تَعَلَّمَ عِلْمًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِى الآخِرَةِ يُرِيْدُ بِهِ غَرَضًا مِنْ دُنْيَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ] (٢٢) وقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [شِرَارُ النَّاسِ شِرَارُ العُلَمَاءِ] (٢٣). وكان الصحابة رضوان الله عليهم يُحَذِّرُونَ من العلماء الذين لا يعملون، فيقول الإمام عليٌّ ﵁: [يَا حَمَلَةَ العِلْمِ اعْمَلُواْ بِهِ فَإنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَوَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ، وَسَيَكُونُ أقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ وَلاَ يُجَاوِزُونَ تَرَاقِيْهِمْ يُخَالِفُ عِلْمُهُمْ عَمَلَهُمْ وَتُخَالِفُ سَرِيْرَتُهُمْ عَلاَنِيَتَهُمْ يَجْلِسُونَ حِلَقًا يُبَاهِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيَغْضَبُ عَلَى جَلِيْسِهِ أَنْ يَجْلُسَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ، أُوْلَئِكَ لاَ تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلَى اللهِ تَعَالَى] (٢٤).
فيجبُ أن تقصد حقيقة العلم بوصفها عبادةً لله تعالى، يجرى بها العمل في الدنيا فهي كما وصف رسول الله ﷺ بأنها أمَانَةٌ ووصف حاملَها أمِيْنٌ فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [الْعُلَمَاءُ أُمَنَاءُ الرُّسُلِ مَا لَمْ يُخَالِطوا السُّلْطَانَ وَيُدَاخِلُواْ الدُّنْيَا، فَإِذَا خَالَطُواْ السُّلْطَانَ وَدَاخَلُواْ الدُّنْيَا فَقَدْ خَانُواْ الرُّسُلَ فَاحْذَرُوهُمْ وَاخْشَوْهُمْ] (٢٥). وَفِي الْحَدِيْثِ [الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ]. فَيُرْجَى في طلب العلم تحصيل صفة الأمانة والأخذ من الوراثة، وهذا أمر يحتاج إلى تقصد العمل على الوجه الشرعي والعزم عليه.
_________
= وحكاه السيوطي في الجامع الصغير: ج ١ ص ٤٢ ونسبه إلى ابن عدي في الكامل.
والبيهقى في الشعب ورمز إلى ضعفه.
(٢٢) رواه أبو داود في السنن: كتاب العلم: باب في طلب العلم لغير الله تعالى: الحديث (٣٦٦٤).
(٢٣) حكاه الديلمى في الفردوس: الرقم (٣٦٥٢). أسنده الدارمي عن الأحوص بن حكيم عن أبيه، قال: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الشَّرِّ؟ فَقَالَ: [لَا تَسْأَلُونِي عَنِ الشَّرِّ وَاسْأَلُونِي عَنِ الْخَيْرِ] يَقُولُهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّ شَرَّ الشَّرِّ شِرَارُ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّ خَيْرَ الْخَيْرِ خِيَارُ الْعُلَمَاءِ]. ينظر: سنن الدارمي: المقدمة (٢٤): الرقم (٣٧٠).
(٢٤) رواه الدارمي في السنن: المقدمة (٢٤): الرقم (٣٨٢).
(٢٥) الحديث عن أنس وحذيفة أخرجه السيوطي في الجامع الصغير: باب العين ورمز له بالحسن: ج ٢ ص ١١٤. وله شواهد كثيرة ينظر: الديلمى: الفردوس بمأثور الخطاب: الرقم (٤٢١٠).
1 / 12