إني تركتك أبيض اللحية فما هذا فقال له إني أستعمل الخضاب فقال أصحاب عبد المطلب إن رأى الملك أن يرانا أهلا لذلك الخضاب فليفعل قال فأمر الملك أن يؤخذ بهم إلى الحمام وكان القوم بيض الرءوس واللحى فخضبوا هناك فخرجوا ولشعورهم بريق كأسود ما يكون من الشعر ويقال إن سيفا أول من خضب رأسه ولحيته قال الواقدي ثم إن الملك أمر لكل واحد منهم ببدرة دراهم بيض وحمل كل واحد منهم على دابة وبغل وأمر لكل واحد منهم بجارية وغلام وبتخت ثياب فاخرة ووهب لعبد المطلب ضعفي ما وهب لهم ثم دعا الملك بفرسه العقاب وبغلته الشهباء وناقته العضباء وقال يا أبا الحارث إن الذي أسلمه إليك أمانة في عنقك تحفظها إلى أن تسلمها إلى محمد ص إذا بلغ مبلغ الرجال فقال له اعلم أني ما طلبت على هذه الفرس شيئا إلا وجدته وما قصدني عدو وأنا راكب عليها إلا أنجاني الله تعالى منه وأما البغلة فإني كنت أقطع بها الدكادك والجبال لحسن سيرها ولا أنزل عنها ليلي ونهاري فأمره أن يتحفظ ويجعلها لي تذكرة وبلغه عني التحية الكثيرة فقال عبد المطلب السمع والطاعة لأمر الملك ثم ودعوه وخرجوا نحو الحرم حتى دخلوا مكة فوقعت الصيحة في البلد بقدومهم فخرج الناس يستقبلونهم وخرج أولاد عبد المطلب وقعد النبي ص على صخرة وقد ألقى كمه على وجهه لئلا تناله الشمس حتى تقارب عبد المطلب فنظر أولاده إليه وقالوا يا أبانا خرجت إلى اليمن شيخا ورجعت شابا قال نعم أيها الفتيان سأخبركم بما ذكرتم فأخبرهم ثم قال لهم أين سيدي محمد ص فقالوا له إنه في بعض الطريق ينتظركم ثم إن عبد المطلب سار نحوه حتى وصل إليه مع أصحابه فنزل عن مركوبه وعانقه وقبله بين عينيه وقال له إن هذا الفرس والبغلة والناقة أهداها إليك سيف بن ذي يزن ويقرأ عليك التحية الطيبة ثم أمر أن يحمل رسول الله محمد ص على الفرس فلما استوى النبي ص على ظهر الفرس نشط وصهل صهيلا شديدا فرحا
Bogga 43