسكوته ولا الامتناع عن المطالبة بالتفريق وإن طال الزمان ما لم تلد ويكون فسخا لا طلاقا حتى لو كان قبل الخلوة الصحيحة يسقط كل المهر وبعد الخلوة لا يسقط وعليه نفقة العدة وإن أجاز المولى بطل حقه وكذا إذا أخذ مهرها وإن زوجها الولي غير كفء ثم وقعت الفرقة بينهما ثم زوجت نفسها من هذا الزوج بغير ولي كان للولي أن يفرق بينهما ولو زوجها الولي غير كفء فطلقها الزوج طلاقا رجعيا ثم راجعها لم يكن لهذا الولي أن يفرق بينهما ولو طلقها طلاقا بائنا ثم تزوجها بغير إذن ولي كان للولي أن يفرق بينهما ورضا الولي بالعقد الأول يكون رضا بالعقد الثاني ولو زوجها أحد الأولياء غير كفء لم يكن لهذا الولي ولا لمن دونه حق التفريق وأما خيرا البلوغ غير الأب والجد إذا زوج الصغير <415> والصغيرة كان لهما خيار البلوغ وإن زوجهما القاضي فعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الظاهر ثبوت الخيار في نكاح القاضي وكذا إذا زوج الصغيرة أمها عن أبي حنيفة رحمه اله تعالى في خيار البلوغ روايتان والظاهر ثبوته وأما المعتوهة إذا زوجها أخوها أو عملها ثم عقلت كان لها الخيار كالصغيرة إذا بلغت وإن زوجها الأب أو الجد لا خيار لها وإن زوجها ابنها لا رواية فيه عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قالوا ينبغي أن لا يكون لها الخيار كما لو زوجها الأب وعن محمد رحمه الله تعالى أن لها الخيار والمولى إذا زوج أمته الصغيرة فعتقت ثم بلغت كان لها خيار العتق وهل يكون لها خيار البلوغ اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يكون لها خيار البلوغ لأن المولى يملك الرقبة والكسب جميعا فكانت ولايته فوق ولاية الأب والحج ثم خيار البلوغ يفارق خيار العتق من وجوه منها أن خيار العتق يثبت للأنثى خاصة وخيار البلوغ يثبت للذكر والأنثى ومنها أن خيار العتق إذا ثبت للبكر لا يبطل بسكوتها بل يمتد إلى آخر المجلس وخيار البلوغ يبطل بسكوت البك روخيار البلوغ للثيب والغلام لا يبطل إلا بالإبطال نصا فإن قال الغلام نقضت النكاح ونوى به الطلاق عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يكون طلاقا وإن نوى ثلاثا فصثلاث ومنها أن الفرقة بخيار العتق تثبت بقولها اخترت نفسي وفي خيار البلوغ لا تقع الفرقة ما لم يفرق القاضي بينهما وعند تفريق القاضي يسقط كل المهر إن كانت الفرقة قبل الدخول وإن كانت بعد الدخول كان لها المهر المسمى وخيار البلوغ إذا ثبت للثيب لا يبطل إلا بالإبطال نصا أو بالتمكين من الزوج أو لب المهر أو طلب فرق النفقة بخلاف خيار العتق وخيار المخيرة فإن ذلك يبطل بالقيام عن المجلس ومنها أن في خيار العتق إذا علمت بالنكاح والعتق ولم تعلم بالخيار كان له الخيار إذا علمته وتعذر بالجهل وفي خيار البلوغ إذا علمت بالزوج والمهر ولم تعلم بالخيار لا تعذر الجهل والفرقة بخيار البلوغ لا تكون طلاقا كالفرقة بخيار العتق وخيار عدم الكفاءة فإن بلغت الثيب في جوف الليل ولم تقدر على الإشهاد قال محمد رحمه الله تعالى كما <416> رأت الدم تقول اخترت نفس ونقضت النكاح فإذا أصبحت تشهد وتقول رأيت الدم الساعة واخترت نفسي فقيل له أسيع لها ذلك قال نعم لأنها لو أخبرت نهار رأت الدم في الليل واختارت نفسها لا يقبل قولها ويبطل خيارها وروي عنه أنها لو قالت عند الشهود أو عند القاضي نقضت النكاح حين بلغت يقبل قولها فإن وقتت فقالت بلغت أمس واخترت نفسي لا يقبل قولها ولو قال لم أعلم بالنكاح إلا الآن واخترت نفسي قبل قولها ولو بلغت فقال الحمد لله اخترت نفسي كانت على خيارها ولو بلغت في مكان منقطع عن الناس فبعثت الجارية لتأتي بشهود تشهدهم بطل خيارها إلا أن يكون على الفوز وينبغي أن تقول في فور البلوغ اخترت نفسي ونقضت النكاح فإذا قالت ذلك لا يبطل حقها بالتأخير حتى يوجد التمكين وأما إذا ثبت لها خيار البلوغ والشفعة فتقول طلبت الحقين ثم تفسر وتبدأ في التفسير بالاختيار وقيل تطالب الشفعة وتبكي صراخا فيكون البكاء بهذه الصفة رد النكاح مع طلب الشفعة على قول من يجعل البكاء بهذه الصفعة ردا للنكاح *{باب الرضاع}* الرضاع في إثبات حرمة المناكحة بمنزلة النسب والصهرية كما أن الحرمة بالنسب إذا ثبتت في الأمهات والبنات تتعدى إلى الحدات والنواقل فكذا إذا ثبتت بالرضاع تتعدى إلى أصول المرضعة وفروعها وأخواتها وأخواتها هذه الحرمة كما تثبت في جانب الأم تثبت في جانب الأب وهو الفحل الذي ينزل لبنها بوطئها وقال الشافعي رحمه الله تعالى الحرمة لا تثبت في جانب الأب والفقهاء يسمون هذه المسألة لبن الفحل فعندنا الفحل أبو الرضيع وأم الفحل جدته وأخواته عماته وأولاد الفحل أخواته لا يحل للرضيع أن يتزوج واحدة منهن ولا نكاح موطوءة الفحل ومنكوحته ولا للفحل نكاح موطوءة الرضيع ولا منكوحته ولو كان للفحل امرأتان حبلتا منه فأرضت كل واحدة منهما رضيعا كان الرضيعان أخوين لأب وإن كان أحدهما بنتا لا يجوز النكاح بينهما ولو كانا أنثيين لا يجوز الجمع بينهما في النكاح لرجل كما لا يجوز الجمع بين الأختين من النسب قليل الرضاع وكثيره سواء <417> عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يثبت الرضاع بما دون خمس رضعات في خمس رضعات في خمسة أوقات تكتفي الصغير بكل واحدة منهن وقال أصحاب الظواهر لا بد من ثلاث رضعات وكما يحصل الرضاع بالمص من الثدي يحصل بالصب والسعوط والوجور ولا يحصل بالأقطار في الأذن والإحليل والجائفة والآمة ولا بالحقنة في ظاهر الرواية وعن محمد رحمه الله تعالى يحصل بالاحتقان ووقت الرضاع في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى مقدر بلاثين شهرا إذا ارتضع في هذه المدة تثبت الحرمة فطم على رأس الحولين أو لم يفطم ولو ارتضع بعد حولين ونصف لا تثبت الحرمة فطم أو لم يفطم قال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى وقته مقدر بحولين إن ارتضع في الحولين تثبت الحرمة فطم أو لم يقطم وبعد الحولين لا تثبت فطم أو لم يفطم وقال زفر رحمه الله تعالى وقته مقدر بثلاث سنين وأجمعوا على أن مدة الرضاع في استحقاق أجرة الرضاع على الأب مقدر بحولين حتى أن المطليقة إذا طالبته بعد الحولين بأجرة الرضاع فأبى الأب أن يعطي لا يجبر ويجبر في الحولين وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى إذا فطم الصبي في الحولين فتعود الصبي واكتفى بالطعام فأرضع لا تثبت حرمة الرضاع وفي ظاهر الرواية إذا أرضع في مدة الرضاع تثبت به الحرمة على كل حال * إذا مص الرجل ثدي امرأته وشرب لبنها لم تحرم عليه امرأته لما قلنا أنه لا رضاع بعد الفصال بكر لم تزوج قط نزل لها لبن فأرضعت صبيا صارت أما للصبي وثبت جميع أحكام الرضاع بينهما حتى لو تزوجت البكر رجلا ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها كان لهذا الزوج أن يتزوج الصبية وإن طلقها بعد الدخول لا يكون له أن يتزوجها لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها ويثبت الرضاع بلبن الميتة سواء حلب اللبن قبل الموت أو بعده وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يثبت الرضاع بلبن يحلب بعد الموت كما لاا تثبت حرمة المصاهرة بوطء الميتة وإذا نزل لرجل لبن فأرضع به صبيا لا تثبت به حرمة الرضاع * لا بأس للرجل أن يتزوج بمرضعة ولده وأخت ولده من الرضاع لأن نكاح أخت ولده من النسب جائز إذا لم تكن ولده موطوءته فإن الجارية إذا <418> كانت بين رجلين فجاءت بولد وادعياه ولك واحد من الشريكين ابنة من امرأة أخرى كان لكل واحد من الموليين أن يتزوج ابنة شريكه وإن كانت أخت ولده من النسب ونظائرها كثيرة إذا ارتضع الصبيان من لبن بهيمة لا تثبت به حرمة الرضاع بينهما وإذا جعل لبن المرأة في طعام فأطعم صبيين إن طبخ الطعام بأن طبخ لبنها أرز غلا تثبت الحرمة بينهما في قولهم جميعا كان اللبن غالبا أو مغلوبا وإن لم يطبخ الطعام باللبن إن كان الطعام غالبا لا تثبت الحرمة به في قولهم قيل هذا إذا كان لا يتقاطر منه اللبن عند رفع اللقمة وإن كان يتقاطر تثبت الحرمة والأصح أنها لا تثبت وإن كان الطعام مغلوبا باللبن لا تثبت الحرمة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه تثبت