140

Falsafadda Ingiriiska ee Boqolka Sano (Qeybta Koowaad)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Noocyada

ولقد مر كثير من رواد المثالية الإنجليزية، بل أهمهم، على يديه، ونخص منهم بالذكر جرين وإدوارد كيرد ونتلشيب الذين كانوا هم المقربين إلى مؤلفاته وشخصيته نظرا إلى اشتغالهم في كلية باليول. ولقد ظهر تأثير الفلسفة الألمانية في كتاباته أوضح ما يكون في مقدماته لترجمته لمحاورات أفلاطون (الطبعة الأولى، 1871). ولنقل أخيرا إن أهمية جويت ترجع إلى أنه هو الذي أدخل تلك الروح الفلسفية التي تولدت عنها الحركة المثالية الجديدة في إنجلترا، ورعاها سنوات طويلة، وحفز على الاهتمام بها، ولقنها لتلاميذه.

على أن اليقظة الحقيقية للمثالية الإنجليزية لم تأت من جانب الأوساط الأكاديمية في أكسفورد، حيث لم تظهر مؤلفات تعبر عن الأفكار الجديدة إلا بعد فترة طويلة من الإعداد والكمون، وإنما ظهرت بفضل بادرة جريئة حاسمة لرجل اسكتلندي غير متخصص، كان حتى ذلك الحين مجهولا، هو ج. ه. سترلنج، الذي نشر في عام 1865 مؤلفا من مجلدين عن هيجل. وفي العقد التالي كانت الحركة قد بلغت أوج نشاطها بظهور كتاب «مقدمات إلى هيوم» لجرين (1874) وكتاب «منطق هيجل» لولاس (1874 أيضا) «ودراسات أخلاقية» لبرادلي (1876)، وأول كتاب لكيرد عن كانت (1877). كذلك أدى هذا الإحياء إلى ظهور مجلة فلسفية هامة، هي مجلة مايند

Mind ، (1876، وما زالت هي أهم المجلات)، ورغم أن هذه المجلة كانت ترحب بجميع الاتجاهات الفكرية، فقد كانت واسطة للتعبير عن الحركة الجديدة. وفي العقد التاسع من القرن الماضي دعمت الحركة موقفها، وأنتجت سلسلة أخرى من الكتب الهامة؛ هي «فلسفة الدين» لجون كيرد (1880)، و«هيجل» لإدوارد كيرد، و«مقدمة للأخلاق» لجرين، و«المنطق» لبرادلي، و«مقالات في النقد الفلسفي» (كلها عام 1883)، و«المذهب الهيجلي والشخصية» لأندروسث (1887)، و«المنطق» لبوزانكيت (1888)، وكتاب كيرد الأكبر عن كانت (1889). ولقد اتخذ الاتجاه المثالي لأول مرة، في كتاب «مقالات في النقد الفلسفي» صورة البيان المشترك، وساهم في تأليفه مجموعة من أصغر ممثلي هذا الاتجاه سنا، اشتهر بعضهم فيما بعد (مثل أ. سث. وهولدين وبوزانكيت وسورلي وهنري جونس ورتيشي). وقد أهدي الكتاب إلى جرين، الذي كان قد توفي في العام السابق. وأعرب إدوارد كيرد في التصدير عن المقصد العام للجماعة بقوله: «يتفق مؤلفو هذا الكتاب في الاعتقاد بأن طريق البحث الذي ينبغي أن تسلكه الفلسفة، أو الذي نستطيع أن نتوقع لها أن تساهم فيه بأهم نصيب في الحياة العقلية للإنسان، هو ذلك الطريق الذي شقه كانت، والذي كان هيجل أعظم من ساهم في متابعته بنجاح. وأضاف إلى ذلك أن رغبتهم كانت متجهة إلى أن يضفوا على مؤلفات كانت وهيجل تعبيرا وتطبيقا جديدين.» وقد اعترفوا بأن قبول آراء هذين المفكرين حرفيا في بلد آخر وجيل مختلف «ليس بالأمر الممكن لو كان مطلوبا، ولا بالأمر المطلوب لو كان ممكنا.» وكان هدفهم هو أن يبينوا «كيف يمكن تطبيق مبادئ الفلسفة المثالية على مختلف مشكلات العلم والأخلاق والدين.» وهكذا تناولت المقالات مشكلات المنطق ونظرية المعرفة ومناهج البحث وفلسفة التاريخ وعلم الجمال والفلسفة الاجتماعية والفلسفة الدينية، وبذلك تضمنت كل مجال البحث الفلسفي كما وسعت نطاقه المثالية الألمانية.

