عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج
تأليف
سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد المعروف بـ «ابن النحوي» والمشهور بـ «ابن الملقن» (المتوفى ٨٠٤ هـ)
حققه وضبطه على أصوله وخرج حديثه وعلق عليه
عز الدين هشام بن عبد الكريم البدراني
دار الكتاب
Bog aan la aqoon
عُجَالَة الْمُحْتاجِ إلىَ توجِيهِ المِنْهَاجِ
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
دَار الْكتاب
للطباعة والنشر والتوزيع والدعاية والإعلان
الْأُرْدُن / إربد
شَارِع إيدون إِشَارَة الإسكان
تليفون: (٧٢٦١٦١٦ - ٢ - ٠٠٩٦٢)
فاكس: (٧٢٥٠٣٤٧ - ٢ - ٠٠٩٦٢)
ص. ب: (٦٢٠٣٤٧ - ٢١١)
E-mail: [email protected]
جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة للناشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
رقم الْإِيدَاع لَدَى دَائِرَة المكتبة الوطنية (١٦٠٧/ ٨ / ٢٠٠١)
٢٦١.١
عجا عجالة الْمُحْتَاج إِلَى تَوْجِيه الْمِنْهَاج / سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر بن عَليّ بن أَحْمد ابْن الملقن، تَحْقِيق هِشَام البدراني
إربك دَار الْكتاب، ٢٠٠١
(. . .) ص
ر. أ (١٦٠٧/ ٨ / ٢٠٠١)
الواصفات / الْفِقْه الإسلامي / الْفُقَهَاء الْمُسلمين / الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة /
تمّ إعداد بيانات الفهرسة والتصنيف الأولية من دَائِرَة المكتبة الوطنية
رقم الْإِجَازَة لدوائر المطبوعات والنشر (١٥٤٢/ ٨ / ٢٠٠١ م)
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة © ٢٠٠١ م.
لَا يسمح بِإِعَادَة نشر هَذَا الْكتاب أَو أَي جُزْء مِنْهُ بِأَيّ شكل من الأشكال أَو حفظه ونسخه فِي أَي نظام ميكانيكي أَو إلكتروني يمكّن من استرجاع الْكتاب أَو أَي جُزْء مِنْهُ.
وَلَا يُسمح باقتباس أَي جُزْء من الْكتاب أَو تَرْجَمته إِلَى أَي لُغَة أُخْرَى دون الْحُصُول على إِذن خطي مسبق من الناشر.
1 / 4
مُقَدِّمَةُ التَّحْقِيْقِ
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحِمْدُ للهِ فَهُوَ حَسْبِي وَكَفَى وَصَلّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
1 / 6
المُقَدِّمَة
أولًا: أهمِّيَّةُ دِرَاسَةِ الْفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ
١ - فِي بَيَانِ فَضْلِ دِرَاسَةِ الْفِقْهِ:
إِنَّ الْفِقْهَ مِنْ أَجَلِّ المعارفِ الإسلاميةِ وَأعْظَمِهَا تأثيرًا في حركة المجتمع وبناء الحضارة؛ وهو من أهم فروع الثقافة الإسلامية. لأن الثقافة الإسلامية هى المعرفة بالكتاب والسُّنَّة وما اسْتُمِدَّ منهما ووُضِعَ من أجْل فَهْمِهِمَا. وخُصَّ الفقهُ بميزة التأثير في حركة المجتمع، لأنه من أبرزِ ما تظهرُ فيه الأفكار المكونة للرأي العام وأعراف الناس، وهى الأفكار التي تتصل بوجهة النظر في الحياة والتي تعالج مشكلاتها، ويظهر ذلك جليًَّا في فكر المعتقد والدين، وفكر العمل والممارسة (الأحكام الشرعية). وَالْفِقْهُ: هو العلمُ بالأحكام الشرعية العمليَّة التي تمارسُ في الحياة وتوجه أعمال الإنسان بأنماط سلوكية في سياق حركة المجتمع، ويقوم هذا العلم على سببٍ وحيدٍ ووثيقٍ هو العقيدة الإسلامية.
وفضلًا عن أنَّ الاشتغال بالعلم ضرورةٌ بشريةٌ تقتضيها الطبائع السليمة؛ ويقتضيها نسقُ العيش في الحياة العامة للجماعة البشرية؛ ويحتمها الانتظام بنظام نسيج علاقات المجتمع؛ فإن الإسلام جعل الاشتغال بالعلم قضية يحمل مسؤوليتها الفرد في إطار التوجيه التربوي الجماعي، قال الله ﷿: ﴿وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا رَجُلَينِ أحَدُهُمَا أبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أيْنَمَا يُوَجِّهُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ
1 / 7
يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (١)، وقال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٢) وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (٣) وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (٤).
