177

Diinta Aadanaha

دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني

Noocyada

قد يرى البعض أن نتائج مثل هذه التجارب لا تمت بصلة إلى حياتنا اليومية؛ لأن نتائجها لا تنطبق إلا على الجسيمات الدقيقة، وأن العالم من حولنا يبقى خاضعا، بهذا الشكل أو ذاك، إلى المبادئ التقليدية التي نعرفها. ولكن الحقيقة هي أن العالم الكبري يتألف من ذرات خاضعة إلى مبادئ الكم؛ ففي حفنة صغيرة من المادة العادية لا تزيد في حجمها عن السنتيمتر المكعب، هناك آلاف من مليارات من الذرات، وكلها تتفاعل وتتصادم ملايين المرات في الثانية. ولدى تفاعل جسيمين ذريين ثم انفصالهما، لا نستطيع اعتبار أي منهما كيانا حقيقيا مستقلا؛ لأن حقيقة كل منهما لا تنبع منه، بل من صيغة الترابط التي تجمعه إلى غيره؛ ذلك أن جميع الجمل الكمومية عبر الكون كله مترابطة معا لتشكل كلا غير قابل للتجزئة، هو المستوى الوحيد الذي يمكن لنا عنده التفكير بالحقيقة.

في عام 1964م، نشر الفيزيائي الأيرلندي ج. س. بيل

J.S. Bell

برهانا رياضيا عرف فيما بعد باسم نظرية بيل، التي اعتبرها البعض أهم عمل فردي في تاريخ الفيزياء. ولقد عمل بيل على تطوير نظريته خلال السنوات العشر التي تلت نشرها، حتى آلت إلى شكلها الناضج الحالي. والنظرية بناء رياضي شديد التعقيد، لا يمكن شرحه بعيدا عن لغة الرياضيات، ولكن إحدى أهم خلاصات برهانها هو أن الأجزاء المؤلفة للكون تلتقي مع بعضها عند المستوى الأساسي والعميق للوجود، وتتصل بطريقة مباشرة وكأنها تذوب في لجة لا تتمايز فيها الأشياء. كما تبرهن النظرية انطلاقا من صحة التنبؤات الإحصائية لنظرية الكم، أن العالم ليس كما يتبدى لنا، أو بالأحرى كما عودنا أنفسنا على رؤيته. ولا يقتصر زوغان العالم هذا على المستوى الصغري، بل يتعداه إلى المستوى الكبري؛ أي إن عالمنا اليومي بكل أحداثه ومجرياته لا يسير كما نظن أنه يسير. وقد أتبع بيل نظريته بتجربة ذهنية مشابهة لتجربة أينشتاين وروزين وبودولسكي، تم فيما بعد التحقق من نتائجها بالتجريب العملي عام 1972م، على يد الفيزيائيين

Clause

و

Freedman ، حيث أثبت هذان العالمان أن الجسيمات تتواصل مع بعضها بدون إشارة تنتقل بينهما. وقد كتب الفيزيائي هنري ستاب عن نظرية بيل يقول: «إن الشيء الهام في نظرية بيل هو نقلها للمشكلة التي تطرحها الظاهرة الكوانتية على المستوى الصغري إلى المستوى الكبري. وهي تظهر أن أفكارنا المعتادة عن الكون من حولنا قاصرة على المستوى الكبري قصورها على المستوى الصغري.»

18

ويقول أيضا: «إن الظاهرة الكوانتية تقدم بينة من الطراز الأول على أن المعلومات تنتقل بطريقة لا تمتثل للقواعد التقليدية ... إن كل ما عرفناه حتى الآن يقودنا إلى القول بأن العمليات الأساسية للطبيعة تقع خارج الزمان والمكان، ولكنها تولد حوادث متوضعة في الزمان والمكان.»

19

Bog aan la aqoon