149

وكان عليه السلام يقول: أين الراغب، وأين من يطلب العلم؟ إنما يحبنا مجاهد راغب في فضله متحر ما عند الله، ولعمري أنه لأكبر فروض الله على عبده وأحق ما يجب تقديمه، ولكن لو كان مع ذلك رغبة في العلم وبحث عنه لصادفوا من يحيى بن الحسين علما جما.

وروى سليم المولى المتولي لخدمة يحيى بن الحسين في داره، قال: كنت أتبعه حين يأخذ الناس فرشهم بالمصباح في أكثر لياليه إلى بيت صغير يأوي إليه فإذا دخله صرفني فأنصرف.

فهجس قلبي ليلة أن أبيت على باب البيت أنظر ما يصنع؟ قال: فسهر عليه السلام الليل أجمع ركوعا وسجودا، وكنت أسمع وقع دموعه ونشيجا في حلقه، فلما كان الصبح قمت، فسمع حسي، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال: سليم، ما عجل بك في غير حينك؟ فقلت: جعلت فداك ما برحت البارحة من قربك، قال: فاشتد ذلك عليه وحرج علي ألا أحدث به أحدا في حياته، فما حكاه سليم إلا في وقت المرتضى عليه السلام.

Bogga 178