145

Falsafadda Ingiriiska ee Boqolka Sano (Qeybta Koowaad)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Noocyada

31

وبكل

32

ومن شاكلهم، ولم يمل أبدا من تسميتهم بمفسدي الروح الفلسفية. وقد نظر إلى «بكل» بوجه خاص على أنه أوضح ممثل في إنجلترا لهؤلاء الانحلاليين، وعلى يديه انقلب «التنوير» إلى «إظلام»، على حد تعبير شلنج. بل إنه أحس باحتقار أعظم نحو آخر ممثلي هذه «الرجعية المرتدة»، وهم الداروينيون والتطوريون، الذين أسموا أنفسهم بالمفكرين التقدميين، ومع ذلك لم يتركوا لنا شيئا سوى حيوانيتنا. وقد عاد سترلنج إلى الكلام عن الداروينية في كتابه «حول البروتوبلازم» (1869)، الذي كان موجها ضد هكسلي، ثم عاد إليها بعد فترة طويلة في كتاب «مذهب أتباع دارون

Darwinianism » (1894) حيث وجه إليها نقدا مدمرا.

ولقد طبق سترلنج حكمة القائل إن التفكير الأصيل لم يستمر ولم يفهم في إنجلترا منذ هيوم، طبقه حتى على أولئك المفكرين الإنجليز القلائل الذين «زعموا» أنهم فهموا الفلسفة الألمانية واستوعبوها، أي على السير وليام هاملتن ومدرسته، فكشف عن تفاهة هذا الزعم، بأن بين أنهم لم يفهموا حتى أبسط التعبيرات المميزة لكانت وهيجل، وأنهم - بدلا من أن يجيدوا فهم الفكر الألماني - قد شوهوه ودمروه، أو لم يتركوا منه، على أية حال، إلا ما هو سطحي. وهكذا طرح هاملتن بدوره جانبا، وقد هاجمه مرات عدة في كتابه «سر هيجل»، ثم دخل معه في معركة صريحة في مؤلف خاص ظهر في العام نفسه.

وهكذا لم يستطع سترلنج أن يجد، بين الفلاسفة الإنجليز في أيامه، حليفا واحدا في صراعه ضد عصر التنوير، غير أنه رأى، خارج نطاق الفلسفة، قوى روحية يتجه عملها نحو الغاية ذاتها، كالشعر الرومانتيكي عند وورد سورث وكولردج وشيلي، ومعظم أوجه النشاط الأدبي عند إمرسون وكارليل، اللذين كانا يدينان لعوامل ألمانية بتفتح أعينهما على النظرة المثالية إلى العالم، بل إن كارليل كان له تأثير مباشر في سترلنج ذاته، كما يتضح من كل صفحة تقريبا في كتابات هذا الأخير؛ ذلك لأن سترلنج قد جرفته الحماسة تماما لكتاب «سارتور ريزارتوس

Sartur Resartus »

33

لكارليل، واستحوذت عليه فورا أصالة هذا المفكر التنبئي وقوته اللغوية؛ حتى كان هو ذاته ينساق أحيانا في تلك البلاغة الانفعالية العنيفة التي كانت سمة طبيعية لأسلوب كارليل في أشد أحواله اصطناعا وتركيزا وإفراطا في المجاز. كما أخذ عن كارليل اتجاهه التنبئي، وحماسته المتدفقة، وثورته المتشائمة، وتقديسه للبطولة، وهي صفة أدت به إلى محاولة رد اعتبار بعض العباقرة المفترى عليهم (ومنهم أرسطو، الذي ألف عنه أنشودة يونانية في مؤلف متأخر) وكان له نفس استعداد كارليل للحماسة، ونفس الأسلوب المتضخم، ونفس السخرية اللاذعة، والاحتقار المرير، ونفس الشخصية القوية الحادة الصلبة، وربما كان ذلك راجعا إلى نشأتهما معا على نفس التربة الاسكتلندية. ونستطيع أن نقول إن رسالتهما كانت متشابهة؛ فقد أخذ أحدهما على عاتقه أن يقوم في ميدان الفكر المجرد بما حاول الآخر القيام به في ميدان الأدب.

Bog aan la aqoon