Falsafa Noocyadeeda iyo Dhibaatooyinkeeda
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
Noocyada
أنصار فكرة التحدد في العصور السابقة : ظهرت، قبل نهاية القرن التاسع عشر بفترة طويلة، احتجاجات قوية على هذه النظرة إلى الإنسان بوصفه استثناء من المبدأ العلي الشامل، غير أن أصحاب هذه الاحتجاجات كانوا أقلية ضئيلة. ففي العصر اليوناني القديم قال مفكرون ماديون مثل ديمقريطس بشمول هذا المبدأ. وكان أول مذهب حديث في الحتمية الفلسفية هو مذهب الفيلسوف الإنجليزي «توماس هوبز»، الذي صيغ في أواسط القرن السابع عشر. غير أن أعظم الحتميين المحدثين كانوا اسبينوزا، الذي توفي عام 1677م.
وقد وصفنا من قبل هذا الفيلسوف اليهودي العظيم بأنه كان منبوذا من أبناء طائفته ومن المسيحيين المتمسكين معا، وينبغي أن نشير الآن إلى أن مذهبه الحتمي ربما كان هو الذي أدى إلى طرده من الديانة اليهودية أكثر من إلحاده المزعوم ذاته. وعلى الرغم من أن هيوم وغيره قد انتقدوا فيما بعد مفهوم العلية عند اسبينوزا، فإن موقفه الحتمي العام، ولا سيما في تطبيقه على الإنسان ما زال في الأذهان وقع حديث إلى حد يدعو إلى الدهشة. ولن نكون مبالغين إذا وصفنا هذا الجانب من تفكيره بأنه كان سابقا لزمانه بقرنين كاملين.
الاتجاه المزدوج في موقف ديكارت : سوف نقدم بعد قليل وصفا أكثر تفصيلا لموقف اسبينوزا، ولكن ينبغي أن نعرف أولا على أي شيء كان رد فعله. ذلك لأن ديكارت ، الذي ولد قبله بجيل واحد، كان قد وضع مذهبا جريئا، وإن كان مع ذلك قد ظل في حدود ما هو معترف به. فمن مظاهر ثنائيته المشهورة أنه وضع حاجزا أساسيا بين «الطبيعة» وبين «الطبيعة البشرية». وقد تصور كل شيء ما عدا الإنسان بأنه مقيد تماما بقوانين حتمية. وحتى الحيوانات كانت في نظره مجرد أجسام آلية، تستجيب للمنبهات بطريقة ميكانيكية بحتة، بل إن مذهب ديكارت صل إلى حد إنكار وجود وعي لدى الحيوانات، فهي مادة عضوية فحسب، تنتمي بأكمله إلى عالم «الامتداد»، ولا تحركها إلا قوانين الميكانيكا. أما الإنسان فهو وحده الذي وجد فيه عالم أو يؤثر فيه. وإذا كانت أجسام البشر مجرد أجزاء من عالم المادة الممتدة، لها نفس مكانة الأجسام الحيوانية، فإن للإنسان فضلا عن ذلك وعيا ونفسا خالدة. هذا الوعي وهذه النفس ينتميان، كما هو واضح، إلى عالم آخر هو عالم «الفكر»، بحيث يمثل وحدة تجمع بين «الجوهر المفكر» و«الجوهر الممتد».
ولقد قال البعض أن ديكارت قد اضطر إلى اتخاذ موقف الحذر بعد اضطهاد محاكم التفتيش لجاليليو وغيره من المفكرين التقدميين، وأنه بالتالي قد صاغ هذا المذهب الثنائي لكيلا يقع تحت طائلة الكنيسة التي كان سلطانها ما زال طاغيا. على أن من المؤكد أن نتيجة هذا التشعب المزدوج للواقع كانت تحرير العالم الطبيعي، الفيزيائي منه والحيواني، من تلك المفاهيم العقيمة علميا، من أمثال «العلة الغائية» و«القصد النهائي». وترتب على ذلك أن العلم تمكن من أن يبدأ سيره على أساس حتمي بحت. ومنذ ذلك الحين كانت للعلم الحرية في أن يسير في طريقه الخاص، ما دام مبتعدا عن مجال اللاهوت؛ أي عن موضوعات مثل أصل الإنسان وطبيعته ومصيره ... ومن الجائز أن ديكارت كان مخلصا في إيمانه بالثنائية، غير أن نتيجة هذا التقسيم الثنائي قد حققت كل ما كان يمكن أن يرغب فيه كان قد حاول عن عمد أن يفصل العلم الفيزيائي عن اللاهوت. ولكن من سوء الحظ أنه حين حرر العلم الفيزيائي من سيطرة الكنيسة على هذا النحو، قد كبل علم النفس، دون أن يدري، في أغلال عقلية؛ إذ إن نفس هذا العلم، الذي يتخذ من الذهن أو الوعي موضوعا، بدأ داخلا في المجال اللاهوتي. وترتب على ذلك أن استبقيت في هذا الميدان على التخصيص تلك المفاهيم القديمة في الغائية والغرضية، التي استبعدت من كل العلوم الأخرى.
