264

Daliilka Icajiska

دلائل الإعجاز

Tifaftire

محمود محمد شاكر أبو فهر

Daabacaha

مطبعة المدني بالقاهرة

Lambarka Daabacaadda

الثالثة ١٤١٣هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

دار المدني بجدة

وذويهِ، مِن المُتعاطينَ لعلْمِ الشعرِ دُون عَمله، إنما يعلُم ذلك من دُفع في مَسْلك طريقِ الشعرِ إلى مُضَايِقه وانتهى إلى ضَروراته١.
٢٩٤ - وعن بعضِهم أنه قال: رآني البحتري ومعي دفترُ شعرٍ فقال: ما هذا؟ فقلتُ: شعرَ الشَّنفرى. فقال: وإلى أينَ تَمْضي؟ فقلتُ: إلى أبي العباس أقرؤه عليه. فقال: قد رأيتُ أَبا عبَّاسِكم هذا منذُ أيامٍ عندَ ابنِ ثَوَابة فما رأيتُه ناقدًا للشعرِ ولا مُميزًا للألفاظِ، ورأيتُه يَستجيد شيئًا ويُنشِدُه، وما هو بأَفضَلِ الشعر. فقلتُ له: أمَّا نَقْدُه وتَمييزُه فهذه صناعةٌ أُخرى، ولكنَّه أعرفُ الناس بإِعرابهِ وغَريبهِ، فما كان يُنْشِدُ؟ قالَ قولَ الحارثِ بنِ وَعْلَة:
قَومي هُمُ قَتلُوا أُمَيمَ أَخي ... فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبني سَهْمي
فلِئنْ عفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلًا ... ولئنْ سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي٢
فقلتُ: واللهِ ما أَنْشَد إلاَّ أحْسَن شعرٍ في أحسنِ معنًى ولفظٍ. وقال: أَين الشعرُ الذي فيهِ عُروقُ الذهبِ؟ فقلتُ: مثْلُ ماذا؟ فقالَ: مثلُ قولِ أبي ذؤَاب:
إن يَقْتُلوكَ فقَدْ ثَلَلْتَ عُروشَهُمْ ... بِعُتَيْبَةَ بنِ الحارثِ بِنِ شِهاب
بأَشَدِّهم كَلَبًا عَلَى أَعْدائِهِ ... وأعزهم فقدًا على الأصحاب٣

١ ستأتي في الفقرة رقم: ٣١٤.
٢ الشعر للحارث بن وعلة الذهلي، شرح الحماسة للتبريزي ١: ١٠٧، والمؤتلف والمختلف للآمي: ١٩٧، و"أميم"، متأذى "يا أميم"، مرخم، و"أوهنن"، من الوهن، وهو الضعف.
و"جللًا"، أي صفحت عن أمر جليل عظيم.
٣ الشعر لأبي ذؤاب ربيعة بن عبيد الأسدي، في المؤتلف والمختلف للآمدي: ١٢٦، والأمالي: ٢: ٧٢، والسمط: ٧٠٦، وفي روايته اختلاف. وكان في المطبوعة وحدها "على أعدائهم".

1 / 253