وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله ذَلِك قَوْلهم بأفواههم يضاهئون قَول الَّذين كفرُوا من قبل قَاتلهم الله أَنى يؤفكون﴾
وَقَالَ تَعَالَى ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم قل فَمن يملك من الله شَيْئا إِن أَرَادَ أَن يهْلك الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَأمه وَمن فِي الأَرْض جَمِيعًا﴾
الْوَجْه الثَّانِي
أَن مَا ذَكرُوهُ من مَوته قد بَينا أَن الله لم يذكر ذَلِك وَأَن الْمَسِيح لم يمت بعد وَمَا ذَكرُوهُ من أَنه صلب ناسوته دون لاهوته بَاطِل من وَجْهَيْن إِن ناسوته لم يصلب وَلَيْسَ فِيهِ لاهوت وهم ذكرُوا ذَلِك دَعْوَى مُجَرّدَة فَيَكْفِي فِي مقابلتها الْمَنْع
الْوَجْه الثَّالِث
وَلَكِن نقُول فِي الْوَجْه الثَّالِث إِنَّهُم فِي اتِّحَاد اللاهوت بالناسوت يشبهونه تَارَة باتحاد المَاء بِاللَّبنِ وَهَذَا تَشْبِيه اليعقوبية وَتارَة باتحاد النَّار بالحديد أَو النَّفس بالجسم وَهَذَا تَشْبِيه الملكانية وَغَيرهم
وَمَعْلُوم أَنه لَا يصل إِلَى المَاء إِلَّا وصل إِلَى اللَّبن فَإِنَّهُ لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر وَكَذَلِكَ النَّار الَّتِي فِي الْحَدِيد مَتى طرق الْحَدِيد أَو بَصق عَلَيْهِ لحق ذَلِك بالنَّار الَّتِي فِيهِ وَالْبدن إِذا ضرب وعذب لحق ألم الضَّرْب وَالْعَذَاب للنَّفس فَكَأَن حَقِيقَة تمثيلهم يَقْتَضِي أَن اللاهوت أَصَابَهُ مَا أصَاب الناسوت من إهانة الْيَهُود وتعذيبهم وإتلافهم لَهُ والصلب الَّذِي ادعوهُ
وَهَذَا لَازم على القَوْل بالاتحاد فَإِن الِاتِّحَاد لَو كَانَ مَا يُصِيب أَحدهمَا لَا يشركهُ الآخر فِيهِ لم يكن هُنَا اتِّحَاد بل تعدد
1 / 322