137

Dalil Wa Burhan

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Noocyada

إذا ولد عند أحدهم مولود ، مهما ترعرع وبلغ الحلم ، خطب عليه أبناء عمه ودفع له غنيمات وعنيزات ، يأخذها ويتمعش فيها ، ودخل بها تلعة من التلاع ، أو بقعة من البقاع ، لا جليس ولا أنيس إلا نفسه وغنيماته ، يرعاها نهارا ويحرسها من الذئب ليلا ، فدعاه عقله وحسبه ونسبه إلى استخراج مكارم الأخلاق فاستعملها ، ومذامها فاجتنبها ، وتمعط ممن رماه بالدنية ، وربما يناله فيمتنع منها ، وفي تلعته ليس معه إلا النجوم الساريات والرياح الجاريات ، ويهتز لمكارم الأخلاق إذا نسبت إليه ، ويتمعط من مذامها إذا عزيت إليه .

فتعلموا بطباعهم مطالع النجوم وأزمنتها وخواص منافعها عند طلوعها ، وسجعوا في ذلك أسجاعا ، إلى أن رتبوا في بلادهم أسواقا في المواضع التي يجتمعون فيها ، فتذكرون مآثر آبائهم ومناقب أجدادهم ومفاخر عشائرهم ، فيتفاخرون بها ، كذي المجاز وعكاظ ومجنة ، ويتحامون القبائح والرذائل لأجلها إذا اجتمعوا فيها ، ويتناشدون الأشعار ويحفظونها ، والخطب ويعونها ، وليس عندهم كتاب ولا سنة ولا شريعة ولا مصيغة ، لا يعلمون الكتاب إلا أماني ، أحفظ خلق الله لما سمعوا ، وأضبطهم لما استحفظوا ).

Bogga 63