والفقهُ أخصُّ من العلم؛ لأنه ضربٌ منه؛ وهو العلمُ بالأحكامِ الشرعيةِ العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية؛ أي هو العلم بقصد مراد الشارع في الكتاب والسُّنة وما اسْتُمِدَّ منهما أو تفرع على أُصولهما. والعلم بقصد مراد الشارع هو الفهم للمراد الشرعي ووجه الإرادة في تنفيذ العمل بقصده وجوبًا أو ندبًا أو كراهةً أو حرمةً أو إباحةً. وهذا الفهمُ في كثير من المسائل يحتاج إلى العالم المستنبط؛ والمجتهد المتفكر؛ أو المقلد النابه؛ لهذا بيَّنت السُّنَّةُ القدرات الفردية في التعامل مع النصوص الشرعية وخَصَّتْهَا في منظومة التربية الجماعية؛ عن أبي موسى الأشعرى ﵁؛ قال: قال رسول الله ﷺ: [إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ. وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوْا. وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى؛ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِيْنِ اللهِ وَنَفَعَهُ اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ] (٥).
وفضلُ التَّفَقُّهِ في دِين اللهِ والتَّثَقُّفِ بثقافتهِ؛ منهُ فرضُ عَيْنٍ، وفرضُ كِفَايَةٍ.
فالعلمُ بما يلزم المسلمَ في حياته وتنظيم شؤونه الجماعية ولا يسعُهُ جهله، فرض عينٍ.
فعلى المسلم المكلف أن يتعلم من أمور الدين أسسًا وأصولًا وفروعًا ما يلزمه لسلامة
_________
(١) النحل / ٧٦.
(٢) الزمر / ٩.
(٣) طه / ١١٤.
(٤) المجادلة / ١١.
(٥) رواه البخاري في الصحيح: كتاب العلم: باب فضل من عَلِمَ وعَلَّمَ: الحديث (٧٩).
ومسلم في الصحيح: كتاب الفضائل: باب بيان مثل ما بعث النبي ﷺ من الهدى والعلم: الحديث (١٥/ ٢٢٨٢) واللفظ له.
1 / 8
إسلامه وصحة إيمانه بحيث لا يدخُلها النقصُ أو النقض. قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ (٦) وفي الحديث عن عليٍّ ﵁، قال: أن رسول الله ﷺ قال: [طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ أَنْ يَعْرِفَ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ وَالْحَرَامَ وَالْحُدُودَ وَالأحْكَامَ] (٧).
والرأيُ العامُّ عند العلماء أنهُ: (يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَعْرِفَ مَا يَحِلُّ لَهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلاَبسِ وَالفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالأمْوَالِ فَجَمِيْعُ هَذَا لاَ يَسَعُ أحَدًا جَهْلُهُ وَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يأخُذُوا فِي تَعَلمِ ذَلِكَ حَتىَّ يبلُغُوا الْحُلُمَ وَهُمْ مُسْلِمُونَ أوْ حِيْنَ يُسْلِمُونَ بَعْدَ بُلُوغِ الحُلُمِ، وَيَجْبُرُ الإِمَامُ (الْخَلِيفَةُ) أزْوَاجَ النِّسَاءِ وَسَادَاتِ الاِمَاءِ عَلَى تَعْلِيْمِهِنَّ مَا ذَكَرْنَا، وَفْرْضٌ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ النَّاسَ بِذَلِكَ وَيُرَتِّبَ أَقْوَامًا لِتَعْلِيْمِ الْجُهَّالِ وَيَفْرِضَ لَهُمُ الرِّزْقَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَيَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ تَعْلِيْمُ الْجَاهِلِ لِيَتَمَيَّزَ لَهُ الْحَقُّ مِنَ البَاطِلِ) (٨).
وعلى هذا فإنَّ الاشتغالَ بطلب العلم من أفضل الطاعات لأن طلبَهُ يقعُ بين الفرض والمندوب، وقد تظاهرت الآياتُ والأخبار والآثار وتطابقت الدلائل الصريحة وتوافقت على فضيلة العلم والحث على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه. قال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٩) وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (١٠) وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
_________
(٦) النساء / ٦٥.
(٧) رواه الطبراني في المعجم الصغير: الحديث (٦١). والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: ج ١ ص ٤٣ - ٤٤ وله ألفاظ عديدة. قال النووى: (إنه ضعيف -سندًا- وإن كان صحيحًا - معنى)، وقال المزنى: (هذا الحديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن) ورمز السيوطى في الجامع الصغير قال: (حسن).
(٨) قالهُ الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه: ج ٢ ص ٤٦.
(٩) الزمر / ٩.
(١٠) طه / ١١٤.
1 / 9
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (١١) وفي الأخبار عن رسول الله ﷺ قال: [الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيْهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا] (١٢) وقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيْهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانَ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ] (١٣).
