عبقريات شتَّى تندرج في الأبواب السابقة
سموّ أخلاق الخلفاء الراشدين
ومما يُؤثَر في باب الخلق ما حدَّث به العُتبيُّ في إسناد ذكره قال: دعا طلحة بن عبيد الله أبا بكر وعمر وعثمانَ رَحْمةُ اللهِ عليهم، فأبطأَ الغلامُ - الخادم - عنه بشيءٍ أراده، فقال طلحةُ: يا غلام: فقال الغلام: لَبَّيك، فقال طلحةُ: لا لبَّيك؛ فقال أبو بكر: ما يسرُّني أنّي قُلتُها وأنّ ليَ الدُّنيا وما فيها، وقال عمر: ما يسرني أني قلتها وأنّ لي نِصفَ الدُّنيا، وقال عثمان: ما يسرّني أنّي قلتها وأن لي حُمْرَ النَّعَم؛ قال العُتبيُّ: وصمت أبو محمد - هو طلحة - فلما خرجوا من عنده باع ضيعةً بخمسةَ عشَرَ ألفَ دِرْهم، فتصدَّق بثمنها. . . فَهَل رأيْتَ أو سَمِعْتَ بمثل هذا الأدب العُلْوي الرَّبانيِّ! وأنت إذا نظرْتَ إلى هذا الحديث من أيّ أقطاره رأيتَ أدبًا باسقًا وخُلقًا ساميًا! فهذا الصِّدِّيق ﵁ يُنكر في كِياسَةٍ وأدبٍ قَوْلةَ