Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Noocyada
الله (والمستضعفين) أي وفي سبيل الذين «1» استضعفهم الكفار بالتعذيب والأسر (من الرجال والنساء والولدان) الذين بمكة، فان المشركين منعوهم عن الهجرة وآذوهم وإنما خصهم بالذكر، لأن سبيل الله عام في كل خير، ولكن خلاصهم من أيدي الكفار «2» من أعظم الخير وأخصه، ووصفهم مدحا بقوله (الذين يقولون) داعين (ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم) أي التي ظلم (أهلها) بكفرهم وصدهم المسلمين عن الهجرة، وهي مكة، و«الظالم» وصف للقرية، إلا أنه مسند إلى أهلها، وذكر لإسناده إلى المذكر ولو قيل الظالمة أهلها جاز أيضا لا لتأنيث الموصوف ولكن لأن الأهل يذكر ويؤنث (واجعل لنا من لدنك) أي من عندك (وليا) أي مصلحا لأمورنا (واجعل لنا من لدنك نصيرا) [75] ينصرنا على أعدائنا، ففتحت مكة وولى النبي عليه السلام عليهم عتاب بن أسيد وكان ينصف المظلومين من الظالمين لدعائهم، فصاروا أعز من بها من الظلمة قبل ذلك.
[سورة النساء (4): آية 76]
الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا (76)
ثم مدح المقاتلين في سبيل الله وذم المقاتلين في سبيل الطاغوت فقال (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله) أي في طاعته وإعزاز الدين (والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) أي في طاعة «3» الشيطان، ثم حث المؤمنين على القتال بقوله (فقاتلوا) أيها المؤمنون (أولياء الشيطان) أي جنده وهم المشركون (إن كيد الشيطان) أي مكره «4» (كان ضعيفا) [76] أي واهنا لا يثبت للحق، وهذا كما يقال للحق دولة وللباطل حولة.
[سورة النساء (4): آية 77]
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا (77)
قوله (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) أي امنعوا «5» أيديكم عن القتال، نزل حين فرض عليهم القتال في المدينة، ثم امتنعوا عنه للجبانة وخوف الموت لا للشك في الدين «6»، قيل: إن أصحاب الرسول «7» عليه السلام حين كانوا بمكة استأذنوا في قتل كفار مكة سرا لتأذيهم منهم، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كفوا عن قتالهم فاني لم أومر بقتالهم، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فرض عليهم القتال، فكرهه بعضهم «8»، فقال تعالى ألم تنظر إلى الذين قيل لهم بمكة امتنعوا عن القتال (وأقيموا الصلاة) أي أتموها (وآتوا الزكاة) أي أعطوها إذا أوجب عليكم (فلما كتب) أي فرض (عليهم القتال) بالمدينة (إذا فريق منهم) «إذا» ظرف مكان للمفاجاءة، أي فبتلك الحضرة فريق من الذين، قيل لهم كفوا أيديكم (يخشون الناس) أي يخافون عذابهم (كخشية الله) أي كخوفهم من عذاب الله، ومحله النصب على الحال من الضمير في «يخشون»، قوله (أو أشد خشية) نصب، عطف على محل الكاف في «خشية الله» «9»، مشبهين بأهل خشية الله بل أشد خشية من أهل خشية الله، ف «أو» بمعنى بل، وقيل: بمعنى الواو «10»، ويجوز أن يكون فتحه جرا عطفا على مجرور الكاف، تقديره كخشية الله أو كأشد خشية، أي كخشية أشد خشية منها (وقالوا) عطف على «قيل لهم»، أي والذين قالوا (ربنا لم كتبت) أي فرضت (علينا القتال) مع الكفار (لو لا) أي هلا (أخرتنا إلى أجل قريب) حتى نموت بآجالنا، قيل: هم
Bogga 224