ومن الآثار عن معاذ بن جبل ﵁ قال: (تَعَلَّمِ الْعِلْمَ، فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لَكَ حَسَنَةٌ وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيْحٌ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ) (١٤).
ولا يحصلُ العلمُ إلا بالعناية والملازمة والبحث والنصب والصبر على الطلب، وقد قصَّ الله تعالى قصة موسى ﵇ والرجل الصالح أنه قال: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ (١٥) وأنه قال لفتاه: ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ (١٦). والعلمُ معرفةٌ تتركَّزُ في الذهن على وجه التصديق أو التسليم الموجب للعمل، فتتطلب العناية لدقة الفكر وصواب المفاهيم حتى تأتى في بناء العقلية وتكوينها على وجه الإدراك السليم، وطلبه على هذا المقصد يحتاج المعلم والمربي مما
_________
(١١) المجادلة / ١١.
(١٢) أخرجه ابن ماجة في السنن: كتاب الزهد: باب مثل الدنيا: الحديث (٤١١٢) ولفظه [أَوْ عَالِمًا أو مُتَعَلِّمًا]. وأخرجه الدارمي عن عبد الله بن ضمرة عن كعب قال: [الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيْهَا إِلَّا مُتَعَلِّمٌ خَيْرًا وَمُعَلِّمُهُ]: الحديث (٣٢٢) من المقدمة (٣٢).
(١٣) الحديث عن أبى الدرداء: رواه أبو داود في السنن: كتاب العلم: باب الحث على طلب العلم: الحديث (٣٦٤١ و٣٦٤٢). والترمذي في الجامع الصحيح: كتاب العلم: باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة: الحديث (٢٦٨٢) وإسناده حسن.
(١٤) أصله موجود في الفقيه والمتفقه بسنده عن أبي هريرة ﵁ بلفظ مقارب: ج ١ ص ١٥.
(١٥) الكهف / ٦٩.
(١٦) الكهف / ٦٢.
1 / 10
يقتضي ملازمة العلماء والفقهاء، وتقصد ذات المعرفة بالنظر والتأمل وهو البحث عن فَهْمِ الصواب والرأي الراجح.
وبعدَ هذا، فإنَّ من أفضلِ ما يُستعان به على الطلب تقوى الله العظيم فإنه ﷿ يقول: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ (١٧) وتتأتى التقوى ها هنا بتقصد المعرفة التى توصل إلى عبادة الله حق العبادة، فيُرجى من الله ما يتوصل به إلى طاعته باقتفاء أثر النبي وألتماس إتباعه، فيقذف الله البصيرة في الأذهان بالذكرى قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (١٨).
ويجبُ على طالب العلم أن يُخْلِصَ النِّيَّةَ لله تعالى في طلبه، فإنه لا ينفع عمل لا نيَّة لفاعله. قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ] (١٩) ولقد قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٢٠).
ولقد حَذَّرَ رسولُ الله ﷺ من العلماء الذين لا يعملون بعلمهم فقال: [أَشَدُّ
النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عَالِمٌ لاَ يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ] (٢١) وقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [مَنْ
_________
(١٧) البقرة / ٢٨٢.
(١٨) الأعراف / ٢٠١.
(١٩) الحديث عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله ﷺ: [نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَعَمَلُ الْمُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ؛ وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ؛ فَإِذَا عَمِلَ الْمُؤْمِنُ عَمَلًا نَارَ فِي قَلْبِهِ نُورٌ] أخرجه الطبرانى في المعجم الكبير: ج ٦ ص ١٨٥: الحديث (٥٩٤٢). في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: كتاب الإيمان: باب نية المؤمن: ج ١ ص ٦١؛ قال الهيثمي: رجاله موثوقون إلا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي لم أرَ من ذكر له ترجمة. وقال في ج ١ ص ١٠٩: وفيه حاتم بن عباد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
(٢٠) هود / ١٥ - ١٦.
(٢١) في مختصر شرح الجامع الصغير؛ للمناوي: ج ١ ص: ٦٨ تحقيق مصطفى محمد عمارة؛ أشار المناوي والسيوطي إلى ضعفه. ينظر: الطبعة الأولى منه: دار إحياء الكتاب العربية. =
1 / 11
تَعَلَّمَ عِلْمًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِى الآخِرَةِ يُرِيْدُ بِهِ غَرَضًا مِنْ دُنْيَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ] (٢٢) وقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [شِرَارُ النَّاسِ شِرَارُ العُلَمَاءِ] (٢٣). وكان الصحابة رضوان الله عليهم يُحَذِّرُونَ من العلماء الذين لا يعملون، فيقول الإمام عليٌّ ﵁: [يَا حَمَلَةَ العِلْمِ اعْمَلُواْ بِهِ فَإنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَوَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ، وَسَيَكُونُ أقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ وَلاَ يُجَاوِزُونَ تَرَاقِيْهِمْ يُخَالِفُ عِلْمُهُمْ عَمَلَهُمْ وَتُخَالِفُ سَرِيْرَتُهُمْ عَلاَنِيَتَهُمْ يَجْلِسُونَ حِلَقًا يُبَاهِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيَغْضَبُ عَلَى جَلِيْسِهِ أَنْ يَجْلُسَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ، أُوْلَئِكَ لاَ تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلَى اللهِ تَعَالَى] (٢٤).
