120

Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Noocyada

صار يشمل هذا المدلول من يسكن المدن والأمصار من غير أن يقطع صلاته بالبادية، وبتعبير آخر صار يشمل كل من يحافظ على نسبه بين البدو، ولو كان من سكنة الأمصار.

ثالثا:

صار يشمل مدلول كلمة العرب سكنة الأمصار أيضا، بقطع النظر عن صلاتهم بالبادية، أو رجوع نسبهم إلى البادية.

من البديهي أن التمييز بين العرب وبين الأعراب هو من ثمرات الطور الثالث الذي أشرنا إليه آنفا. (2)

ومما تجب ملاحظته أن هذا التطور لم يكن تاما ولا قاطعا؛ لأن الطور الأول لا يزال مستمرا في استعمال العوام، كما أن الطور الثاني قد ترك آثارا عميقة في الأدب أيضا.

فقد تعود الناس - في جميع البلاد العربية - استعمال كلمة العرب بمعنى البدوي والفلاح، فكثيرا ما نرى العوام يقولون: «ذهب إلى العرب» بمعنى «ذهب إلى البادية»، و«كان عند العرب» بمعنى «كان بين البدو»، كما نراهم يسمون الخيام التي يسكنها البدو باسم «بيوت عرب»، والأبسطة التي ينسجها البدو باسم «بساط عرب»، حتى إن الخواص أيضا كثيرا ما يشاركون العوام في مثل هذه التسميات والأقوال.

إن هذه العادة كانت قد لفتت نظري بوجه خاص في العراق، حينما كنت مديرا عاما للمعارف فيها، فقد لاحظت أن استعمال كلمة العرب بهذا المعنى كان متفشيا حتى في المدارس نفسها، وكان مسيطرا على أحاديث الطلاب والمعلمين على حد سواء؛ ولهذا السبب كنت أصدرت بلاغا عاما - بتاريخ 1 كانون الثاني 1924 - لفت أنظار جميع المديرين والمعلمين إلى هذا الأمر، وطلبت إليهم أن يبذلوا جهودهم «لإزالة هذا الغلط بكل ما لديهم من قوة ونشاط.»

إن اضطراري إلى إصدار مثل هذا البلاغ العام يدل دلالة واضحة على مبلغ الدهشة التي كانت قد اعترتني من مشاهدة تفشي هذا الاستعمال العامي بين التلاميذ والمعلمين.

ومن المعلوم أن هذه الحالة لم تكن خاصة بالعراق وحده، بل هي شاملة لسائر الأقطار العربية أيضا، ففي سورية مثلا كثيرا ما يقول العوام: «عربي» عوضا عن «بدوي»، كما يقولون: «الكل عند العرب صابون»، إشارة إلى بعض عادات الأعراب. وأما في مصر فإن استعمال كلمة «العرب» بمعنى «البدو» كان قد عم، حتى لغة القوانين والدواوين الرسمية أيضا. (3)

ومما يجب أن يسترعي الانتباه بوجه خاص، أن الكتب الأدبية واللغوية نفسها لم تتخلص من آثار «المعنى العامي» الذي ذكرناه آنفا تخلصا تاما.

Bog aan la aqoon