أبنا أبو مسلم، قال: أبنا عمر بن الفضل بن مهاجر، قال: أبنا أبو القاسم زكريا بن يحيى بن يعقوب بن بشر المقدسي، في ذي القعدة سنة أربع عشرة وثلاثمائة، قال: ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن منصور [بن ثابت، قال: ثنا أبي محمد بن منصور]، عن جده ثابت، عن رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام -مولى عبد الملك بن مروان من أهل بيت المقدس وولده بها-: أن عبد الملك حين هم ببناء صخرة بيت المقدس والمسجد، قدم من دمشق إلى بيت المقدس، وبث الكتب في جميع عمله كله إلى جميع الأمصار: أن عبد الملك قد أراد أن يبني قبة على صخرة بيت المقدس، تكن للمسلمين من الحر والبرد والمسجد. فكره أن يعمل ذلك دون رأي رعيته، وليكتب الرعية إليه برأيهم وما هم عليه، فوردت الكتب عليه: نرى أمير المؤمنين رأيه موفقا رشيدا، نسأل الله تعالى أن يتم له ما نوى من بناء بيته وصخرته ومسجده، ويجري ذلك على يديه، ويجعله مكرمة له، ولمن مضى من نسله. فجمع الصناع من جميع عمله كله، وأمرهم أن يصفوا صفة القبلة وسمتها من قبل أن يبنيها، وكرست له في صخرة المسجد، وأمر أن يبنى بيت المال في شرقي الصخرة، وهو الذي فوق على حرف الصخرة، فأشحن بالأموال، ووكل على ذلك رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام على النفقة عليها والقيام بأمرها، وأمرهم أن يفرغوا عليها المال إفراغا دون أن ينفقوه إنفاقا، فأخذوا في البناء والعمارة حتى أحكم، وفرغ من البناء ولم يبق لمتكلم فيه كلام.
وكتب إليه بدمشق: قد أتم الله ما أمر به أمير المؤمنين من بناء صخرته والمسجد الأقصى، ولم يبق لمتكلم فيه كلام، وقد تبقى مما أمر به أمير المؤمنين من النفقة بعد أن فرغ من البناء وأحكم مائة ألف دينار، فيصرفها أمير المؤمنين في أحب الأشياء [إليه]. فكتب إليهما: قد أمر بها أمير المؤمنين جائزة لكما؛ لما وليتما من عمارة ذلك البيت الشريف المبارك. فكتبا إليه: نحن أولى أن نزيد من حلي نسائنا، فضلا عن أموالنا، فاصرفها في أحب الأشياء إليك. فكتب إليهما: تسبك وتفرغ في القبة. ففعلا ذلك.
Bogga 72