فصادقة مع الشرطية وهو واضح لتوقف المشروط على الشرط ومع الركنية لأنه بترك جزء من الماهية تنتفي الماهية اهـ. إلا أنها إذا كانت للمصاحبة تشعر باعتبار وجوب استصحابها إلى الآخر لأنه الظاهر من المعية وهذا حال الشروط، بخلافها على الملابسة فإن هذا الإشعار منتف عندها، وقال الكازروني في «شرح الأربعين»: الباء فيه للاستعانة اهـ ثم قيل لا بد من تقدير مضاف للمحصور وهو المسند إليه فقدره الأكثرون بالصحة: أي: إنما صحة الأعمال بالنيات وقدره آخرون بالكمال وقالوا تقديره إنما كمال الأعمال وقد بينت دليل القولين ورد الثاني وتأييد القول الأول في «شرح الأذكار» والأقرب كما قال بعض المحققين وقال: إنه التحقيق أنه لا حاجة لتقدير في الخبر وليس في دلالة اقتضاء بل اللفظ باق على مدلوله من انتفاء الأعمال حقيقة بانتفاء النية لكن شرعًا إذ الكلام فيه، والتقدير إنما وجودها كائن بالنية فإذا انتفت انتفى العمل ونفي
الحقيقة إنما ينتفي بانتفاء شرطها أو ركنها فيفيد مذهبنا من وجوبها في كل عمل إلا ما قام الدليل على خروجه، والعام المخصوص حجة في غير ما خص منه اهـ. والنية بالتشديد مصدر أو اسم مصدر لغة: القصد. وشرعًا وهو المراد هنا خلافًا لبعض المحققين: قصد الشيء مقترنًا بفعله إلا في الصوم والزكاة للعسر، فإن تراخى الفعل سمي عزمًا، ثم هي بالجمع في هذه الرواية عند الشيخين.
قال الحافظ السيوطي في «التوشيح»: في معظم الروايات بالنية مفردًا قيل: ووجهه أن محلها القلب وهو متحد فناسب إفرادها بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر فناسب جمعها اهـ. وهذه حكمة للإفراد. وإلا فهو الأصل لأنها مصدر وجمعت في هذه الرواية باعتبار أنواعها من الوجوب تارة وغيره أخرى. (وإنما لكل امرىء ما نوى) الجملة السابقة لبيان أن الأعمال لا يعتد بها شرعًا إلا بالنية الموحدة لها، وهذه الحملة لبيان أن جزاء العامل على عمله بحسب نيته من خير أو شر، وبيان أن العمل لا يجزي إلا إن عينت نيته. قلت فتختص حينئذٍ بما يعتبر في نيته التعيين من نحو صلاة الفرض والنفل المرتب، أو تعم مطلق العبادة المعتبر فيها النية ويراد أن الذي له من عمله الموجود شرعًا بالنية هو ما قصده به من وجه الله سبحانه فيثاب أو الرياء للعباد فيمنع الثواب. وقيل مفاد هذه الجملة امتناع النيابة في النية الشامل لها الجملة الأولى، وصحة نية الولي عن الصبي والأجير عن المحجوج عنه لمعنى يخصه هو عدم تأهل المنوي عنه لها فيهما، وقيل هذه الجملة مؤكدة للأولى تنبيها على سر الإخلاص وفيه أن تنبيهها على ذلك يمنع إطلاق كونها مؤكدة فعلم سر تأخير هذه الجملة، أنهما متغايرتان وأنه لولا تعقيب تلك بهذه
1 / 54