170

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Daabacaha

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Goobta Daabacaadda

لبنان

(وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا) هَكَذَا نُقِلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا تَوْقِيفًا (وَلَا غَايَةَ لِأَكْثَرِهِ) لِأَنَّهُ يَمْتَدُّ إلَى سَنَةٍ وَسَنَتَيْنِ فَلَا يَتَقَدَّرُ بِتَقْدِيرٍ إلَّا إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَاحْتِيجَ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ، ــ [العناية] جُعِلَ أَسْرَعُهُمَا إمْكَانًا حَيْضًا فَقَطْ إذْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا طُهْرٌ تَامٌّ. مِثَالُهُ: مُبْتَدَأَةٌ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمَيْنِ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْأَرْبَعَةُ حَيْضٌ، وَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهَا حَيْضًا لِغَلَبَةِ الطُّهْرِ، وَإِنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ دَمًا فَالسِّتَّةُ كُلُّهَا حَيْضٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فَغَلَبَ الدَّمُ لِمَا أَنَّ اعْتِبَارَ الدَّمِ يُوجِبُ حُرْمَةَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَاعْتِبَارُ الطُّهْرِ يُوجِبُ حِلَّ ذَلِكَ، وَإِذَا اسْتَوَى الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ يَغْلِبُ الْحَرَامُ كَمَا فِي التَّحَرِّي فِي الْأَوَانِي، فَإِنَّ الْغَلَبَةَ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ كَانَا سَوَاءً لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَإِنْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَحَيْضُهَا الثَّلَاثَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ غَالِبٌ فَصَارَ فَاصِلًا، وَالْمُتَقَدِّمُ بِانْفِرَادِهِ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَجَعَلْنَاهُ حَيْضًا، وَإِنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَثَلَاثَةً دَمًا فَحَيْضُهَا الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَسِتَّةً طُهْرًا وَثَلَاثَةً دَمًا فَحَيْضُهَا الثَّلَاثَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُهُمَا إمْكَانًا: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ اسْتَوَى الدَّمُ بِالطُّهْرِ فَلِمَ لَمْ يُجْعَلْ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي. أُجِيبَ بِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَيْضِ عَشَرَةٌ، وَالْمَرْئِيُّ فِي الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ دَمٌ وَسِتَّةٌ طُهْرٌ وَيَوْمٌ دَمٌ، فَكَانَ الطُّهْرُ غَالِبًا فَلِهَذَا صَارَ فَاصِلًا. قَالَ (وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) أَقَلُّ الطُّهْرِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (هَكَذَا رَوَى عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ؛ لِأَنَّهُ مِقْدَارٌ، وَالْمَقَادِيرُ فِي الشَّرْعِ لَا تُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقَامَ الشَّهْرَ فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ مَقَامَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَمَا أُضِيفَ إلَى شَيْئَيْنِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الشَّهْرِ حَيْضًا وَنِصْفُهُ طُهْرًا، إلَّا أَنَّهُ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى نُقْصَانِ الْحَيْضِ عَنْ النِّصْفِ فَيَبْقَى الطُّهْرُ عَلَى ظَاهِرِ الْقِسْمَةِ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَال مَنْقُولٌ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تُعْرَفُ إلَّا تَوْقِيفًا، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ مُدَّةَ الطُّهْرِ نَظِيرُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُعِيدُ مَا كَانَ سَقَطَ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَذَلِكَ أَقَلُّ مُدَّةِ الطُّهْرِ، وَلِهَذَا قَدَّرْنَا أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ مُدَّةِ السَّفَرِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، لَكِنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى السَّمَاعِ بِجَعْلِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ وَارِدَةً فِيهِ لِتَسَاوِيهِمَا فِيمَا ذَكَرْنَا فَكَانَ مِنْ بَابِ الدَّلَالَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا غَايَةَ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ لِأَكْثَرِ الطُّهْرِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تُصَلِّي وَتَصُومُ مَا دَامَتْ تَرَى الطُّهْرَ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ عُمُرَهَا. وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الطُّهْرَ (يَمْتَدُّ إلَى سَنَةٍ وَسَنَتَيْنِ فَلَا يَتَقَدَّرُ بِتَقْدِيرٍ إلَّا إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَاحْتِيجَ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ لِأَكْثَرِهِ

1 / 174