فيه مشرفا ، (1) يركب بعضه بعضا (2) ركوبا متعسفا.
فأي عجب أعجب ، وأي دليل أقرب ، لمن استدل بحقيقة من الحقائق ، على ما نرى من الصنع في الخلائق ، (3) بين رؤية هذا وعيانه ، والعلم به وإيقانه.
وفي ذلك بعينه ، وفي دلالة تبيينه ، (4) ما يقول الله سبحانه : ( أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا ) [النمل : 61]. تذكيرا للمقرين بما يقرون ، (5) واحتجاجا على المنكرين بما لا ينكرون ، إلا بمكابرة وجحد لما يعرفون ، من صنع الحاجز بين البحرين ، وما بين لهم منه بأوضح التبيين.
ولصنع ذلك وبيان جعله ، وما ذكر الله معه من صنع مثله ، ما يقول سبحانه : أم من جعل ما لا تنكرون جعله ، وإن كنتم لا تعرفون الجاعل له ، وإذ (6) لا بد عندكم لكل مجعول من جاعله ، (7) وكما يعرفون ذلك ولا ينكرونه في كل مجعول وأمثاله ، فلا يشكون ولا يمترون ، في أن لكل ما ترون من ذلك وتبصرون ، جاعلا ببت (8) إيقانا ، وإن لم تروه عيانا.
فمن جاعل الحاجز بين البحرين وفاطره؟! ومدبر ما يرى من ذلك ومقدره؟ إلا من ليس له مثل ولا نظير ، ومن لا يلغبه (9) تدبير ولا تقدير ، كما قال سبحانه : ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) (38)
Bogga 282