فيجبُ أن تقصد حقيقة العلم بوصفها عبادةً لله تعالى، يجرى بها العمل في الدنيا فهي كما وصف رسول الله ﷺ بأنها أمَانَةٌ ووصف حاملَها أمِيْنٌ فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [الْعُلَمَاءُ أُمَنَاءُ الرُّسُلِ مَا لَمْ يُخَالِطوا السُّلْطَانَ وَيُدَاخِلُواْ الدُّنْيَا، فَإِذَا خَالَطُواْ السُّلْطَانَ وَدَاخَلُواْ الدُّنْيَا فَقَدْ خَانُواْ الرُّسُلَ فَاحْذَرُوهُمْ وَاخْشَوْهُمْ] (٢٥). وَفِي الْحَدِيْثِ [الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ]. فَيُرْجَى في طلب العلم تحصيل صفة الأمانة والأخذ من الوراثة، وهذا أمر يحتاج إلى تقصد العمل على الوجه الشرعي والعزم عليه.
_________
= وحكاه السيوطي في الجامع الصغير: ج ١ ص ٤٢ ونسبه إلى ابن عدي في الكامل.
والبيهقى في الشعب ورمز إلى ضعفه.
(٢٢) رواه أبو داود في السنن: كتاب العلم: باب في طلب العلم لغير الله تعالى: الحديث (٣٦٦٤).
(٢٣) حكاه الديلمى في الفردوس: الرقم (٣٦٥٢). أسنده الدارمي عن الأحوص بن حكيم عن أبيه، قال: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الشَّرِّ؟ فَقَالَ: [لَا تَسْأَلُونِي عَنِ الشَّرِّ وَاسْأَلُونِي عَنِ الْخَيْرِ] يَقُولُهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّ شَرَّ الشَّرِّ شِرَارُ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّ خَيْرَ الْخَيْرِ خِيَارُ الْعُلَمَاءِ]. ينظر: سنن الدارمي: المقدمة (٢٤): الرقم (٣٧٠).
(٢٤) رواه الدارمي في السنن: المقدمة (٢٤): الرقم (٣٨٢).
(٢٥) الحديث عن أنس وحذيفة أخرجه السيوطي في الجامع الصغير: باب العين ورمز له بالحسن: ج ٢ ص ١١٤. وله شواهد كثيرة ينظر: الديلمى: الفردوس بمأثور الخطاب: الرقم (٤٢١٠).
1 / 12
وكان العلمُ في الصدر الأَوَّلِ والثاني في صدور الرجال، ثم انتقل إلى القراطيس وصارت مفاتحه في صدور الرجال، فلا بد لطالب العلم من معلم يفتح له ويطرق له. وقد قال بعض الحكماء: الْعِلْمُ يَفْتقِرُ إِلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءٍ مَتَى نَقَصَ مِنْهَا شَىْءٌ نَقَصَ مِنْ عِلْمِهِ بِقَدَرِ ذَلِكَ، وَهِيَ: ذِهْنٌ ثَاقِبٌ، وَشَهْوَةٌ بَاعِثةٌ، وَعُمُرٌ طَوِيْلٌ، وَجِدَّةٌ، وَأسْتَاذٌ. وَلَهُ خَمْسَةُ مَرَاتِبَ: أوَّلُهَا أَنْ تُنْصِتَ وَتَسْمَعَ، ثُمَّ أَنْ تَسألَ فتَفْهَمَ، ثُمَّ أَنْ تَحْفَظَ مَا تَفْهَمْ، ثُمَّ أَنْ تَعْمَلَ بِمَا تَعْلَمْ، ثُمَّ أَنْ تُعَلِّمَ مَا تَعْلَمْ.
وكما يجب على المتعلم التَعَلُّم، فكذلك يجب على العالم التعليم، قال الله ﷿: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ (٢٦)، ويُقرأ تُعَلِّمُون وتَعَلّمُون بمعنى تتعلمون فتجمع القراءات الثلاث العلم والتعلم والتعليم. وقال الله ﷿: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ (٢٧) وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ (٢٨).
هذا إيجازٌ في أدابٍ جامعة تعينُ فضل الفقه وطلب العلم.
٢ - فِي بَيَانِ أَنَّ دِرَاسَةَ الْفِقْهِ يُحَتِّمُهَا الإِيْمَانُ:
إِنَّ مُهِمُّةَ الرُّسُلِ الْبَلاَغُ عن رب العالمين بقصد معرفة مراد الله ﷿ من عباده على وجه معين هو سبيل الله؛ قال تعالى: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ (٢٩) وقال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ (٣٠)، وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا﴾ (٣١) وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ (٣٢).