الحرمة كما لو اخلط لبن الآدمي بلبن الشاة ولبن الآدمي غالب تثبت الحرمة وكذا لو ثردت خبزا في لبنها وتشرب الخبز اللبن أو لتت سويقا بلبنها إن كان يوجد منه طعم اللبن تثبت الحرمة هذا إذا أكل الطعام لقمة لقمة فإن حسى حسوا تثبت الحرمة في قولهم وإن خلط لبن المرأة بالماء وسقى صبيين إن كان اللبن غالبا تثبت لحرمة في قولهم وإن كان اللبن مغلوبا لا تثبت وكذا لو جعل الدواء في لبن المرأة إن كان الدواء غالبا لا تثبت الحرمة عندنا وإن كان مغلوبا باللبن تثبت الحرمة ثم فسر محمد رحمه الله تعالى فقال إن لم يغير الدواء اللبن تثبت الحرمة وإن غير لا تثبت وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى أن غير طعم اللبن ولون لا يكون رضاعا وإن غير أحدهما دون الآخر يكون رضاعا وقيل على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا جعل في دواء أو خلط بالماء لا تثبت الحرمة على كل حال ولو خلط لبن المرأة بلبن امرأة أخرى فأوجر صبيا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى وهي روايته عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى الرضاع من أكثرهما فإن استويا يكون منهما وقال محمد رحمه الله تعالى يثبت الرضاع منهما على كل حال امرأة لها لبن طلقها زوجها وتزوجت بزوج أخر فحبلت من الثاني وأرضعت صبيا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى الرضاع من الأول ما لم تلد من الثاني فإذا ولدت كان الرضاع من الثاني وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى روايتان في رواية إن عرفت نزول <419> اللبن من الحمل الثاني فالرضاع من الثاني وينقط حكم الأول وفي رواية إذا حبلت من الثاني ينقطع حكم الأول وقال محمد رحمه الله تعالى الرضاع منهما حتى تضع الحمل من الثاني إذا ولدت المرأة من زوجها ولداص فطلقها الزوج وتزوجت بآخر فأرضعت بلبن الأول ولداص وهي تحت الزوج الثاني فإن الرضاع يكون من الزوج الأول لأن نزول اللبن الأول كان مننه * رجل تزوج امرأة ولم تلد منه قط ثم نزل لها لبن فأرضعت صبيا كان الرضاع من المرأة دون زوجها حتى لا يحرم على الصبي أولاد هذا الرجل من غير هذه المرأة * رجل زنى بامرأة فولدت منه وأرضعت يهذا اللبن صغيرة لا يجوز لهذا الزاني ولا لأحد من آبائه وأولاده نكاح هذه الصبية وذكر في الدعوى رجل قال لمملوك هذا ابني من الزنا ثم اشتراه مع أمه عتق المملوك ولا تصير الجارية أم ولده * رجل تزوج امرأة فولدت منه ولدا فأرضعت صبياص كان لهذا الصبي أن يتزوج أولاد هذا الرجل من غير المرضعة * الرضاع الطارئ على النكاح بمنزلة السابق بيانه إذا تزوج صبية فطلقها ثم تزوج امرأة لها لبن فأرضعت تلك الصبية حرمت الكبيرة على زوجها لأنه صارت من أمهات نسائه وكذا لو تزوج رضيعة فأرضعتها أمه أو أخته أو ابنته حرمت الرضيعة على زوجها وكذا لو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأة واحدة معا أو واحدة بع واحد بطل نكاحهما لأنه صار جامعا بين الأختين ولكل واحد منهما نصف الصداق يرجع الزوج بذلك على المرضعة إن تعمدت الفساد عندنا والتعمد أن ترضعها من غير حاجة لها إلى الإرضاع بأن كانت شبعى ويقبل قولها أنها لم تتعمد الفساد وإن كانت مجنونة وهي امرأته لا يرجع عليها وللمجنونة نصف الصداق إن كان قبل الدخول وكذا لو أخذ الصبي ثدي الكبيرة وهي نائمة فارتضع فالنائمة بمنزلة المجنونة ولو أخذ رجل لبن الكبيرة فأوجر صبيتين يغرم الزوج لكل واحد منهما نصف الصداق ثم يرجع الزوج على الرجل إن تعمد الفساد وهو الصحيح ولو تزوج ثلاث رضيعات فجاءت امرأة وأرضعتهن على التعاقب أو أرضعت ثنتين ثم الثالثة حرمت الأوليان لأنه صار جامعا بين الأختين في نكاح وبقيت <420> الثالثة امرأته لأنها صارت أختا للأوليين بعدما فسد نكاح الأوليين فإن أرضعت واحدة منهن أولا ثم الثنتين معا حر من جميعا لأن الأختية تثبت دفعة واحدة ولو تزوج صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة بانتا جميعا ولا مهر لكبيرة إن كان لم يدخل بها لأن الفرقة جاءت من قبلها