73

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤/١٩٩٣.

Goobta Daabacaadda

بيروت

لَهُ: كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَخَيْرٌ مِنْ دِينِنَا، قَالَ: فَخَافَنِي، فَجَعَلَ فِي رِجْلِي قَيْدًا ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ، وَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى فَأَخْبَرُونِي، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ أَخْبَرُونِي بِهِمْ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي ثُمَّ قَدِمْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ عِلْمًا؟ قَالُوا: الأَسْقُفُّ [١] فِي الْكَنِيسَةِ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فَأَخْدُمَكَ فِي كَنِيسَتِكَ، وَأَتَعَلَّمَ مِنْ عِلْمِكَ، وَأُصَلِّيَ مَعَكَ، قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ، فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ثُمَّ مَاتَ وَاجْتَمَعَتِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ، قُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا، فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالُوا لِي: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ، فَأَرَيْتُهُمْ موضعه، فاستخرجوا سبع قلال مملؤة ذَهَبًا وَوَرِقًا [٢]، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللَّهِ لا نَدْفِنُهُ أَبَدًا، فَصَلَبُوهُ وَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ، وَجَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَأَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا وَلا أَرْغَبَ فِي الآخِرَةِ، وَلا أَدْأَبَ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ، فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ شَيْئًا قَبْلَهُ، فَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ: إِنِّي قَدْ كُنْتُ مَعَكَ وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا شَدِيدًا لَمْ أُحِبَّهُ شَيْئًا قَبْلَكَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنَ الأَمْرِ مَا تَرَى، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي، وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ، وَهُوَ فَلانٌ، وَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ، إِنَّ فُلَانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ، فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ: يَا فُلانُ إِنَّ فُلانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ، وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ، وَقَدْ حضرك من أمر

[(١)] الأسقف: رئيس من رؤساء النصارى فوق القسيس ودون المطران، والجمع: أساقف وأساقفة. [(٢)] الورق: الفضة، مضروبة كانت أو غير مضروبة.

1 / 76