144

Falsafadda Ingiriiska ee Boqolka Sano (Qeybta Koowaad)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Noocyada

27

غير أنه سرعان ما يسحب هذه الكلمات العاتية فهي ليست أحكاما، وإنما هي أنات رجل يستكشف «هذه المتاهة الغامضة المحيرة»، ويظل هيجل مع ذلك كله «أعظم مفكر تجريدي في العصر المسيحي، وهو يختم العالم الحديث مثلما ختم أرسطو العالم القديم.»

28

وهو يزيد من إيضاح مركز هيجل، عن طريق البحث في علاقته بالسابقين عليه من الألمان ، ولا سيما كانت؛ ذلك لأن هيجل لا يفهم بذاته، ولا بد لاستجلاء غوامضه من الرجوع إلى كانت، الذي يحمل مفاتيح هذه الأسرار. وفي وسع المرء أن يسقط من حسابه المفكرين اللذين أتيا بينهما، وهما فشته وشلنج. ومهما كانت أهميتهما، فقد كان كانت هو الذي وضع أسس المثالية الحديثة، ولا بد لفهم أية خطوة تجاوزته من فهمه هو أولا؛ ذلك لأن كانت «تلك الروح الخيرة الأمينة المخلصة المعتدلة المتواضعة» (المجلد الأول، ص115، ص77 في طبعة 1898) هو الذي جعل مبدأ المثالية معقولا، وعلى أساس هذا المبدأ، موضحا على هذا النحو، بنى هيجل عالمه وشيد مذهبه. ولقد أعاد هيجل تسمية وتصنيف وتنظيم كل شيء، ولكن كانت كان قد مهد لهذا كله من قبل، بحيث ينبغي أن تبدأ به دراسة الميتافيزيقا، التي يتعين أن تجري في إنجلترا على أساس جديد. ويصور سترلنج «كانت» على أنه أصدق الفيلسوفين وأكثرهما أصالة وعمقا، وإن يكن هو الأبسط والأكثر تواضعا، أما هيجل فهو الأجرأ والألمع، ولكنه غير موثوق منه مثل كانت، كما أنه مفرط في الإغراب، وهو الذي تمكن من تشييد بناء جبار من المواد الغنية التي ورثها من الآخرين. ويعبر سترلنج عن فكرته هذه تعبيرا موفقا فيقول إن كانت هو «المنجم الذي استمد منه [هيجل] ثروته بأسرها» (م1، ص115، ص77 في طبعة 1889).

ولقد كان سترلنج يوجه دائما اللوم إلى هيجل؛ لأنه تعمد إزالة كل آثار دينه الكبير الذي كان يدين به لكانت، وذلك بمهاجمته على الدوام؛ وبذلك ترك انطباعا زائفا بأنه كان معارضا له على طول الخط، مع أنه كان في الواقع تابعا ومكملا له من جميع الأوجه. وعند هذه النقطة ينفجر شك سترلنج، مرارا وتكرارا، في أصالة الواجهة البراقة التي اتخذها مذهب هيجل، ولكن هذا الشك كان دائما يتلاشى أمام رؤية جانب جديد من جوانب تفكير هيجل بكنوزه الزاخرة .

وهكذا فإن خط التطور الفلسفي يسير من كانت، عبر قليل من الحلقات الوسطى، إلى هيجل، غير أن هذا الخط قد أتى إلى كانت من هيوم، فهيوم كان، في رأي سترلنج، أكبر دعاة عصر التنوير، ومفكره العظيم الوحيد، وكان واحدا من تلك الأوعية التي يصب فيها الفكر الفلسفي وهو ينساب عبر العصور، ويتخذ فيها شكلا محددا. ولكن يوم هيوم قد انقضى، وانتهت رسالته، بمجرد أن عمل كانت، الذي استولى على ميراثه، على تصفية أعمال عصر التنوير بأسره. وهكذا فإن وعاء هيوم، الذي أصبح عندئذ فارغا، وقد نضب معينه، وتحول التفكير المتطور بعيدا عنه، ليستقر في وعاء جديد أفضل، فهيوم يمثل اكتمال عصر التنوير ونقطة تجاوزه في الوقت ذاته. وهكذا لا يوجد، في رأي سترلنج، خط مستقيم يمر بهيوم، ولا يوجد استمرار لعصر التنوير بما هو كذلك، حيث إن الطريق الذي سلكه الفكر الإنجليزي في القرن التاسع عشر لم يكن إلا طريقا مسدودا، فالفلسفة الإنجليزية قد تخلفت عن الركب، وكانت تتغذى من وعاء خال، وكما قال سترلنج فإن «هيوم هو سياستنا، وهيوم هو تجارتنا، وهيوم هو فلسفتنا، وهيوم هو ديننا، ولا يلزم إلا القليل لكي يصبح هيوم هو ذوقنا أيضا» (المجلد الأول، ص73 من المقدمة، ص62 من المقدمة في طبعة 1898). وهكذا كانت دعوة سترلنج إلى الرسالة الفلسفية للألمان، هي في نفس الوقت حملة على التدهور الرتيب الذي طرأ على تفكير مواطنيه، وعلى «المعقولية» الضحلة البالية، التي أساءوا بها فهم عصر كان في أيامه عظيما، فأحالوه إلى حطام. وهكذا انتهز سترلنج كل فرصة ليعبر، بكل ما أوتيت طبيعته من الحماسة، عن احتقاره لشتراوس

29

وإرنست رينان

30

وفويرباخ

Bog aan la aqoon