ولكن سوبيسكي قاوم نفسه، وهرب مودعا إياها.
فلنتركهما الآن، ولندع مواقف الغرام وراءنا، ولنستقبل ساحة الحرب ومواقف الطعان لنرى حب الوطن، وكيف يكون مبلغه.
الفصل الرابع
كامنياك
نسير الآن زحفا إلى بدوليا، قاصدين كامنياك، حصنها الحصين، بل تلك القلعة التي حصنتها أيدي الطبيعة، ودبجتها يد العناية الإلهية؛ فكانت كالأسد الرابض المنيع الجانب.
فلا مرتفعات واترلو التي تحصن بها ولنجتون، فقهر نابليون، وأطفأ بيده نجم سعوده، وقهره بيد القادر المتمكن، وأنزل ذلك الجبار الذي أطلق عليه لقب الرجل الذي لا يغلب من سماء مجده إلى أسفل سافلين.
بل ولا مضيق ملونا الذي تحصن به اليونان في حربهم الأخيرة وقهرهم فيه أدهم باشا بهمته المعروفة وحيلته الهائلة.
ولا غرو؛ فقد كان كامنياك حصنا حصينا قائما في وسط سهل كبير، لا يمكن لأحد أن يحمي نفسه بأي شيء تحت نيران مدافعه وبنادقه، فالذي يتعرض للهجوم عليه كمتعرض لأسد بلا سلاح، أما ارتفاعه فقد كان هائلا، ولكن حكومة بولاندا أهملته إهمالا فظيعا، ونبذته نبذ النواة، فلم تعد دفاعه كما كان المطلوب.
فصار من السهل افتتاحه واحتلاله على قوم كالأتراك يقول عنهم نابليون «لو كان لي جيش من الأتراك لفتحت العالم بأسره.»
فقد كان، وسار أحمد كوبريلي باشا بجيش يزيد عن ربع مليون جندي مدرب يحمل عدة كاملة، وكلهم ذوو عزيمة حادة قوية، طالما حببتهم إلى الحربيين من كل مملكة.
Bog aan la aqoon