228

Dustur Culama

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

Daabacaha

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

Lambarka Daabacaadda

الأولى، 1421هـ - 2000م

Noocyada

Qaamuus

وأجيب بأن الإيمان في حقه هو التصديق بما عدا هذا الأخبار. ولا يخفى ما فيه من اختلاف الإيمان بحسب اختلاف الأشخاص وهو باطل لأن الإيمان حقيقة واحدة لا يتصور اختلافها بحسب الأشخاص. والجواب الصواب الذي اختاره السيد السند قدس سره أن المحال إذعان أبي لهب بخصوص أنه لا يؤمن وإنما يكلف به إذا وصل إليه ذلك المخصوص وهذا الوصول ممنوع. وأما إذا كان التكليف قبل وصول ذلك المخصوص إليه فالواجب عليه هو الإذعان الإجمالي إذ الإيمان هو التصديق إجمالا فيما علم إجمالا وتفصيلا فيما علم تفصيلا ولا استحالة في الإذعان الإجمالي .

واعلم أنه قد اشتهر أن الشيخ أبا الحسن الأشعري ذهب إلى جواز التكليف بالمحال بل إلى وقوعه لكن لم يثبت تصريحه به. وقيل وجه الشهرة أن عنده أصلين موهمين إلى ذلك الجواز والوقوع. الأول: أنه لا تأثير لقدرة العبد عنده في أفعاله فهي مخلوقة لله تعالى ابتداء. والثاني: أن القدرة عنده مع الفعل لا قبله والتكليف قبل الفعل فلا يكون حينئذ الاستطاعة والقدرة على الفعل. والتكليف بغير المقدور تكليف بالمحال فيعلم من ها هنا أن عند الشيخ تكليفا بما لا يطاق بهذا الاعتبار.

ولا يخفى أن ما هو المشهور من نسبة جواز التكليف بما لا يطاق إلى الشيخ الأشعري بناء على الأصلين المذكورين غلط فاحش لأنه لا معنى لتأثير العبد عنده في أفعاله إلا القصد إليه باختياره وإن لم يخلق الله تعالى الفعل عقيب قصده. ومراد الشيخ بأن قدرة العبد غير مؤثرة أنها غير موجودة للفعل فالعبد مؤثر في أفعاله بوجه دون وجه. والتكليف إنما يعتمد على سلامة الأسباب لا على القدرة المقارنة فلا يلزم التكليف بما لا يطاق. ولأنه لو كان عدم تأثير القدرة الحادثة وكونها غير سابقة على الفعل موجبا لكون الفعل مما لا يطاق لكان كل تكليف بكل فعل تكليفا بما لا يطاق عنده وهو لا يقول به.

بل توجيه ما اشتهر من أن تكليف ما لا يطاق واقع عند الأشعري أن ما لا يطاق على ثلاث مراتب. الأولى: ما يمتنع في نفسه كجمع الضدين وإعدام القديم وقلب الحقائق وهي أعلى مراتبه. والتكليف بها لا يجوز ولا يقع بالاتفاق من المحققين من أصحابنا وإن جوزه الإمامان رحمهما الله تعالى كما مر آنفا. وثانيهما: ما يمكن في نفسه ولا يمكن من العبد عادة بأن لا يكون من جنس ما تتعلق به القدرة الحادثة كخلق الجواهر أو يكون لكن من نوع أو صنف لا يتعلق به التكليف كحمل الجبل والطيران إلى السماء. وهذه المرتبة أوسط مراتبه والتكليف بها لا يقع اتفاقا بشهادة الآيات والاستقراء لكن يجوز عندنا خلافا للمعتزلة . وثالثها: ما يمكن من العبد لكن تعلق بعدمه علمه تعالى وإرادته فلا يقع ذلك الفعل البتة وإلا يلزم جهله تعالى وتخلف المراد عن الإرادة. فامتنع بذلك تعلق القدرة الحادثة أي قدرة العبد والتكليف بهذه المرتبة

Bogga 234