Falsafadda Ingiriiska ee Boqolka Sano (Qeybta Koowaad)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Noocyada
ترجع الأصول الفلسفية لمويرهيد إلى جيل الهيجليين الأقدم عهدا، وقد تلقى تعليمه في مركزي الحركة، وهما جلاسجو وكلية باليول بأكسفورد. ودرس على كيرد وجرين على التوالي، فطبع هذان تفكيره بالطابع الخاص المميز له، وحددا الاتجاه الذي سار فيه فيما بعد. ولقد أخذ عن كيرد الهيجلية في الصورة التي اصطبغت بها تحت تأثير الهيجليين الإنجليز الأصليين في العقد الثامن، أما جرين فإليه يرجع اهتمامه بتطبيقها على مشكلة الحياة العادية. وتتناول معظم مؤلفاته المذهبية مشكلات الأخلاق والحياة الاجتماعية والسياسية، بينما لم يعالج الفروع النظرية البحتة للفلسفة إلا لماما، وحتى في هذه الحالة كان بحثه متجها إلى علاقتها بالفروع العلمية أكثر مما كان مبعثه أي اهتمام بها لذاتها. وفيما يتعلق بالأسس النظرية لتفكيره، فقد كان على اتفاق يكاد يكون كاملا مع فلسفة أستاذه كيرد، التي حاول بالفعل أن يوسعها لا أن يغيرها.
ولكن على الرغم من أن مويرهيد لم يحاول أن يدخل أي عنصر جديد بحق على المثالية الإنجليزية، فإنه يحتل بين أولئك الذين قاموا بدور الأوصياء على تراث كيرد وجرين مكانة بارزة؛ فقد احتفظ حتى يومنا هذا بحيوية ونضارة القوة الدافعة التي ولدت الحركة ذاتها، وسار بها في جو متغير عبر زمن تتحرك فيه الفلسفة بمؤثرات آتية من جهات مختلفة كل الاختلاف. وغيرت فيه المثالية ذاتها معالمها الأصلية تغييرا عميقا متعدد الأوجه، بعد أن كادت جذوتها تخبو، وإن لم تكن قد خبت تماما، فهو لا يزال واحدا من القلة القليلة الباقية من تلك الأيام الزاهرة التي دخل فيها الفكر الإنجليزي مرحلة جديدة من تطوره.
على أنه لم يحفظ المثالية بوصفها تراثا ميتا، أضفى عليه ثباتا قطعيا، وإنما تظهر مزاياه الخاصة والخدمة التي أداها في حرصه الدائم على أن يحتفظ بصفاتها الحيوية المثمرة عن طريق تكييفها مع الظروف الزمنية المتغيرة. وهكذا أعمل فكره في المشكلات والمواقف حديثة العهد، وحاول أن يوسع نطاق الأشكال والمذاهب القديمة بقدر الإمكان، ليجعلها قادرة على تقبل كل ما هو صحيح في الأفكار الجديدة. ويتمثل هذا النزوع في الموقف الوسط الذي اتخذه من الخلافات السائدة في مجال علم الأخلاق في عصره، ففي مذهب اللذة تكون غاية الفعل الأخلاقي ومعياره هي اللذة. ولكن مذهب السعادة
Eudaemonism
يأتي بتصحيح هام؛ إذ يعلن أن الخير الأسمى ليس هو اللذة وإنما السعادة، وليس مجرد مجموع من المشاعر التي يعد كل منها مستقلا عن الباقين، وإنما هو تلك المشاعر التي تهدف إلى خدمة كل ويعلو على أية ذات بعينها. وليس معنى ذلك أن في وسع مذهب السعادة أن يقدم حلا مرضيا للمشكلة الأخلاقية، وإنما فيه، كما يقول مويرهيد، مقابل مفيد لتلك النظرية الأخرى، أخلاق الواجب ، التي تركز اهتمامها بنفس القوة على عنصر واحد فقط، هو العنصر المعقول في الطبيعة البشرية، فأخلاق الواجب من أجل الواجب تخضع الحياة الأخلاقية لقانون شكلي مجرد فحسب، وبذلك تسلبها كل ما هو نفيس غال بالنسبة إلينا، فالواجب لا يكون أبدا واجبا بالمعنى التجريدي أو مطلقا محضا، وإنما هو يشير دائما إلى موضوع محدد لاهتمام البشر، وهو يشعر بنفس القدر من النفور من المثل الأعلى لعالم يوجد فيه كل فعل عمدا ضد رغباتنا ومصالحنا، والمثل الأعلى لعالم لا يوجد فيه إحساس بالواجب على الإطلاق. وهكذا يعرف مويرهيد الأخلاقية بأنها إطاعة قانون يفرضه الإنسان، بوصفه وحدة واعية بذاتها، على العناصر الكثيرة المؤتمرة
