وعلى الرواية الثانية يجزئه مسح رأسه وغسل قدميه. والمختار الرواية الأولى؛ لأن غسل الرجلين شرط للصلاة، وإنما قام المسح مقامه في المدة، فإذا انتقضت المدة لم يجز أن يقوم مقامه إلا بدليل، ولأنها طهارة لا يجوز ابتداؤها، فمنع من استدامتها. وروي عن الحسن، قال: لا يبطل الوضوء، ويصلي حتى يحدث. وكذا لو خلع الخفين بعد المسح عليهما، فلا يتوضأ ولا يغسل قدميه، واختاره ابن المنذر؛ لأنه أزال الممسوح عليه بعد كمال الطهارة، أشبه ما لو حلق رأسه بعد مسحه، ونحوه قول داود، فإنه قال: ينزع خفيه ويصلي حتى يحدث؛ لأن الطهارة لا تبطل إلا بالحدث، والخلع ليس بحدث. وقال في "الاختيارات": ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما ولا بانقضاء المدة، ولا يجب عليه مسح رأسه، ولا غسل قدميه، وهو مذهب الحسن البصري؛ كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور أ. هـ.
وقد تبين مما تقدم أن في المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: بطلان الوضوء بخلع الخفين والعمامة بعد المسح عليهما مطلقًا، وكذا بطلانه بانقضاء المدة.
الثاني: أنه لا يبطل، لكن عليه أن يغسل قدميه، أو يمسح رأسه.
الثالث: أن الوضوء لا يبطل في الحالين بل يستمر على طهارته حتى ينتقض الوضوء.
والقول الأول هو المشهور عن أحمد، وقدمه أكثر الفقهاء في مؤلفاتهم، كما في "الإنصاف" وعللوا بما تقدم عن "الشرح الكبير" بأن المسح مؤقت، فبانقضاء مدته يبطل أثره، فكأنه لم يغسل قدميه حيث انتهت مدة المسح المحدد ومتى بطل المسح، بطل الوضوء كله، لاشتراط المولاة فيه، وهي منتفية لمن اقتصر على غسل قدميه بعد الوضوء بمدة طويلة يبست فيه أعضاؤه عادة. فعلى هذا لا بد من تجديد الوضوء بما فيه غسل القدمين.
1 / 38