Explanation of Uncovering the Doubts by Khaled Al-Mosleh
شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
Noocyada
إقرار المشركين بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
وبعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا، وأنه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله ﷺ، وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا (الاعتقاد)، كما كانوا يدعون الله سبحانه ليلًا ونهارًا، ثم منهم من يدعو الملائكة لأجل صلاحهم وقربهم من الله ليشفعوا لهم، أو يدعو رجلًا صالحًا مثل اللات، أو نبيًا مثل عيسى، وعرفت أن رسول الله ﷺ قاتلهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن:١٨] وكما قال تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد:١٤]، وتحققت أن رسول الله ﷺ قاتلهم ليكون الدعاء كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة كلها بالله، وجميع أنواع العبادة كلها لله، وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء يريدون شفاعتهم، والتقرب إلى الله بذلك هو الذي أحل دماءهم وأموالهم؛ عرفت حينئذٍ التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إله إلا الله] .
يواصل الشيخ ﵀ التقديم لهذه الشبهات التي سيجيب عليها، فيقول ﵀: (فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا) أي: بتوحيد الربوبية (ولم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله ﷺ، وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا (الاعتقاد)، كما كانوا يدعون الله سبحانه ليلًا ونهارًا، ثم منهم من يدعو الملائكة لأجل صلاحهم وقربهم إلى الله ليشفعوا لهم، أو يدعو رجلًا صالحًا مثل اللات، أو نبيًا مثل عيسى، وعرفت أن رسول الله ﷺ قاتلهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى: ﴿فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن:١٨]) .
هذا فيه بيان أن الإقرار بتوحيد الربوبية لا ينقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان، إذ أن الإقرار بتوحيد الربوبية أمر فطر الله ﷾ عليه الخلائق، فكل الخلق يقرون بأن الله هو المالك، وأنه هو الخالق، وأنه هو المدبر، وأنه هو الرزاق، وإنما اختلف الخلق، وتشعبت طرقهم، وتباينت مذاهبهم؛ في صرف العبادة لله ﷾؛ فمن الخلق من أفردوا الله ﷾ بالعبادة، فلم يصرفوها لغيره، وهؤلاء هم المتبعون للرسل، ومنهم من تنكب عن هذا السبيل، وخالف طريق المرسلين؛ فصرف العبادة لغير الله ﷾، وهؤلاء هم أعداء الرسل الذين بعثت الرسل لمحاربتهم، ودعوتهم إلى دين الحق.
يقول ﵀: (وتحققت أن رسول الله ﷺ قاتلهم ليكون الدعاء كله لله، والنذر كله لله، والذبح كله لله، والاستغاثة كلها لله، وجميع العبادات كلها لله) علمت بهذا أن النبي ﷺ قد دعا إلى التوحيد، وأنه ﷺ أمر الناس بألا يصرفوا أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، وبهذا تفهم أن الدعوة التي جاءت بها الرسل هي إفراد الله بالعبادة؛ فمعنى لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق إلا الله، وبالتالي لا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة لغيره تعالى، فكل ما ثبت أنه عبادة فصرفه لله ﷾ توحيد جاءت به الرسل، وصرفه لغيره ﷾ شرك نهت عنه الرسل.
يقول: (وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة والأنبياء والأولياء يريدون شفاعتهم، والتقرب إلى الله بذلك، هو الذي أحل دماءهم وأموالهم؛ عرفت حينئذٍ التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وأنه توحيد الألوهية الذي مقتضاه إفراد الله ﷾ بالعبادة) .
لا شك أن المشركين أبوا الإقرار بهذا التوحيد، ولذلك وقعت الخصومة بينهم وبين الرسل.
قال ﵀: (هو الذي أحل دماءهم وأموالهم)، فإن النبي ﷺ قد قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام)، وفي حديث طارق بن أشيم عند مسلم قال: (من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله)، فعلمنا أن الذي جعله الله ﷾ ورسوله محرِّمًا للدم والمال، وعاصمًا لهما؛ هو الإقرار بالتوحيد، الذي هو إفراد الله ﷾ بالعبادة، فمن لم يقم بذلك فإنه مباح الدم والمال، ولا حرمة لدمه وماله.
ثم قال ﵀: (وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إله إلا الله)، فمعنى قولك: لا إله إلا الله: إفراد الله ﷾ بالعبادة، وذكرنا لكم أن العبادة هي: كل ما أمر الله به ورسوله، فكل ما أمر الله به ورسوله من العبادة التي لابد من إفراد الله ﷾ بها، فقولك: لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله.
3 / 2