فما كان أحد يقدر أن يتأملها مما عليها من الذهب، وهي لها جلالان، جلال من لبد، وجلال من أدم من فوقه، فإذا كان الشتاء ألبسته؛ ليكنها من الأمطار والرياح والثلوج، وكان رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام قد حفا الحجر بدرابزين ساسم، وخلف الدرابزين ستور ديباج مرخاة بين العمد، وكان في كل يوم إثنين يأمران بالزعفران يدق ويطحن، ثم يعمد من الليل بالمسك والعنبر والماورد الجوري، ويخمر من الليل، ثم يأمر الخدم بالغداة فيدخلون حمام سليمان بن عبد الملك يغتسلون ويتطهرون، ثم يأتون إلى الخزانة التي فيها الخلوق فتلقى أثوابهم، ثم يخرجون بأثواب جدد من الخزانة، مروي وقوهي وشيء يقال له: العصب، ويخرجون منها مناطق محلاة، ويشدون بها أوساطهم، ثم يأخذون سفول الخلوق ثم يأتون الحجر حجر الصخرة، فيلطخون ما قدروا أن تناله أيديهم، ثم يغمروه كله، وما لم تنله أيديهم غسلوا أقدامهم، ثم يصعدون على الحجر يلطخون ما بقي، ثم ترفع آنية البخور، ويؤتى بمجامر الذهب والفضة والند والعود القماري المطرى بالمسك والعنبر، فترخى الستور حول العمد كلها، ثم يأخذون في البخور حولها، يدورون حتى يحول البخور بينهم وبين القبة، ثم تشمر الستور، فيخرج البخور يفوح من كثرته حتى يبلغ رأس السوق، فيشم الريح من ثم، فيقطع البخور من عندهم، ثم ينادي منادي في صف البزازين وغيره: ألا إن الصخرة قد فتحت للناس، فمن أراد الصلاة فليأت، فيقبل الناس مبادرين إلى الصلاة في الصخرة، فأكثر من يدرك أن يصلي ركعتين، وأكثره أربعا، ثم يخرج الناس فمن شموا رائحته قالوا: هذا ممن دخل الصخرة، وتغسل آثار أقدامهم بالماء، وتمسح بالآس الأخضر، وتنشف بالسباني والمناديل، وتغلق الأبواب، وعلى كل باب عشرة من الحجبة، لا تدخل إلا يوم الإثنين والخميس، ولا يدخلها إلا الخادم.
حارث قال: كنت أسرجها خلافة عبد الملك [كلها] بالبان المديني والزئبق الرصاص. فهذا ما كان يفعل بها في خلافة عبد الملك كلها رحمة الله عليه.
Bogga 73