262

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

وأما ما ذكره مولانا أبقاه الله تعالى من أن أكثر المعتزين إلى الأئمة، القائلين بإمامتهم، الممتثلين لأوامرهم ونواهيهم المترتبة على صحة الإمامة وثبوتها، لم يقدموا على ذلك لنظر اقتضاه، ولا لدليل أوصلهم إليه، فذلك حمل منه لهم على غير ما ينبغي، سواء جعلنا الإمامة قطعية أو ظنية، ثم لو سلمنا أن ذلك معلوم لمولانا عن حالهم، فمن أين أن الأئمة قد علموه أيضا حتى يلزمهم الإنكار؟ فإنه لا يلزم فيما علمه شخص أن يعلمه آخر.

قوله: وليس لقائل أن يقول كثير من المسائل القطعية يصح التقليد فيها، فإنا نقول: ذلك لا يصح إلا فيما كان منها عمليا لا يترتب على علمي.

قلنا: هذا صحيح، لكن لسنا نسلم أن تسليم العامة للحقوق إلى

الأئمة صدر عن تقليد، بل هو كتسليمهم لها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سواء سواء، وهذا جملة ما يتعلق بالجهة الثانية من الكلام.

[حكم من نفى إمامة الإمام وحكم من توقف]

وأما الجهة الثالثة فقال -أبقاه الله تعالى-: والعجب مما ظهر في زماننا من تجاسر غير العارفين، من المثبتين للإمامة على تفسيق النافي لها والمتوقف، ولعنه، واعتزال الصلاة خلفه، مع أن التفسيق لا يصح الأخذ فيه والإثبات له إلا بالبرهان القاطع الذي لا نافي له ولا مدافع، من كتاب صريح، أو خبر متواتر صحيح، أو إجماع قطعي، واستبعدوا أن يكون القياس من طرقه، لتعسر القطع بعلة الحكم، وانحصارها، وعدم تعددها، والمعلوم أنك لو سألت كل واحد من هؤلاء المذكورين عن معنى الفسق وأسبابه وطرقه وأحكامه، لما درى كيف يجيبك، دع عنك العلم بكون نفي الإمامة أوالتوقف فيها يقتضيه.

Bogga 275