_________
(٢٦) آل عمران / ٧٩.
(٢٧) آل عمران / ١٨٧.
(٢٨) البقرة / ١٥٩.
(٢٩) النحل / ٣٥.
(٣٠) النساء / ١٦٥.
(٣١) القصص / ٥٩.
(٣٢) الإسراء / ١٥.
1 / 13
ومُهِمَّةُ النَّاسِ طاعة الرسل قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (٣٣) وكان سيدنا الرسول مُحَمَّد ﷺ خاتم الأنبياء والرسل، وأمر الله الناس باتباعه قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ (٣٤) وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٣٥) وقال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (٣٦).
ويحصلُ الاتباعُ بالطاعةِ قال تعالى: (﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ (٣٧) وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ (٣٨) وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ (٣٩).
أما الطريقةُ في الاتباع فذلك بالاستقامة على الأمر قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا﴾ (٤٠) وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٤١) وعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: [خَطَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيْلُ اللهِ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِنِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَقَالَ: هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبيْلِ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، وَقَرَأ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾] (٤٢).
ويأتي تنفيذُ هذه الطريقة بالحاكمية لشرع الله ﷿ في كل أمر قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ
_________
(٣٣) النساء / ٦٥.
(٣٤) الأعراف / ١٥٦ - ١٥٧.
(٣٥) الجاثية / ١٨.
(٣٦) الأعراف / ١٥٨.
(٣٧) الأنفال / ٢٠.
(٣٨) الأنفال / ٢٤.
(٣٩) النور / ٥٤.
(٤٠) هود / ١١٢.
(٤١) الأنعام / ١٥٣.
(٤٢) رواه ابن ماجه في السنن: المقدمة: باب إتباع سنة رسول الله ﷺ: الحديث (١١) عن جابر بن عبد الله. والدارمي في السنن: المقدمة: باب في كراهية أخذ الرأي: الحديث (٢٠٢) عن عبد الله بن مسعود. وأحمد بن حنبل في المسند: ج ٣ ص ٣٩٧ عن جابر
بن عبد الله. والآية ١٥٣ من سورة الأنعام.
1 / 14
حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (٤٣) وليس هذا فحسب؛ بل لابد من أن يكون
التسليم لهذه الحاكمية باستجابة تامَّة قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ (٤٤).
ولقد أدركَ المسلمونَ هذه المعاني الإيمانية، واعتقدوا أن حياتهم إنما هي من أجل الإسلام؛ وأن وجودهم إنما هو من أجل تطبيق دين الله في الأرض وإنقاذ العالم البشري من ضيق الجاهلية وظلام الوثنية وشقاء الملل والنحل الشركية، وإخراجه إلى فسحة الإسلام ونور الإيمان وسعادة المفاهيم الإسلامية. فآمنوا أن الإسلام وحدَهُ سرُّ وجودهم وأساس وحدتهم وسبب نهضتهم، وأنه وحده عزهم ومجدهم ورجاؤهم، فإيمانهم بالإسلام مَلَكَ عليهم نفوسهم وعقولهم، فأخلصوا له وأقبلوا عليه يدرسونه ويفهمونه؛ كيف لا وهُم سلف تَمَثَّلَ سلوك القدوة من الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا، فالصحابة القدوة ضربوا المثال في مسالك هذا الدين، وخلف من بعدهم سلف من التابعين وتابعيهم حتى تجسد في تاريخ أمة الإسلام أعلام شوامخ من العلماء العاملين، والفقهاء المجاهدين، الذين أدركوا أن الإسلام فكر اعتقاد، وشريعة ممارسة وعمل وجهاد.
ولم تكن ثمَّةَ مشكلة في العصر الأوَّل بعد رسول الله ﷺ، عصر الصحابة؛ على
مستوى الفكر والمعتقد والفقه، لأن المثال الشاهد على الرسالة ظاهر، وبه يقتدى، ومن خلاله يتوصل إلى معرفة الإسلام تفكرًا وتطبيقًا. قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ
_________
(٤٣) النساء / ٦٥.
(٤٤) الأحزاب / ٣٦.
1 / 15
الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ (٤٥) وعن أبي موسى ﵁؛ قال: قال رسول الله ﷺ: [النُّجُومُ أَمَنَةُ السَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةُ أَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةُ أُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَتْ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ] (٤٦).
٣ - فِي بَيَانِ أَنَّ دِرَاسَةِ الْفِقهِ يُحَتِّمُهَا الْعَمَلُ:
قال الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ (٤٧). عن ابن عباس ﵄ قال: (كُونُواْ رَبَّانِيِّيْنَ حُكَمَاءَ فُقَهَاءَ) (٤٨). وعن معاوية أن رسول الله ﷺ قال: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالْفِقْهُ بِالتَّفَقُّهِ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ وَإِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ وَلَنْ تَزَالَ أُمَّةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِيْنَ عَلَى النَّاسِ لَا يُبَالُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ] (٤٩).