ولقد كانت إعادة تأكيد خضوع البحث في الإنسان للاهوت على هذا النحو هي التي دفعت اسبينوزا إلى الثورة؛ إذ إنه كان يعتقد أن أفعال الإنسان خاضعة للحتمية الدقيقة، شأنها شأن أي شيء في الطبيعة. فمع اعتراف اسبينوزا بقدرة الإنسان على تصور أي هدف والسلوك في اتجاه ذلك الهدف، فإنه مع ذلك قد وضع للسلوك الإنساني قانونا عليا يربطنا ببقية العالم الطبيعي ربطا مباشرا. أما شعورنا بالحرية فما هو، باختصار، إلا وهم. وعلى أية حال فسوف نقول المزيد عن تفكير اسبينوزا بعد قليل. (2) الوضع الحالي للنزاع
لم تتوصل الفلسفة إلى النتائج الكاملة للمذهب الحتمي عند اسبينوزا إلا بعد ما يقرب من مائتي عام. وخلال هذه الفترة تطور العلم من حالة عدم الثقة بالنفس، التي كانت تميز عهد مراهقته، حتى اقترب من عهد نضجه الحالي، وكان هذا التطور دائما في اتجاه الحتمية الأكثر شمولا. فكل كشف يتم في معمل، وكل فرض يحقق، يعني أن جزءا آخر من العالم الطبيعي قد خضع لقوانين العلة والمعلول. وهكذا أخذت حدود الحتمية تتسع باطراد، وفي الوقت ذاته ازدادت باطراد أيضا ضرورة تحدي العلم لمركز الإنسان الفريد خارج حدود العلية. وأخيرا، استهل عهد هذا التحدي في نصف القرن الماضي، وعند مطلع القرن العشرين كان هذا التحدي قد بلغ من القوة حدا جعل الرأي المحافظ يقف موقف الدفاع.
ولكن من سوء الحظ أن محاولات توسيع نطاق الحتمية بحيث تمتد إلى المجال البشري قد أدت إلى زيادة في التوتر ونقصان في الموضوعية؛ ذلك لأن الناس يستطيعون مناقشة المسائلة المتعلقة بالنجوم بقدر كبير من التنزه، ولكنهم يجدون تحليل أفعالهم أمرا مختلفا كل الاختلاف. وقد كانت هناك صعوبة أخرى هي أن توسيع نطاق المفاهيم العلية الدقيقة بحيث تشمل الأمور البشرية، كان يتطلب تعديلا عميقا ودقيقا في المصطلح المستخدم في هذا الموضوع. وفي كثير من الحالات لم تكن هذه التعديلات تدرك عن وعي، فأدى ذلك أحيانا إلى التوسع في استخدام المفاهيم الآلية إلى حد الإفراط الشديد. ولذلك كان من الواجب علينا أن نعرف ألفاظنا الرئيسية ونستخدمها بأكبر قدر ممكن من الدقة والحذر.
الخلط بين الحتمية والقدرية : كان من العوامل الأخرى التي أدت إلى زيادة تعقيد النزاع الناشب حول الحتمية، عدم القدر على التمييز بين هذا الرأي وبين القدرية
Fatalism
منذ البداية. فخصوم الحتمية قلما كانوا يستطيعون أن يدركوا (أو أن يعترفوا على الأقل) أن هناك فارقا بين الموقفين، على حين أن الحتمي ذاته كان يشعر بأن الفارق بين الاثنين عميق. ولو شئنا الدقة لقلنا إن القدرية هي مذهب الحتمية المقدرة
Bog aan la aqoon