subordinate
في طبيعته. وفضلا عن ذلك فقد حاول مويرهيد أن يجعل فكرة التطور، كفكرة السعادة، مثمرة في الأخلاق، وإن يكن قد عارض بالطبع النظريات الأخلاقية للفلاسفة التطوريين، فكون المعايير الأخلاقية تتغير بتغير الزمان والمكان لا يعني عدم وجود معيار شامل للأفعال الأخلاقية، والأمر الذي يكشف عنه التطور فعلا هو أن الفروق الواقعية في الأحكام الأخلاقية تفترض مقدما مبدأ واحدا للتقويم تستمد منه اتجاهها المعياري، وأن المعايير المختلفة ينبغي أن تعد مراحل في تطور مثل أعلى أخلاقي واحد وفي تحقيقه لذاته. وهكذا يكون من الممكن - من وجهة النظر هذه - ترتيب المعايير المختلفة في الماضي والحاضر ترتيبا تصاعديا حسب قيمتها، وبالرجوع إلى هذا الترتيب نستطيع أن نحدد درجة التقدم الأخلاقي.
ولقد أتاح الطابع المرن الواسع الأفق لمثالية مويرهيد، أتاح له أن يخفف حدة التعارض بين التعبيرات المتقدمة والمتأخرة عن الحركة المثالية، وأن يجمع قوى المثالية في اتجاه واحد، وبذلك أضاف إلى الذخيرة المشتركة للمدرسة أفكارا قيمة مستمدة من مختلف المذاهب المطلقة والشخصية التي تولدت عن المدرسة. كذلك أتاح له «مذهبه المفتوح» أن يساير، وأن يستوعب إلى حد ما، التيارات المضادة للمثالية، وهي البرجماتية والواقعية، التي ظهرت قرب أواخر القرن الماضي. ولقد أقر بصحة النقد البرجماتي القائل: إن الهيجلية، ولا سيما في صورتها المطلقة، قد تجاهلت أكثر مما ينبغي ذلك العنصر النزوعي الغرضي في التجربة، ووضعت «فكرة» جامدة فوق مثل أعلى مرن حي. وهكذا قال إن المثالية تستطيع أن تقبل هذا النقد، وعندما تفعل ذلك لا يكون قد بقي تعارض بينها وبين البرجماتية العقلية. أما بالنسبة إلى حركات مثل الواقعية الجديدة، التي أوحى بها العلم الطبيعي، والتي أعملت الفكر الفلسفي في نتائج هذا العلم، فقد اعترف بأن على المثالية أن تلائم بينها وبين التفكير العلمي؛ فلم يعد من الممكن ترك تلك النظرة المثالية إلى العالم، التي فعلت الكثير من أجل الفلسفة، تتجاهل فلسفة الطبيعة أو تعزف عنها، ومن ثم فمن الواجب إيجاد أساس أوسع للثقافة العقلية للمثاليين، إذ إن هذه وحدها هي الطريقة التي تتيح للمثالية - من حيث هي فلسفة - أن تظل حية وسط المسائل الملحة في العصر الحديث، وأن تدخل بوصفها شريكا متساوي الحقوق في الاتفاق الذي يجري إعداده بين الفيزياء وبين الميتافيزيقا، والذي قد يحدد مصير الفكر. وهكذا دعا مويرهيد الفلاسفة إلى تناسي الخلافات التي تفرق بين المدارس والمذاهب، وأضفى على دعوته هذه صورة عملية في سلسلة «مكتبة الفلسفة
Liber. of Phil. ». التي يشرف على نشرها، وهي سلسلة من المؤلفات لمفكرين معاصرين، أجانب وإنجليز، ينتمون إلى اتجاهات مختلفة كل الاختلاف، وكذلك في كتاب «الفلسفة الإنجليزية المعاصرة» (الذي يناظر كتب «العرض الذاتي للمذاهب
Selbstdarstellungen » الألمانية ...) والذي اجتمع فيه لأول مرة مختلف ممثلي الفلسفة المعاصرة في إنجلترا لتقديم موجزات شخصية لآرائهم.
Bog aan la aqoon