Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Noocyada
لا ينكر روبرت فلينت أن معظم النظريات الاقتصادية التي قال بها مونتسكيو في روح القوانين بعيدة عن الصواب، ومليئة بالأغلاط، حتى إنه يعترف بأن تلك الآراء لا تخلو من التناقض أيضا في بعض الأحيان، ويوصي كل من يود الاطلاع على أنواع الأغلاط التي تتخلل تلك الآراء والنظريات بمراجعة ما كان كتبه «دستو دو تراسي»
Deslut de Téracy
في هذا الصدد، حينما شرح روح القوانين.
ومع كل هذا يقول روبرت فلينت: «لا يمكن لأي منصف كان، أن يمتنع عن التسليم لمونتسكيو بهذا الشرف العظيم، إنه كان أول من ربط علم الاقتصاد بعلم التاريخ، وأول من شارك هذين العلمين في أمر تفسير الحادثات الاجتماعية وتعليلها.» (2)
إنني لا أشك في أن روبرت فلينت كتب ما كتبه في هذا الصدد قبل أن يطلع على مقدمة ابن خلدون، ولولا ذلك لما سوغ لنفسه أن يقول إن مونتسكيو كان أول من أدخل عنصر الاقتصاد في التاريخ، وأول من ربط علم الاقتصاد بعلم التاريخ؛ لأن ابن خلدون كان قد فعل ذلك قبل مونتسكيو بمدة تناهز أربعة قرون.
إن اهتمام ابن خلدون بعنصر الاقتصاد في تعليل الوقائع التاريخية يظهر إلى العيان أولا من عنوان الكتاب الأول نفسه؛ لأن «الكسب والمعاش والصنائع» تحتل منزلة خطيرة وصريحة في هذا العنوان: «الكتاب الأول: في طبيعة العمران في الخليقة، وما يعرض لها من البدو والحضر، والتغلب، والكسب، والمعاش، والصنائع، والعلوم، ونحوها، وما لذلك من العلل والأسباب» (ص35).
وأما العبارات التي تلي العنوان المذكور، وتشير إلى ذلك بوضوح أعظم: «اعلم أنه لما كانت حقيقة التاريخ أنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع» (ص35).
لقد خصص ابن خلدون بابا كبيرا من أبواب المقدمة الستة لأمور المعاش (وهو الباب الخامس مع فصوله الفرعية البالغ عددها الثلاثة والثلاثين)، كما خصص عددا غير قليل من فصول الأبواب الأخرى (ولا سيما من فصول البابين الثالث والرابع) أيضا لمسائل الاقتصاد. ومن غريب الاتفاق أن مسائل الجباية والتجارة والنقود والنفوس - التي تكون القسم الاقتصادي من روح القوانين - قد شغلت أبحاثا وفصولا هامة في مقدمة ابن خلدون أيضا.
وزيادة على كل ذلك فقد عالجت المقدمة في فصولها المختلفة عدة مسائل اقتصادية اجتماعية أخرى، مثل مستوى المعيشة، وأسعار الأشياء، وعلاقة العمران بوسائل المعيشة.
في جميع هذه الفصول والأبحاث يظهر ابن خلدون العلائق القوية التي تربط الأحوال الاجتماعية بالحياة الاقتصادية، ويعبر عن هذا الارتباط بأصرح العبارات.
Bog aan la aqoon