ولقد ظهر الجزء الأكبر مما أنجزته هذه المدرسة (إذ إن من الممكن الكلام عن مدرسة في هذه المرحلة) في أكسفورد، التي كانت المعقل الحقيقي للحركة، وظلت كذلك حتى بعد أن أدت وفاة جرين السابقة لأوانها إلى إحداث أول شقاق جدي في صفوف الرواد. ومن أكسفورد انتقل الطلاب الذين تشبعوا بروح كانت وهيجل إلى سائر أرجاء البلاد، وأخذوا يشغلون بالتدريج كراسي الأستاذية وغيرها من مناصب التدريس في بقية الجامعات. وكانت جامعة جلاسجو مركزا هاما آخر؛ فهناك استقرت التعاليم الجديدة فيها منذ وقت مبكر جدا، بفضل الجهود الرائعة التي بذلها إدوارد كيرد وشقيقه جون، وحلت محل مذهب هاملتن الذي كان سائدا حتى ذلك الحين. واكتسحت موجة المثالية الظافرة كل ما صادفها في كل مكان، وسرعان ما تركت طابعها في الجزء الأكبر من التعاليم الفلسفية التي كانت تلقن وتدرس في الجامعات. وهكذا حدث تغيير وتوجيه جديد لا نظير لهما في تاريخ الفكر الإنجليزي بأسره. وفضلا عن ذلك فإن حركة إحياء المثالية لم تبلغ في أي بلد آخر ذلك الحد من الروعة، ولم يبلغ التأثير الروحي للمثالية ذلك الحد من القوة، الذي بلغه في إنجلترا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر. وإنه لغريب حقا أن ألمانيا ذاتها لم تكد تشعر في أي وقت بهذا التحول العميق الذي طرأ على الفلسفة الإنجليزية بفضل تعاليم كانت وهيجل، وأنها لم تتلق منها ثانية أي رد فعل أو تأثير مرتد.

ولقد سار تقدم الحركة على مراحل متعددة؛ كانت أولاها مرحلة استيعاب محتوى الأفكار الواردة بغية نشرها عن طريق الترجمات والشروح إلخ، وإدماجها في المادة المألوفة للتدريس الأكاديمي واستغلالها في مكافحة التعاليم القديمة التي كانت لا تزال سائدة عندئذ. كان ذلك هو العمل الرئيسي الذي تم في العقد البادئ بسنة 1870، وهو عمل تولاه من أسميهم بالرواد، وهم سترلنج وجرين وإدوار كيرد وولاس وغيرهم. ورغم أن هذا العمل كان تفسيريا في أساسه، فقد كان أداؤه يتميز باستقلال ذهني ملحوظ، وتم فيه التوصل إلى بعض المبادئ الأساسية في التفكير، ظهرت فيها بوادر معالم فكرية هامة تميز بها التطور التالي. وهكذا حورت الأفكار المستوردة، أو وسعت على الأقل في أثناء نقلها. ثم جاءت مرحلة تالية ظهر فيها النقد الخلاق والبناء المستقل، وذلك لتحصين الأرض التي غزاها الرواد وتوسيع رقعتها. وما إن أطلقت الروح النقدية التأملية من عقالها، حتى أمكن تحطيم الأشكال القديمة، واستطاع الفكر أن يبدأ التحليق في مسارات جديدة. وهكذا أفضت الحركة الهيجلية إلى ظهور عدد من المحاولات المستقلة الأصلية لإيجاد حلول جديدة للمشكلات الكونية القديمة. ومهما كانت درجة ابتعاد هذه المحاولات عن نقطة بدايتها، أو اختلفت طرق التفكير الأخرى التي انتهت إلى التحالف معها، فإن القوة الدافعة الأولى التي تلقتها إنما كانت عن الحركة المثالية الجديدة. ولا شك أن أقوى ذهنين تأمليين ظهرا من بين صفوف هذه المدرسة كانا برادلي وماكتجارت، غير أن بوزانكيت وبرنجل باتيسون وورد وسورلي وهولدين وغيرهم قد ساهموا بدورهم في العمل البناء وتوصلوا إلى نتائج لها شيء من الأهمية.

فإذا تساءلنا عن أقوى المثاليين الألمان الكبار أثرا في الفكر الإنجليزي كان الجواب دون شك هو أنه هيجل؛ بحيث يحق أن يطلق على الحركة كما أطلق عليها بالفعل، اسم الهيجلية الجديدة أو الهيجلية الإنجليزية،

15

ولكن ينبغي ألا يغرب عن بالنا أن «كانت» بدوره كان له تأثير قوي عميق؛ لأنه هو الذي أطلق القوة النقدية من عقالها، مثلما أطلق هيجل القوة التأملية النظرية. غير أن جميع المذاهب المثالية الألمانية، كانت تعد عادة كلا واحدا، يكشف عن تطور عضوي ضروري من كانت إلى هيجل، حتى رغم ما كان يحدث من آن لآخر من محاولات لاستغلال أحدهما ضد الآخر. كذلك ساهمت قوى فشته وشلنج في تكوين هذه الحركة، ولم يكونا مجرد موضوعين للاهتمام والبحث. وهذا أيضا يصدق، ولكن بدرجة أقل كثيرا، على هربارت

Herbart

16

Bog aan la aqoon