به قبل نفسه ؛ أو لا يكون شيء منها ذلك ، فيلزم أن يكون غير الوجود متقدما على الوجود بالوجود ، وهو ظاهر البطلان.
وإذ استحال قبلية غير الوجود على الوجود بالوجود ، ظهر أن الوجود من حيث هو وجود لا فاعل له ينشأ منه ، ولا مادة تستحيل هي إليه ، ولا موضوع يوجد هو فيه ، ولا صورة يتلبس هو بها ، ولا غاية يكون هو لها ؛ لأن لكل من هذه الأمور التقدم ، وأما من حيث إن له ماهية ، فيجوز اتصافه بهذه الأمور.
* أصل
الوجود يتنزل من سماء الإطلاق إلى أرض التقييد مترتبا ، فيبتدىء من الأشرف فالأشرف إلى أن ينتهي إلى ما لا أخس منه في الإمكان ، ولا أضعف ، فتنقطع عنده السلسلة النزولية ، ثم يأخذ في الصعود ، فلا يزال يترقى من الأرذل إلى الأفضل إلى أن ينتهي إلى الذي لا أفضل منه في هذه السلسلة الصعودية ، فيكون هو بإزاء ما بدأ منه في النزول ، كما أشير إليه بقوله سبحانه : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) (1)، وكلما كان إلى مبدئه سبحانه أقرب ، فهو إلى البساطة والوحدة والغنا أقرب ، ومن الاختلاف والتركب والافتقار أبعد.
ففي المرتبة الأولى لا يفتقر في تقومه ، ولا في شيء من صفاته وأفعاله ، إلى شيء سوى مبدعه القيوم جل اسمه ، ويسمى أهل تلك المرتبة على اختلاف درجاتهم بالعقول والأرواح ، والملائكة المقربين.
Bogga 74