Dacwa Lil Falsafa
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
Noocyada
18
وديوجينيس لائيرتوس،
19
وسينزيوس، وستوبايوس. ويضم الباحث كل هذه النصوص إلى نص يامبليخوس وبردية أكسيرنكوس اللذين اعتمد عليهما «ديرنج» و«فلاشار»، وذلك دون أدنى مبرر مقنع يسوغ ضمها إليه أو بالأحرى حشرها فيه؛ فقد تكون نصوصا قريبة من أفكار الكتاب الأصلي، ولكن وضعها فيه أمر يثير التساؤل ولا يساعد على مزيد من الفهم والاقتناع.
ولا شك أن الحكم على مثل هذه المحاولات وترجيح إحداها على الأخرى أمر يستلزم إتقان اللغة الأصلية التي كتب بها أرسطو، والاطلاع الدقيق على تفاصيل مذهبه والمعرفة الحقيقية بتطور تفكيره، وهي أمور - لا أمر واحد! - لا يستطيع كاتب السطور أن يدعيها لنفسه. إن محاولته تقديم هذه الدعوة الملحة إلى الفلسفة لقارئه العربي ستظل أضعف هذه المحاولات وأكثرها تواضعا، وإن كانت هي كل ما استطاع تقديمه في حدود علمه وجهده، وندرة المراجع التي بين يديه! •••
وأخيرا فلا بد منذ ذكر بعض الملاحظات عن أسلوبي في تعريب النص والتعقيب عليه في الهوامش والتعليقات الملحقة به، والزيادات التي رأيت إضافتها إلى النص نفسه رغبة في المزيد من الوضوح.
لقد قرأت النص فأذهلتني الكنوز التي ينطوي عليها، وأعدت قراءته مرات قبل أن يتحرك في نفسي الدافع الملح لنقله إلى العربية. كنت في البداية أستبعد الفكرة لإشفاقي مما ستسببه من عناء، ولعلمي بأن معرفتي المتواضعة باللغة اليونانية لا تسمح لي بمواجهة النص ومشكلاته وتحدياته (وكنت قد تعلمت هذه اللغة قبل عشرين سنة ثم طحنتها مرارة الأيام!) ولكن حبي للنص وإعجابي بعظمة صاحبه لم يتركا لي فرصة للتردد، رحت أنقله وأراجع كل كلمة وكل سطر على الترجمة الألمانية الحديثة المواجهة له في الطبعة التي بين يدي، وإذا كان من حقي أن أقول بأنني استوعبت النص الأصلي - باستثناء عبارات قليلة أشرت إليها في الهامش - فإن من واجب الأمانة أن اعترف بأنه لولا الترجمة الألمانية التي قام بها الأستاذ «ديرنج» ما تأكدت من صحة عبارة واحدة نقلتها، ولا تجرأت أصلا على هذه المحاولة، ولهذا يطيب لي أن أسجل شكري وعرفاني بجهود هذا العالم الجليل؛ ففضله علي وعلى هذا الكتاب الذي بين يديك لا يمكن أن يجد الكلمات التي تفيه حقه.
وقد اعتمدت على شروح محقق النص وناشره، واستعنت بها على كتابة الهوامش والتعليقات، ولم أشأ أن أثقل على القارئ العربي بكلمات يونانية لم أجد داعيا للإكثار منها، فاكتفيت بالإشارة في الهامش لما وجدته ضروريا لا غنى عنه في التعرف على المصطلحات الأرسطية الأساسية، ولكني لم أستطع في نفس الوقت أن أهمل حاجة الباحث المتخصص في الفكر اليوناني عموما والفكر الأرسطي بوجه خاص إلى مزيد من التفاصيل، فأضفت التعليقات التي تجدها ملحقة بالنص، واعتمدت في جانبها الأكبر على تعليقات الناشر نفسه، مع إضافات يسيرة لا تقلل - بل تزيد - من امتناني له وعرفاني بفضله، وقد كان الإغراء بالمزيد من التفصيلات كبيرا، وكان من الممكن الرجوع إلى المصادر المشار إليها (وخصوصا محاورات أفلاطون وبالأخص الجمهورية) رغبة في المزيد من التعمق في جذور الفلسفة الأرسطية والتعرف إلى «الآباء» الذين ينحدر منهم نص هذا الكتاب وكثير من عباراته، ولكنني اقتصرت على التوسع - المحدود - في بعض الجوانب الهامة عن فلسفة أرسطو، حتى يخرج القارئ بتصور مجمل عن جذور شجرته وثمارها، ويرتبط هذا الكتاب في ذهنه بقدر الإمكان بالسياق العام لتفكير المعلم الأول وتطوره.
وقد دفعتني الرغبة في الوضوح والتيسير على القارئ أن أضع بين قوسين كلمات تربط بين عبارات أرسطو المعروفة بالتركيز المرهق والإيجاز الشديد، كما التزمت بالترقيم العلمي الذي وضعه الناشر المحقق لفقرات الكتاب، وهو تقليد متبع في سائر الطبعات المعتمدة لأرسطو وغيره من الكتاب الكلاسيكيين. ويهمني قبل كل شيء وبعد كل شيء أن يجد القارئ في هذا الكتاب - بجانب الفائدة العلمية الخالصة - شيئا من المتعة والبهجة العقلية التي أشاد بها المعلم الأول وأوشك أن يجعلها غاية الحياة على هذه الأرض، وأملي أن يخرج منه القارئ العربي وهو أقدر على التفلسف، أي على التفكير الكلي الحر الذي اشتدت حاجتنا إليه مع توالي المحن والآلام.
بداية كتاب دعوة للفلسفة
Bog aan la aqoon