167

Subaxii Islaamka

فجر الإسلام

Noocyada

صلى الله عليه وسلم : القنطار اثنا عشر ألف أوقية

5 ، بل إن بعض العلماء أنكر هذا الباب بتاتا، أعني أنه أنكر صحة ورود ما يروونه من هذا الباب؛ فقد روي أن الإمام أحمد بن حنبل قال: «ثلاثة ليس لها أصل: التفسير، والملاحم، والمغازي»

6

ومما يدل على عدم ثقة المفسرين بما ورد في هذا الباب أنهم لم يقفوا عند ما ورد، بل أتبعوا ذلك بما أداهم إليه اجتهادهم، ولو كان ذلك صحيحا في نظرهم لوقفوا عند حدود النص.

وبمرور الزمان تضخم هذا التفسير المنقول، فدخل فيه أيضا ما نقل عن الصحابة والتابعين؛ وهكذا، حتى كانت كتب التفسير المؤلفة في العصور الأولى مقصورة على هذا النحو من التفسير.

ثانيا:

من مصادر التفسير الاجتهاد، وإن شئت فقل الرأي، يعرف المفسر كلام العرب ومناحيهم في القول، ويعرف الألفاظ العربية ومعانيها بالوقوف على ما ورد في مثله من الشعر الجاهلي ونحوه، ويقف على ما صح عنده من أسباب نزول الآية مستعينا بهذه الأدوات ويفسرها حسب ما أداه إليه اجتهاده، وكثير من الصحابة كان يفسر الآيات من القرآن بهذا الطريق، مثل كثير مما ورد عن ابن عباس وابن مسعود، فمثلا يفسر المفسرون الطور في قوله تعالى:

وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور ، بتفسيرات مختلفة: فمجاهد يفسر الطور بالجبل مطلقا، وابن عباس بجبل بعينه، وآخر يقول: إن الطور ما انبت من الجبال، فأما ما لم ينبت فليس بطور؛ فهذا الاختلاف نتيجة اختلاف في الرأي، لا نتيجة اختلاف في المنقول، وقد اختلفوا في معاني الآيات خلافهم في معاني الألفاظ.

نعم، إن الصحابة والتابعين انقسموا في ذلك قسمين: فمنهم من تورع أن يقول في القرآن شيئا برأيه، كالذي روي عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن شيء من القرآن قال: أنا لا أقول في القرآن شيئا، وقال ابن سيرين: سألت أبا عبيدة عن شيء من القرآن فقال: اتق الله وعليك بالسداد، فقد ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن؛ عن هشام بن عروة بن الزبير قال: ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله. ولكن كان بجانبهم من يرى حل ذلك ويستبيحه، بل يرى كتمان ما وصل إليه اجتهاده كتمانا للعلم وهم الأكثرون، وعلى هذا كان رأي ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم؛ إنما كره هؤلاء وأمثالهم أن يتعرض للتفسير من لم يستكمل أدواته، كأن لم يبلغ في معرفة كلام العرب مبلغا يمكنه من صحة الفهم، أو لم يدرس القرآن درسا يستطيع معه أن يحمل مجمله على مفصله، كذلك كرهوا أن يعتنق الرجل مذهبا من المذاهب الدينية كالاعتزال والإرجاء والتشيع، ويجعل ذلك أصلا يفسر القرآن على مقتضاه، والواجب أن تكون العقيدة تابعة للقرآن، لا أن يكون القرآن تابعا للعقيدة.

وهذا الاجتهاد هو الذي سبب الاختلاف بين الصحابة والتابعين في تفسيرهم لألفاظ القرآن وآياته اختلافا واضحا تكاد تلمسه في كل صفحة من صفحات تفسير ابن جرير الطبري.

Bog aan la aqoon