121

Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Noocyada

فإنها لم تتمسك بقاعدة «التمييز بين العرب وبين الأعراب» تمسكا مطلقا، بل هي أيضا تستعمل في بعض الأحيان كلمة العرب بمعنى البدو، ولا سيما عندما تذكر «أقوال العرب» وتستشهد بما «يقوله العرب»: (أ)

إننا نجد في «فقه اللغة» للثعالبي - مثلا - شواهد عديدة على ما قدمناه، فقد عنون الثعالبي أحد فصول كتابه بالعنوان التالي: «في تسمية العرب أبناءها بالشنيع من الأسماء»، وقال في هذا الفصل ما يلي: «هي من سنن العرب، إذ تسمي أبناءها بحجر، وكلب، ونمر، وذئب، وأسد، وما أشبهها، وكان بعضهم إذا ولد لأحدهم ولد سماه بما يراه ويسمعه مما يتفاءل به، فإن رأى حجرا أو سمعه، تأول فيه الشدة والصلابة والصبر والقوة، وإن رأى كلبا تأول فيه الحراسة والألفة وبعد الصوت، وإن رأى نمرا تأول فيه المنعة والتيه والشكاسة، وإن رأى ذئبا تأول فيه المهابة والقدرة والحشمة. وقال بعض الشعوبية لابن الكلبي: لم سمت العرب أبناءها بكلب وأوس وأسد وما شاكلها، وسمت عبيدها بيسر وسعد ويمن؟ فقال وأحسن: لأنها سمت أبناءها لأعدائها، وسمت عبيدها لأنفسها» (فقه اللغة ص549).

ولا مجال للشك في أن المقصود من كلمة العرب التي تكررت هنا عدة مرات هو الأعراب البداة. (ب)

وكذلك نجد في كتاب الأمالي للقالي أبحاثا وفصولا كثيرة مشابهة لذلك مشابهة كبيرة، مثلا نقرأ في الجزء الثاني منه بحثا «عما سمع من العرب في لعل من اللغات». يشرح المؤلف في هذا البحث كيف أنهم يقولون «لعلي، ولعلني، ولعني، ولأني، ولوني.» ولا مجال للشك في أنه يريد بالعرب في هذا المقام «الأعراب بوجه خاص» (الأمالي، ج2، ص134). (ج)

كما أننا نجد في كتاب «القلب والإبدال» لابن السكيت أيضا شواهد عديدة على استعمال كلمة العرب على المنوال الذي ذكرناه آنفا، مثلا إنه يقول - نقلا عن أبي عبيدة: «العرب تقلب حروف المضاعف إلى الياء، فيقولون تظنيت، وإنما هو تظننت» (كتاب القلب والإبدال ص58). كما يقول - نقلا عن الأصمعي: «العرب تزيد الميم في أشياء، وقالوا رجل فسحم، إذا كان واسع الصدر، وهو من الانفساح، ورجل زرقم، إذا كان أزرق» (ص61). من الواضح الجلي أن القصد هنا من كلمة العرب هو «أعراب البادية»، لا سكنة المدن والأمصار. (د)

هذا وإننا نجد في «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» - تأليف ضياء الدين ابن الأثير - ما هو أصرح من كل ذلك، إذ قد جاء في الجزء الأول من هذا الكتاب ما يلي: «فإن قيل: إن ذلك البدوي كان له ذلك طبعا وخليقة، والله فطره عليه، كما فطر ضروب نوع الآدمي على فطر مختلفة هي لهم في نفس الخلقة.» «فالجواب على ذلك أني أقول: إن سلمت إليك أن الشعر والخطابة كانا للعرب بالطبع والفطرة، فماذا نقول في من جاء بعدهم من شاعر وخطيب، تحضروا وسكنوا البلاد، ولم يروا البادية ولا خلقوا بها، وقد أجادوا في تأليف النظم والشعر، وجاءوا بمعان كثيرة ما جاءت في شعر العرب ولا نطقوا بها؟!» (المثل السائر، ج1، ص310).

من البديهي أن هذه الفقرة - ولا سيما العبارات الأخيرة منها - تدل دلالة قطعية على أن المؤلف كان يميز شعر الحضر من شعر البدو تمييزا صريحا، ويوازن بينهما، وكان يستعمل كلمة العرب في كتاباته هذه بمعنى البدو فقط. (ه)

وقد كتب قدامة بن جعفر في كتابه (نقد النثر) ما يلي: «فأما العرب فإذا لحن الواحد منهم - لقربه من الحاضرة، ونزوله على طريق السابلة - سقطت عند أهل اللغة منزلته، ودفعت ورفضت لغته» (نقد النثر، ص123).

من الواضح أن مقصود قدامة من كلمة العرب هنا هو الأعراب البدويين، بدليل تعليل «لحن الواحد منهم»، و«بقربه من الحاضرة، ونزوله على طريق السابلة.» (و)

إننا نلاحظ آثار هذا الاستعمال حتى لدى لسان الدين ابن الخطيب أيضا، ينقل إلينا «المقري» في «نفح الطيب» رسالة وجهها لسان الدين إلى «شيخ العرب» مبارك بن إبراهيم، يخاطب فيها الكاتب «شيخ العرب» المذكور بقوله: «يا فارس العرب»، ثم يقول: «الحمد لله الذي جعل بيتك شهيرا، وجعلك على العرب أميرا»، كما يعود إلى مخاطبته بقوله: «يا أمير العرب وابن أمرائها»، ثم يقول: «جعل (الله) خيمتك في هذا المغرب على اتساعه واختلاف أشياعه مأمنا للخائف» (نفح الطيب، ج4، ص131).

Bog aan la aqoon