وقلت مشجعا ومذكرا: إنها فرصة العمر، فلنسأل الله السلامة والتوفيق.
وجلسنا ننتظر بأعين تتطلع إلى الباب من خلال أشجار الورد. نحلم بما سنفعل أو نقول، ونحلم بالنعمة التي سيجود بها القدر. وانتظرنا .. وانتظرنا .. وانتظرنا. واشتد الشوق والوجد وتناهى الصبر. وقلنا: يا نسائم الربيع احملي إلينا السيد المنتظر. ولكن خطوات الوقت مضت تثقل، والزمن يتمطى ويطول والأعصاب يعتريها الألم. وكلما سمعنا أزيز سيارة أو نفخة بوق قمنا نسوي من هندامنا، وغبنا حتى الذوبان في المجهول المتمادي أمامنا، ومن حومة الجزع ارتفع صوت أحد الأبناء متسائلا: ألم يحدد ساعة حضوره؟
فقالت الأم: حسبه أنه تفضل بتحديد اليوم.
فغمغم الشاب فيما يشبه الضجر: ما أطول اليوم!
وأخذ النور يخف ويتوارى، والمغيب يرسل ألوانه الهادئة الرزينة المليئة بالشجن. وتطلع نحونا الأبناء في صمت وتساؤل، فقلت بثقة: إنه لا يخلف الميعاد. - مع التأخير ستقل فرص السمر.
فقلت وكأنني أوجه الخطاب لنفسي أيضا: ما أشقى من لا ينعم بنعمة الصبر!
وانتظرنا. وزحف الليل بجحافله، وهبط الظلام مشبعا ببرودة. وعند ذاك ارتفع أول احتجاج يجيء من أصغر الأبناء: ضاع الوقت وخسرنا مسرات اليوم دون جدوى.
وهتفت به مؤنبا ومداريا ضيقي: ما أفظع ما تقول!
فقال بعناد: في انتظار نعمة كبرى ضيعنا النعمة المتاحة.
فنهرته أمه: هذا هو الهذيان.
Bog aan la aqoon