الحنطة ينبغى ان يكون اول زرعها فى ايام تبقى من ايلول الى اخر الشتا وان الاخير منها يلحق الاول اذا حمى الزمان قليلا وذلك اى باقى ايلول من نصف الميزان الى الحوت وما زرع منها فى تشرين اول الى اخره يعنى من نصف الميزان الى ما بعد نصف القوس يكون خصبا قويا وقد راى صفريت ان اجود زرع الحنطة وجميع الحبوب المقتاتة فى الشتاء ومن الغلات الشتوية ان يكون جميعه بعد مطرة واحدة قال فان هذا ينبت سريعا ويفلح جدا فاذا زرعت فى الارض الموافقة لها وقد تقدمت مطرة واحدة وابتلت الارض بها قبلت الحب قبولا جيدا محمودا واما المواضع التى هى ابرد فينبغى ان يبدا زرعها من اواخر الدلو الى الاعتدال الربيعى ويجب ان يزرع الشعير من الاعتدال الخريفى وان يبدو بزرع الحنطة من اول العقرب الى نصف القوس ففيه يكون ما يزرع قويا صحيحا مخصبا وان كان وقت زرع الحنطة من اخر ايسلول ينبغى ان يمسكوا فيه عن زرع الحنطة والشعير خاصة فان لذلك علة موجبة وهو اليوم الحادى والعشرون من كانون الثاني الى اخر الموافق للحادى عشر من الدلو الى اثنين وعشرين منه ففى هذه الاحد عشر يوما لا ينبغى ان يزرع حنطة ولا شعيرا قال ادم عليه السلام اجتنبوا جهدكم زرع الحنطة وبذرها يوم مهب ريح شمالية قوية باردية فان الارض حينئذ يحدث فيها تقبض شديد وتصير كالانسان المقسر البدن المنتفض من البرد فلا تكاد الارض تقبل فى ذلك الوقت البذر قبولا هو سبب جودة النبات وخاصة ان يكون مع البرد غيم والايام الدافئة فى الشتا فى ايام الزرع هى المحمودة لبذرها وان اتفق يوم تهب الريح فيه جنوبية يكون ذلك سبب الدوا فهذا احمد الاوقات لزرع الحنطة فان الارض حينئذ تكون اقبل للزرع والصق بالحب ويكون ابتلال الحب بالماء اسرع ويحدث للارض فى يوم الجنوب فى صميم الشتا شئ يشبه الانتفاخ والانتشار فى تربتها فتغوص الحبة بذلك التخلل الا انه لا يظهر للحب فتتمكن العروق فى الارض وتقوى سنبلتها واجتهد ان يكون زرعك الحنطة والشعير والقمر زائد النور وكذا جميع أصناف المنابت صغارها وكبارها وينبغى ان يخالف اوقات زرع الحنطة فاجعل بعضه فى اول وقت من اوقات زرعها وبعضه فى وسط الوقت وبعضه فى اخره ليكون بعضه مبكرا والبعض الاخر متوسطا وبعضه فى اخر الوقت فان هذا فيه الاحتياط وتوقيا من حدوث الافات السماوية واعلم ان تغطية الشعير والحنطة بايدى الناس اصلح من تغطية البقر فى حال الحرث والتغطية بالبقر اصلح من تركها فاذا ابتلت الحبة وابتدات تنبت وطلع منها اول طالع الى فوق واول طالع الى اسفل ينبغى ان امكن ان ينبش حولها وتحرك فانه لو امكن الناس تحريك الحب كله الحنطة والشعير خاصة بعد انباتها لكان فيه منفعة عظيمة للحب ولكن فيه صعوبة فليعمل منه بحسب الامكان وان كشف الماء شيئا من عرق الحب ضربه فى الارض عرقا ينبغى ان يتعاهد بالتغطية ويجتهد الا يبقى شئ مكشوف واعلم انه قد يحتال حتى يبكر حب الحنطة والشعير حتى تصير كالنوى كبارا وذلك بان يتكرر على حب الحنطة والشعير ان يزرع فى ارض مراجه مبوره على صفة الموافقة المحمودة لحب حب ثم اذا زرعت فى ارض مراجه جوهرها مثل جوهر تلك الارض بعينها وطبعها فاذا حصدت وزرعت ثالثة فى ارض مبوره طبعها وطعمها وجوهرها مثل تلك الاضين التى تزرع تلك الحبة فيها فان هذا اذا تكرر هكذا على حب من هذه الحبوب اثنى عشر مرة خرج كالنوى وينبغى ان يخلط مع الحبوب قبل زرعها شئ من قرون الغنم مبرودة بالمبارد الخشنة وان برد العاج الذى هو من عظم الفيل وكذا عظم البقر ودقها بالهاوون وخلط ذلك بالحبوب قبل زرعها خصبت وزاد ريعها وان خلط بها زبل الفار والخفاش حفظها من كثير من الطائر الذى يقصد لقطها من الارض وهذه