وكانَ الصحابةُ رضوان الله عليهم المثال الصادق والقدوة الحسنة لِلرَّبَّانِيِّيْنَ والحواريين والأحبار والمستنبطين والعاملين، وكانوا في غالبهم عربًا؛ وكانت العربية
_________
(٤٥) الفتح / ٢٩.
(٤٦) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٣٩٩. ومسلم في الصحيح: فضائل الصحابة: باب أن بقاء النبي ﷺ أمان لأصحابه وبقاء أصحابه أمان لأمته: الحديث (٢٠٧/ ٢٥٣١).
(٤٧) آل عمران / ٧٩.
(٤٨) رواه البخاري تعليقًا في الصحيح: كتاب العلم: باب العلم قبل القول والعمل: حديث الباب. في الشرح قال ابن حجر: هذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضًا بإسناد حسن والخطيب بإسناد آخر حسن.
(٤٩) رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه: بسنده إلى معاوية بن أبى سفيان: ج ١ ص ٥ - ٦ وأصله
عند البخاري في الصحيح: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب قول النبي ﷺ: الحديث (٧٣١٢) ومسلم في الصحيح: كتاب الإمارة: الحديث (١٧٥/ ١٠٣٧).
1 / 16
من أحدهم سجيةَ لسانٍ؛ وسليقة إدراك، وتفكر استنباط، وكانوا علماء محيطين إحاطة تامة بلسان العرب ومعهودهم من القول والعمل، يكمِّلُ بعضهم بعضًا.
وكانوا ملازمين لرسول الله ﷺ. فكان القرآن ينزلُ وهم مع الرسول. ويُبَيِّنُ
الرسولُ لهم حكم الله على مرأى ومسمع منهم. وبهذا صاروا علماء بالشريعة محيطين بها فضلًا عن علمهم بالعربية. فحين كانت تَرِدُ المسألة أو تجري أمامَهُم الواقعة التي تحتاج إلى بيان حكم الله فيها، بينوا حكم الله فيها، بما علموه من رسول الله ﷺ نصًا أو فقهًا، ويظهر ذلك بإعطاء رأيهم الذي يقتضيه ظاهر النص تبليغًا؛ أو يستنبطوه من النص ضرورة أو يأخذوه من معقول النص حسب معهودهم في عصر النزول.
وكان الصحابةُ رضوان الله عليهم يقتصرون في إعطاء الرأي جوابًا على المسائل أو بيانًا للأحداث وحلولًا للمشاكل؛ دون بيان الدليل غالبًا، ما لم يكن الأمر يرجع إلى النص مباشرة، أو يقتضيه البيان. وبهذا نقلت فتاوى الصحابة بشكل آراء لهم.
وهذا ما حمل البعض من الناس أن يفسر سلوك الصحابة في الفتوى على أنهم يعطون رأيهم الشخصي في القضايا. والحقيقة أن الصحابة كانوا مجتهدين يعطون الحكم الشرعى الذي استنبطوه بما علموه من الوحي وفهموه من رسول الله ﷺ من الكتاب والسنة، ولكنهم إن لم يُسْأَلُوا عن الدليل اكتفوا بالجواب، ولهذا لم يشفعوا أجوبتهم بالأدلة، أو لم يبيِّنُوا علَّة الحكم أو دليل العلَّة لعامة الناس. أما لطلاب العلم فإنه نقل عنهم كل المأثور مع الدليل غالبًا.
هذه الحالُ أدَّتْ عند العامَّة إلى إبهام أن هذا الرأي للصحابي من عنده، وتصوَّرَ البعضُ أنه يجوز إعطاء الإنسان رأيه في القضية ما دام عقله مشبَّعًا بحبِّ الإسلام أو نصوصه وعارفًا بالعربية.
ولَمَّا طَرَأتِ العجمةُ في لسان الناس وفسد ذوقُهُم في التعامل مع اللسان العربى، صارت العربية تُتعلم قواعد لضبط أقوالهم ومعاملاتهم.
