الحمام وعنده ضعف شديد، فمات في الحمام يوم السبت بعد الظهر ثامن (^١) ربيع الآخر، ويقال إن ذلك بإشارة بعض أهل الدولة على الطبيب؛ استعجالًا لموته.
وفي عيون المعارف (^٢): أن الأمير يَزْدَن (^٣) دخل الحمام وداس على بطنه فمات.
وفي المرآة (^٤): وكان مرض، فلما اشتد مرضه اتفق بعض الأمراء الأكابر وأستاداره (^٥) مع طبيبه أنه يصف له صفة يكون فيها حتفه، فوصف له دخول الحمام، فدخل، وأغلق عليه بابها، فمات، وأظهروا وفاته للناس.
وفي المرآة (^٦) مرض في ربيع الآخر أيامًا، فاحمر الأفق، وما زالت الحمرة على الحيطان، وشعاعها متصل بالسماء حتى مات.
وكان قد فوض أمور العساكر إلى قطب الدين قيماز مملوكه، فأظهر الاستبداد بالأمر، وبلغه أن قيماز يجتمع بالأمير أبي محمد الحسن بن المستنجد، المستضيء، وأن بينهما مراسلات، فتغير على قيماز.
ومرض المستنجد، وكان وزيره ابن البلدي (^٧) قد اطلع على الحال، فأخبر المستنجد، فأمره بالقبض عليهما، وخاف قيماز وكان له طبيب يقال له ابن صفية، فخلا به قيماز، فقال: خلصنا منه وإلا قتلتك. فقال: به حمى محرقة، وليس عليه أضر من الحمام، فدخل عليه قيماز وهو في فراشه، فقال: قد وصف لك ابن صفية
_________
(^١) ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٨١ أن الوفاة كانت في "ثاني ربيع الآخر"؛ أما ابن الأثير، الكامل، ج ١٠، ص ٢٨ فذكر أن وفاته في تاسع ربيع الآخر، وقد وافقه أبو شامة في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٨٤؛ أما السيوطي فقد اتفق مع العيني، انظر: تاريخ الخلفاء، ص ٤٤٣.
(^٢) عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف؛ جمعه القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن خضر "جعفر" القضاعي المتوفى سنة ٤٥٤ هـ/١٠٦٢ م. جمعه فيه أنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء وولايات الملوك والأمراء، انتهى فيه إلى الخلافة الفاطمية. انظر: حاجي خليفة: كشف الظنون، ج ٢، ص ١١٨٨.
(^٣) يزدن: الحسن بن ضافي بن يزدن التركي. من أكابر أمراء بغداد المتحكمين في الدولة. كان رافضيا خبيثًا. توفي سنة ٥٦٨ هـ/١١٧٣ م. انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٢؛ الباهر، ص ١٥١.
(^٤) لم نعثر على هذه الفقرة في ذكر وفاة المستنجد بالمرآة وأقرب نص لهذا المعني موجود بالكامل، ج ١٠، ص ٢٨.
(^٥) أستاداره أبو الفرج عضد الدين ابن رئيس الرؤساء، وطبيبه ابن صفية.
(^٦) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٧٧ - ١٧٨ حيث ينقل العيني عن السبط؛ وانظر أيضًا: تاريخ الخلفاء، ص ٤٤٤.
(^٧) هو الوزير شرف الدين أبو جعفر أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم التميمي، وزير الإمام المستنجد بالله، المعروف بابن البلدي. لمزيد من التفاصيل عن هذا الوزير انظر: الكامل، ج ١٠، ص ٢٨ - ٢٩؛ الباهر، ص ١٥١؛ وفيات الأعيان؛ ج ٤، ص ٤٦٩.
1 / 53