وللصغير نصف المهر لأنها بانت بفعل الغير ثم يرجع الزوج بنصف مهر الصغيرة على الكبيرة إن تعمدت الفساد وإن لم تتعمد لا يرجع وله أن يتزوج الصغيرة بعد ذلك لأنها صارت ابنة امرأته ولم يدخل بها وليس له أن يتزوج الكبيرة على كل حال لأنها أم امرأته وإن كان دخل بالكبيرة لا يحل له أيضا نكاح الصغيرة ولو تزوج كبيرة وثلاث رضيعات فأرضعتهن الكبيرة واحدة بعد واحدة أو أرضعت واحدة ثم ثنتين معا حر من جميعا أما الكبيرة والصغيرة الأولى لأنهما صارتا أما وبنتا وأما الباقيتان فلأنهما الباقيتان فأنهما صارتا أختين في نكاح واحد وإن أرضعت ثنتين معا ثم الثالثة حرمت الكبيرة والأوليان ولا تحرم الثالثة لأنها صارت ابنة امرأته بعدما باتت امرأته قبل الدخول وإن تزوج صغيرتين وكبيرتين فأرضعت الكبيرتان صغيرة ثم صغيرة بانت الكبيرتان والصغيرة الأولى أما الكبلية الأولى فلأنها بإرضاع الأولى صارت أم امرأته فبطل نكاحها ونكاح الصغيرة الأولى لأنهما اجتمعا في نكاح واحد وأما الكبيرة الثانية فلأنها بإرضاع الصغيرة الأولى صارت أم امرأة كانت له فبطل نكاحها والصغيرة الثانية امرأته لأنها صارت ابنة امرأته التي بانت منه قبل الدخول وليس في نكاحه غيرها فلا تحرم * رجل زوج أم ولده من عبد صغير له فأرضعته من لبن السيد حرمت المرضعة على مولاها وعلى زوجها الصغير أما على المولى فلأنها صارت منكوحة ابنه فتحرم على المولى وتحرم على الزوج الصغير لأنها صارت موطوءة الأب ولأنها أمه * رجل وطئ امرأة بنكاح فاسد ثم تزوج صبية فأرضعتها أم الموطوءة بانت الصبية لأنها صارت أخت الموطوءة والموطوء في عدته فيبطل نكاح الصبية * رجل تزوج صبية ثم عمتها لا يصح نكاح العمة فإن أرضعت أما العمة الصبية <421> لا تحرم الصبية على زوجها لأن نكاح العمة لم يصح فلا يصير جاءها بين الأختين * رجل تزوج رضيعنين فجاءت امرأتان لهما لبن من رجل واحد فأرضعت أحدى المرأتين رضيعة وأرضعت المرأة الأخرى الرضيعة الثانية بانت الرضيعتان عن زوجهما لأنهما صارتا أختين تحت رجل واحد ففسد نكاحهما ولا ضمان على المرضعتين وإن تعمدتا الفساد لأن المفسد للنكاح الأختية والأختية حصلت بفعلها جملة فلم يكن الفساد حاصلا بفعل أحداهما خاصة فلا يجب الضمان كرجل قال لامرأتين له في مرض موته ن دخلتما الدار أنتما طالقتان ثلاثا فدخلتا بانتا ولا تحرمان عن الميراث لأن وقوع الطلاق حصل بصنعهما جملة لا بفعل إحداهما ولو كانت الكبيرتان لهما لبن من زوج الرضيعتين والمسألة بحالها ذكر في بعض المواضع أنه لا يجب الضمان على الكبيرتين لأن فساد النكاح لا يضاف إلى إحداهما خاصة وكان هذا الجواب وقع سهوا لأن سبب فساد نكاح الصغيرتين ههنا صيرورتهما ابنتين لزوجهما لا الأختية فكل كبيرة تفردت بإفساد نكاح الصغيرة التي أرضعتها * رجل تزوج امرأة فشهدت امرأة أنها أرضعتها لا تثبت الحرمة بقولها وإن كانت عدلة وإن تنزه كان أفضل وقال مالك رحمه الله تعالى تثبت الحرمة بشهادة امرأة واحدة لشأنها من باب الديانة فتثبت بقول الواحد كما لو اشتى لحماص فأخبره عدل أنه ذبيحة المجوسي يحرم عليه وأنا نقول هذه شهادة قامت على زوال ملك النكاح فلا تثب الحرمة كما لو قامت على الطلاق وإن شهد بذلك امرأتان أو رجل عدل فكذلك وكذا لو شهد أربع نسوة وقال الشافعي رحمه الله تعالى يفرق بينهما بشهادة الأربع وكما لا يفرق بينهما بعد النكاح لا تثبت الحرمة بشهادتهن فكذلك قبل النكاح وإن أراد الرجل أن يخطب امرأة فشهدت امرأة قبل النكاح أنها أرضعتهما كان على سعة من تكذبيها كما لو شهدت بعد النكاح ولو شهد رجلان عدلان أو رجل وامرأتان بعد النكاح عندهما لا يسعها المقام مع الزوج لأن هذه شهادة لو قامت عند القاضي يثبت الرضاع فكذا إذا قامت عندها إذا أقر الرجل <422> بامرأة أنها أخته من الرضاع ولم يصر على إقراره كان له أن يتزوجها وإن أصر لا يحل له أن يتزوج ولو أقر بعد النكاح بذلك ولم يصر على إقراره لا يفرق بينهم وإن أصر فرق بينهما وكذا إذا أقرت المرأة قبل النكاح ولم تصر على إقرارها كان لها أن تزوج نفسها منه فإن أقرت