74

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤/١٩٩٣.

Goobta Daabacaadda

بيروت

اللَّهِ مَا تَرَى، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وبم تأمرني؟ قال: يا بني، والله أَعْلَمُ رَجُلا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ، إِلَّا رَجُلا بِنَصِيبِينَ [١] وَهُوَ فُلانٌ، فَالْحَقْ بِهِ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نَصِيبِينَ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ: إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ؟ يَا بُنَيَّ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ بَقِيَ أَحَدٌ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ إِلَّا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ [٢]، فَأْتِهِ فَإِنَّهُ على مثل ما نحن عليه، فإن أحببته فأته، فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، فأخرته خَبَرِي فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَ خَيْرِ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ، وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَتْ لِي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلانٍ فَأَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فلان ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى مَنْ تُوصِي بِي وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ آمُرُكَ أن تأتيه، ولكنه قد أظل زمان بني مَبْعُوثٍ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، مُهَاجَرُهُ إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى، يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أن تلحق بتلك البلاد فافعل، ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ الله أن أمكث. ثم مربي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارٌ، فَقُلْتُ لَهُمْ: احْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَأَعْطَيْتُمُوهَا وَحَمَلُونِي مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا وَادِيَ الْقُرَى ظَلَمُونِي، فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ فَكُنْتُ عِنْدَهُ، فَرَأَيْتُ النَّخْلَ. فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الْبَلْدَةَ الَّتِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، وَلَمْ يَحِقْ عِنْدِي، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ قدم عليه ابن عم به مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَابْتَاعَنِي مِنْهُ فَحَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي، فَأَقَمْتُ بِهَا وبعث رسول الله ﷺ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ، لا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لفي رأس عذق [٣]

[(١)] نصيبين: هي مدينة مشهورة بالجزيرة، منها كثير من العلماء (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٣/ ٦٧٦) . [(٢)] عمورية: من بلاد الروم، غزاها المعتصم. [(٣)] أي رأس النخلة.

1 / 77