1 / 17
ولَمَّا تَسَرَّبَ الكذبُ إلى الرواة ورويت أحاديث عن الرسول ﷺ لم يقلها، ظهر
تقصُّد تسمية الرجال، رِجَالِ السَّنَدِ، والنظر فيهم بحثًا وتقييمًا بالجرح والتعديل؛ وصار الحديث فَنًّا يُتَعَلَّمُ بأصول. ولذلك صار استنباط الأحكام يحتاج إلى معرفة بالنصوص الشرعية واللغة العربية، فصار لا بد من أن يقرن الحكم الشرعي بدليله أو يصحب معهما بوجه الاستدلال. فانبرى العلماء المخلصون، والفقهاء الواعون إلى هذا الأمر فصنفوا الكتب لحفظ الدين. فبدأ الفقهُ يتكوَّنُ تكوينًا جديدًا في البحث، ويرتَّبُ ترتيبًا خاصًا في التبويب. وعلى اختلاف الأساليب في تبويبه وترتيبه. فنجد
أن الإمام مالك صنف الموطأ على تبويب الأحكام وجعل فيه الأدلة من الأحاديث والآثار وموقوفات الصحابة حين يبدي رأيه في المسألة جوابًا أو بيانًا. ونجد الشافعي على منهاجه وأضاف وجه الاستدلال ومناقشة الرأي المقابل أو المحتمل كما فعل في الرسالة والأُمِّ. ونجد بعضهم رتب المسانيد على أسماء الرجال كما فعل الإمام أحمد في المسند وقبله الإمام أبو حنيفة في مسنده، ثم عمرت المكتبة الإسلامية بمئات الألوف من المؤلفات في الفقه والحديث والتفسير بأساليب متنوعة من التبويب والعرض.
وكانت عنايةُ العلماء فائقةٌ في الفقه، إذ جعلوا آراء الأئمة الأعلام في الفقه واستنباطاتهم في مدونات كبرى مرتبة ومبوَّبة ثم عملوا على إيجازها بما يُسَهِّلُ الحفظ، وتفنَّنُواْ في تطويرها بما يخدم طلاب العلم وبما ينتج منهم علماء معلمين، وقادة سياسيين، وجنود محاربين وقضاة عادلين. فعملوا على شرح الغامض، وإثبات الأدلة لما أبهم دليله، ووضعوا المتون للمذاهب على حسب ضرورة الدارس وأهليته في طلب العلم. واعتنوا بآراء الخلاف وكيفية التعامل معها، بما يسهل للباحث المعاصر الوصول إلى قواعد أكثر ضبطًا للرأي المكوّن في جميع العصور، سيما عصرنا المتخلف عن تقدم سلف الأمة من الفقهاء والمحدثين والمفسرين.
ويجب أن لا ننسى محاولة الكفار بعد أن نجحوا في غزو المسلمين بعد منتصف القرن الثامن عشر الميلادي في أخذهم بإفشاء الفاحش من الرأى الذى يغالط أذهان العامة من المسلمين في ضرورة دراسة العلوم الشرعية، سيما منها الفقه على وجه
1 / 18
الخصوص، وهم يحاولون تكريه المسلم بكتب الفقه الإسلامي كما يكرِّهُ السفسطائي الناس بالعسل حين يقول لهم عنه أنه خرء الذباب. فقد اتهم الكفار الفقه الإسلامي بأنه متأثر بالفقه الروماني العتيق، وأن الفقه الإسلامي يعانى من مشكلات العصر وضعفه أمام التحديات؛ فالكافر ما زال في محاولاته أن يضع الفقه الإسلامي في إطار أسود حتى يُعرض عنه المسلمون.
واعلم أخى، أنه إذا أعْرَضَ المسلمون عن الفقه، فقد أعرضوا عن معرفة أحكام الإسلام، ووقعوا في الجهل في دين الله لا محالة. وهذا ما حصل بالفعل. ولم يكتف الكافر بهذا النجاح الثاني، بل يحاول أن يضع صياغات منهحية عقلانية أو آرائية ومصلحية لاستنباطات الفقهاء وتأصيل القواعد عند علماء الأُصول، وهذه هى المحاولة الثالثة بعد الغزو لبلاد المسلمين، ومحاولة التعريض بالفقه الإسلامي. لهذا كان لا بُدَّ من التَّصَدِّي لهذا الهجوم الفكري والثقافي، بِحَثِّ المسلمين على الإقبال على دراسة الفقه من منابعه الصافية، بطريقة الدرس المركز في حلقاته وبين أيدي علماء مخلصين واعين وتحتَ أفواههم. وذلك بأن تكون الدراسة في أمهات كتب الفقه المعتبرة.
ومنها الكتاب الذي هو موضوع دراستنا إن شاء الله، وغيرهُ كثيرٌ، على أن تُخَرَّجَ بطريقة علمية رصينة تحافظ على المضمون الفكري والرأي المذهبي المعين بوصفه أمانة علمية قابلة لإنماء العقلية الإسلامية المعاصرة بطريقة صحيحة لا بطريقة أهل الجرأة على دين الله من المارقين الجاهلين وغير الواعين. وكذلك لا بطريقة الجامدين على الرأي المذهبي مع توفر الدليل الأقوى والاستدلال الأرجح في المسألة؛ وإنما المقصودُ أن يتوصل إلى الرأي الصواب بطريقة الاجتهاد الصحيح عند من هو أهلٌ له.