بذلك ولم تصر ولم تكذب نفسها حتى زوجت نفسها منه جاز نكاحها لأن النكاح قبل الإصرار وقبل الرجوع عن الإقاررا بمنزلة الرجوع عن إقرارها وقد مرت هذه الجملة في فصل المحرمات فإن قالت المرأة بعد النكاح كنت أقررت قبل النكاح أنه أخي من الرضاع وقد قلت أن ما أقررت به حق حين أقررت بذلك فلم يصح النكاح لا يفرق بينهما وبمثله لو أقر الزوج بعد النكاح وقال كنت أقررت قبل النكاح أنها أختي من الرضاع وقلت أنه حق فإن القاضي يفرق بينهما لأنالمرأة لو أقرت بعد النكاح إن الزوج أخوها من الرضاع وأصرت على ذلك لا يقبل قولها على الزوج ولا يفرق بينهما فكذلك إذا اسندت ذلك إلى ما قبل النكاح أما لزوج لو أقر بعد النكاح وأصر على إقراره فرق بينهما كذا إذا أسند إقراره إلى ما قبل النكاح والله أعلم *{فصل في الحضانة}* أحق الناس بحضانة الصغير حال قيام النكاح وبعد الفرقة الأم فإن مات الأم أو تزوجت قام الأم فإن مات أو تزوجت قام الأب فإن ماتت أو تزوجت فالأخت لأب وأم فإن ماتت أو تزوجت فابنة الأخت لأم لم تختلف الرواية في ترتيب هذه الجملة إنما اختلفت الرواية بعد هذا في الخالة والأخت لأب في رواية كتاب النكاح الأخت لأب ألوى من الخالة وفي رواية كتاب الطلاق الخالة أولى وبنات الأخوات أولى من بنات الأخوة وبنات الأخت لأب وأم أو لأم أولى من الخالات في قولهم واختلفت الروايات في بنت الأخت لأب مع الخالة والصحيح أن الخالة ألوى وأولى الخالات الخالة لأب وأم ثم الخالة لأم ثم الخالة لأب وبنات الإخوة أولى من العمات والترتيب في العمات على نحو ما قلنا في الخالات ولا حق للأمة وأم الولد في الحضانة وأهل الذمة وأم الولد في الحضانة وأهل الذمة في الحضانة بمنزلة أهل الإسلام ولا حق للمرتدة وإنما <423> يبطل حق الحضانة لهؤلاء النسوة بالتزوج إذا تزوجن بأجنبي فإن تزوجن بذي رحم محرم من الصغيرة كالجدة إذا كان زوجها جد الصغيرة أو الأم لو تزوجت بعم الصغير لا يبطل حقها والنساء أحق بالحضانة ما لم يستغن الصغيرة فإن استغنى بأن كان يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده وفي رواية ويستنجئ وحده فالأب بالغلام أولى والأم بالجارية حتى تحيض وعن محمد رحمه الله تعالى حتى تبلغ حد الشهوة ومن لا ولد لها من النساء لا يبقى لها حق الحضانة بعد الاستغناء في الغلام والجارية وبعد ما استغنى الغلام وبلغت الجارية بالعصبة ألوى يقدم الأقرب فالأقرب ولا حق لابن العم في حضانة الجارية فإذا اختلف الزوجان فادعى الزوج أن الأم زوجت بزوج آخر وأنكرت المرأة كان القول قولها وإن أقرت أنها تزوجت بزوج آخر لك ادعت أن ذلك الزوج طلقها وعاد حقها في الحضانة فإن لم تعين الزوج كان القول قولها وإن عينت الزوج لا يقبل قلوها في دعوى الطلاق ولو اختلف الزوجان في سن الولد فقال الأم هو ابن ست سنين وأنا حق بإمساكه وقال الوالد هو ابن سبع سنين وأنا أحق به فإن القاضي لا يحلف أحدهما لكن ينظر إلى الصبي إن رآه يستغني عن الوالدة بأن كان يأكل وحده ويلبس وحده ويشرب وحده يدفعه إلى الأب وإلا فلا لأن القاضي لم يعجز عن الوقوف على ما يبطل حق الأم وهو الاستغناء وإذا خلع الرجل امرأته وله منها ابنة إحدى عشرة سنة فضمنتها الأم إلى نفسها أو أنها تخرج من بيتها في كل وقت وتترك البنت ضائعة كان للأب أن يأخذ البنت لأن للأب ولاية أخذ الجارية إذا بلغت حد الشهوة والاعتماد على هذه الرواية لفساد الزمان إذا بلغت إحدى عشرة سنة فقد بلغد حد الشهوة في قولهم صغيرة لها أب معسر وعمة موسرة أرادت العمة أن أن تربي الولد عن الأم والأم تأبى ذلك وتطالب الأب بالأجر ونفقة الولد اختلفوا فيه والصحيح أن يقال للأم إما أن تمسكي الولد بغير أجر وإما أن تدفعي إلى العمة وإذا امتنعت الأم عن إمساك الولد وليس لها زوج اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو الليث رحمهما الله تعالى تجبر الأم على إمساك الولد وقال <424> مشايخنا رحمهم الله تعالى لا يجبر امرأة حلفت بالفارسية فقال أكرمن أمشب ابن يجه رادامرم فجاءت امرأة أخرى وجعلته في المهد وأمسكت الصبي