Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Noocyada
المنافقون «1»، وقيل: هم قوم لم يكن الإيمان راسبا محكما في قلوبهم «2» (قل) يا محمد لهم بيانا لفناء الدنيا (متاع الدنيا قليل) أي منفعتها قليلة لا تدوم (والآخرة خير) أي ثوابها أفضل (لمن اتقى) الشرك والمعصية (ولا تظلمون فتيلا) [77] بالتاء والياء «3»، أي لا ينقصون من ثواب أعمالكم مقدار ما يفتل بين الإصبعين من الوسخ أو مقدار ما يكون في شق النواة، فلا ترغبوا في الدنيا وارغبوا في الآخرة بالجهاد في سبيل الله وغيره من الخيرات ولا تخافوا من الموت، فانه غاية كل ساع.
[سورة النساء (4): آية 78]
أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا (78)
ثم أخبر تعالى أن الحذر لا ينجي من القدر بقوله (أينما تكونوا يدرككم الموت) المقدر بالأجل أو العذاب (ولو كنتم في بروج مشيدة) أي وإن كنتم في قصور عالية إلى السماء محكمة بالشيد، وهو الجص لا يصعد عليها بنو آدم، نزل حين تثاقلوا عن الخروج إلى الجهاد مخافة القتل «4»، ثم أخبر عن حال المنافقين بقوله (وإن تصبهم) أي المنافقين ومن جرى مجراهم (حسنة) أي خصب وغنيمة وظفر كيوم بدر (يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة) أي جدب وهزيمة كيوم أحد (يقولوا هذه من عندك) أي من شؤمك يا محمد كما حكي عن قوم موسى وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه (قل كل) أي كل شيء من الرخاء والشدة (من عند الله) لا قدرة لأحد غيره في قضائه وإيجاده، ثم قال تعجيبا من جهل هؤلاء القائلين بغير علم (فما لهؤلاء القوم) أي للمنافقين وأمثالهم (لا يكادون) أي لا يقربون (يفقهون حديثا) [78] أي ما يحدثهم ربهم من القرآن ليعلموا أن القابض والباسط هو الله لا غير، وكل يصدر عنه عن حكمة وصواب، وفيه دليل على وجوب الإجتهاد والعمل بالقياس.
[سورة النساء (4): آية 79]
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا (79)
ثم خاطب النبي عليه السلام وأراد غيره فقال (ما أصابك) أي الذي يصيبك (من حسنة) أي فتح وغنيمة (فمن الله) أي فمن فضله وإحسانه (وما أصابك من سيئة) أي من ضيق وهزيمة من العدو (فمن نفسك) أي بذنبك وكسب يدك وقضاء الله إياه عليك به، عن عائشة رضي الله عنها: «ما من مسلم يصيبه نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها العبد وحتى انقطاع شسع نعله إلا بذنب وما يعفو الله أكثر» «5»، ثم أشار إلى الإعراض عنهم بقوله (وأرسلناك للناس رسولا) مصدر بمعنى إرسالا أو حال مؤكدة، أي ذا رسالة، يعني ليس عليك إلا تبليغ الرسالة إليهم ليتبعوك فلا تنظر «6» إلى مقالتهم وفعلهم (وكفى بالله شهيدا) [79] أي شاهدا يشهد على أعمالهم.
[سورة النساء (4): آية 80]
من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80)
قوله (من يطع الرسول) فيما أمره (فقد أطاع الله) لأنه يدعوهم بأمره، نزل حين قال النبي عليه السلام:
من أطاعني فقد أطاع الله ومن أحبني فقد أحب الله» «7»، فقال بعض اليهود: إن محمدا لا يريد إلا أن نتخذه
Bogga 225