230

Ifka Lameega

الضوء اللامع

Daabacaha

منشورات دار مكتبة الحياة

Goobta Daabacaadda

بيروت

عَن قصد وَإِنَّمَا اتّفق أَنه جمع أوراق نظمه ثمَّ أفرد مِنْهَا مَا لَا يرتضيه ليغسله ففاجأه بعض أَصْحَابه فَقَامَ لتقيه وَأمر بعض من كَانَ عِنْده بِغسْل الأوراق الَّتِي عَن يَمِين مَجْلِسه فَاشْتَبَهَ الْأَمر عَلَيْهِ بِحَيْثُ غسل مَا كَانَ يحب بَقَاءَهُ فَلَمَّا عَاد سقط فِي يَده وَغسل الْبَاقِي وَأكْثر حِينَئِذٍ من النّظر فِي الْفِقْه والمداومة على الِاشْتِغَال بِهِ بل وَتردد إِلَى الشرواني للقسرة عَلَيْهِ لأجل بعض الرؤساء من أَصْحَابه فولع بِهِ جمَاعَة من الشبَّان وَنَحْوهم تلحينا وردا فَتحمل وتجرع كل مَكْرُوه من ذَلِك وَمَا وجد قَائِما يردعهم وَآل أَمرهم مَعَه إِلَى أَن أبرز مُصَنف ملقب بِجَامِع المارداني فِيهِ من الهجو وَنَحْوه مَا لَيْسَ بمرضي مِمَّا الْحَامِل عَلَيْهِ الْحَسَد وَهُوَ مَعَ ذَلِك يكابد ويتجلد وَلم يُقَابل أحدا مِنْهُم بنظم وَلَا نثر ثمَّ رام قطع هَذِه الْحَادِثَة)
فَأَنْشَأَ السّفر إِلَى الْحَج فحج وزار الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَعَاد فِي الْبَحْر فَأَقَامَ يَسِيرا وَصَارَ يتودد لأكْثر من أَشرت إِلَيْهِم ثمَّ رَجَعَ بعد صلَاته على الْعلم البُلْقِينِيّ إِلَى الْحَرَمَيْنِ فِي الْبَحْر أَيْضا وصحبته ميبرات لأهلهما فوصل الْمَدِينَة فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ فَأَقَامَ بهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى مَكَّة صحب الركب الشَّامي فحج ثمَّ عَاد إِلَيْهَا أَيْضا فَأَقَامَ بهَا إِلَى نصف شعْبَان من الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ رَجَعَ من الينبوع إِلَى مَكَّة فاستمر بهَا إِلَى ربيع الأول لسنة سبعين فَشهد المولد ثمَّ رَجَعَ فِي الْبَحْر إِلَى الْمَدِينَة أَيْضا فَأَقَامَ بهَا حَتَّى مَاتَ مبطونا فِي ثَالِث عشر شَوَّال من السّنة بعد أَن تعلل مُعظم رَمَضَان وَدفن بِالبَقِيعِ بَين السَّيِّد إِبْرَاهِيم وَالْإِمَام مَالك ﵄ وغبط بذلك كُله وتفرق النَّاس جهاته. وَكَانَ ﵀ فَاضلا بارعا ذكيا وجيها حسن المحاضرة والمفاكهة والمعاملة كثير التخيل كثير التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة مداوما على الضُّحَى والإكثار من الصّيام وَالْقِيَام والتلاوة مَعَ خضوع وخشوع متحرزا فِي أَلْفَاظه وتحسين عِبَارَته متأنقا فِي ملبسه ومشيته ومسكنه وخدمته وهيبته عطر الرَّائِحَة حسن الْعمة بهجة فِي أُمُوره كلهَا بارا بِكَثِير من الْفُقَهَاء والفقراء ساعيا فِي إِيصَال الْبر إِلَيْهِم حسن السفارة لَهُم وبغيرهم مِمَّن يَقْصِدهُ من جِيرَانه فَمن دونهم مَقْبُول الْكَلِمَة خُصُوصا عِنْد الزيني بن مزهر صَاحبه وَقد جر إِلَيْهِ خيرا كثيرا وَحصل لفقراء الْحَرَمَيْنِ بواسطته بر وَفضل، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فِي أَوَاخِر عمره حَسَنَة من حَسَنَات دهره، وَمِمَّا بَالغ فِي أذيته وتقبيح سيرته وطويته ورميه الدَّائِم بالعظائم البقاعي بِحَيْثُ قَالَ لي صَاحب التَّرْجَمَة قد عجزت عَن استرضائه ليكف كل ذَلِك لكَونه لما بلغه قَوْله فِي قصيدة وَمَا أنيسي إِلَّا السَّيْف فِي عنقِي قَالَ يسْتَحق مَعَ مُلَاحظَة كَون النَّاس استحسنوا

1 / 233