إلا أن الحالفة أرضعته قالوا حنثت في يمينها لأن إمساك الرضيع يكون بالإرضاع خالة الصغيرة إذا أبت أن تمسك الصغيرة وتتعاهد قال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو الليث رحمهما الله تعالى تجبر والصحيح أهها لا تجبر لأن الأم لا تجبر في الصحيح فالخالة أولى امرأة خرجت من منزلها وتركت صبيها في المهد فسقط المهد ومات الصبي لا شيء عليها لأنها لم تضيع فلا تضمن كما لو خرجت من منزلها فجاء طرار وطر ما في البيت لا ضمان عليها * إذا بلغت الجراية مبلغ النساء إن كانت بكرا كان للأب أن يضمها غلى نفسه وإن كانت ثيبا ليس له ذلك إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها والغلام إذا عقل واجتمع رأيه واستغنى عن الأب ليس للأب أن يضمه إلى نفسه إلا إذا لم يكن مأمونا على نفسه فكان له أن يضمه وليس عله نفقته إلا أن يتطوع *{باب النفقة}* النفقة تتعلق بأشياء منها الزوجية والاحتباس فتجب على الرجل نفقة امرأته المسلمة والذمية والفقيرة والغنية دخل بها أو لم يدخل كبيرة كانت المرأة أو صغيرة تجامع مثلها فإن كان لا تجامع لا نفقة لها والمنكوحة إذا كانت أمة إن بوأها المولى بيتا فلها النفقة وإلا فلا وكذا المدبرة وأم الولد والمتبوأة أن يخلي بينها وبين زوجها ولا يستخدمها المولى وإن بوأها المولى بيتا ثم بدا له أن يستخدمها كان له ذلك فإن بوأها بيتا كانت تسير إلى المولى في أوقات وتخدمه من غير استخدامه لا تسقط نفقتها والمكاتبة إذا تزوجت بإذن المولى فهي كالحرة ولا تحتاج إلى التبوئة والعبد إذا تزوج بإذن مولاه كان عليه نفقة المرأة يباع في النفقة مرة بعد أخلى ولا نفقة للمريض إذا لم تزف إلى بيت زوجها فإن زفت قالوا لها النفقة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا نفقة لها إن كانت لا تطيق الجماع وإن زفت المرأة إلى زوجها وهي صحيحة فمرضت في بيت الزوج مرضا لا يحتمل الجماع إن كان بنى بها كان لها النفقة لأن المرأة لا تسلم عن المرض في عمرها وإن كان لم يدخل بها فمرضت مرضا لا يحتمل <425> الجماع لا نفقة لها وإن أغمي عليها إغماء كثيرا فهو بمنزلة المرض وإن بنى بها في منزلها ثم مرضت مرضا لا يحتمل الجماع وذهبت إلى منزل الزوج وهي مريضة على حالها كان له الخيار إن شاء أمسكها وعليه النفقة وإن شاء ردها إلى منزلها ولا نفقة عليه وكذا الصغيرة قالوا إنما تجب النفقة على الزوج للمرأة المريضة في بيته والصغيرة التي لا تجامع إذا كان يتمكن الزوج الانتفاع بها مع ذلك الوجه ما فإن كان لا يتمكن لا نفقة لها ولو مرضت المرأة في بيت زوجها بعد الدخول فانتقلت إلى دار أبيها قالوا إن كانت بحال يمكنها النقل إلى منزل الزوج بمحفة أو نحوها فلم تنتقل لا نفقة لها وإن كان لا يمكن نقلها فلها النفقة ويجب على الصغير نفقة امرأته الكبيرة فإن كانا صغيرين لا يطيقان الجماع لا نفقة لها وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا يجب على الأب نفقة امرأة ولده ويستدين الأب عليه ثم يرجع بذلك على الابن عليه ثم يرجع بذلك على الابن إذا أيسر والنفقة الواجبة المأكول والملبوس والسكنى أما المأكول فالدقيق والماء والحطب والملح والدهن فإن قالت لا أطبخ ولا أخبز قال في الكتاب لا تجبر على الطبخ والخبز وعلى الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ أو يأتيها بمن يكفيها عمل الطبخ والخبز وفرق بين المرأة وخادمها وخادم المرأة إذا امتنعت عن الطبخ والخبز لا تجب لها النفقة على زوج المرأة لأن نفقة الخادم مقابلة بالخدمة فإذا لم يخدم لا تجب وأما نفقة المرأة فمقابلة بالاحتباس وقد احتبست بحق الزوج فكان لها النفقة على الزوج وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إذا امتنعت المرأة عن الطبخ والخبز إنما يجب على الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ إذا كانت المرأة من بنات الأشراف لا تخدم بنفسها في أهلها أو لم تكن من بنات الأشراف ولكن بها علة لا تقدر على الطبخ والخبز أما إذا لم تكن كذلك لا يجب على الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ ولا تقدير في النفقة عندنا وإنما يجب عليها كفايتها بالمعروف وذلك يختلف باختلاف الأوقات والأماكن وكما يجب لها قدر الكفاية من الخبز فكذلك الإدام لأن الخبز لا يؤكل عادة إلا مأدوما وقالوا في تأويل قوله تعالى: (من أوسط ماتطعمون أهليكم) أن أعلى ما يطعم الرجل أهله الخبز واللحم وأوسط ما يطعم الرجل أهله الخبز والزيت وأدنى ما يطعم أهله الخبز واللبن أما الدهن فلا بد منه خصوصا في ديار الحر وهذا كله في عرفهم أما في عرفنا نفقة المرأة تختلف باختلاف الناس والأوقات ولا تقدر النفقة بالدراهم وقال الشافعي رحمه الله تعالى النفقة مقدرة على الموسر مدان وعلى وسط الحال مد ونصف وعلى المعسر مد واحد وهذا غير صحيح لأن الواجب الكفاية والكفاية تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات وأما الملبوس ذكر محمد رحمه الله تعالى قدر الكسوة بدرعين وخمارين وملحفة في كل سنة واختلفوا في تفسير الملحفة قال بعضهم هي الملاءة التي تلبسها المرأة عند الخروج وقال بعضهم هي غطاء الليل يلبس في الليل وذكر درعين وخمارين أراد به صيفيان وشتويان فالصيفي ما يكون رقيقا يصلح في زمان الحر والشتوي ما يكون ثخينا يصلح لدفع البرد ولم يذكر السراويل في الصيف ولا بد منه في الشتاء وهذا في عرفهم أما في ديارنا يجب السراويل وثياب أخر كالجبة والفراش الذي ينام عليه واللحاف وما يدفع به أذى الحر والبرد في الشتاء والصيف درع خز وجبة خز وخمارا بريسم ولم يذكر الخف والمكعب في النفقة لأن ذلك إنما يحتاج إليه للخروج وليس على الزوج تهيئة أسباب خروج المرأة ثم النفقة إنما تجب على قدر يسار الرجل وعسرته وقال بعض الناس يعتبر حال المرأة وقال الخصاف رحمه الله تعالى يعتبر حالهما وتفسير ذلك أن الرجل إذا كان من الأشراف أن يأكل الحواري والطير المشوي والباجات والمرأة فقيرة تأكل في أهلها خبز الشعير يطعمها الزوج خبز البر وباجة أو باجتين ولو كانا موسرين كان عليه نفقة الموسرين لا إسراف فيه ولو كانا معسرين كان عليه نفقة المعسرين لا تعتبر فيه وإن كانت المرأة موسرة والزوج معسرا يطعمها خبز البر باجة يتكلف لذلك والناشرة لا نفقة لها وهي التي خرجت عن منزل الزوج بغير إذنه بغير حق فإن كانت لم تسلم نفسها ومنعت نفسها لاستيفاء المهر إن كان المهر مؤجلا أو وهبت مهرها ثم منعت نفسها كانت ناشزة وإن كانت سلمت نفسها ثم منعت لاستيفاء المهر لم تكن ناشزة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى تكون ناشزة وقال صاحباه رحمهما الله تعالى تكون ناشزة ولو كان الزوج ساكنا معها في منزلها فمنعت زوجها عن الدخول عليها كانت ناشزة إلا إذا منعت ليحولها إلى منزله أو يكتري لها منزلا فحينئذ لا تكون ناشزة ولو كانت مقيمة في منزله ولم تمكنه من الوطء لا تكون ناشزة وإن غصبها غاصب وهرب بها كرها ثم عادت إليه لا يجب عليه نفقتها لما مضى وكذا إذا حبست ظلما أو بحق ذكر في الأصل والجامع الكبير أنه لا يجب لها النفقة من غير تفصيل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف إن حبست بدين لا تقدر على أدائه تجب لها النفقة فإن كانت تقدر على الأداء ولم تؤد لا نفقة لها وهذا إذا كان الزوج لا يقدر على الوصول إليها في الحبس وإن وجد ثمة مكانا يصل إليها قالوا يجب لها النفقة وإن خرجت إلى الحج مع محرم لا نفقة لها في قول محمد رحمه الله تعالى لها نفقة الإقامة لا نفقة السفر وإن حجت مع الزوج حجة الإسلام أو نفلا كان لها نفقة الحضر لا نفقة السفر وتفسير ذلك أن ينظر لو كانت في الحضر يكفيها النفقة بدرهم وفي السفر لا يكفي إلا ربع دينار أو أكثر ينفق عليها في السفر بدرهم ولا يلزمه الزيادة وإن حبس الزوج بدين فإن لم تمتنع المرأة من إتيانها كان لها النفقة وإن حبس في سجن السلطان ظلما اختلفوا فيه والصحيح أنها تستحق النفقة والرتقاء تستحق النفقة.

رجل تزوج بامرأة وأوفاها مهرها إلا أن الزوج يسكن في أرض الغضب أو في دار الغصب فامتنعت المرأة منه وخرجت من منزلة كان لها النفقة لأنها محقة وليست بناشزة.