1 / 19
ثَانِيًا: أَهَمِّيَّةُ كِتَابُ (عُجَالَةُ المُحْتَاجِ إِلَى تَوْجِيهِ المِنْهَاجِ)
١ - فِي بَيَانِ أَهَمِّيَّةِ الكِتَابِ:
حرصَ سلفُنا الصالحُ على امتثال ما أمروا به من طاعة الله ورسوله؛ وعقلوا ما وعظوا به عن الله ﷿؛ فنظَّموا أوقاتهم واستفرغوا جهدَهم، وأنفقُوا أموالهم في حفظ هذا الدين وخدمته؛ وناضلوا عن كلام الله ﷿ وسُنَّة رسول الله ﷺ أصدق المناضلة والكفاح. وفي الحديث عن أَبِي عُتْبَةَ الْخُولاَنِيِّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: [إِنَّ -وَفِي لَفْظٍ- لاَ يَزَالُ الله يَغْرِسُ فِى هَذَا الدِّيْنِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] (٥٠). وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: [إِنَّ الله يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِيْنَهَا] (٥١). وقال الإمام أحمد: (إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرًا، قلت فيها بقول الشافعيِّ، لأنه ذكر في الخبر عن النبي ﷺ: [إِنَّ الله يُقَيِّضُ فِى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ السُّنَنَ وَيَنْفِي عَنِ النَّبِيِّ ﷺ الْكَذِبَ] فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المئين الشَّافِعيُّ) (٥٢).
_________
(٥٠) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٢٠٠. وابن ماجه في السنن: المقدمة: الحديث (٨). وإسناده حسن إن شاء الله.
(٥١) رواه أبو داود في السنن: كتاب الملاحم؛ باب ما يذكر في القرن المائة: الحديث (٤٢٩١). في المقاصد الحسنة: الحديث (١٣٧)؛ قال السخاوي عن سند الحديث كما أخرجه أبو داود: أخرجه الطبراني في الأوسط وسنده صحيح ورجاله ثقات.
(٥٢) رواه السيوطي في الدر المنثور: ج ١ ص ٧٦٨؛ وقال: أخرجه البيهقي في المدخل =
1 / 20
قال السخاوي: (قالَ العمادُ بن كثير: وقد ادَّعَى كلُّ قوم في إمامهم، أنه المراد في الحديث، والظاهر والله أعلم: أنه يعم حملة العلم من كل طائفة وكل صنف من أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين، إلى غير ذلك من الأصناف. والله اعلم) (٥٣).
وكان من هؤلاء إن شاء الله الإمام ابن النحوي المشهور بِابْنِ المُلَقِّنِ المتوفى سنة (٨٠٤) من الهجرة. الذى كان علمًا من أعلام الفقه والحديث والتاريخ في القرن الثامن من الهجرة (وَكَانَ أُمَّةً فِى كَثْرَةِ التَّصَانِيْفِ، شَهِدَ لَهُ المُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ) (٥٤). وكتابه (عُجَالَةُ الْمُحْتَاجِ إِلَى تَوْجِيْهِ الْمِنْهَاجِ) الذى نقدم له، واحدٌ من أهم كتبه بل من أهم كتب شروح المنهاج.
أما أهمية الكتاب فإنها تأتي من أمور عديدة نذكر منها بإيجاز:
أوَّلًا: موضوع الكتاب: وهو شرح لألفاظ المنهاج (مِنْهَاجِ الطَّالِبِيْنَ) للإمام النووي ﵀؛ مدلل بتوحيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسُّنَّةِ، ومعضَّدٌ بأقوال العلماء من المذهب ومقارنًا في بعضها بآراء المذاهب الأخرى كما أشار في المقدمة. بما يخدم وضوح الرأي في المسألة؛ محاولًا به الشارح أن يعين المبتدئ في مرحلة الاقتصاد العلمى إلى ما يوصلهُ إلى دقة الفكر ووضوح الفهم معززًا بالأدلة ووجوه الاستدلال غالبًا.
ثَانيًا: وتأتي أهمية الكتاب من جهة متن الشرح فهو شرحٌ لمنهاج الطالبين للإمام النووي وهو مَن الشهرة. بمكان، أن صار عَلَمًا في المذهب من ناحيته بوصفه متنًا سهلًا ميسورًا لطلاب العلم، ومن ناحية الثقة. بمصنفه الإمام النووى.
_________
والخطب من طريق أبي بكر المروزي. وفي المقاصد الحسنة: الحديث (٢٣٨)؛ قال السخاوى: روينا في المدخل للبيهقي بإسناده إلى الإمام أحمد.
(٥٣) المقاصد الحسنة للسخاوي: في التعليق الحديث (٢٣٨).
(٥٤) قاله عبد الله بن سعاف الحيانى في مقدمة تحقيق كتاب تحفة المحتاج إلي أدلة المنهاج لابن الملقن: ج ١ ص ٩.
1 / 21