القول في الإمامة
مذهب جمهور علماء الإسلام أنها واجبة، وحكى عن الأصم وهشام الفوطي وبعض الحشوية، وبعض المرجئة، وبعض النجدات من الخوارج، أنها لا تجب رأسا، بل إن أمكن الناس نصب إمام عدل من غير إراقة دم، ولا إثارة حرب، فحسن ولا بأس به.
وإن لم يتهيأ ذلك وقام كل واحد بأمر منزله، ومن لديه من ذي قرابة وجار، فأقام فيهم الحدود ، وأجرى عليهم الأحكام، وكفى ذلك ولم يكن بهم حاجة إلى الإمام.
وأما إقامته بالسيف والحرب فلا يجوز، وحكي عن هشام الفوطي: إنه لا يجوز نصب الإمام في حال ظهور الظلمة، لما يخشى من نفورهم وتعرضهم له، وما لا يؤمن من إثارة الفتنة.
وأما مع عدم ذلك فينصب وجوبا، لإظهار شعائر الشريعة، وحكي عن الأصم، عكس هذا.
وأما النجدات من الخوارج فالحكاية عنهم متحدة بما سبق ذكره، والقائلون بالوجوب، اختلفوا فالبصرية ذهبوا إلى أنها تجب بطريق الشرع لا العقل.
وقالت الإمامية، والبلخي، والجاحظ، وأبو الحسين البصري، بل تجب عقلا وسمعا، وعن الإمامية عقلا فقط، ثم اختلف هؤلاء في طريق وجوبها عقلا.
فقالت الإمامية لكونها لطفا، فإن المكلف إذا عرف أن هنا إماما نصب لزجر من عصى، وعقوبته كان أقرب إلى فعل الطاعة، وتجنب المعصية، ممن لم يعرف ذلك.
Bogga 7