رجل غاب عن امرأته وتزوجت امرأته بزوج آخر ودخل به الثاني فعاد الزوج الأول وفرق القاضي بينها وبين الزوج الثاني كان عليها العدة ولا نفقة لها في عدتها لا على الأول ولا على الثاني أما الثاني فلأن نكاحه كان فاسدا والنكاح الفاسد لا يوجب النفقة لا قبل الفرقة ولا بعدها في العدة وأما الزوج الأول فلأنها صارت ناشزة.

رجل طلق امرأته ثلاثا بعد الدخول فتزوجت بزوج آخر قبل انقضاء العدة ودخل بها الثاني ثم فرق القاضي بينهما كان لها النفقة والسكنى على الزوج الأول في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

منكوحة الرجل إذا تزوجت بزوج ودخل بها الثاني فعلم القاضي بذلك وفرق بينهما ثم علم الزوج الأول فطلقها ثلاثا وجبت عليها العدة عنهما ولا نفقة لها على أحد أما على الثاني لأن نكاحه كان فاسدا وأما على الأول لأنها صارت ناشزة على الزوج الأول في النكاح فسقطت نفقتها مادامت تعتد من الثاني فإذا سقطت عنه النفقة في النكاح لا تجب عليه العدة وكذا المرأة إذا ارتدت بعد الدخول والعياذ بالله وبانت من زوجها ووجبت عليها العدة لا يكون لها النفقة وكذا إذا طاوعت ابن الزوج أو قبلته أو فعلت ذلك في العدة عن طلاق رجعي سقطت النفقة ولو كانت العدة من طلاق بائن أو ثلاث تسقط.

ذكرنا المأكول والكسوة أما السكنى فحقها في البيت على حدة تأمن على متاعها ولا تستحي عن غيرها من عاشرة الزوج فإن كان للرجل والدة أو أخت أو ولد من غيرها في منزلها فقالت صيرني في منزل على حدة كان لها ذلك لأنها لا تأمن على متاعها وتستحي عن المعاشرة إذا كان البيت واحدا فإن كانت دارا فيها بيوت وأعطى لها بيتا تغلق وتفتح لم يكن لها أن تطلب بيتا آخر إذا لم يكن ثمة أحد من أحماء الزوج يؤذيها فإن لم يكن هناك أحد فشكت إلى القاضي أن الزوج يؤذيها ويضربها وسألت مسكنا بين قوم صالحين يعرفون إحسانه وإساءته إن علم القاضي أن الأمر كما قالت زجره القاضي عن ذلك ومنعه على من التعدي وإن لم يعلم القاضي ذلك نظر القاضي إن كان جيران الدار قوما صالحين أقرها القاضي هناك وسأل عن جيرانها فإن أخبروا أن الأمر كما قالت المرأة زجره القاضي عن ذلك ومنعه من التعدي وإن ذكر الجيران أنه لا يؤذيها يتركها القاضي في تلك وإن لم يكن في جيرانه من يثق به أمره القاضي إن يسكنها بين قوم صالحين وإذا أراد الزوج أن يمنع أباها وأمها أو أحد من أهلها عن الدخول عليها في منزله اختلفوا فيه قال بعضهم له أن يمنع عن الدخول ولا يمنعهم عن النظر والتكلم والقيام على باب الدار والمرأة في الداخل ويمنع من النظر من لا يكون محرما ويتهمه الزوج وقال بعضهم لا يمنع الأبوين من الدخول عليها للزيارة في كل جمعة وإنما يمنعهم عن الكينونة عندها وبه أخذ مشايخنا رحمها الله تعالى وعليه الفتوى وهل يمنع غير الأبوين عن الزيارة قال بعضهم له أن يمنع وقال بعضهم لا يمنع المحرم عن الزيارة في كل شهر وقال مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى في كل سنة وعليه الفتوى وكذا لو أرادت المرأة أن تخرج لزيارة المحارم كالخالة والعمة والأخت فهو على هذه الأقاويل وإن كان لها خادم يفرض عليه نفقة خادمها ولا تفرض لأكثر من خادم واحد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تفرض نفقة خادمين قالوا إنما تفرض لها نفقة الخادم إذا كانت المرأة من بنات الأشراف ولم يأتها الزوج بطعام مهيأ وإن قال الزوج أنا أخدمك أو تخدمك جارية من الجواري الصحيح أن الزوج لا يملك إخراج خادم المرأة عن بيته ونفقة الخادم أدنى الكفاية لا تبلغ نفقة المرأة ويفرض لخادمها قميص وإزار كرباس وكساء كارحص وخف لأنها تحتاج إلى الخروج لمصالحها الخارجة من الرسالة إلى الأبوين ونحو ذلك ولا يفرض لخادمها الخمار لأن شعرها.

ذمي تزوج بمحارمه فطلبت النفقة فإن القاضي يقضي لها بالنفقة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يقضي ويجب على المعسر نفقة خادم المرأة ولا تستحق المرأة نفقة الخادم على زوجها إلا لم يكن لها خادم في ظاهر الرواية موسرا كان الزوج أو معسرا.

Bogga 209