تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ الآية [النور: ٥٤]. وقال: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٨]. والله تعالى أعلم.
٢ - (ومنها): ما كان عليه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من شدة الاتباع للنبيّ ﷺ، فكان معروفًا بذلك، فروى ابن وهب، عن مالك، عمن حدثه أن ابن عمر كان يتبع أمر رسول الله ﷺ، وآثاره، وحاله، ويهتمّ به، حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك. وعن خارجة بن مصعب، عن موسى بن عقبة، عن نافع، قال: لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع رسول الله ﷺ، لقلت: هذا مجنون. وعن عبد الله بن عمر، عن نافع، أن ابن عمر كان يتّبع آثار رسول الله ﷺ كلّ مكان صلّى فيه، حتى إن النبيّ ﷺ نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة، فيصبّ في أصلها الماء؛ لكيلا تيبس. وقال نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "لو تركنا هذا الباب للنساء"، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات (١). ذكر هذا كله الذهبيّ في "السير" (٢).
وأخرج الترمذيّ من طريق صالح بن كيسان، عن ابن شهاب أن سالم بن عبد الله حدثه، أنه سمع رجلا من أهل الشام، وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج؟ فقال عبد الله بن عمر: هي حلال، فقال الشامي: إن أباك قد نهى عنها، فقال عبد الله بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها، وصنعها رسول الله ﷺ، أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله ﷺ؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله ﷺ، فقال: لقد صنعها رسول الله ﷺ.
قال السنديّ رحمه الله تعالى معلقًا على هذا الحديث: ما نصّه: فانظر إلى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كيف خالف أباه مع علمه بأن أباه قد بلغه الحديث، وأنه لا يخالفه إلا بدليل هو أقوى منه عنده، ومع ذلك فقد أفتى بخلاف قول أبيه، وقال: إن قول أبيه