كلها تخلط بها اولا ثم تزرع معها وان دققت قرن زبل وخلطته بالحبوب ايها كانت وبذرتها طرد عنها الهوام التى تطلب قصدها وان دققت المرتك وخلطته بالحبوب للزرع ما حالت عليه سنة واحدة فانه يكون قويا فى النبات وما مضى عليه سنتان اضعف منه واما ما حال عليه ثلاث سنين فردئ قال صفريت ينبغى ان يرش على الحبوب المزروعة كلها الخمس الذى مضى عليه سنة فبذلك قلما يعرض له من الافات شئ قال وكذلك عكس الزيت مخلطا بالماء العذب وتضرب فى فينيته ضربا جيدا وان كان الماء القراح سخنا فهو جيد ثم يرش على الحب قبل زرعه فان هذا حفظ له وانفع لكن ينبغى ان يرش عليه ذلك رشا خفيفا لا يكثر عليه منه قال وان عطيت الحبوب كلها بجلد الضبع وترك مغطيا به ثلاثين يوما يكون اوله اليوم الثالث من الشهر الى الرابع من الشهر الداخل حتى تقبل البزور قوة الجلد فان لهذا الحيوان اعنى الضبع قوة عظيمة طبيعية يدفع بها اكثر الضرر العارض للبزور قال واعجب ما فى ذلك ان توتى البزور من الافات السماوية وآفات الهواء وهبوب الريح وذكر ان القدما وهو ايضا جرب ذلك معهم قال قوثاى جربناه فوجدناه صحيحا ومما جربناه لطرد الطائر كله عن الزرع فلا يقربه ان يؤخذ غراب او فاخته او شقراق او عدة عصافير ثلاثه او اربعة فتذبح وتعلق برجلها على قصب يركزها فى مواضع من المزرعة على كل قصبة عصفورا او علقها على خيط ممدود من قصبة الى قصبة اخرى حتى اذا هبت الريح حركت الطيور المعلقة بارجلها فانه لا يقرب ذلك الموضع طائر وان اخذت من بذر السنوبر والخردل والحرف والحلتيت بالسوية فدققتها ناعما ثم خلطتها بخل حامض ونقعتها فى الخل يوما وليلة ثم صببتها فى الماء الجارى الى اصول الزرع فعل هذا فى السقية الثانية او من عدم يوم زرعها فان جميع الهوام الطائر والذئب لا يقرب ذلك باذن الله تعالى واذا اردت اختبار الحنطة هل فسدت ام لا فتصلح للزراعه فخذ من الحنطة شيئا فغربله وزن معه عشرين رطلا ثم اطحنه واخبزه فان وزن الخبز سبعة عشر رطلا فالحنطة سليمة وان جاءت ستة عشر رطلا فقد بدا فى الفساد وان جاءت خمسه عشر رطلا فهى فاسدة لا محالة واما الشعير اذا ابتدا فى الفساد حال لونه من اللون الطبيعى الذى هو صفره فان ضربت مع الصفرة الى شئ مر لون الفستق فقد فسد وهذا اللون الفستقى دليل على ان الفساد قد ابتدا وقوعه فيه واجوده الحديث البالغ الرزين والقديم ردئ جدا وهو بارد يابس وفى الصيف يسكن غليان الدم والتهاب الصفرا والعطش ويهزل ويسمن الخيل خاصة مقشور والحمص اذا طبخ مع نصفه من بذر الخشخاش ويشرب قطع الصداع الحاد الصفراوى وان اضيف الى ذلك القرطم اسهل البلغم اللزج وسوبقه يقطع الالتهاب والحمى المعطشه وطبيخه مع العناب والتين والسبستان يحل السعال مجرب واوجاع الصدر ومن اغرب ما وقفت عليه فى كتاب كنز الاختصاص المنسوب لجابر الجلدكى ان الحنطة لما بذرها ادم عليه السلام امر حواء ان لا تبذر شيئا فكان هو يبذر وهى خلفه تغافله وتبذر قليلا قليلا فالذى بذرته كان شعيرا والذى بذره كان قمحا انتهى ومن فوائد الشعير انه اذا اخذ نباته قبل ان يسنبل مقدار اوقيتين وجعل فى كوز وجعل عليه قدره شبا ودفن فى الزبل فانه خضاب اسود وللشعر مجرب ومثله فى ذلك القرنفل اذا خلط بالحنا وقال ابن سينا فى القانون ان الانسان الكثير الرطوبه اذا شرب من الزاج كل يوم زنه درهم ثلاثه ايام ويكون المزاج بلغمى فان شعر شيبه ينبت فى موضعه الشعر الاسود وكذا من اخذ حنظله وقورها وملاها دهن زيبق وهو الياسمين مع ان المشهور غيره كما فى القاموس وسدها بعجين ولطخ به ظاهرها ووضعها على نار لينه حتى تغلى فان هذا الدهن يسود السعر ويمنع الشيب والبياض
Bogga 61