289

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

الصورة الثانية: أن يكون النافي هو المصيب، بأن ينفي إمامته بعد معرفته لاختلال الشرائط أو بعضها فيه، والمثبت هو المخطئ، إما لأنه أثبت إمامته مع معرفته لاختلالها لكن كابر وعاند، وإما لأنه أقدم على الإثبات خبطا وجزافا من غير نظر واعتبار، ولا تبطن لأحواله واختبار، وإما لشبهة عرضت له خيلت إليه صحة إمامته، وقضت له باحترازه عن العيوب وسلامته، بعد أن أمعن النظر ولازمه مدة من الزمان واختبر.

وأما القسم الأوسط: وهو أن يكونا مخطئين معا فله صورتان.

الصورة الأولى: أن يكون الداعي المفروض دعاؤه إماما في نفس الأمر، كاملا جامعا للشرائط، ولكن أقدم المثبت على إثبات إمامته من غير معرفة لكماله، ولا اطلاع على استجماعه للشرائط المعتبرة، أو عن غير معرفة لأصول مسائل الإمامة وقواعدها، فإنه -والحال هذه- مقدم على مالا يأمن الخطأ فيه، وهو كالمقدم على الخطأ من غير فرق، وأقدم النافي على النفي، إما خبطا وجزافا، وإما استكبارا وعنادا، وإما لشبهة عرضت له أرته الكمال نقصانا، والصدق بهتانا.

الصورة الثانية: أن لا يكون ذلك الداعي إماما في نفس الأمر، ولكن أقدم النافي على نفي إمامته بلا تحقيق، وعن غير اطلاع على تطرق الخلل، وانتقاص الشرائط، بل نبا سمعه عن إجابة ندائه، وإسماع دعائه، غير مستحضر للقواعد، ولا مستجمع للفوائد، فهو حينئذ في منهل الخطأ وارد، لأنه كالمقدم على الخطأ وهو عامد، ولو كان ما أقدم عليه هو الحق في نفس الأمر، لأن الانتهاض لمعرفة حال الداعي لازم، والمتغافل عن ذلك مخطئ آثم.

وأما المثبت فأقدم على الإثبات خبطا وجزافا من غير اختبار

ولا اعتبار، أو مكابرة وعنادا، مع معرفته لعدم الكمال، وذلك من أشنع الضلال، وإما للبس عرض له أورث بصره غشاوة منعته عن رؤية الإختلال، وسمعه وقرا عن تدبر ما سمعه من عدم الكمال.

[تنبيه]: قد عرفت أن خطأ المثبت أو النافي حيث يكون مخطئا يرجع إلى أحد ثلاثة أنواع:

Bogga 302