نعم لو كانت صورها موجودة لأنفسها ، قائمة بذواتها ، كما في عالم الغيب ، أو كانت موجودة لشيء له وجود لنفسه ، كوجوداتها لقوانا الحسية والخيالية والعقلية ، على ما سيأتي بيانه ، فهي إذن وجودات خالصة لا يشوبها شوب عدم ، سوى العدم الذاتي الأصلي العام ، لما سوى الله ، فافهم واغتنم ، فإنه من الأسرار التي لا يمسها إلا المطهرون ، وسيأتي له مزيد كشف وإيضاح إن شاء الله العزيز.
* أصل
العدم ليس له ماهية إلا رفع الوجود ، فلا يتميز إلا بالوجود ، وحيث علم أن وجود كل شيء هو نفس هويته ، فكما لا يكون لشيء واحد إلا هوية واحدة ، فكذلك لا يكون له إلا وجود واحد وعدم واحد ، فلا يتصور وجودان لذات بعينها ، ولا عدمان لشخص بعينه.
وأما تعدد العدم للحادث الزماني من حيث السبق واللحوق فهو من تصرفات الوهم ؛ إذ العدم لا يتعدد عند العقل إلا بتعدد الملكات ، فلا ذات قبل الوجود ، ولا بعده ، حتى يقال إنها واحدة ، أو متعددة متماثلة ، وإنما يضيف العقل نسبة العدم إلى ذات يختص وجوده بزمان معين قبل وجوده ، وبعد وجوده ، ومرجعه إلى انحصار وعائه الوجودي وضيق استعداده عن الاستمرار والانبساط سابقا ولا حقا ، إلا أن المحجوب لقصور نظره عن الإحاطة يتوهم أن العدم يطرأ على شيء ويرفع وجوده الخاص عن متن الواقع ، ويحك هويته عن صفحة الأعيان ، ولم يتفطن بأن طريان العدم على الشيء الثابت في الواقع لا يخلو إما أن يكون في مرتبة وجوده وفي وعاء تحققه المختص به بعينه ، فيلزم اجتماع النقيضين في مرتبة واحدة ، أو في زمان واحد بعينه ، وإما أن يكون في
Bogga 80