238

Durar

الدرر في اختصار المغازي والسير

Baare

الدكتور شوقي ضيف

Daabacaha

دار المعارف

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٣ هـ

Goobta Daabacaadda

القاهرة

قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَادَ١ عَلَى السَّلامِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ فَنَاشَدْتُهُ ثَانِيَةً، فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ فَعُدْتُ فَوَثَبْتُ [فَتَسَوَّرْتُ] ٢ الْجِدَارَ، وَخَرَجْتُ. ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى السُّوقِ فَإِذَا رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنِّي مِنْ نِبْطِ٣ الشَّامِ الْقَادِمِينَ بِالطَّعَامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ فَجَاءَنِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ كتاب مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ، فَالْحَقْ بِنَا نواسك. فَعَمَدْتُ إِلَى تَنُّورٍ٤، فَسَجَرْتُ٥ فِيهِ الْكِتَابَ. وَأَقَمْتُ حَالِي حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ أَتَانِي، فَقَالَ لِي: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا؟ قَالَ: لَا بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلا تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي فِيهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ مَا هُوَ قَاضٍ، وَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَائِعٌ لَا خَادِمَ لَهُ أَفَتَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: "لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ" قَالَتْ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ إِلَيَّ، وَمَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِي هَذَا حَتَّى تَخَوَّفْتُ عَلَى بَصَرِهِ. وَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي خِدْمَةِ امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِنَ لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، إِنِّي لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ لِي وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ.
قَالَ: فَلَبِثْنَا فِي ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْكَلامِ مَعَنَا. فَلَمَّا صَلَّيْتُ [الصُّبْحَ] ٧ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَة وَأَنا قد ضَاقَتْ

١ فِي ر وصحيح البُخَارِيّ: مَا رد.
٢ زِيَادَة من ابْن هِشَام وَالْبُخَارِيّ.
٣ وَاضح مَا يدل عَلَيْهِ هَذَا الْخَبَر من أَن أَنْبَاط فلسطين والأردن كَانُوا يسهمون فِي التِّجَارَة حَتَّى ظُهُور الْإِسْلَام وَكَأن الغساسنة وَغَيرهم يتخذونهم جواسيس لَهُم.
٤ تنور: موقد نَار.
٥ سجرته: أحرقته.
٦ زِيَادَة من ر وَابْن هِشَام وَالْبُخَارِيّ.
٧ زِيَادَة من ر وَابْن هِشَام، وَفِي البُخَارِيّ: فَلَمَّا صليت صَلَاة الْفجْر صبح خمسين لَيْلَة.

1 / 245