والظلمة الخرسا تلعثم بالرؤى ... كتلعثم المخنوق بالكلمات
***
في ذلك الليل المخيف مضى فتى ... قلق الثياب مروع الخطوات
يمشي وينظر خلفه وأمامه ... نظر الجبان إلى المغير العاتي
ويرى الحتوف إذا تلفت أو رنا ... ويحس أصداء بلا أصوات
ويعود بسأل نفسه ما خيفتي ؟ ... ماذا أحس ؟ وأين أين ثباتي ؟
ماذا يخوفني أنا رجل السرى ؟ ... وأنا رفيق الليل والفلوات
هل ليلتي غير الليالي ؟ أم أنا ... غيري ... أكاد الآن أنكر ذاتي
أين الصباح وأين مني قريتي ؟ ... والرعب قدماي وفي لفتاتي
***
وهنا تراءت للمروع عصبة ... كالذعر شيطانية اللمحات
شعث كأهل إلا أن في ... نظراتهم همجية الشهوات
وتقلبت مقل العصابة في الفتى ... وكأنها تشويه بالنظرات
وتخيلت " كيس النقود " فأبرقت ... رغباتها في الأعين الشرهات
وتململت فيها الشراسة مثلما ... يتململ الزلزال في الهضاب
والتاع فيها الشر فاهالت على ... ذاك الفتى بالضرب والطعنات
فاستل خنجره وكسر وحده ... وحشية الوثبات بالوثبات
وتلفتت تلك العصابة حولها ... فرأت بعين الوهم ظل سراه
***
وهناك لاذت بالفرار وأدبرت ... ملعونه الروحات والغدوات
وعدت يصادم بعضها بعضا كما ... تتصادم الآلات بالآلات
وجثا الفتى بين الجراح كمدنف ... يستنجد العواد بالزفرات
وتلكأت عند التوجع روحه ... بين الممات وبين نصف حياة
وامتد في حضن الطريق وداؤه ... حي وصفرته من الأموات
وتداعت الأوجاع فيه والتظت ... فيه الجراح الحمر كالجمرات
وإذا تهيأ للنهوض تثاءبت ... فيه الجراح تثاؤب الحيات
وعلى يمين الدرب كوخ تلتقي ... في صدره النكبات بالنكبات
بين القصور وبينه ميل وما ... أدنى المكان وأبعد الرحمات !
يشكو إلى جيرانه فيصمهم ... عنه ضجيج القصف واللذات كوخ إذا خطرت به ريح الدجى ... أومى إلى السكان بالرعشات
Bogga 75