وَافقه على أَنه يَجْعَل الصوامع فِي رَحْله وَيظْهر أَنه سَارِق لم يجزع أَخُوهُ لما ظهر الصوامع فِي رحْلَة كَمَا جزع إخْوَته حَيْثُ لم يعلمُوا وَكثير من الشطار العيارين يمسكون ويصلبون وهم ثابتون صَابِرُونَ فَمَا بَال هَذَا يجزع الْجزع الْعَظِيم الَّذِي يصفونَ بِهِ الْمَسِيح وَهُوَ يَقْتَضِي غَايَة النَّقْص الْعَظِيم مَعَ دَعوَاهُم فِيهِ الإلهية
الْوَجْه السَّادِس
قَوْلهم إِنَّه كَلمته وروحه تنَاقض مِنْهُم لِأَن عِنْدهم أقنوم الْكَلِمَة فَقَط لَا أقنوم الْحَيَاة
الْوَجْه السَّابِع
قَوْلهم وَقد برهن بقوله رَأينَا أَيْضا فِي مَوضِع آخر قَائِلا إِن الله ألْقى كَلمته إِلَى مَرْيَم وَذَلِكَ حسب قَوْلنَا معشر النَّصَارَى إِن كلمة الله الخالقة الأزلية حلت فِي مَرْيَم واتحدت بِإِنْسَان كَامِل
فَيُقَال لَهُم أما قَول الله فِي الْقُرْآن فَهُوَ حق وَلَكِن ضللتم فِي تَأْوِيله كَمَا ضللتم فِي تَأْوِيل غَيره من كَلَام الْأَنْبِيَاء وَمَا بلغوه عَن الله وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى قَالَ ﴿إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم وجيها فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن المقربين ويكلم النَّاس فِي المهد وكهلا وَمن الصَّالِحين قَالَت رب أَنى يكون لي ولد وَلم يمسسني بشر قَالَ كَذَلِك الله يخلق مَا يَشَاء إِذا قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون﴾
فَفِي هَذَا الْكَلَام وُجُوه تبين أَنه مَخْلُوق لَيْسَ هُوَ مَا يَقُوله النَّصَارَى مِنْهَا أَنه قَالَ بِكَلِمَة مِنْهُ وَقَوله بِكَلِمَة مِنْهُ نكرَة فِي الْإِثْبَات يَقْتَضِي أَنه كلمة من كَلِمَات الله لَيْسَ هُوَ كَلَامه كُله كَمَا يَقُوله النَّصَارَى
وَمِنْهَا أَنه بَين مُرَاده بقوله بِكَلِمَة مِنْهُ وَأَنه مَخْلُوق حَيْثُ قَالَ ﴿كَذَلِك الله يخلق مَا يَشَاء إِذا قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون﴾
كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى ﴿إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون﴾
وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَة كهيعص ﴿ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون مَا كَانَ لله أَن يتَّخذ من ولد سُبْحَانَهُ إِذا قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون﴾
1 / 324